أكذوبة "العفو الرئاسي" في مصر.. إعادة تحالف "الإنقاذ" لتغطية فشل النظام

السبت - 27 آغسطس 2022

•          إطلاق نسبة لا تتعدي 2.4% من القوائم التي قدمتها لجان العفو

•          استغل السيسي وأركان حكمه تمثيلية العفو لإطلاق مجرمين وفاسدين

 

برغم طنطنة وسائل إعلام السيسي والدعاية المكثفة لما يسمي "العفو الرئاسي" الذي تضمن العفو عن يساريين وعلمانيين من تيار جبهة الانقاذ التي تحالف مع الانقلاب العسكري لتلعب دورا مسرحيا لتبريد الغضب الشعبي، وتلمع صورة قائد الانقلاب خشية أن يتحول مؤتمر المناخ في نوفمبر 2022 لتظاهرة حقوقية ضده، تكشف الأرقام المعلنة مغالطة وتدليس كبير.

بخلاف إطلاق نسبة لا تتعدي 2.4% من القوائم التي قدمتها لجان العفو، استغل السيسي وأركان حكمه تمثيلية العفو لإطلاق مجرمين وفاسدين مثل الممثل طارق النهري الذي كان متهما في قضايا جنائية واشتهر بحمل مسدس لقتل الإخوان، وقبله قتلة الممثلة سوزان تميم الملياردير هشام طلعت مصطفى مقابل أموال للسيسي وعصابته، وضابط أمن الدولة ‏محسن السكري شريكه ونخنوخ وغيرهم.

فقد أكد حقوقيون أن نسبة من أفرج عنهم حتى الان أقل من 2.4% قياسًا إلى إجمالي العدد الذي شملته القائمة التي تقدمت بها منظمات المجتمع المدني في مايو 2022 (والتي لا تضم أي اسلاميين) بعد ثلاثة أشهر من قرار السيسي بتشكيل لجنة العفو.

وقال مدير برنامج مصر في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، محمد زارع، لموقع "مدي مصر" إن قائمة السجناء التي شملهم قرار السيسي بالعفو عن العقوبة بحقهم يوم 30 يوليو 2022م، وهم سبعة كانت ضمن قائمة أرسلتها منظمات المجتمع المدني للجنة العفو الرئاسي في مايو وشملت 2418 حالة.

أيضا أكد بيان لسبع منظمات مجتمع مدني من ضمنها «مركز القاهرة» صدر 21 يوليو 2022 أن من أفرج عنهم منذ تقديم القائمة في مايو الماضي لا يتعدى 49 حالة من ضمنهم حالتين جرى تدويرهما في قضايا جديدة.

وبعد احتساب القائمة الجديدة، يعد من أفرج عنهم من قائمة المنظمات الحقوقية أو حصل على حكم بالعفو 56 حالة، أي بنسبة 2.4% من القوائم المقدمة للعفو. وقال البيان إن المنظمات السبع، أرسلت يوم 27 يوليو قائمة جديدة للجنة العفو الرئاسي ثاني قوائمها لأعضاء لجنة العفو الرئاسي، وتضم 536 حالة في السجون المصرية، ليصل إجمالي من طالبت المنظمات بالإفراج عنهم إلى 2954 حالة: من ضمنها 2583 في قضايا سياسية، و241 في قضايا جنائية و130 حالة اختفاء قسري.

وانتقد بيان المنظمات الحقوقية، عدم الالتفات للمعايير والضوابط المطلوبة، ما أدى لتضارب عمل اللجنة والالتفاف على اختصاصها»، حيث «شهدت الأشهر الماضية إطلاق سراح أعداد قليلة من السجناء السياسيين، أقل من المتوقع، بما في ذلك بموجب قرارات العفو الرئاسي.

وقال إنه في المقابل تواصل الأجهزة الأمنية القبض على مواطنين جدد بتهم سياسية، بما يتجاوز بكثير أعداد المفرج عنهم؛ وهي الطريقة نفسها التي سبق وأسفرت عن تفاقم أزمة السجناء السياسيين دون حل على مدى سنوات.

