اضطراب الخطاب الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد معركة طوفان الأقصى.. الأسباب والتداعيات

الاثنين - 1 ديسمبر 2025

  • الخطاب الإعلامي العربي يعاني من اضطراب بنيوي ناتج عن هيمنة المصالح السياسية والخضوع الكامل للسلطة
  • معركة "طوفان الأقصى" كشفت حقيقة تناقض المواقف الإعلامية العربية واختبرت مدى استقلالية الإعلام ومهنيته
  • الخطاب الإعلامي العربي بعد معركة "طوفان الأقصى" مثّل انعكاسًا صادقًا لحالة الانقسام السياسي والإقليمي

 

"إنسان للإعلام"- قسم الدراسات:

المقدمة:

شهدت الساحة الإعلامية العربية تحوّلًا نوعيًا في الخطاب الموجّه تجاه القضية الفلسطينية عقب اندلاع معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر عام 2023، التي شكّلت نقطة تحوّل استراتيجية في مسار الصراع الفلسطيني–الصهيوني. وقد أسهم هذا الحدث المفصلي في تعرية التباينات العميقة بين مواقف وسائل الإعلام العربية، سواء على مستوى التغطية الإخبارية، أو تبنّي السرديات، أو حتى في توظيف المصطلحات والمفاهيم.

يأتي هذا التباين ضمن سياق سياسي وإعلامي متحوّل، باتت فيه التوجّهات التحريرية للصحف والقنوات الفضائية العربية مرتبطة إلى حدٍّ كبير بسياسات الدول، ومصالحها الإقليمية، واصطفافاتها الجيوسياسية.

ومن هنا تبرز أهمية تحليل هذا الاضطراب الإعلامي في لحظة حرجة من عمر الصراع، ولا سيّما بعد أن وضعت الحرب أوزارها في ظل ما عُرف بـ"صفقة ترامب"، وذلك لفهم آليات التوجيه والتأثير في الإعلام العربي، ورصد مظاهر الانحياز أو الموضوعية في التناول الإعلامي للقضية الفلسطينية.

تتناول الدراسة بالتحليل العلمي موضوع اضطراب الخطاب الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد معركة "طوفان الأقصى" (7 أكتوبر 2023)، بوصفها محطةً مفصلية في مسار الصراع الفلسطيني–الصهيوني، وحدثًا كشف عن حجم التباين والانقسام في المواقف الإعلامية العربية الرسمية والمستقلة على حدٍّ سواء.

وتهدف الدراسة إلى رصد مظاهر الاضطراب في الخطاب الإعلامي العربي، وتفسير أسبابه، وتحليل علاقته بالسياقات السياسية والإقليمية، مع التركيز على تباين السرديات الإعلامية بين التأييد والتجريم للمقاومة الفلسطينية، وتحديد مدى تأثر وسائل الإعلام العربية بسياسات أنظمتها وتحالفاتها الدولية.

اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، مستخدمةً أدوات تحليل الخطاب الإعلامي ومقارنة محتوى التغطيات في عيّنة من الصحف والفضائيات العربية خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2025. واستندت إلى نظرية الأجندة الإعلامية ونظرية الإعلام كأداة للهيمنة الثقافية بوصفهما إطارين نظريين لفهم آليات تشكيل الخطاب الإعلامي وتوجيهه.

خلصت الدراسة إلى أن الخطاب الإعلامي العربي يعاني من اضطراب بنيوي ناتج عن تسييس الإعلام وهيمنة المصالح السياسية، وأن معركة "طوفان الأقصى" شكّلت كاشفًا حقيقيًا لتناقض المواقف الإعلامية العربية؛ إذ تبنّت بعض الوسائل سرديات الاحتلال بصورة شبه مباشرة، بينما حافظت أخرى على انحيازها التاريخي للمقاومة.

