"خط الغاز العربي".. بوابة اقتصادية لتطبيع سياسي مع نظام الأسد
الخميس - 30 سبتمبر 2021
بعد 21 عاماً من اتفاق ما يعرف بـ”خط الغاز العربي” بين أربع دول هي مصر والأردن وسورية ولبنان، والبدء في تنفيذه والعمل على مد أنابيبه عبر الحدود المصرية- الأردنية- السورية، قبل توقفه لأسباب عدة بينها سياسية، يعود المشروع إلى الواجهة مجدداً في محاولة لإحياء الاتفاق بين الدول نفسها، لكن في سياقات مختلفة.
العودة إلى الاتفاق تأتي مع اختلاف المشهد السياسي في المنطقة، وتغيّر موازين القوى العسكرية على الأرض وخاصة في سورية تأتي في وقت تتوخى فيه دول المشروع تحقيق أهداف اقتصادية علاوة على مكتسبات سياسية يسعى نظام الأسد تحقيقها.
وبدفع من حكومات عربية، يدور نقاش عميق في أوساط جامعة الدول العربية حول إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإعادة مقعد سوريا المعلّق في الجامعة.
وعلقت الجامعة عضوية سوريا في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، ودعت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته في توفير الحماية للمدنيين.
في كل الأحوال، لم تكن سوريا ونظام الحكم فيها معزولة بالكامل سياسيا واقتصاديا، حتى مع قرار الجامعة تعليق عضوية سوريا، حيث وقفت معظم الدول العربية في شمال إفريقيا والعراق وسلطنة عمان ودول أخرى، بينها مصر، على الحياد في الصراع الداخلي، مع استمرار قنوات التواصل مع النظام.
وأكد التدخل العسكري الروسي في الحرب السورية (منذ 2015)، وقبله الدعم الإيراني بعشرات الآلاف من مقاتلي المجموعات الشيعية المسلحة اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، بقاء نظام بشار الأسد في الحكم وتراجع احتمالات إسقاطه عسكريا.
وعلى ما يبدو، فإن الكثير من الدول العربية أدركت في وقت مبكر هذه الحقيقة، ورأت أن من مصلحتها إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام الحاكم في دمشق.
وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق، نهاية 2018، على مستوى القائمين بالأعمال، بينما فشلت تونس والجزائر في إعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء.
ووفقا لتقارير إعلامية، أعادت السعودية، في مايو/ أيار الماضي، فتح قنوات اتصال مباشرة مع سوريا، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي، الفريق خالد الحميدان، لدمشق ولقائه بشار الأسد، ورئيس مكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك.
وهو ما أكده متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لقناة "الحرة" بقوله إن "الوزارة على علم بالتقارير التي تحدثت عن محادثات سورية سعودية جارية لإعادة فتح السفارة السعودية في دمشق"..وسبق ذلك حضور وزير السياحة السوري، محمد رامي رضوان مرتيني، مؤتمرا بالرياض.
وتقود مصر حاليا حملة عودة العلاقات مع النظام السوري، بعد سنوات شهدت كثيرا من التحولات في المنطقة العربية المضطربة، وعودة الأنظمة العسكرية والاستبدادية لإرهاصات التطبيع مع نظام الأسد مرة أخرى، وتحديدا من قبل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، الذي لم يأل جهدا في تذليل العقبات أمام عودة دمشق لحظيرة جامعة الدول العربية، ودعم بشار دوليا وإقليميا.
وعباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، ذراع السيسي الضاربة هو المكلف بملف دعم بشار، وأوردت تقارير أن عباس بدأ سعيه في النطاق العربي لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية مرة أخرى، وهو هدف إستراتيجي لنظام بشار يسعى من خلاله إلى كسب شركاء إقليميين آخرين، وإخراج العرب نهائيا من الأزمة السورية لصالحه.
في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، تقريرا أفاد أن "رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، تولى مسؤولية الملف السوري، بالإضافة إلى الأجندة الليبية المزدحمة بالفعل".
