بعد 20 عاما من انطلاقها.. ماذا يعني إغلاق"قناة الحرة"؟

الأربعاء - 7 مايو 2025

  • أمريكيون: هجمات ترامب ضد الإعلام الحكومي إنهاء لنحو 80 عاما من الجهد الدعائي
  • جيفري غيدمن: تم تجميد تمويل القناة المعتمد من الكونجرس بشكل مفاجئ وغير قانوني
  • صحفيون: ترامب يسعى لاستبدال وكالة الإعلام الرسمية بإعلام يميني مسيحي متطرف
  • حافظ الميرازي: الحرة أنتجت برنامجين بمبالغ سخية للتركيز على نقد النص الإسلامي

 

إنسان للإعلام- تقرير:

ضمن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصعيد هجماته على الإعلام منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، تم إغلاق قناة "الحرة" الأمريكية، يوم 28 أبريل 2025، وتسريح معظم موظفيها، بعد قرار قطع التمويل عنها.

وفي 10 أبريل 2025، أبلغت إدارة القناة العاملين في رسالة رسمية بأن "نهاية الأسبوع المقبل سيكون آخر يوم عمل لأغلبية الموظفين، لفشلنا في تأمين التمويل اللازم للقناة".

وتأسست قناة "الحرة" في عام 2004 كمبادرة إعلامية أمريكية ناطقة بالعربية، بهدف مواجهة تأثير قناة "الجزيرة" القطرية، خصوصًا بعد انتقادات أمريكية لتغطية "الجزيرة" لحرب العراق التي اندلعت في مارس 2003.

قرار الإغلاق وتجميد التمويل

في مارس 2025، ضمن سياسته لخفض الميزانية الفيدرالية، أوقف الرئيس ترامب التمويل المخصص لوسائل الإعلام الحكومية، بما فيها قناة "الحرة" وشبكة الشرق الأوسط للإرسال، ما دفع الشبكة إلى إعلان تسريح أغلب موظفيها.

وقال جيفري غدمين، الرئيس التنفيذي لشبكات الإرسال في الشرق الأوسط، إن التمويل جُمد "بشكل مفاجئ وغير قانوني"، متهمًا المستشارة الخاصة كاري ليك بعرقلة الجهود لحل الأزمة.

رسالة إعلامية أم أداة دعائية؟

منذ انطلاقها، سعت قناة "الحرة" إلى تقديم محتوى يعكس الرؤية الأمريكية، مع تركيز خاص على القضايا الدينية، حيث استضافت برامج مثل "مختلف عليه" لإبراهيم عيسى و"إسلام حر" لإسلام البحيري، التي أثارت جدلًا واسعًا بسبب انتقادها للنصوص الدينية الإسلامية.

واتهم الإعلامي المصري حافظ الميرازي إدارة "الحرة" بأنها استثمرت مبالغ ضخمة في برامج تهدف إلى نقد النص الإسلامي، مشيرًا إلى دور السفير الأمريكي السابق ألبرتو فرنانديز في دعم هذه البرامج.

أبعاد سياسية وثقافية للإغلاق

يرى مراقبون أن إغلاق قناة "الحرة" يتجاوز الجانب المالي، ليعبر عن تحول استراتيجي في السياسة الإعلامية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، فالقناة كانت تمثل إحدى الأدوات الإعلامية التي تراهن عليها واشنطن في نشر رؤيتها حول قضايا الشرق الأوسط.

ويشير حقوقيون إلى أن الخطوة تندرج في إطار أوسع لمحاولات إدارة ترامب تقليص دور الإعلام الرسمي، وتفضيل المؤسسات الإعلامية ذات التوجه اليميني، ومن الأمثلة البارزة تعيين "ليو برنت بوزيل"، الإعلامي اليمني المتطرف، مديرًا لوكالة الإعلام العالمي، قبل أن يلغي أعمال الوكالة.

ردود الفعل بين الإدانة والدعم

أثار القرار ردود فعل متباينة؛ حيث عبّر بعض الصحفيين عن استيائهم من إغلاق القناة، معتبرين أنه خطوة نحو تكميم الأفواه وتهميش الآراء المستقلة،  فيما رأى آخرون أن القناة لم تكن تحقق التأثير المرجو، وأن القرار يعكس توجهات ترامب نحو تبني خطاب إعلامي أكثر توافقًا مع رؤيته.

ما تأثير إغلاق "الحرة"؟

يعتبر إغلاق قناة "الحرة" جزءًا من استراتيجية ترامب لإعادة هيكلة الإعلام الرسمي، حيث تزامن هذا القرار مع تقليص دور وكالة الإعلام الأمريكي وتوجيه الدعم نحو وسائل إعلام يمينية متطرفة.

ويشير بعض المحللين إلى أن قرار ترامب بإغلاق القناة يعكس رغبة في تحويل الدعم من الإعلام الحكومي إلى وسائل إعلام بديلة تروج لأفكار اليمين المسيحي المتطرف، ما يعزز الاتجاه نحو الترويج لمفاهيم محافظة تتماشى مع قاعدة ترامب الانتخابية.

لكن في الوقت نفسه، يرى منتقدو القرار أن قناة "الحرة" كانت تمثل أحد أذرع القوة الناعمة الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث سعت إلى الترويج للسياسات الأمريكية بلغة عربية تستهدف جمهور المنطقة.

ويحذر هؤلاء من أن غياب "الحرة" سيترك فراغًا إعلاميًا يمكن أن تملأه قنوات أخرى منافسة مثل "الجزيرة" و"العربية"، ما قد يؤدي إلى فقدان واشنطن قدرتها على التأثير في الرأي العام العربي.

ماذا بعد إغلاق الحرة؟

وسط تساؤلات حول مصير العاملين في القناة، يتوقع أن يلجأ بعضهم إلى القضاء للحصول على مستحقاتهم، بينما يواجه آخرون مصاعب بسبب وضعهم القانوني داخل الولايات المتحدة.

إن قرار إغلاق "الحرة" لا يعد مجرد خطوة لتقليص النفقات، بل هو جزء من سياسة ترامب لإعادة تشكيل المشهد الإعلامي الأمريكي، بإضعاف الإعلام الحكومي وتعزيز نفوذ وسائل إعلام يمينية متطرفة ترتبط بسياساته وتوجهاته.