كما أكدت النتائج أن الإعلام العربي الرسمي لا يزال خاضعًا للقرار السياسي، في حين تمكّن الإعلام المستقل والمقاوم من الحفاظ على صدقيته رغم القيود والإقصاء.

وتوصي الدراسة بضرورة إعادة تقييم الدور الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية، وتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية، وصياغة ميثاق شرف إعلامي عربي يضمن التناول المهني والمنصف للقضية، مع دعم الإعلام المقاوم والمستقل، وتشجيع الدراسات الدورية لرصد التحولات في الخطاب الإعلامي العربي.

وتؤكد الدراسة في الختام أن القضية الفلسطينية ستظلّ الاختبار الأخلاقي والمعياري للإعلام العربي، وأن إصلاح الخطاب الإعلامي تجاهها يُعدّ شرطًا جوهريًا للحفاظ على الوعي الجمعي العربي، ومواجهة الهيمنة السردية التي يسعى الاحتلال وحلفاؤه إلى ترسيخها في الفضاءين العربي والعالمي.

الإطار النظري للدراسة:

يستند تحليل اضطراب الخطاب الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد معركة "طوفان الأقصى" إلى مجموعة من النظريات والمفاهيم الأساسية في دراسات الاتصال والإعلام السياسي، التي تساعد في تفسير كيفية تشكّل الخطاب الإعلامي، وتوجّهاته، وتأثيراته في الرأي العام.

أولًا: نظرية الأجندة الإعلامية (Agenda Setting Theory)

تُعدّ نظرية الأجندة الإعلامية من أبرز النظريات التي تناولت العلاقة بين الإعلام والجمهور، حيث تفترض أن وسائل الإعلام لا تُخبر الناس بما يفكرون فيه، بل تُخبرهم عمّا يجب أن يفكروا فيه، أي أن الإعلام يمارس تأثيرًا غير مباشر في تشكيل أولويات الجمهور من خلال تحديد القضايا الأكثر حضورًا في التغطية الإعلامية.

وفي سياق القضية الفلسطينية، ساهمت التغطيات الإعلامية المختلفة بعد معركة "طوفان الأقصى" في إبراز قضايا وتهميش أخرى، تبعًا لتوجّه الوسيلة الإعلامية وموقعها السياسي. فبعض القنوات ركّزت على مشاهد المقاومة وردّها على العدوان، بينما ركّزت أخرى على الخسائر الإنسانية أو "المخاطر الأمنية"، في محاولة لتشكيل أجندة تتوافق مع سياسات دولها أو مع اتجاهات الرأي العام المحلي.

ومن ثمّ، فإن دراسة الأجندة الإعلامية تتيح فهم آليات اختيار الموضوعات، وتحديد زوايا المعالجة، وكيفية توجيه الإدراك الجمعي العربي تجاه ما يجري في فلسطين.

ثانيًا: نظرية الإعلام كأداة للهيمنة الثقافية (Media as a Tool of Cultural Hegemony)

ترتكز هذه النظرية، المستندة إلى فكر أنطونيو غرامشي، على أن وسائل الإعلام تُسهم في ترسيخ الهيمنة الأيديولوجية للسلطة السياسية أو للنخب المهيمنة، من خلال إعادة إنتاج القيم والمفاهيم التي تخدم مصالحها.

وفي السياق العربي، يمكن ملاحظة أن جزءًا من الاضطراب في الخطاب الإعلامي تجاه "طوفان الأقصى" يعود إلى اختلاف مراكز القوى الإقليمية، ومحاولتها توظيف الإعلام لترسيخ رؤى سياسية متباينة حول المقاومة الفلسطينية، ما بين تصويرها كـ"حركة تحرر" أو كـ"تهديد للأمن والاستقرار".

وبذلك، يصبح الإعلام أداة في الصراع على الوعي، تُستخدم لتشكيل إدراك الجمهور وتوجيهه بما يخدم أجندات سياسية وثقافية محددة، ويؤدي إلى تشظي السردية العربية المشتركة تجاه القضية الفلسطينية.