كما أن معظم من يفرج عنهم من المحبوسين احتياطيا ولم تصدر ضدهم أحكام أي غير مدانين فكيف يمكن أن يسمى الإفراج عنهم عفوا؟

استثناء الاسلاميين

وتضمن ما يسمي العفو الرئاسي التركيز في الإفراجات على شركاء 30 يونيو من العلمانيين وأحزاب اليسار وأنصار مبارك وتجاهل الإسلاميين برغم أنهم أغلبية، المعتقلين، ما يفرغ موضوع العفو من مضمونه ويؤكد أنه مجرد "شو إعلامي" لتخفيف الضغط على النظام، بالتوازي مع أكذوبة "الحوار الوطني"

ولو كان هناك عدل ولو كان القضاء نزيها لتم تبرئة معظم المحبوسين والإفراج عنهم فورا، دون حاجة الى عفو ممن زج بهم في السجون دون ذنب، وهو من تجب محاكمته على حبس الأبرياء وليس وضع مفتاح العفو بيده.

"شو إفراجات" قبل قمة المناخ

مع اقتراب انعقاد مؤتمر المناخ COP27 في مدينة شرم الشيخ من 7 إلى 18 نوفمبر 2022، تصاعدت دعوات منظمات ونشطاء وحقوقيين لإجبار مصر على ضمان حرية التظاهر، وإطلاق المعتقلين لإظهار حسن النية، ما دفع السيسي لاستغلال ذلك لإطلاق ما سمي الحوار الوطني والعفو الرئاسي المتوقع أن ينتهي عقب انتهاء المؤتمر.

وقد نقلت صحيفة الجارديان البريطانية 29 يوليو 2022 عن نشطاء ومدافعين عن البيئة مخاوفهم من أن استضافة مصر لمؤتمر COP27 ستُستخدم "لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد".

وقال نشطاء إن استضافة مصر للمؤتمر هدفه تلميع النظام، وتهدئة الرأي العام، وأن إطلاق السيسي ما يسمى "الحوار الوطني" محاولة لإزالة الاحتقان في الشارع المصري بعد السخط الكبير من الناس بسبب الفشل الاقتصادي، وسيتوقف بعد المؤتمر.

وأدت هذه الحملة الحقوقية المتزايدة ضد مصر تثير مخاوف السلطات أن يتحول مؤتمر المناخ في شرم الشيخ لتظاهرة ضد نظام عبد الفتاح السيسي، وتسليط الأضواء على القمع الممنهج، عكس ما ترمي إليه السلطة من رغبتها في عملية ترويج وتلميع لها.

وقد اعترفت الصحفية نشوى الحوفي الموالية للسلطة في حوار مع قناة "اكسترا نيوز "التابعة للمخابرات، 29 مايو 2022، أن الهدف من الحوار الوطني هو "تلافي ضغوط على مصر قبل مؤتمر المناخ".

وقال موقع Africa Intelligence الفرنسي، 4 يوليو 2022، إن السيسي يسعى من وراء دعوته المفاجئة إلى "حوار وطني" لتجنب انتقادات غربية تتعلق بملف حقوق الإنسان، وذلك قبل انعقاد مؤتمر المناخ الدولي في شرم الشيخ.

"يحاول السيسي استثمار هذا الاجتماع بمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها حتى يمكنه منع المنظمات الدولية من انتقاد نظامه خلال هذا المؤتمر"، بحسب الموقع الاستخباراتي الفرنسي.

قال: يحتاج السيسي لكسب بعض الدعم من المجتمع الدولي لهذا يستغل "الحوار الوطني"، كي يقدّم بادرة حسن نية لحلفائه الغربيين، بقيادة الولايات المتحدة.

