وظّفتهم لإنكار المجاعة والإبادة في غزة.. "إسرائيل" تشتري ذمم صحفيين ومؤثرين عالميين!
الثلاثاء - 26 آغسطس 2025
- الاحتلال ينتهج ثلاثة مسارات للتعتيم: التضليل والقمع والاغتيال
- من عقدة الذنب إلى تبرير الإبادة.. الصحافة الألمانية الأكثر تطرفا
- بوفود ممولة "إسرائيليا".. الإعلام الهندي في خدمة رواية الاحتلال
- اختراق وسائل إعلام في جنوب أفريقيا عبر تمويل خفي للصحفيين
- "الهاسبارا".. ماكينة الدعاية "الإسرائيلية" عبر مختلف المنصات
- قلب السردية الإنسانية عن غزة بالتزييف.. واتهام "رويترز" بالتحيز
"إنسان للإعلام"- فريق التحرير:
بالتزامن مع تراجع القدرة "الإسرائيلية" على السيطرة على الخطاب الإعلامي العالمي، وتصاعد الانتقادات الدولية لسياساتها في غزة والضفة الغربية، بدأت دولة الاحتلال تنتهج 3 مسارات:
الأول: استخدام وتوظيف صحفيين لنشر معلومات مضللة والترويج لرواية الاحتلال بهدف التغطية على الإبادة الجماعية في غزة.
والثاني: منع الصحفيين المهنيين من أداء واجباتهم، والضغط عليهم، لمحاولة إسكاتهم أو التلاعب بهم.
والثالث: التوسع في قتل الصحفيين الغزيين، بحجة أنهم "مقاتلين في حماس"، بهدف إخفاء الحقائق عن الرأي العام العالمي.
وبحسب أرقام مكتب الإعلام الحكومي في غزة، بلغ عدد الشهداء الصحافيين في القطاع وحده 244 منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 25 أغسطس 2025، فيما قالت لجنة حماية الصحفيين الدولية إن "إسرائيل" قتلت ما لا يقلّ عن 192 صحافياً وعاملاً في الإعلام في غزة والضفة الغربية ولبنان، كما تحقّق في 130 حالة أخرى.
وضمن هذا النهج تواصل سلطات الاحتلال سياسة التعتيم الإعلامي عبر منع دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة لنشر الحقائق وتكتفي بمدهم بنشرات دعائية إعلامية صهيونية تدليسية حول الوضع في غزة.
وقد وقعت 27 دولة على بيان مشترك يطالب إسرائيل بإنهاء الحظر المفروض على دخول الصحافة الأجنبية إلى قطاع غزة بعد أكثر من 22 شهراً على بداية حرب الإبادة، وبضمان حماية الصحافيين الفلسطينيين داخل القطاع المحاصر.
وصدر البيان عن "التحالف من أجل حرية الإعلام"، وهو مجموعة دولية للدفاع عن حرية الصحافة، ومن أبرز الدول التي وقعت عليه: بريطانيا وألمانيا وأستراليا وأوكرانيا.
وجاء البيان بعد سلسلة من البيانات والنداءات التي أطلقتها أخيراً مؤسسات إعلامية وصحفيون حول الأوضاع المأساوية التي يعيشها الصحافيون في قطاع غزة، جراء العدوان "الإسرائيلي" المتواصل.
رحلات ونشرات مدفوعة
أحد أبرز الأدوات الدعائية "الإسرائيلية" تقوم على استقدام وفود صحفية أجنبية في رحلات مدفوعة، والهدف الأكبر من جلب الصحفيين هو التأثير في الرأي العام الخارجي وترويج روايتها، وتجاهل جرائم القتل الجماعي والتجويع والتهجير القسري.
وأيضا تنظم رحلات لنواب من الكونغرس الأمريكي ومجلس العموم البريطاني لضمان أصوات هؤلاء النواب في التشريعات المتعلقة بـ"إسرائيل" في بلادهم.
وفي بعض الأحيان لا تحتاج "إسرائيل" لاستضافة صحفيين وصحف، كما هو الحال في الصحافة الألمانية، بعدما زرعت في العقل الألماني عقدة الذنب بسبب مزاعم جرائم هتلر في حق اليهود، وصارت هناك حالة عداء طبيعية يكنها كثير من التيار اليميني المطرف في ألمانيا للعرب والمسلمين تدفعه لتبني وجهة النظر الصهيونية طوال الوقت.
