"عصر ديمقراطيات الزومبي": كيف تخفي الحكومات استبدادها بزي ديمقراطي؟
الخميس - 29 يوليو 2021
وصف كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" (Human Rights Watch) العصر الحالي بأنه "عصر ديمقراطيات الزومبي"، موضحا أن المستبدين في جميع أنحاء العالم يتقنون أسلوب الديمقراطية "المدارة" أو "الموجهة"، وأن الحكومات تخفي حكمها الاستبدادي بزي ديمقراطي!
وقال روث، في مقال نشرته اليوم منظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، نقلا عن مجلة "شئون خارجية" (Foreign Affairs) الأمريكية: "على مدى العقد الماضي، أتقن المستبدون في جميع أنحاء العالم أسلوب الديمقراطية "المدارة" أو "الموجهة". في بيلاروسيا ومصر وروسيا وأوغندا وفنزويلا وأماكن أخرى، أجرى القادة الاستبداديون انتخابات دورية لتعزيز شرعيتهم، لكنهم احتكروا الإعلام، وقيّدوا المجتمع المدني، وتلاعبوا بمؤسسات الدولة ومواردها لضمان بقائهم في السلطة".
واستخدم لتوصيف هذا الواقع مصطلح "ديمقراطيات الزومبي" (الزومبي مصطلح يستخدم لوصف شخصية خيالية منومة ومجردة من الوعي)، مؤكدا أن الأساليب التي يتبعها الاستبداديون لم تعد مضمونة على الإطلاق، حيث تضاءلت فعاليتها مع زيادة وعي المواطنين وتعلمهم كيفية التعاطي مع هذه الأنظمة المزورة.
وقال: إن عددا متزايدا من المستبدين يعتمدون على أشكال قمع صارخة؛ فهم لا يزالون يجرون انتخابات دورية لأن شعوبهم باتوا يتوقعونها، لكنهم لا يتظاهرون حتى بأن هذه الطقوس الفارغة حرة أو عادلة. وكانت النتيجة انتشار ما يمكن تسميته "ديمقراطيات الزومبي"، والتي يمكن التعرف عليها في الشكل ولكنها خالية من أي مضمون.
أضاف: "كما انتقل المستبدون من الديمقراطية المدارة إلى الديمقراطية الزومبي، كذلك يجب أن يتطور مؤيدو حقوق الإنسان، فبعد أن كان بإمكانهم مواجهة الديمقراطية المدارة من خلال مهاجمة تقنياتها الاستبدادية، والقيود المفروضة على المجتمع المدني، أو اعتقال الصحفيين، يجب عليهم الآن محاربة "الديمقراطية الزومبي" من خلال نهج أكثر صراحة، نهج يحرم المستبدين من الشرعية التي يسعون إليها بالألاعيب الانتخابية".
وأوضح أن الديكتاتوريات التقليدية في كل من السعودية والإماراتية والصين و كوبا وكوريا الشمالية وفيتنام لا تدعي الديمقراطية، وكذلك الحكومات الاستبدادية في آسيا الوسطى ما بعد الاتحاد السوفيتي: كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان.
كما أن أنظمة استبدادية أخرى، مثل الطغمة العسكرية في ميانمار، أطاحت بالحكومات المنتخبة واستغنت عن الديمقراطية تمامًا، لكن في عدد متزايد من البلدان، قامت الحكومات بإخفاء أسلوبها الاستبدادي بزي الديمقراطية، وخير مثال على ذلك روسيا، التي اندفعت نحو وضع "الديمقراطية الزومبي"، فلطالما أبقى الكرملين المعارضة تحت السيطرة من خلال التلاعب بالرأي العام والهيمنته على التلفزيون الحكومي ووسائل الإعلام الأخرى.
تابع كينيث روث: "لم يفلت الشرق الأوسط وأفريقيا من آفة ديمقراطية الزومبي، ففي مصر سعى الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي تحول إلى رئيس، ومجلسه العسكري، إلى منع احتمالية فوز حزب مستقل مثل جماعة الإخوان المسلمين (التي فازت في آخر انتخابات رئاسية نزيهة في عام 2012) من خلال فرض أكثر القواعد قمعية في البلاد: إغلاق وسائل الإعلام المستقلة، ومضايقة منظمات المجتمع المدني، واعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص. وفي عام 2018، أعيد انتخاب السيسي بـ 97٪ من الأصوات، بشكل مثير للضحك.
وأكد أنه "يجب على الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى المماثلة أن تستمر في شجب الرقابة والتكتيكات المسيئة التي تستخدمها ديمقراطيات الزومبي لإسكات منتقديها، فضلاً عن المكائد السياسية والقانونية التي تستخدمها لإفراغ الديمقراطية من معناها. ويجب عليهم أيضًا التوقف عن توفير الدعم لقادة الديمقراطيات الزومبي، سواء كانت مساعدات عسكرية أمريكية ومبيعات أسلحة للسيسي".
وختم بالقول: "إن أفضل طريقة لتقويض ديمقراطيات الزومبي هي إثبات أن قادتها غير مبالين بالجمهور الذي يتظاهرون بخدمته. نعم ، يمكن للحكام المستبدين أن يلجأوا إلى الوحشية للتشبث بالسلطة، لكن هذه لعبة خطيرة، فحتى أكثر الطغاة التزامًا يجدون صعوبة في الصمود عندما ينقلب عليهم الجمهور تمامًا".