ثالثًا: مفهوم السردية الإعلامية (Media Narrative)    

يُعدّ تحليل السرديات الإعلامية مدخلًا أساسيًا لفهم بنية الخطاب، إذ تتكوّن السردية من تسلسل أحداث، وشخصيات، ومواقف، وتقييمات أخلاقية تعبّر عن رؤية الوسيلة الإعلامية للواقع.

بعد معركة "طوفان الأقصى"، ظهرت سرديات متباينة في الإعلام العربي؛ إحداها تُمجّد المقاومة وتُبرز بطولتها في مواجهة الاحتلال، وأخرى تُشيطنها وتُحمّلها مسؤولية التصعيد. هذا التباين السردي لم يكن مجرد اختلاف في الزاوية التحريرية، بل عكس أيضًا الانقسام السياسي بين الدول العربية، وارتباط خطابها الإعلامي بسياساتها الخارجية.

ويُسهم تحليل السرديات في الكشف عن كيفية بناء المعنى داخل الخطاب الإعلامي، وتحديد الاستراتيجيات اللغوية والرمزية التي تُستخدم لتبرير المواقف أو لتشكيل الرأي العام.

رابعًا: العلاقة بين الإعلام والسياسة الخارجية

تؤكد الأدبيات المعاصرة في دراسات الاتصال السياسي أن الإعلام يُعدّ أحد أدوات تنفيذ السياسة الخارجية، إذ يعمل على تهيئة البيئة الاتصالية لتقبّل مواقف الدولة وتبرير سياساتها. ومن ثم، فإن الخطاب الإعلامي العربي حول فلسطين لا يمكن فصله عن التوجهات الدبلوماسية والسياسية لكل دولة.

فعندما تتبنّى بعض الأنظمة خطابًا منفتحًا على التطبيع مع الكيان الصهيوني، ينعكس ذلك مباشرة في خطاب مؤسساتها الإعلامية التي تُجنّد لترويج خطاب "السلام" أو "الوساطة"، بينما تستمر مؤسسات أخرى في دعم سردية المقاومة.

وهذا التفاعل بين السياسة والإعلام يُسهم في تفسير مظاهر الاضطراب الراهنة، ويُبرز كيف أصبح الإعلام العربي ساحةً للصراع بين سرديات متناقضة تعكس اختلاف موازين القوى الإقليمية.

خلاصة الإطار النظري

يوفّر هذا الإطار النظري أساسًا لتحليل بنية الخطاب الإعلامي العربي بعد "طوفان الأقصى"، من خلال الربط بين آليات تشكيل الأجندة الإعلامية، والهيمنة الأيديولوجية، وبناء السرديات الإعلامية، ضمن سياق سياسي يتّسم بالاستقطاب والتبدّل في مواقف الأنظمة العربية تجاه القضية الفلسطينية.

ومن خلال هذا الإطار، تسعى الدراسة إلى تفسير مظاهر الاضطراب في الخطاب الإعلامي بوصفها نتاجًا لتفاعل معقّد بين السياسة، والمصالح الإقليمية، والبنية الإعلامية، والدور المتغيّر للإعلام في إدارة الصراع وصناعة الوعي العربي.

إشكالية الدراسة:

تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن مجموعة من التساؤلات الجوهرية، أبرزها:

  1. كيف تجلّى اضطراب الخطاب الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد معركة "طوفان الأقصى"؟
  2. ما الأسباب الكامنة وراء هذا التباين بين وسائل الإعلام المختلفة، رغم وحدة القضية والمصير العربي المشترك؟
  3. هل يُعَدّ هذا الاضطراب انعكاسًا لتحوّلات سياسية عميقة في المنطقة، أم مجرّد تعبير عن اختلاف التوجّهات الإعلامية وتعدّد المرجعيات التحريرية؟

أهمية الدراسة:

تنبع أهمية هذه الدراسة من كونها تسلّط الضوء على أحد أبرز مظاهر الانقسام الإعلامي العربي في لحظة محورية من الصراع الفلسطيني–الصهيوني، كما تسهم في تعميق الفهم للعلاقة بين الإعلام والسياسة الخارجية للدول العربية، ومدى تأثير هذه العلاقة في تشكيل الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية.