وأضافت: "عباس كامل عمل في الأسابيع الأخيرة على حث الدبلوماسيين المصريين بجامعة الدول العربية، على استخدام نفوذهم لتعزيز عملية إعادة دمج سوريا في الحظيرة العربية".
وأكدت: أن "هذه المبادرة جاءت في أعقاب مذكرة أصدرها كامل في نهاية يوليو/ تموز 2020، تنص على ضرورة تعزيز العلاقات بين مصر وسوريا، الحليف المحتمل في مواجهة عدائية أنقرة".
وقالت: "لاقت مبادرة القاهرة دعما في الوقت الراهن من قبل لبنان والبحرين والإمارات وسلطنة عمان، التي عينت سفيرا لها في دمشق في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2020"، بينما "تمر جامعة الدول العربية بأزمة كبيرة عقب تطبيع المنامة وأبوظبي للعلاقات مع إسرائيل".
مساع خبيثة
كمحاولة خلط الزيت بالماء، تبدو محاولة رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، صعبة لإعادة دمج سوريا مرة أخرى، داخل حظيرة جامعة الدول العربية، التي تعاني من مشكلات حادة في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل، ما تسبب في احتقان كبير بين الدول الأعضاء.
في 11 فبراير/ شباط 2019، صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قائلا: "لا يوجد توافق بين الدول الأعضاء قد يسمح بعودة عضوية سوريا التي جرى تعليقها عام 2011".
وأردف: "أتابع بدقة شديدة جدا هذا الموضوع، لكنني لم أرصد بعد أن هناك خُلاصات تقود إلى التوافق الذي نتحدث عنه والذي يمكن أن يؤدي إلى اجتماع لوزراء الخارجية العرب يعلنون فيه انتهاء الخلاف وبالتالي الدعوة إلى عودة سوريا لشغل المقعد".
وقبل أيام، بحث وزيرا الخارجية المصري سامح شكري، والسوري فيصل المقداد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، سبل إنهاء الأزمة في سوريا.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ عبر "تويتر" أن الوزيرين التقيا في مقر البعثة المصرية في نيويورك، "لبحث سبل إنهاء الأزمة في سوريا"، دون مزيد من التفاصيل.
وقبل اللقاء الذي يعد الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة في سوريا، استقبل المقداد عددا من المسؤولين العرب والأجانب على هامش الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
واليوم الخميس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء 29 سبتمبر/أيلول 2021، إن الولايات المتحدة ليس لديها خطط "لتطبيع أو رفع مستوى" العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ولا تشجع الآخرين على ذلك أيضاً.
جاءت تصريحات الخارجية الأمريكية رداً على سؤال بشأن ما إذا كانت واشنطن تشجع أو تؤيد تقارباً بين الأردن وسوريا، بعدما أعاد الأردن فتح معبره الحدودي الرئيسي مع سوريا بشكل كامل الأربعاء.
وجاء قرار الأردن نتيجة تطبيع متسارع في العلاقات بين البلدين، وقبل زيارة مرتقبة يجريها أربعة من وزراء النظام السوري إلى المملكة في وقت لاحق اليوم؛ لبحث عدد من الأمور الاقتصادية، وعودة الحركة التجارية عبر المعابر الحدودية.
عقدان على خط الغاز
بعد مباحثات ومناقشات بين الدول الأربعة على تفاصيل خط الغاز، اتفقوا في الخامس عشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 2000، على إنشاء الخط بطول 1200 كيلومتر يمتد من العريش في مصر وحتى الحدود السورية- التركية وحتى لبنان مروراً بالأراضي الأردنية.
وقسم الخط إلى أربع مراحل، الأولى تم تدشينها في27 تموز/يوليو عام 2003 بحضور الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، والملك الأردني عبد الله الثاني، وشملت “إنشاء خط أنابيب بري بطول 248 كيلومتراً وقطر 36 بوصة من منطقة العريش المصرية حتى شاطئ خليج العقبة جنوب طابا، ثم خط بحري من جنوب طابا المصرية إلى ميناء العقبة الأردني بطول 16 كيلومتراً وقطر 36 بوصة في عمق مياه يصل إلى 850 متراً عبر خليج العقبة، وبلغت استثماراته نحو 200 مليون دولار”، حسب ما قال وزير البترول المصري حينها، سامح فهمي.