ومؤخرا، تم الكشف عن أن صحف ألمانيا كانت تحصل على مواد جاهزة للنشر من استخبارات "إسرائيل"، تتضمن أكاذيب عن قيام حماس بقتل 40 رضيعا "إسرائيليا" خلال هجمات السابع من أكتوبر، واغتصاب "إسرائيليات" وقتل عواجيز، وتورطت الصحف في نشرها وتبين أن هذه المواد كانت تصلها من مكتب نتنياهو للدعاية.
بالتالي لم يعد مقنعا ما يقال تبريرا لهذا الانحياز أن "ألمانيا لا تزال تُكفر عن ذنبها لليهود بسبب أيام هتلر"، إذ أنها تدعم ما يفعله هتلر الجديد (نتنياهو) مع الفلسطينيين!
والأغرب أن كل جرائم "إسرائيل" أصبحت تبررها صحف ألمانيا مع أن صحف "إسرائيل" نفسها تدين حكومة بلادها ورئيس الوزراء "نتنياهو"، فحين قتل الصهاينة خمسة صحفيين من قناة الجزيرة، بينهم أنس الشريف، خرجت صحيفة (بيلد) الأكثر انتشارا في ألمانيا، بصورة لأنس يرتدي زيا صحفيا، وثبتت على الصورة عنوان: " مقتل إرهابي متنكر بزي صحفي في غزة.. الجيش الإسرائيلي: العقل المدبر لحماس عمل لصالح قناة الجزيرة"!!
وحين كان الصحفيون يلتقطون صور معاناة أهل غزة وهم يحصلون على الطعام، نشرت (بيلد) صورة لمصور وهو يلتقط الصور للمجوعين وكتبت تحتها: "مصور من غزة ينتج فيديوهات دعائية لصالح حماس"!!
وهو نفس ما فعلته صحيفة (زود دويتشه تسايتونغ) الليبرالية التي زعمت أن صور الأطفال الجوعى الذين يموتون سببها أمراض مناعية لا التجويع! وزعمت بالمقابل أن "حماس قطعت رؤوس 40 رضيعا إسرائيليا!!"
واستغلت وزارة الخارجية "الإسرائيلية" هذه الصور والمقالات الألمانية، وروجت لها كدليل على تلاعب حماس بالرأي العام العالمي وادعاء وجود مجاعة.
أيضا نشرت صحيفة المانية على صفحتها الأولى أسماء المئات من القتلى "الإسرائيليين" وتجاهلت بشكل كامل آلاف الضحايا الفلسطينيين.
الهندوس بخدمة الاحتلال
من جانب آخر، وبسبب تقارب النظامين العنصريين في الكيان الصهيوني والهند، تركز "إسرائيل" على استخدام الصحافة الهندية كبوق دعاية لها، حيث نظمت وزارة الخارجية "الإسرائيلية"، في أوائل أغسطس 2025، رحلة لوفد من الصحافة الهندية انعكست لاحقاً في تغطية إيجابية لصالح الدعاية "الإسرائيلية".
واعترفت بعض وسائل الإعلام، مثل "ذا إنديان إكسبرس" و"ريبابلك تي في"، بأن صحافييها زاروا "إسرائيل" بدعوة من السفارة "الإسرائيلية" في نيودلهي، فيما تجاهلت مؤسسات أخرى إبلاغ جمهورها بهذه الحقيقة.
وانتشرت على الإنترنت صور للصحافيين الهنود وهم يقفون إلى جانب رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو ، وقاد الوفد المتحدث "الإسرائيلي" في الهند "غاي نير"، وضمّ أديتيا راج كول (TV9)، وزكا جاكوب (سي إن إن نيوز 18)، وفيشنو سوم (NDTV)، وأبيشيك كابور (ريبابليك تي في)، وسيدهانت سيبال (WION)، وماناش براتيم (PTI)، وشوبهاجيت روي (إنديان إكسبرس).
ووفقاً لـ"كابور"، امتدت الجولة بين 3 و7 أغسطس، وشملت زيارات لـ"ساحة الرهائن" في تل أبيب، ومستوطنات هاجمتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، وموقع مهرجان نوفا الموسيقي، والقدس، ومقر وزارة الخارجية، وفريق الإعلام والاتصال الاستراتيجي في الجيش "الإسرائيلي"، وشبكة البث "آي 24" المعروفة بدعمها لنتنياهو.
