"استهداف الصحفيين خطر على المجتمعات": نداء مي الورداني في اليوم العالمي لحرية الصحافة
الاثنين - 5 مايو 2025
إنسان للإعلام- متابعة:
أكدت مي الورداني، مديرة مركز إنسان للدراسات الإعلامية، أن استهداف الصحفيين لا يمثل فقط تهديدًا لمهنة الصحافة، بل هو اغتيال ممنهج للحقيقة وعدوان مباشر على الوعي الإنساني وحق الشعوب في المعرفة.
وقالت- في كلمتها ضمن فعاليات المؤتمر الافتراضي الذي نظمه تلفزيون وطن بالتعاون مع عدد من الفضائيات والمؤسسات الإعلامية العربية والإسلامية، 3 مايو 2025، تحت عنوان: "نداء الإعلاميين للإنسانية.. استهداف الصحفيين الفلسطينيين اغتيال للحياة"، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة- إن الاعتداء على الصحفيين لا يستهدفهم فقط، لكنه يستهدف "حرية الصحافة ويستهدف المجتمعات، ويمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمعات التي تدفع ثمنًا باهظًا في سبيل غياب المعلومة". وفيما يلي نص كلمتها كاملاً :
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية تحية لتلفزيون وطن ولكل الفضائيات المشاركة في نقل وقائع هذا المؤتمر، في هذا اليوم الهام لكل الصحفيين في العالم كله، اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وفي الحقيقة، على قدر شعورنا بالفخر للانتماء لهذه المهنة التي تنقل كل الحقائق وتدفع أثمانًا باهظة لذلك، على قدر إحساسنا بالقهر لما يتعرض له أبناء هذه المهنة من ضغوط، ومن ملاحقات، ومن جرائم تصل لحد القتل العمد.
إذا لماذا يتم استهداف الصحفيين على هذا النحو؟ هل لأنهم عين وصوت الحقيقة في كل المجتمعات؟ هل لأنهم يكشفون الوجه الآخر والرواية الأخرى التي يريد الظالمون والفسدة أن يخفوها هربًا من المساءلة؟ هل لأنهم يلعبون دورًا حيويًا وحقيقيًا في تحقيق الديمقراطية، ومواجهة وكشف الفساد؟ هل لأنهم شهود عيان على جرائم حرب، مثلما يحدث في كل مناطق النزاع عامة، وما يحدث في غزة حاليًا خير شاهد، والتي قدم فيها أكثر من 212 زميلًا أرواحهم فداءً لنقلهم الحقيقة هناك؟
ومن الأثمان الباهظة أيضًا التي يدفعها الصحفيون: استخدام كل أشكال العنف والتهديد والترهيب والتخويف، بداية من استخدام القوانين كذريعة للملاحقات والتضييقات والاعتقالات، أو ترهيب الأهل كما يحدث الآن لمعظم صحفيي المعارضة في الخارج، وصولًا لعدم قدرتهم على استخراج الأوراق الثبوتية مثلًا.
وكما نعلم أن الصحفيات على وجه خاص يتعرضن لأشكال أخرى من العنف، مثل التعرض للتحرش الإلكتروني، أو التحرش الحقيقي في المؤسسات الصحفية، أو ما يواجهنه من تحديات أثناء أعمالهن في الميدان.
إذاً، لا بد أن نؤكد هنا على أن كل هذا لا يستهدف الصحفيين فقط، لكنه يستهدف حرية الصحافة ويستهدف المجتمعات، ويمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمعات التي تدفع ثمنًا باهظًا في سبيل غياب المعلومة.
إذا ما دورنا في المؤسسات الإعلامية؟
لا بد أن نستمر في هذا الدور الكبير الذي نقوم به في:
- فضح الجرائم وكشف الحقائق
- نقل وإبراز شهادات الضحايا والناجين
- مواجهة التضليل الإعلامي بتفنيد الادعاءات الكاذبة والروايات المضللة
-كسر الحصار الإعلامي ومخاطبة الإعلام الغربي تحديدًا
- مواصلة تقديم الدعم والتضامن المادي والمعنوي لكافة الصحفيين الذين يعملون في ظروف خطيرة
- لا بد من استمرار التحشيد الجماهيري لإبقاء القضية الفلسطينية حيّة في ضمير الشعوب والعالم الغربي
- الاهتمام بإنتاج محتوى مؤثر وهادف في ظل كل محاولات التعتيم والتيئيس والتهميش، وإنتاج محتوى غير هادف للأجيال الصاعدة.
ونحن في مركز "إنسان للدراسات الإعلامية"، على مدار عشر سنوات، قدمنا العديد من الدراسات والتحليلات والندوات والحوارات التي كلها – مع الأسف – تكشف واقعًا صحفيًا مأساويًا للزملاء في كل من مصر والسودان واليمن وسوريا وليبيا وفلسطين.
فإلى متى يعجز العالم ومؤسساته في حماية الصحفيين، وتوفير بيئة إعلامية وقانونية آمنة وداعمة تحميهم لأداء هذه المهمة السامية؟
فالإعلام، بمؤسساته وأفراده، يمثل خط الدفاع الأول عن الحقيقة والعدالة، ودوره لا يقتصر فقط على نقل الأخبار، بل يتعداه إلى كشف التضليل، ومواجهة القتل بالصوت والصورة، وهو ما رأيناه جليًا في حرب طوفان الأقصى.
ختامًا... تحية لكل الطواقم الصحفية التي تعمل في العالم كله تحت ضغوط وظروف غير آدمية، إلا أنها تأبى إلا أن تكون صوت وعين الحقيقة"