لذلك ربطت منظمات ونشطاء بين انعقاد المؤتمر في مصر ودعاية النظام لتلميع صورته عبر ما يسمي الحوار الوطني، مؤكدين أن مصر لا تصلح لانعقاد المؤتمر بسبب "السجل السيء" لحقوق الإنسان هناك، وقطعها الأشجار.

تساءلوا: كيف يكون هناك آلاف المعتقلين بشكل تعسفي لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، بما فيهم مدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وصحفيين وأكاديميين ونساء، ويُعقد المؤتمر في مصر، وفق الجارديان.

ومع اقتراب "الحوار السياسي الوطني"، والشكوك حول الهدف منه، رصدت وكالة رويترز 29 يوليو 2022 السجل الإجرامي لعبد الفتاح السيسي، منذ أن أطاح بالرئيس محمد مرسي أول رئيس دولة منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر الحديث.

قالت إن الحوار الوطني "اختبار لما إذا كانت السلطات المصرية مستعدة لتخفيف حملة قمع المعارضة التي يقول منتقدون إنها الأشد خطورة في تاريخ البلاد الحديث".

أوضحت أنه منذ وصول السيسي إلى السلطة في 2014، زعمت السلطات المصرية إن قمع المعارضة والحريات كان موجهاً ضد الإرهابيين والمخربين الذين يحاولون تقويض الدولة، لكن القمع طال الجميع.

أشارت الوكالة لمقتل المئات في مجزرتي رابعة والنهضة وقُتل المئات من أنصار جماعة الإخوان، والحكم على كبار قادة الجماعة بالإعدام في محاكمات جائرة ودفع آخرين للاختفاء تحت الأرض أو اللجوء للخارج، وسجن من يكشفون فساد النظام.

وتقاعس الحكومة عن معاقبة أو مقاضاة المسؤولين الذين ارتكبوا انتهاكات، سواء في الأجهزة الأمنية أو في أي مكان آخر في الحكومة، بما في ذلك المتورطون بتهمة الفساد.

ودعا عبد الفتاح السيسي، صحفيا ألمانيا سأله عن حالة حقوق الإنسان في مصر إلى زيارة البلاد، قائلا: "تعال شوف"، و"انقل ما تراه بشكل حقيقي إلى الرأي العام هنا في ألمانيا".

وحين سأله الصحفي عن انتهاكات حقوق الانسان، دافع السيسي عن "الحريات الدينية" و"حقوق المرأة" ومبادرة حياة كريمة، دون حرية التعبير والصحافة.

رسائل دولية حول حقوق الإنسان

ربطت غالبية البيانات الحقوقية وتقارير الصحف الأجنبية التي صدرت قبل مؤتمر المناخ، بينه وبين ملف حقوق الإنسان في مصر، بهدف الضغط على نظام عبد الفتاح السيسي لإطلاق المعتقلين وإطلاق حرية التعبير والصحافة.

أشارت لأن نشطاء البيئة حول العالم الذي يحضرون للتظاهر في أي قمة للمناخ، يرفضون أي قيد أو شرط في احتجاجاتهم، ما يعني أنها قد تخرج عن سياق البيئة وتتطرق للأوضاع الداخلية المصرية، بما قد يضر مصر سياحيا واستثماريا.

وطالبت مجموع تضم برلمانيين ومسئولين من دول أوروبية وأمريكا، ونشطاء البيئة، الحكومة المصرية، في رسالة، بضمانات لحمايتهم لا اعتقالهم حال تظاهرهم خلال المؤتمر كما هو متبع في كل مؤتمرات المناخ بالعالم.

ربطوا في الرسالة التي وقعها 37 من البرلمانيين ونشطاء البيئة الغربيين، ووجهوها لمصر والعالم، بين مؤتمر المناخ وملف حقوق الانسان، ونوهوا إلى "أن القمة على الأرجح سوف تستخدم لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد".

شرحوا في رسالتهم بالتفصيل مخاوفهم بشأن احتجاز من يحتجون خلال مؤتمر المناخ بشرم الشيخ في مصر، وطالبوا السلطات المصرية بالإفراج عن آلاف السجناء السياسيين وسجناء الرأي، لإظهار حسن النية.