أما المرحلة الثانية امتدت على مسافة 393 كيلومتراً من العقبة جنوب الأردن إلى محطة لتوليد الكهرباء في “رحاب” شمال الأردن عند الحدود السورية- الأردنية وانتهى العمل به في عام 2005.
والمرحلة الثالثة كانت داخل الأراضي السورية، إذ انقسم إلى مرحلتين الأولى امتدت من الأردن إلى دير علي في سورية، وثم محطة الريان لضغط الغاز بالقرب من حمص والتي دشنها رئيس النظام، بشار الأسد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، بحضور رئيس شركة ستروي ترانس غاز الروسية التي تعهدت المشروع.
ومن محطة الريان في حمص امتد الخط عبر أنبوب طوله 32 كيلومتراً إلى طرابلس شمال لبنان، حسب صحيفة “النهار” اللبنانية، إذ وُقعت الاتفاقية لبدء الإمداد بالغاز في 2 سبتمبر/ أيلول 2009.
والمرحلة الرابعة التي كانت المرحلة الثانية داخل الأراضي السورية، هي مد خطوط أنابيب الغاز بطول 62 كيلومتراً وقطر 36 انش من محطة حلب لنقل الغاز، وحتى كلس على الحدود السورية- التركية، وتم حينها الاتفاق مع شركة “ستروي ترانس غاز” لمدة الخط خلال 18 شهراً بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 52 مليون يورو، حسب ” arabianbusiness“.
وحسب وزير النفط في حكومة الأسد، بسام طعمة، فإن طول خط الغاز العربي بلغ 320 كيلومتراً من الحدود الأردنية إلى الريان وسط سورية، بقطر 36 بوصة واستطاعة نقل 10 مليارات متر مكعب سنوياً والخط باتجاه لبنان من الريان إلى الدبوسية بطول 65 كيلومتراً وقطر 24 إنشا وداخل الأراضي اللبنانية إلى محطة دير عمار نحو 36 كيلومتراً.
لكن اندلاع الثورة السورية في عام 2011 أوقف العمل على اكتمال خط الغاز داخل الأراضي السورية، كما أدت التفجيرات المتكررة التي طالت الخط سواء في مصر أو في سورية، إلى توقف ضخ الغاز عبره، وهو ما أكده وزير النفط في حكومة الأسد بسام طعمة بقوله إن “شبكة الغاز كانت عاملة منذ عام 2009 وتوقف العمل فيها بداية العام 2012 بسبب انخفاض كميات الغاز المنتجة في مصر”.
أسباب سياسية واقتصادية
وبعد عقدين من الزمن عادت الدول الأربعة إلى الاجتماع مجدداً في محاولة لإحياء الاتفاق، إذ اجتمع وزراء الطاقة في سورية ولبنان والأردن ومصر، مطلع سبتمبر/ أيلول الحالي، في العاصمة الأردنية (عمان) لبحث سبل إيصال الغاز المصري إلى لبنان، عبر الأردن وسورية.
وجاءت هذه الاجتماعات بعد موافقة من الولايات المتحدة الأمريكية، على مساعدة لبنان من أجل حل أزمة الكهرباء فيه، عبر إيصال الغاز المصري عن طريق سورية.
وفي ظل ما تشهده المنطقة على المستوى السياسي ومحاولة إحياء الاتفاق من جديد، يرى محللون إن المحرك الرئيسِ لإعادة تفعيل الخط هو الأردن وذلك لأسباب اقتصادية.
