"إرهاق الأخبار" يطارد الصحفيين والجمهور| صناعة الإعلام في 2025 .. التحديات والفرص

الثلاثاء - 4 فبراير 2025

  • تزايد الهجوم على الصحافة في ظل التصعيد السياسي والضغوط الاقتصادية و تغوّل الذكاء الاصطناعي
  • 39% من الجمهور يتجنبون الأخبار ونصف الصحفيين يعانون القلق..فكيف تنجو الصحافة من العواصف؟
  • الأزمات المتعددة بالمنطقة العربية تجعل نسب القلق لدى الصحفيين والجمهور أعلى من المتوسط العالمي

 

إنسان للإعلام- قسم الترجمة:

مع تسارع وتيرة الأحداث العالمية وازدياد الأزمات السياسية والاقتصادية، يجد الجمهور والصحفيون أنفسهم في مواجهة ظاهرة "إرهاق الأخبار"، التي باتت تؤثر بشكل متزايد على تفاعلهم مع المحتوى الإخباري.

وفي تقرير شامل أصدره "معهد رويترز لدراسة الصحافة"، تم تحليل أبرز التحديات والفرص التي ستواجه صناعة الإعلام في عام 2025، مسلطًا الضوء على الضغوط النفسية والمهنية التي يعاني منها الصحفيون، وتزايد عزوف الجمهور عن متابعة الأخبار بسبب الشعور بالإرهاق والقلق.

الإحصائيات الأساسية

كشف تقرير الأخبار الرقمية لعام 2024 عن أن 39% من الجمهور في عدة دول أصبحوا يتجنبون الأخبار أحيانًا أو بانتظام، وذلك نتيجة لشعورهم بالضغط النفسي الناجم عن التغطية المستمرة للأزمات الكبرى، مثل حرب غزة وأوكرانيا والتغير المناخي.

كما أظهر التقرير أن 50% من الصحفيين في دول مثل كندا وإسبانيا والإكوادور يعانون من مستويات عالية من القلق، فيما بلغ معدل الاكتئاب بينهم 20%.

وفي حين لم يُشِر التقرير بشكل مباشر إلى الوضع في الدول العربية، فإن الأزمات المستمرة في المنطقة والحروب المتعددة تجعل من المحتمل أن تكون نسب القلق والاكتئاب في أوساط الصحفيين والجمهور العرب أعلى من المتوسط العالمي.

أسباب إرهاق الأخبار

حدد التقرير عددًا من الأسباب التي تؤدي إلى إرهاق الجمهور والصحفيين:

بالنسبة للجمهور:

  • التغطية المكثفة للأزمات بدون تقديم حلول أو سياقات إيجابية.
  • الشعور بالعجز أمام القضايا العالمية الكبرى، مثل النزاعات المسلحة والكوارث البيئية.

بالنسبة للصحفيين:

  • الضغط النفسي الناتج عن تغطية المشاهد العنيفة والصراعات.
  • التعرض المستمر للانتقادات، ما يزيد من الضغوط المهنية والشخصية.
  • صعوبة تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية في ظل التدفق الإخباري المستمر.

استراتيجيات المؤسسات الإعلامية لمواجهة إرهاق الأخبار

في محاولة لتخفيف آثار إرهاق الأخبار، بدأت بعض المؤسسات الإعلامية في تبني استراتيجيات مبتكرة:

  1. تبسيط المحتوى: تبنت صحيفة "الغارديان" البريطانية نموذجًا يعتمد على تقديم ملخص يومي للأحداث الرئيسية، مثل تقرير "What We Know" عن حرب روسيا وأوكرانيا، والذي يركز على المعلومات الأساسية دون الغوص في التفاصيل المرهقة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات القراءة والتفاعل.
  2. التركيز على القصص الإنسانية: اعتمد موقع "داجنز نيهيتر" السويدي على منصة تيك توك لسرد قصص شخصية مرتبطة بالأزمات، حيث لاقت قصة مجموعة أصدقاء يحتفلون بخطوبة أحدهم قبل اندلاع حرب غزة أكثر من 500,000 مشاهدة في أسبوع واحد؛ ما يعكس اهتمام الجمهور بمثل هذا النوع من المحتوى.
  3. التفاعل مع صناع القرار: صحيفة "Helsingin Sanomat" الفنلندية قدمت تقريرًا عرضت فيه صورًا لدمار غزة على أعضاء البرلمان الفنلندي وسجلت ردود أفعالهم العاطفية، مما ساهم في تقريب القضية إلى الجمهور وتعزيز الوعي بتأثير الحروب.