وعقب الرحلة، أظهرت التغطيات الإعلامية الهندية انحيازاً واضحاً للرواية "الإسرائيلية"، حيث رصد موقع "نيوز لوندري" مقابلات أجراها الوفد مع مَن شهدوا عملية "طوفان الأقصى"، ورئيس قسم الشرق الأوسط في الخارجية "الإسرائيلية"، ورئيس قسم الدبلوماسية في منتدى الرهائن، ومتحدث سابق باسم الجيش.
كذلك خصّص المذيع "فيشنو سوم"، عبر قناة NDTV، فقرة مدتها 25 دقيقة للرهائن "الإسرائيليين" مقابل خمس دقائق فقط عن مأساة غزة.
والاستثناء الوحيد كان تعليقاً لـ"زكا جاكوب" على منصة إكس، قال فيه: "على الجانب الآخر من الجدار البني الرمادي تقع غزة، يُمكن القول إنها أسوأ مكان على وجه الأرض حالياً، موت ودمار لا يُحصى، لا يُسمح لنا بالدخول والتغطية، لكن نأمل أن تنتهي هذه الحرب عاجلاً غير آجل"، غير أنّ مثل هذا التعليق ظلّ نادراً وسط سيلٍ من التغطيات المنحازة.
حتى جنوب أفريقيا!
لأن جنوب إفريقيا هي الدولة الوحيدة التي تصدت لجرائم الاحتلال ورفعت دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد "إسرائيل"، ركزت الأخيرة على وتر الأقلية البيضاء كي تقف معها وتدافع عنها، وكان الهدف اختراق الدعم الشعبي والسياسي الواسع الذي تحظى به فلسطين في جنوب أفريقيا.
وقد كشفت أبحاث أجراها ناشطون في المجتمع المدني عن أن ثلاث صحف جنوب أفريقية، هي "صنداي تايمز"، و"ذا سيتيزن"، و"بيزنيوز"، أخفت تمويل اللوبي "الإسرائيلي"، ممثلاً في مجلس النواب اليهودي في جنوب أفريقيا، لرحلة صحافييها إلى "إسرائيل".
واعتبرت صحف أن عدم الإفصاح هذا اعتُبر خرقاً لميثاق أخلاقيات وسلوك مجلس الصحافة لوسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية في البلاد.
ونشرت شركة "أرينا هولدينغز"، في النسخة المطبوعة من "صنداي تايمز" في 20 أبريل 2025، مقالاً عنوانه "وجهان لمأساة"، حاول المساواة بين "إسرائيل" والفلسطينيين في المعاناة، فيما نشرت "ذا سيتيزن" مقالاً بعنوان "إسرائيل تنفي الهمس في أذن ترامب بشأن فرض عقوبات على جنوب أفريقيا"، كتبه صحفيُّها بعد زيارته لـ"إسرائيل".
وبحسب الناشط الإعلامي المقيم في جوهانسبرغ، حسن لورغات، ردّت الصحيفتان على شكواه مبرّرتين الزيارة بأنها لا تمثل خرقاً خطيراً للميثاق، قبل أن تعتذرا لاحقاً عن عدم الإفصاح بشأن تمويل الرحلة، بالمخالفة للقانون الذي يوجب على المنشورات توضيح أي مساهمة خارجية في تكلفة جمع الأخبار.
ومع هذا أبدى عشرات الصحافيين في جنوب أفريقيا تضامناً واسعاً مع زملائهم في غزة، إذ شاركوا في مسيرة احتجاجية في مدينة كيب تاون ضد جرائم قتل الإعلاميين الفلسطينيين، نظمتها في 10 أغسطس منظمة "صحافيون ضد الفصل العنصري"، عقب اغتيال "إسرائيل" ستة صحافيين، بينهم المراسل الفلسطيني أنس الشريف.
ونقل موقع IOL عن المتحدثة باسم المنظمة، ديشني سوبراماني، قولها: إن "وسائل الإعلام الغربية كررت الأكاذيب الإسرائيلية من دون تدقيق، وأسكتت أصوات الفلسطينيين، ما سمح باستمرار هذه الإبادة الجماعية".