قالوا إن "إفراج مصر عن سجناء الرأي سيظهر أنها تأخذ التزامها على محمل الجد وأنها لن تعتقلهم لو تظاهروا في المؤتمر مطالبين بالحقوق الكاملة في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير حول المؤتمر".

تحدث المشاركون منهم في المؤتمر عن مخاوفهم من أن "عقد مؤتمر المناخ في مصر وسط حملة القمع التي شنتها البلاد على الحريات المدنية ستجعل المؤتمر غير فعال".

وجاء في الرسالة المفتوحة، والتي من ضمن الموقعين عليها الكاتبة البريطانية، ناعومي كلاين، والنائبة عن حزب الخضر في بريطانيا كارولين لوكاس: "نشعر بقلق عميق من أن عقد القمة لن يكون ممكناً بسبب الإجراءات القمعية للحكومة المصرية".

وقبل "حوار بيترسبرغ للمناخ" في ألمانيا 18-19 يوليو 2022، والذي شارك فيه عبد الفتاح السيسي، أرسل تحالف من 21 منظمة حقوقية مصرية وأجنبية رسالة للمؤتمر يربطون فيها بوضوح بين المؤتمر وحقوق الإنسان في مصر.

أعربوا في رسالتهم 14 يوليو 2022 عن قلقهم من القيود غير القانونية التي تفرضها السلطات المصرية على الحق في حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، بينما تستضيف مؤتمرا دوليا.

 انتقدوا القيود الشديدة التي تفرضها السلطات المصرية على المجتمع المدني وقمع المعارضة السياسية السلمية، وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين واعتقال الآلاف لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع.

ودعت المنظمات، وبينها العفو الدولية وهيومن رايتس وفريدم هاوس، والقاهرة لدراسات حقوق الإنسان، للتحقق من ملاءمة مصر لاستضافة القمة، وإجبارها علي تنفيذ مطالب حقوقية تتعلق بإطلاق معتقلين ووقف قمع الحريات والصحافة.

وصدر بيان أخر من 36 منظمة حقوقية مصرية ودولية، أبرزها العفو الدولية، يوم 12 يوليو 2022 يطالب السلطات المصرية بتخفيف قبضتها على المجتمع المدني وإطلاق حرية التعبير والتجمع السلمي لتمكين قمة المناخ من النجاح.

قالوا إن سجل مصر السيء في قمع المعارضة "يجب ألا يُسمح له بتقويض نجاح قمة Cop27 لتغير المناخ"، مطالبين الحكومات المشاركة في المؤتمر بالضغط على مصر "لضمان المشاركة الآمنة والهادفة في المؤتمر للفاعلين في المجتمع المدني".

أكدوا أن احتجاجات الشوارع جزءا لا يتجزأ من مؤتمرات الأمم المتحدة السابقة للمناخ، لكن "هذا الحق معرضة للخطر بسبب نهج السلطات المصرية غير المتسامح مع الاحتجاج السلمي"، وفق البيان.

كذلك نشر موقع "سكووب سيتزين" المعني بالصحافة الحرة في نيوزيلندا بيانا من 14 منظمة دولية وحقوقية موجه لمسؤولي الأمم المتحدة وحكومات أخرى يستغربون السماح بعقد المؤتمر في مصر المتهمة بقمع حقوق الإنسان.

قالوا: "نشعر ببالغ القلق بشأن قرار عقد قمة 2022 لأطراف (COP27) في مصر، ما يعرض نشطاء المناخ المصريين والدوليين المشاركين للخطر ويحمي عبد الفتاح السيسي من المساءلة عن انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان".

شددوا في بيانهم يوم 27 يوليو 2022 على أن السماح باستضافة مصر للمؤتمر "يرسل إشارة خطيرة إلى العالم مفادها سماح المجتمع الدولي بالاستبداد وقمع المدافعين عن البيئة، ومعاقبة النشطاء".