وتقدّم الدراسة كذلك إطارًا تحليليًا يمكن من خلاله رصد الخطاب الإعلامي العربي وتفسير مضامينه وسياقاته، بما يتيح التمييز بين الإعلام المهني والإعلام المؤدلج، خصوصًا في أوقات الأزمات والصراعات، حين تتقاطع المواقف السياسية مع الرسائل الإعلامية.

منهجية الدراسة:

تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، مع توظيف أدوات تحليل الخطاب الإعلامي، وذلك من خلال ما يلي:

  • رصد وتحليل محتوى عيّنة من الصحف العربية والقنوات الفضائية خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2023 حتى أكتوبر 2025.
  • دراسة طبيعة التغطية الإعلامية من حيث التناول الإخباري والتحليلي، ورصد الاتجاهات السياسية في الخطاب (داعم، محايد، أو منحاز ضد المقاومة).
  • إجراء مقارنة بين خطاب وسائل الإعلام في الدول المطبّعة مع الكيان الصهيوني، وتلك التي لم تطبّع.
  • توظيف إطار نظري يستند إلى نظرية الأجندة الإعلامية (Agenda Setting Theory)، ونظرية الإعلام كأداة للهيمنة الثقافية (Media as a Tool of Cultural Hegemony)، لتفسير آليات التأثير وصناعة المواقف.

محاور الدراسة:

  1. معركة "طوفان الأقصى" وتباين المواقف في الخطاب الإعلامي العربي.
  2. أنماط التغطية الإعلامية في الصحف المؤيدة والرافضة للمقاومة.
  3. تحليل الخطاب الإعلامي العربي بين سرديات التأييد والتجريم لـ"الطوفان".
  4. تأثير العوامل السياسية والإقليمية في تشكيل توجهات وسائل الإعلام العربية.
  5. خاتمة وتوصيات.

 

أولًا: معركة "طوفان الأقصى" وتضارب مواقف الإعلام العربي:

مع فجر السابع من أكتوبر 2023، أعلنت المقاومة الفلسطينية في غزة إطلاق عملية "طوفان الأقصى"، التي لم تكن مجرد هجوم عسكري مباغت على مواقع الاحتلال الصهيوني، بل مثّلت حدثًا مفصليًا أعاد تشكيل معادلات الصراع برمّتها. فقد تجاوزت العملية كونها عملًا ميدانيًا إلى كونها زلزالًا سياسيًا وإعلاميًا هزّ الإقليم والعالم، وأسقط الأقنعة عن كثير من المواقف الملتبسة، وأجبر الحكومات والأفراد والمؤسسات الإعلامية على تحديد موقعهم الأخلاقي والسياسي بين الحق والباطل.

منذ اللحظة الأولى، أطاحت العملية بالأسطورة التي حاول الكيان الصهيوني ترسيخها لعقود، وهي "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر"، وكشفت زيف الوجه الإنساني الذي تتخفّى وراءه القوى الغربية، بعدما عجزت عن إخفاء انحيازها الصارخ للاحتلال، وتجاهلها الفاضح للضحايا الفلسطينيين. كما فضحت العملية الانحياز البنيوي في الإعلام الغربي الذي تبنّى الرواية الصهيونية، ووضعت في الوقت ذاته الإعلام العربي أمام اختبار صعب لمهنيته واستقلاله وموقفه من القضية الفلسطينية.