وأضافت أن "وسائل إعلام عدة ساهمت في حملة التضليل التي تشنها إسرائيل والولايات المتحدة ضد فلسطين، مخالفةً المبادئ الصحافية الأساسية".
كذلك أدانت "سوبراماني" المؤسسات الإعلامية المحلية التي قبلت المشاركة في الرحلات الدعائية برعاية "إسرائيل"، معتبرة ذلك "أبعد ما يكون عن أخلاقيات الصحافة، ومخزياً في بلدٍ لعب فيه الإعلام دوراً محورياً في تفكيك نظام الفصل العنصري"
ماذا تعني "الهاسبارا"؟
يُقصد بـ "الهاسبارا"، مصطلح يُستخدم لوصف الجهود الدعائية "الإسرائيلية" الموجّهة إلى الخارج (خصوصًا العالم الغربي والعربي)؛ لتبرير سياسات الاحتلال وتسويق صورة إسرائيل.
ولا تقتصر على الدفاع الإعلامي المباشر، بل تشمل بيانات رسمية وحملات علاقات عامة ودبلوماسية، ونشاط مكثف على وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي، وإنتاج محتوى ثقافي/فني يهدف إلى تحسين صورة "إسرائيل" عالميًا.
ومن بين أهداف "الهاسبارا" تبرير السياسات العسكرية والسياسية (مثل الحروب على غزة أو الاستيطان)، والتأثير على الرأي العام الدولي، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، ومواجهة الانتقادات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وخلق رواية مضادة للرواية الفلسطينية والعربية.
أما أدوات "الهاسبارا" فهي المتحدثون الرسميون مثل أفيخاي أدرعي (للجمهور العربي)، والمنظمات اليهودية في الخارج التي تروّج للسياسات الإسرائيلية، ووسائل الإعلام الغربية عبر مقالات، مقابلات، وتقارير مدفوعة.
أيضا تستخدم "السوشيال ميديا" من خلال جيش من الحسابات، بعضها حقيقي وبعضها وهمي؛ لنشر الرواية "الإسرائيلية".
لذا توصف "الهاسبارا" بأنها "بروباغندا" ممنهجة؛ تهدف إلى طمس الحقائق وتزييف الواقع، خاصة ما يتعلق بالاحتلال، الاستيطان، والاعتداءات على المدنيين، فهي جهاز الدعاية "الإسرائيلي"، الذي هو جزء أساسي من الحرب الإعلامية التي تشنّها "إسرائيل" على المستويين الرسمي والشعبي.
قلب السردية الإنسانية
مع هيمنة صور الأطفال المجوعين في غزة على عناوين المؤسسات الإعلامية العالمية، لجأت "إسرائيل" إلى وسائل بديلة لمحاولة قلب السردية الإنسانية، إذ سمحت لمجموعة محدودة من الإعلاميين "الإسرائيليين"، وكاتب محلي، ومؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب مراسل "إيه بي سي" الأسترالية، بالدخول إلى قطاع غزة ضمن "رحلة مرافقة" عسكرية نادرة هذا الشهر.
وظهرت على الإنترنت سلسلة منشورات مصوّرة من داخل غزة – المغلقة أمام الصحافيين الدوليين منذ نحو عامين – تُظهر مخازن مليئة بالغذاء والمساعدات "بانتظار التوزيع".
وقدّم أصحاب هذه المنشورات رسالة متطابقة: الدفاع عن إسرائيل، واتهام الأمم المتحدة، وإلقاء اللوم عليها في "فبركة أزمة الجوع".
ومن بين المؤثرين الذين شاركوا في دخول غزة الشابة "بيلامي بيلوتشي"، التي نشرت صورة لها بزيّ عسكري وخوذة تحت عبارة "من غزة حيث أنا"، وعلّقت: "رأيتُ ذلك بعينيّ... في غزة!"، مؤكدة أن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن إيصال الغذاء لكنها "لا تقوم بواجبها"!!
والشهر الماضي، كشفت صحيفة "هآرتس" عن تمويل وزارة الخارجية لجولة 16 مؤثراً أميركياً، بهدف دفعهم إلى إنتاج محتوى يتماشى مع خطاب الحكومة.