وحسب أستاذ العلاقات السياسية والدولية في جامعة باريس، خطار أبو دياب، أن صاحب المبادرة هو العاهل الأردني عبد الله الثاني، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الأردن، وتعرضه لضغوط إبان حقبة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسبب صفقة القرن، إضافة إلى خلل ضمن العائلة المالكة، إلى جانب تقتير الدعم عنه من غالب الدول الخليجية.
وأشار أبو خطاب في حديث لـ”السورية.نت” إلى أن الأردن يحاول إعادة تفعيل التجارة مع سورية وقد يكون خط الغاز العربي هو المفتاح، إذ يقول إن “الأردن له مصالح اقتصادية وأمنية ومصالح مهمة مع سورية(..) قبل الحراك الثوري في سورية، كانت نسبة التجارة بين الأردن وسورية تصل إلى 60% عبر معبر جابر المهم ومرور الشاحنات من سورية إلى الخليج”.
واعتبر أبو دياب أن الملك الأردني طرح فكرة خط الغاز العربي على الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كونه “بحاجة لأن يلعب دور الوسيط وأن تمر المسائل عنده، وطرحه كمفتاح”.
في حين يرى رئيس “قسم البحوث” في مركز “عمران للدراسات الاسترتيجية” معن طلاع، أن منح واشنطن الضوء الأخضر لـ”خط الغاز العربي”، جاء بسبب أمرين؛ الأول “الحراك الديبلوماسي الأردني الذي استطاع أن يبلور مقاربة تعاطي جديدة ما دون سياسية مع نظام الأسد”، أما الأمر الثاني جاء بـ”اللاهتمام الأمريكي في عهد بايدن تجاه الملف السوري”.
ورغم الدور الأردني الفاعل إلا أن دوره محدود لا يتعدى أن تكون “مهمة استطلاعية”، حسب ما وصفها خطار أبو دياب، لأن الموضوع يحتاج إلى حوار أمريكي- روسي، وهو ما جعل الملك الأردني يطرح فكرته على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لأن “الموضوع لا يمر دون موافقة روسية كونها متحكمة في اللعبة في سورية، وأن موسكو تريد مراقبة كل شيء وهي مهتمة بمسألة خطوط الغاز في سورية، لذلك منعت سابقاً مرور خط الغاز القطري والغاز الإيراني إلى سورية”.
واعتبر أبو دياب أن “روسيا انحازت لمشروع الغاز التي تقوده مصر، وهو مشروع إسرائيلي- مصري- يوناني-قبرصي، وتسمى المنظمة التي أنشأتها مصر منظمة (غاز شرقي المتوسط)، لذلك يقول البعض بإمكانية اختلاط الغاز الإسرائيلي بالغاز المصري”.
ثلاث فوائد لنظام الأسد
ولم يمضي أسبوعان على اجتماع الوزراء الأربعة واتفاقهما على إحياء خط الغاز العربي، حتى سارعت حكومة الأسد على إعلانها جاهزية خط الغاز العابر إلى لبنان داخل سورية، في إشارة واضحة إلى مكتسبات وفوائد كبيرة ينتظرها نظام الأسد من هذا الاتفاق:
وتكمن فائدة النظام من إعادة خط الغاز في العديد من الأمور الاقتصادية والسياسية، إذ أن الحصة التي سيحصل عليها النظام من إيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر المناطق التي يسيطر عليها، تساهم في انتشاله نفسه من أزمة الكهرباء عبر المسبوقة التي تعيشها المناطق الخاضعة لسيطرته.
وفي حديث لصحيفة “الوطن” الموالية لنظام الأسد، كشف وزير النفط والثروة المعدنية ، بسام طعمة، حصة النظام من إيصال الغاز المصري إلى لبنان، وقال إن “سورية ستحصل على كميات من الغاز مقابل مروره عبر أراضيها، بموجب الاتفاقيات الموقعة”.
وأضاف أن إعادة تفعيل خط الغاز سيؤدي إلى “حصول سورية على كميات من الغاز لدعم توليد الطاقة الكهربائية في البلاد”.