أظهرت التغطيات العربية للعملية مستوىً غير مسبوق من التباين في السرديات والمصطلحات. فبينما كان يُفترض أن تتوحّد المنصات الإعلامية العربية حول سردية مقاومة الاحتلال وتوثيق جرائمه، كشفت التغطية عن تشرذم واضح في المواقف، إذ لجأت بعض القنوات إلى استخدام مصطلحات تساوي بين الجلاد والضحية، وتتبنّى خطابًا يوحي بـ"الحياد"، لكنه في جوهره انحياز مموّه للرواية الصهيونية.

في المقابل، برز الإعلام المقاوم والإعلام القومي والإسلامي في التصدي لمحاولات تشويه المقاومة، فركّز على فضح الجرائم الصهيونية، وتعزيز السردية الفلسطينية بوصفها نضالًا مشروعًا من أجل الحرية.

وقد جاءت المعركة في سياق إقليمي بالغ الحساسية، إذ بلغ مسار التطبيع العربي–الصهيوني مراحل متقدمة، خصوصًا في بعض دول الخليج. ولهذا، اتّسم الخطاب الإعلامي السعودي، في بداية الأحداث، بمحاولة إظهار "التوازن" عبر مساواة الضحية بالجلاد، مع تجاهل ممنهج لجرائم الاحتلال.

واتضح هذا بجلاء في تغطية قناة "العربية" التي امتنعت عن استخدام مصطلحات مثل "الشهيد" و"المقاومة"، واستبدلتها بمفردات محايدة ظاهريًا مثل "القتلى" و"المسلحين"، في مسعى لتبنّي خطاب يُرضي السلطات السياسية. أما قناة "الحدث" فكانت أكثر انسجامًا مع السرديتين الأمريكية والإسرائيلية، ما أفقدها ما تبقى من ادعاءات الحياد المهني.

ولا يختلف الموقف كثيرًا في الإعلام الإماراتي، ولا سيما في قناة "سكاي نيوز عربية"، التي تبنّت الرواية الصهيونية منذ اللحظة الأولى، متجاهلة جرائم الاحتلال. بل إن بعض وسائل الإعلام الإماراتية ذهبت إلى أبعد من ذلك، في تبرير العدوان وشيطنة المقاومة، ضمن ما يمكن وصفه بالانحراف المهني الممنهج.

وفي مصر، شنّ عدد من الإعلاميين المحسوبين على التيار الرسمي – مثل إبراهيم عيسى وأحمد موسى ونشأت الديهي – حملات إعلامية تستهدف فصائل المقاومة الفلسطينية، متهمين حركة "حماس" بالمغامرة والعبث بأمن المنطقة، وهو خطاب يتماهى مع الرؤية الإسرائيلية ويخدم أجندة التطبيع السياسي،كما اتسم الخطاب الإعلامي البحريني بنفس الاتجاه، حيث قدّم تغطية سلبية للمقاومة، وانحاز صراحة للخطاب المبرّر لعدوان الاحتلال.

في المقابل، قدّمت قناة "الجزيرة" القطرية تغطية أكثر مهنية نسبيًا، حيث عرضت مشاهد موثّقة للدمار والمجازر التي ارتكبها الاحتلال، وأتاحت مساحة لصوت الضحايا، لكنها واجهت انتقادات لاستضافتها مسؤولين صهاينة تحت شعار "الرأي والرأي الآخر"، رغم الطابع الوجودي للمعركة.

أما الإعلام المعارض في الخارج، ولا سيما القنوات المصرية المستقلة مثل "مكملين" و"الشرق" و"الوطن" و"الشعوب"، إلى جانب منصات مثل العربي الجديد والقدس العربي ومدى مصر، فقد تبنّى خطابًا داعمًا للمقاومة، قائمًا على تفكيك الرواية الإسرائيلية وتفنيد المزاعم الغربية. كما أدّى الإعلام الجزائري دورًا رياديًا في دعم القضية الفلسطينية، حيث حافظ على ثبات موقفه المبدئي، وأكّدت مجلة "الجيش"، الناطقة باسم المؤسسة العسكرية، أن الاحتلال الصهيوني يواصل مشروعه الإبادي لتصفية القضية الفلسطينية، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية[1].