توقعات عام 2025

يشير تقرير معهد "رويترز" إلى مجموعة من التوقعات حول مستقبل صناعة الإعلام في 2025:

  1. تزايد الضغط على الأجيال الأكبر سنًا: لم يعد الإرهاق الإخباري مقتصرًا على الشباب، بل يُتوقع أن يعاني الصحفيون المخضرمون منه بشكل أكبر، بسبب تراكم الضغوط المهنية على مدار السنوات.
  2. ازدياد الاهتمام بالأخبار الإيجابية:  بدأت بعض المؤسسات الإعلامية، مثل "elDiario" الإسبانية، في التخطيط لإطلاق نشرات أسبوعية تركز على الأخبار البناءة والمبادرات الناجحة، بدلًا من التركيز الحصري على المشكلات
  3. عودة الصحافة البطيئة:

- منصة "Uusi Juttu" الفنلندية قررت نشر تحقيق واحد معمق يوميًا، مع تقديم ملخصات صوتية ورسائل إخبارية قصيرة، في محاولة لتخفيف إرهاق الجمهور.

- صحيفة "Svenska Dagbladet" السويدية أطلقت خدمة "Kompakt" تحت شعار "اقرأ أقل.. اعرف أكثر"، مستهدفة القراء الذين يرغبون في تقليل الوقت الذي يقضونه في متابعة الأخبار.

رؤية لمستقبل الصحافة

بناءً على استطلاع شمل 326 من القادة الرقميين في 51 دولة، تم رصد أبرز التوجهات نحو مستقبل الصحافة:

  • 41% من المحررين والرؤساء التنفيذيين أعربوا عن ثقتهم في آفاق الصحافة لعام 2025، في حين أعرب 17% عن تراجع ثقتهم بسبب الاستقطاب السياسي وارتفاع الهجمات على الإعلام.
  • 56% واثقون من مستقبل أعمالهم، مع توقع بعض الناشرين زيادة في حركة المرور الرقمي وسط الفوضى السياسية، خاصة مع احتمالية رئاسة ترامب الثانية.
  • يتوقع بعض الناشرين استمرار نمو الاشتراكات الإلكترونية، حيث يمكن أن تؤدي زيادة المحتوى غير الموثوق الذي يولده الذكاء الاصطناعي إلى عودة الجماهير إلى وسائل الإعلام الموثوقة.
  • أعرب 74% من المشاركين عن قلقهم من انخفاض حركة البحث إلى مواقعهم الإخبارية، خاصة مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم ملخصات إخبارية.
  • من المتوقع أن تزيد المؤسسات الإخبارية من تواجدها على منصات مثل YouTube وTikTok ؛ لمواكبة التغيرات في سلوك المستهلكين.
  • يتوقع 36% من الناشرين أن يكون دخل الترخيص من شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مصدرًا رئيسيًا للإيرادات خلال العام المقبل.

في ضوء ما سبق، ومع تصاعد إرهاق الأخبار بين الصحفيين والمستهلكين، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين نقل الحقيقة وتخفيف الضغوط النفسية عن متلقي الأخبار.

وبينما تواجه صناعة الإعلام تحديات غير مسبوقة في عام 2025، فإن المؤسسات الصحفية تبحث عن حلول مبتكرة للحفاظ على جمهورها، والتكيف مع المشهد الرقمي المتغير.

التقرير الأصلي من المصدر