انحياز "رويترز " للكيان
بسبب محاولات التأثير "الإسرائيلي" في الإعلام، وجهت اتهامات لصحف أمريكية ووكالات أنباء بتعمد الانحياز لإسرائيل، منها "رويترز"، فعندما اغتالت "إسرائيل" الصحافي الفلسطيني أنس الشريف نشرت الوكالة تقريرا بعنوان: "إسرائيل تقتل صحافي الجزيرة الذي تقول إنه زعيم حماس!"
اختاروا هذا العنوان على الرغم من أن "الشريف" كان يعمل لديهم - وكان جزءًا من فريق "رويترز"، الذي فاز بجائزة بوليتسر لعام 2024.
وقد تسبب هذا الانحياز في ردود فعل عنيفة على الإنترنت، وأثار أيضًا مخاوف بين بعض موظفي "رويترز"- التي تأسست في لندن عام 1851م، ولديها الآن جمهور يتجاوز المليار- حيث تحدث بعضهم لموقع "ديكلاسيفايد" عما يرونه تحيزًا لـ"إسرائيل" لدى محرري الوكالة وإدارتها.
واستقال موظف آخر، وقال لزملائه في رسالة بالبريد الإلكتروني: "من خلال تغطية ما نسميه حرب إسرائيل وحماس، أدركت أن قيمي لا تتوافق مع قيم الشركة (الوكالة)"
قال أيضًا: "لقد أرفقت تقريرًا... ورسالة مفتوحة أرسلتها أنا وبعض الزملاء إلى الإدارة على أمل أن تلتزم رويترز بالمبادئ الصحفية الأساسية، لكنني أدرك الآن أن القيادة العليا من غير المرجح أن تتغير، ناهيك عن التوقف عن قمع الانتقادات بنشاط"
وقال مصدر في "رويترز" لموقع "ديكلاسيفايد"، 21 أغسطس 2025: "بعد أسابيع قليلة من هجوم السابع من أكتوبر أدرك العديد من الصحفيين في رويترز أن تغطيتنا للحرب بين إسرائيل وغزة تفتقر إلى الموضوعية".
وعرض موقع "ديكلاسيفايد"، نتائج تحليل أعده صحفيون من "رويترز" لـ 499 تقريراً تحمل علامة "إسرائيل وفلسطين" نُشرت في الفترة ما بين 7 أكتوبر و14 نوفمبر 2023، انتهى إلى "وجود نمط ثابت من تخصيص موارد أكبر لتغطية القصص التي تؤثر على الإسرائيليين مقارنةً بالفلسطينيين".
وفي وقت إجراء التحليل، وردت تقارير عن مقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني في غزة، أي ما يقرب من عشرة أضعاف عدد القتلى الإسرائيليين، ما دفع صحفيي "رويترز" إلى التساؤل حول سبب عدم قيام الوكالة بنشر المزيد من التقارير حول مزاعم الخبراء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، على النقيض من الطريقة التي تعاملت بها الوكالة مع مثل هذه المزاعم حول سلوك روسيا في أوكرانيا.
وقال معدو التحليل إن "أحد الأمثلة الواضحة على التحيز في صياغتنا هو اختيارنا لحظر استخدام كلمة فلسطين... في حين أن فلسطين قد لا يتم الاعتراف بها كدولة في بعض الدول الغربية، فإننا لسنا بحاجة إلى التظاهر بأنها ليست مكانًا حقيقيًا".
وفي شهر مايو 2025، كتب الصحفي "الإسرائيلي" جدعون ليفي في صحيفة "هآرتس" يقول: "كان من الممكن لمشهد إعلامي شجاع ولائق أن يمنع هذه العملية العسكرية، ولكننا بالكاد لدينا شيء من هذا القبيل".
هكذا، تكشف الوقائع أن الاحتلال الصهيوني لم يكتفِ بجرائمه الميدانية في غزة والضفة الغربية، بل شنّ حرباً موازية على الحقيقة، عبر ماكينة إعلامية عابرة للقارات.
فبين التضليل الممنهج، وتكميم أفواه الصحفيين، والاغتيال المباشر، يسعى الكيان إلى طمس الرواية الفلسطينية وإحلال دعايته مكانها، غير أن تزايد الأصوات الدولية المطالِبة بإنهاء التعتيم وحماية الإعلاميين يؤكد أن معركة الوعي لم تُحسم بعد، وأن الحقيقة، مهما حوصرت، ستظل قادرة على شق طريقها إلى الرأي العام العالمي.