في المقابل، برز إعلام عربي "مُطبّع" يروّج للسردية الصهيونية، ويُشرعن العدوان بحجة الواقعية السياسية أو "الحياد الإخباري". وهكذا، تبلور مشهد إعلامي منقسم إلى جبهتين متقابلتين: الأولى منحازة للمقاومة وحق الشعوب في التحرر، والثانية خاضعة لمنطق التطبيع ومكرّسة لخدمة الدعاية الإسرائيلية.

على الجانب الآخر، أدّت قنوات المقاومة مثل "الأقصى" و"المنار" و"القدس اليوم" و"الميادين" دورًا محوريًا في توثيق الجرائم الصهيونية وتحشيد الرأي العام العربي والإسلامي، رغم تعرّضها لحملات استهداف إلكترونية وسياسية، شملت الحظر والمنع. فقد أقدمت شركات تكنولوجية غربية، مثل "ميتا"، على إغلاق حسابات شبكة "القدس" وقناة "القسام"، في حين انتقلت المقاومة إلى توسيع حضورها عبر منصة "تيليغرام"، التي وفّرت هامشًا أكبر من حرية النشر.

في ظل هذا المشهد، تعرّض الإعلام العربي لأزمة بنيوية عُرفت بـ"أزمة التضاد الثنائي في الخطاب الإعلامي"، وهي ظاهرة تتجلى بوضوح في أوقات الأزمات الكبرى، حين تنقسم المؤسسات الإعلامية بين خطابين متناقضين: أحدهما منحاز للحق الفلسطيني، والآخر تابع للسرديات المعادية. هذا التضاد لا يعكس فقط تباين السياسات، بل يعمّق أيضًا هشاشة الوعي الجمعي العربي ويفقد الخطاب الإعلامي قدرته على التوحيد والتعبئة.

وفي هذا السياق، أكّد الناطق الإعلامي باسم حركة حماس، جهاد طه، أن التعاطي الإعلامي العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية اتسم بالتفاوت، حيث ساندت نسبة كبيرة من وسائل الإعلام المستقلة القضية الفلسطينية والمقاومة، في حين انسجمت بعض الوسائل الأخرى مع وجهة النظر الصهيونية، مشيرًا إلى أن هذا الإعلام "المُطبّع" لا يمثل المزاج العربي والإسلامي العام، الذي ما يزال ملتفًا حول المقاومة وحق الشعب الفلسطيني في التحرر[2].

ثانيًا: نماذج من أنماط التغطية الإعلامية في الصحف العربية المؤيدة والرافضة للمقاومة:

تجلّى تباين الخطاب الإعلامي العربي خلال معركة "طوفان الأقصى" في أنماط التغطية الصحفية، التي عكست بدرجة كبيرة المواقف السياسية للدول العربية وانحيازاتها الإقليمية. فقد اتخذت بعض وسائل الإعلام موقفًا مناهضًا للمقاومة الفلسطينية، متبنية خطابًا يُشكّك في شرعيتها أو في جدوى استخدام القوة ضد الاحتلال الصهيوني، بينما التزمت وسائل أخرى بخطاب داعم للمقاومة، ينطلق من منطلقات قومية أو إنسانية أو دينية. هذا التباين يعبّر عن ازدواجية البنية الإعلامية العربية بين مؤسسات تخضع لتوجيه سياسي رسمي، وأخرى أكثر استقلالًا تعبّر عن نبض الشارع العربي ومزاجه العام.

1. الإعلام الرافض أو المتحامل على المقاومة

تميّزت تغطيات هذا التيار الإعلامي بسمات رئيسة، من أبرزها: التحامل على فصائل المقاومة، والتشكيك في "مغامرتها"، والتقليل من منجزاتها العسكرية، إضافة إلى تبنّي المصطلحات الصهيونية التي تُجرّم المقاومة وتُشرعن العدوان. وقد سعت بعض هذه الوسائل إلى تقديم المعركة على أنها "خطأ استراتيجي" أضرّ بالشعب الفلسطيني، متجاهلة سياق الاحتلال الممتد منذ عقود.