وأكدوا أن "مبادئ حركة تغير المناخ والمشاركة المدنية تتناقض بشكل صارخ مع سجل مصر في الهجمات على المجتمع المدني ودعاة حماية البيئة ونشطاء حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والصحفيين.

وأشاروا لرفض مصر منح التأشيرات لبعض النشطاء الدوليين، وذكروا أسماء نشطاء مصريين في البيئة معتقلين، وأجانب أعلنوا رفضهم السفر لمصر خشية اعتقالهم.

أيضا نشرت السفارة الأميركية في القاهرة 18 يوليو 2022 تقرير "مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل" التابع لوزارة الخارجية، عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2021 الذي تناول "القتل غير القانوني" أو "التعسفي" في مصر.

واتهم التقرير الحكومة المصرية بـ "التقاعس عن معاقبة أو مقاضاة المسؤولين" الذين ارتكبوا انتهاكات سواء في الأجهزة الأمنية، بما في ذلك المتورطون في قضايا فساد وعدم التحقيق بشكل كامل في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان.

وأشار التقرير الأمريكي للقيود على حرية تشكيل الأحزاب واستمرار حظر السلطة لحزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب البناء والتنمية الإسلامي الذي تحظره السلطات أيضا.

حرية التظاهر بمكان سري!

لأن تظاهر نشطاء البيئة بات أحد معالم قمم المناخ السابقة، للاحتجاج ضد قادة العالم لتقاعسهم عن اتخاذ خطوات ملموسة لإنقاذ الكوكب ومواجهة الاحتباس الحراري، أثيرت تساؤلات، عن سماح مصر بذلك بينما لديها قانون يمنع التظاهر.

ولمنع المظاهرات ضد انقلاب 2013، أصدر عدلي منصور الذي عينه العسكر كرئيس مؤقت لمصر بعد انقلاب 2013، قانونا في نوفمبر 2013 يمنع المظاهرات بدعوي أنها تشكل «تهديدا للأمن»، ويسجن المتظاهرين، برغم أنه رئيس المحكمة الدستورية.

وفي محاولة للرد على تساؤلات التظاهر، زعم سامح شكري وزير الخارجية إن مصر ستسمح بمظاهرات حول قضايا المناخ خلال القمة على الرغم من أن تنظيم المظاهرات ممنوع قانونا دون موافقة رسمية منذ عام 2013.

سأله مراسل وكالة لوكالة أسوشيتد برس 24 مايو 2022:"أنتم تقومون بقمع المظاهرات التي لا توافق عليها الحكومة، وتمنعون أي احتجاجات، فكيف سيتظاهر النشطاء الذين اعتادوا ذلك في مؤتمرات المناخ السابقة؟".

فرد شكري قائلا: "نحن نبني منشأة مجاورة لمركز المؤتمرات ستوفر لهم الفرصة الكاملة للمشاركة والنشاط والتظاهر لإبداء آرائهم!

قال إنه "يجري تجهيز مكان للتظاهر مجاور للمؤتمر سيوفر لهم الفرصة الكاملة للمشاركة والنشاط والتظاهر والتعبير عن هذا الرأي"، مشيرا لأن هذا السماح سيكون ليوم واحد.

وليبين أنه ليس لديه مشكلة مع مظاهرات الأجانب في قمة المناخ، زعم شكري إنه دعا خلال اجتماعاته في الدنمارك حول قمة المناخ 12 مايو 2022 المحتجين الذين كانوا خارج قاعة الاجتماع إلى التحدث معه.

ووصف الاجتماع معهم بأنه "مثمر"، مؤكداً أن أهداف مصر المناخية "تتماشى مع أهداف العديد من المحتجين"، دون توضيح كيف سمح لهم بالتظاهر في الدنمارك بحرية، بينما سيجري حصار من يرغبون في التظاهر بشرم الشيخ داخل مكان مغلق؟.