ويرى رئيس “مجموعة اقتصاد سوريا”، الدكتور أسامة القاضي، أن “النظام سيستفيد من الخط إما بمبلغ لقاء رسم عبور الغاز والكهرباء إلى لبنان، وإما سيستفيد بحصة من الغاز والكهرباء، خاصة وأن وضع الكهرباء في سورية صعب جداً”.
أما الفائدة الثانية التي قد يجنيها نظام الأسد من الاتفاق، هي حصوله على استثناءات من قانون قيصر الأمريكي المقر منذ 2018، إذ كانت فرضت واشنطن بموجبه عقوبات اقتصادية على عشرات الأشخاص والشركات التي تدعم النظام، إضافة إلى فرض عقوبات على أي دول أو جهة تدعم النظام اقتصادياً أو تقيم علاقات اقتصادية معه، وهو ما أكد وزير النفط في حكومة الأسد، بسام طعمة، بأن خط الغاز سوف “يخفف من تداعيات الحصار الأمريكي الجائر الذي تفرضه واشنطن ضد سورية وشعبها”.
استثناءات للعقوبات
ويقول مسؤول التحقيقات في وحدة “حقوق الإنسان والأعمال التجارية” في “البرنامج السوري للتطوير القانوني”، إياد حميد، إنه “حتى الآن لم يتم تفعيل خط الغاز العربي، ولا يزال الموقف الأمريكي في إطار التصريحات، حيث كانت السفيرة الأمريكية في بيروت قد عبرت عن استعداد إدارة بلادها لدعم الاتفاق”.
ويضيف حميد، في حديث لـ”السورية،نت”، أن “الإدارة الأمريكية تستطيع دعم الاتفاق في إطار العقوبات المفروضة على النظام السوري، إما عن طريق تقديم استثناءات للعقوبات، كما فعلت في يونيو/ حزيران 2021 في إطار الاستجابة لأزمة فيروس كورونا، أو من خلال عدم تطبيق قانون قيصر أو قوانين العقوبات الأخرى فيما يتعلق باتفاق خط الغاز”.
وفي ظل ذلك طُرحت إشارات استفهام حول مصير “قانون قيصر”، إذ يرى إياد حميد أن “مصير قانون قيصر والعقوبات الأمريكية يعتمد على عدة عوامل، منها تطور السياسة الأمريكية في السنوات القادمة ومدى تجاوب النظام السوري مع أسباب فرض العقوبات عليه، ومدى تجاوبه من جهود الحل السياسي. وطبعاً يمكن لقوانين العقوبات أن تظل دون تشدد في تطبيقها، وللتذكير نظام الأسد تحت العقوبات الأمريكية منذ عام 1979.”
في حين يرى أسامة القاضي أن “الديمقراطيين لن يستطيعوا إنهاء ملف قيصر، لأنه بات تشريعاً، وسيكون هناك ضغط من قبل الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ من أجل إبراز التقارير المطلوبة في هذا الشأن”.
وأشار القاضي إلى أن الجمهوريين في حال فوزهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة في أمريكا، سيعرقلون أي قرار لبايدن في تخفيف عقوبات قيصر، وسيطالبونه بتقارير وسيكون مداناً قانونياً في حال عدم التطبيق.
تطبيع سياسي عبر الاقتصاد
أما الفائدة الثالثة التي يأمل نظام الأسد في تحقيقها، تكمن في الحديث عن عودة النظام إلى الجامعة العربية من بوابة التطبيع الاقتصادي مع عدد من الدول، وهو ما أكده وزير النفط، بسام طعمة بقوله إن “هذا التعاون مع الدول العربية خطوة نحو إعادة العلاقات”، فهل يكون خط الغاز بداية عودة النظام للحضن العربي؟
ويستبعد أستاذ العلاقات السياسية والدولية في جامعة باريس، خطار أبو دياب، عودة العلاقات العربية مع النظام من بوابة التطبيع الاقتصادي.