ومن أبرز النماذج التي مثّلت هذا الاتجاه:

- جريدة الحياة الجديدة (الصحيفة الرسمية للسلطة الفلسطينية) نشرت مقالًا بعنوان: "فشل الطوفان.. هل حماس من النوع الذي يفهم الدروس؟"[3]، وهو عنوان يعكس بوضوح موقفًا معاديًا للمقاومة، ومحاولة لتحميلها مسؤولية ما جرى.

- صحيفة مكة السعودية عنونت أحد مقالاتها بـ "الأقصى في ذمة طوفان الأقصى المشؤوم"[4]، وهو توصيف يحمل دلالات سلبية تشيطن العملية.

- موقع "القاهرة 24" المصري نشر مادة بعنوان: "مغامرة طوفان الأقصى مغامرة غير محسوبة"[5]، في خطاب يلتقي مع الرؤية الغربية التي تعتبر المقاومة عملًا متهورًا.

- قناة العربية بثت تقريرًا تحت عنوان: "مغامرة حماس... السيف الحديدي بوجه طوفان الأقصى"[6]،  متبنّية سردية الاحتلال الصهيوني حول "حق الدفاع عن النفس.

- مجلة أسواق العرب نشرت مقالًا بعنوان: "نكبة طوفان الأقصى: متى المراجعة؟ أين المساءلة؟"[7]؛ ما يعكس خطابًا يحمّل المقاومة مسؤولية الدمار في غزة.

- صحيفة الخليج الإماراتية عنونت أحد تقاريرها: "العالم تحت الصدمة.. دعوات لضبط النفس بعد طوفان الأقصى"[8]، وقدّمت تغطية خالية من الإدانة المباشرة للعدوان الصهيوني.

- جريدة العرب نشرت مادة بعنوان: "طي صفحة الحرب في يد حماس التي غامرت بمصير غزة"[9]، مؤكدة رواية تلقي باللوم على المقاومة دون ذكر جرائم الاحتلال.

- صحيفة "عكاظ" السعودية ربطت العملية بهجمات 11 سبتمبر في عنوانها: "طوفان الأقصى واستنساخ  11 سبتمبر'!"[10]، في محاولة لتجريم المقاومة بوصفها عملًا إرهابيًا.

- وفي حادثة أثارت سخطًا واسعًا على مواقع التواصل، نشرت صحيفة "عكاظ" صفحتها الأولى عقب استشهاد يحيى السنوار بعنوان: "إسرائيل تلحق السنوار بهنية.. حماس بلا رأس"، في خطاب احتفائي بالاغتيال، أثار ردود فعل غاضبة اعتبرته سقوطًا مهنيًا وأخلاقيًا.

- كما بثّت قناة MBC السعودية تقريرًا مثيرًا للجدل بعنوان "ألفية الخلاص من الإرهابيين"[11]، ضمن برنامج MBC في أسبوع، أعدّه المراسل محمد المشاري، وركّز على مهاجمة قيادات الحركات الإسلامية المقاومة للاحتلال، ووصمهم بالإرهاب، مع تخصيص هجوم على شخصيات مثل الشهداء صالح العاروري وإسماعيل هنية ويحيى السنوار، إضافة إلى قيادات من "حزب الله".

- وخلال فترة المعركة، شنت صحيفة الشرق الأوسط حملة إعلامية ممنهجة ضد حركة "حماس"، عبر نشر تصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، الذي وصف الحركة بـ"النازية الجديدة" و"داعش غزة".

كما روّجت الصحيفة، في تقاريرها ومقالات رأيها، لفكرة أن "الطوفان" انتهى بهزيمة للمقاومة وتدمير لغزة، في تكرار لخطاب التبرير للعدوان.