وائل أبو المجد الممثل الخاص لرئيس قمة المناخ (سامح شكري) كان أكثر وضوحا حيث قال لوكالة رويترز 25 مايو 2022 أن من سيتم السماح لهم بالتظاهر في مكان انعقاد القمة، هم "نشطاء المناخ" فقط.

أضاف "هناك قواعد معينة (للتظاهر) ولو كان هناك أشخاص يريدون الاحتجاج، يحق لهم القيام بذلك" في المكان المغلق.

"وقال ساخرا من المتظاهرين المحتملين: "من الجيد أن يكون هناك أشخاص يصرخون عليك، وآمل ألا يلقوا أشياء عليك، ولكن فقط يصرخون عليك ونحن معتادون على ذلك"!!".

وأثار ذلك سخرية النشطاء والحقوقيين لأن معني هذا حبسهم في مكان مغلق غير مفتوح، عبارة عن بناية أو قاعة محكمة الغلق، للتظاهر مع أنفسهم ضد قضايا المناخ وانتهاكات حقوق الانسان.

وبسبب حصار من يريدون التظاهر في مكان مغلق، قال الناشط في قضايا المناخ "جيروم فوستر" في مقال بموقع "أتموس" Atoms 3 أغسطس 2022 "أن تكون قادرًا على التعبير عن نفسك في مكان مفتوح حق أساسي من حقوق الإنسان."

ورصد الموقع حالات لبعض نشطاء البيئة الأجانب الذين يخشون السفر لمصر لحضور المؤتمر بعدما علموا بانتهاكات مصر لحقوق الانسان عبر المنظمات الحقوقية الدولية.

منع منظمات حقوقية من الحضور

وقد أكدت صحيفة الجارديان البريطانية 24 أغسطس 2022 أن مصر منعت منظمات مجتمع مدني مصرية من حضور قمة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي لعام 2022 (كوب 27)، وذلك بعد أن انتهجت عملية تسجيل "سرية"، للتحايل بهدف إقصاء المجموعات الناقدة للحكومة المصرية.

قالت: اختارت وزارات الخارجية والبيئة والتضامن الاجتماعي المنظمات غير الحكومية التي سيُسمح لها بطلب التسجيل لمرة واحدة في قمة المناخ وفحصت بياناتها بشكلٍ سري، وذلك ضمن عملية منفصلة عن طلبات حالة المراقب الرسمية التي أُغلِقَت العام الماضي.

فيما جرى منح المجموعات الحاصلة على الترخيص بعدها مجموعة تفاصيل عن تقديم الطلبات بواسطة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي الوكالة الأممية المسؤولة عن الإشراف على قمة "كوب 27"

ولم يتم الإعلان عن عملية تقديم الطلبات ومعايير الاختيار، كما لم يتم إخطار منظمات المجتمع المدني بأنها تستطيع طلب حضور المؤتمر من الوزارات المذكورة، ولم تعرف تلك المنظمات كيفية التقديم من الأساس، وهو ما هدف إلى استبعادها بشكلٍ أساسي.

وشملت قائمة المنظمات الممنوعة: المفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير.

وقال أحمد عبد الله من المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي كانت من بين أبرز خمس منظمات عجزت عن التسجيل لحضور المؤتمر: " لا يمكن السماح للحكومات بأن تخبر الأمم المتحدة بما إذا كانت هذه المنظمات غير حكومية أم لا، خاصةً إذا كنا نتحدث عن الحكومة المصرية"

أضاف: "نتوقع من الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولية تقديم اهتمام أكبر عند التعامل مع أماكن مثل مصر، وذلك لضمان امتلاك المنظمات المستقلة فرصةً عادلة في التقديم قبل مراجعة الموقف. لكنهم لا يقدمون هذه الرعاية الإضافية، بل يتعاملون مع مصر كأننا في السويد"

وأوضح أن النتيجة الطبيعية أن "الأمم المتحدة أصبحت متواطئة مع الحكومة المصرية في جهود تبييض سمعة هذا النظام"