لأول مرة وفي وقت واحد| 200 وسيلة إعلامية من 50 دولة تحتجب احتجاجًا على قتل الصحفيين في غزة
الاثنين - 1 سبتمبر 2025
"إنسان للإعلام"- فريق التحرير:
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الصحافة العالمية، أعلنت مئتا صحيفة وموقع وإذاعة وقناة من خمسين دولة، اليوم الأول من سبتمبر 2025، احتجابها بشكل متزامن احتجاجًا على استمرار قتل الصحفيين في غزة.
أوقفت هذه الوسائل الإعلامية صفحاتها الأولى والرئيسية وبرامجها الإذاعية في وقت واحد، مطالبة بوقف استهداف الصحفيين والسماح للصحافة الدولية بالدخول إلى القطاع، بعد ما يقارب العامين من المنع "الإسرائيلي".
ويعد هذا التحرك أول احتجاج تحريري بهذا الحجم في التاريخ الحديث، إذ نسقت غرف الأخبار في جميع القارات هذه الخطوة الواسعة، بمشاركة وإشراف منظمات عدة، أبرزها مراسلون بلا حدود التي تدافع عن حرية الصحافة حول العالم وتدعم الصحفيين المعرضين للخطر، ومنظمة آفاز التي تضم سبعين مليون عضو وتعمل على مواجهة تحديات حقوق الإنسان والمناخ والديمقراطية، إضافة إلى الاتحاد الدولي للصحفيين الذي يعد أكبر منظمة للصحفيين في العالم ويمثل نحو ستمئة ألف عضو في مئة وثمان وأربعين دولة بينهم ثمانمئة صحفي في غزة.
وقد صدرت الصحف المطبوعة بصفحات أولى معتمة تحمل رسالة احتجاجية صارخة، فيما علّقت محطات إذاعية وتلفزيونية برامجها لبث بيان موحد، وحجبت مواقع إلكترونية صفحاتها الرئيسية أو استبدلتها بلافتات تضامنية، بمشاركة آلاف الصحفيين والمراسلين حول العالم.
يأتي هذا التحرك بينما ارتفع عدد القتلى من الصحفيين في غزة إلى مئتين وأربعة وخمسين منذ أكتوبر 2023، وفق بيانات نقابة الصحفيين؛ ليصبح الصراع الأكثر دموية ضد الصحافة في العصر الحديث.
وخلال هذه الفترة منعت إسرائيل وسائل الإعلام الأجنبية من دخول غزة، تاركة الصحفيين الفلسطينيين وحدهم في مواجهة التغطية تحت القصف.
وقال "تيبو بروتين"، المدير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود: إن معدل قتل الصحفيين في غزة على يد جيش الاحتلال "الإسرائيلي" يعني أنه لن يبقى من يبقي العالم على اطلاع"، مضيفًا أن "ما يجري ليس حربًا على غزة فحسب، بل حرب على الصحافة نفسها".
وأكد أن الصحفيين يُقتلون ويُستهدفون وتُشوّه سمعتهم، وبدونهم لن يكون هناك من يتحدث عن المجاعة أو يكشف جرائم الحرب أو يدين الإبادة الجماعية، موضحا أن مرور عشر سنوات على قرار مجلس الأمن رقم 2222 الذي اعتمد بالإجماع لم يمنع تآكل ضمانات حماية الصحفيين أمام أعين العالم، مشددًا على أن "التضامن الإعلامي العالمي اليوم أمر بالغ الأهمية، فالأخوّة بين الصحفيين هي التي ستنقذ حرية الصحافة، وهي التي ستنقذ الحرية ذاتها".
وفي السياق نفسه، وصف "أندرو ليجون"، مدير الحملات في منظمة "آفاز" غزة بأنها تتحول إلى مقبرة للصحفيين، مشيرًا إلى أن الحكومة "الإسرائيلية" اليمينية المتطرفة تسعى إلى إنهاء الأمر سرًا بعيدًا عن أعين الإعلام.
وقال: "إن إسكات آخر الشهود يعني استمرار القتل بلا رقيب، ولذلك تتحد اليوم غرف الأخبار حول العالم لتؤكد أنه لا يمكن السماح بحدوث ذلك".
أما "أنتوني بيلانجر"، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، فقد شدد على أن "كل صحفي قُتل في غزة كان زميلًا أو صديقًا أو فردًا من عائلة أحدهم"، مؤكداً أنهم خاطروا بكل شيء لينقلوا الحقيقة للعالم ودفعوا حياتهم ثمنًا لذلك، وأن حق الجمهور في المعرفة تضرر بشدة جراء هذه الحرب، مطالبًا بتحقيق العدالة وباتفاقية دولية ملزمة من الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين واستقلالهم.
وقد شهدت الأسابيع الأخيرة هجمات دامية متكررة على الصحفيين في غزة، كان آخرها في الخامس والعشرين من أغسطس عندما قصفت القوات "الإسرائيلية" مجمع النصر الطبي، المعروف كمركز تجمع للصحفيين، ما أسفر عن مقتل خمسة منهم بينهم موظفون من وكالتي رويترز وأسوشيتد برس، وقبلها بأسبوعين فقط قُتل ستة صحفيين آخرين في غارة واحدة من بينهم مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف.
ومن المقرر أن تصدر الصحف في عددها اليوم بصفحات أولى محجوبة، فيما تغير الصحف الرقمية واجهاتها الرئيسية وتوقف محطات الإذاعة والتلفزة برامجها لبث رسالة واحدة تقول: "بمعدل قتل الصحفيين في غزة على يد الجيش الإسرائيلي، لن يتبقى قريبًا من يطلعكم على آخر المستجدات"، مصحوبة بوسمي #حماية_الصحفيين_في_غزة، و#دعوا_الصحفيين_يدخلون_غزة.
وفي موازاة هذا التحرك الإعلامي العالمي، شهدت العاصمة السويدية ستوكهولم مظاهرة حاشدة، الأحد 31 أغسطس 2025، شارك فيها مئات الأشخاص احتجاجًا على الإبادة الجماعية واستهداف الصحفيين في غزة.
وتجمع المحتجون في ساحة "أودنبلان" بدعوة من منظمات المجتمع المدني، حاملين توابيت رمزية وصور الصحفيين الذين قُتلوا في قصف مستشفى ناصر بخان يونس في الخامس والعشرين من أغسطس، ورفعوا لافتات كتب عليها: "الأطفال والمدنيون يتضورون جوعًا في فلسطين"، و"الحرية لفلسطين، لا لخطة نتنياهو وترامب"، و"الصحافة ليست جريمة"، و"الصحفيون ليسوا أهدافًا"، و"أوقفوا قتل الصحفيين".
وقال الناشط والصحفي السويدي "يوناس سيرنيهولت": إن ما يحدث في فلسطين تطهير عرقي وإبادة جماعية، مشددًا على أنه من غير المقبول أن يقتل نتنياهو عمدًا العاملين في الرعاية الصحية والصحفيين، مضيفًا أنه لا يجد كلمات تصف قتل زملائه الصحفيين، وأن "ما يجري باختصار هو فاشية".