ويقول إن “خط الغاز العربي يمكن أن يفكر فيه البعض كمفتاح لعودة النظام، لكن مادامت الولايات المتحدة، بالرغم من كل تناقضات إدارة بايدن، ومادامت بعض الدول العربية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا غير موافقين على التطبيع مع النظام، استبعدُ أن يكون هناك تطبيع سياسي، وربما أكثر ما يجنيه النظام من خط الغاز هو تطبيع اقتصادي”.
من جهته يرى معن طلّاع، أن اتفاق خط الغاز يأتي في ظل مشهد سياسي وعسكري مجمّد في سورية، دون وجود أي أفق لحلحلة كُلية للمشهد، وفي ظل مؤشرات تتنامى لحلول مؤقتة، وهذه الحلول تأتي ضمن سياق فيما يعرف بـ”التطبيع الاقتصادي”.
واعتبر أن “حالة اللا حل، وحالة ما فرضه قانون قيصر جعل من تداعيات القضية ليست محصورة فقط على الجغرافية السورية، وإنما أصبحت تطال دول الجوار، فالاتفاق يأتي في ظل تقاطع مصالح الجوار الاقتصادية مع هذا المطلب وهو بطبيعة الحال تأتي مصلحة النظام كونه هو على رأس السلطة في سورية، ويمكن القراءة العامة للاتفاق، بأنه اتفاق بُني على هدوء ورافقته مجموعة من التحركات الدبلوماسية والسياسية ويجمعه مجموعة من المصالح ليست معنية فيه سورية، بل دول الجوار ولا سيما الأردن”.
وحول محاولة تعويم النظام دولياً، أكد طلاّع أن الموضوع أثيرَ منذ 2018 مع “طرحِ روسيا لمبادرات عودة اللاجئين، لكن ما قطع تطور هذه المحاولات هو الموقف الأمريكي وقانون قيصر، ومع التحركات اليوم قد تزيد وتيرة أوجه التطبيع الاقتصادي سواء إن كان يأخذ منحى تطبيعاً إدارياً أو تطبيعاً على مستوى الحكومات أو حتى على مستوى الوزارات وحتى الخارجية في أروقة الأمم المحتدة لكن هذا التطبيع لم يصل إلى مرحلة التعافي الكاملة التي تتوجب فتح السفارات”.
وأكد الباحث في “مركز عمران”، أن “جهد إعادة تعويم الأسد لا يزال مربوط بشكله النهائي بموقف الولايات المتحدة من النظام السوري، والمشهد السياسي، وسيبقى عاملاً حاسماً في موضوع التعويم أو عدمه”.
قبلة حياة للنظام
عموما، سيكون تطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري تعزيزا لشرعيته، التي تتعارض مع مواقف الكثير من الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وغيرها من الدول التي ترى أن هذا النظام فقد شرعيته منذ استخدامه الأسلحة الكيمياوية ضد مدنيين سوريين في 2013.
ولا تزال الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تضغط على النظام السوري، عبر عقوبات سياسية واقتصادية، لعزله وإجباره على الامتثال لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر جنيف لتسوية الصراع السوري سياسيا.
لكن النظام ظل يماطل في التوصل إلى اتفاق عبر جولات تفاوض في جنيف برعاية الأمم المتحدة، ويأمل في استعادة شرعيته عبر فتح قنوات تواصل مع عدد من الدول العربية لترسيخ سلطاته على كامل الأراضي السورية وتحقيق الاستقرار اللازم لإعادة إعمار المدن التي خربتها الحرب منذ 2011.
ويرى مراقبون أن الانفتاح العربي على دمشق جاء نتيجة لتغيير الولايات المتحدة استراتيجياتها في المنطقة بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وكذلك تبعات سياسات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب (2017-2021)، الذي تبنى شعار "أمريكا أولا"، واتجاه واشنطن حاليا لمواجهة تهديدات صينية مفترضة، والتركيز على إبقاء عمليات الأمم المتحدة للمساعدة عبر الحدود مفتوحة في أجزاء من سوريا لا تخضع لسيطرة قوات النظام.
المصادر السورية+ الأناضول+ عربي بوست