- أما صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، فقد نشرت مقالًا بعنوان "شعب غزة وثالوث الظلم"، جاء فيه: "طرفا الحرب يحرقان هذا الشعب بكل أنواع الأسلحة الفتاكة؛ أحدهما عدو كاسح هو إسرائيل، والثاني قريب يحرق هذا الشعب في مجامر الأيديولوجيا التي يؤمن بها ولا يؤمن بها الشعب". وقد عبّر المقال عن رؤية تُسوّي بين الضحية والجلاد، وتُحمّل المقاومة جزءًا من مسؤولية العدوان.

- وفي مصر، برزت موجة من الأصوات الإعلامية المتصهينة التي تبنّت الرواية الإسرائيلية بشكل صريح. ومن هؤلاء هالة سرحان، وداليا زيادة، وريهام سعيد، وخيري رمضان، ووائل غنيم، الذين استخدموا برامجهم ومنصّاتهم لانتقاد المقاومة، واعتبار ما جرى "تهورًا سياسيًا". كما خصصت قنوات مثل القاهرة والناس، وتن، وصدى البلد، مساحات للهجوم على "حماس" وقياداتها.

وقد برز الإعلامي إبراهيم عيسى كأحد أكثر الأصوات تحريضًا ضد المقاومة، إذ وصف "حماس" بأنها "أكبر خائن للقضية الفلسطينية"، واعتبرها "حركة انتحارية" تضر بالشعب الفلسطيني، في خطاب ينسجم تمامًا مع الموقف الإسرائيلي الرسمي.

2. الإعلام المؤيد والداعم للمقاومة

في المقابل، برز اتجاه إعلامي مغاير تبنّى خطابًا داعمًا للمقاومة الفلسطينية، مستندًا إلى شرعية النضال ضد الاحتلال وحق الشعوب في الدفاع عن أرضها. وقد رأت هذه التغطيات في عملية "طوفان الأقصى" نقطة تحول استراتيجية، ورمزًا للكرامة العربية المستعادة.

ومن أبرز هذه النماذج:

- الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان ركّزت في تغطيتها على مباركة العملية، ووصفتها بأنها "نقطة البداية لعهد التحرير الأكبر"، ودعت الشعوب العربية إلى مؤازرة المقاومة. وجاء في إحدى افتتاحياتها: "ما نراه اليوم من عملية طوفان الأقصى هو بداية الغرق لكل مراكب التطبيع."

- وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية نشرت تقارير وصفت العملية بأنها "مباركة"، وأنها "كسرت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر"، مؤكدة نجاحها في إعادة الاعتبار للمقاومة كخيار استراتيجي.

- صحيفتا الصباح والزمان العراقيتان نشرتا دراسة بعنوان "تغطية الصحافة العراقية للموقف الأمريكي إزاء عملية طوفان الأقصى", كشفتا فيها انحياز واشنطن للكيان الصهيوني، وندّدتا بالإبادة الجماعية في غزة، داعيتين إلى وحدة الموقف العربي.

- في جريدة الأهرام المصرية، نُشر مقال بعنوان "مصر وطوفان الأقصى"[12]، شدّد على ضرورة دعم مصر للمقاومة باعتبارها جزءًا من منظومة الأمن القومي المصري، فيما نُشر مقال آخر بعنوان "الوجه الآخر لطوفان الأقصى"[13]، أكد حق الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم.

- موقع "الجزيرة نت" نشر تقريرًا بعنوان "طوفان الأقصى.. مواقف عربية خجولة مع استثناءات محدودة"[14]، انتقدت فيه التردد العربي الرسمي، ودعت إلى موقف موحّد ضد العدوان.

- بوابة "الهدف" الخليجية قدّمت تحليلًا بعنوان "طوفان الأقصى.. تفكير استراتيجي ارتقائي لمعنى المقاومة"[15]، رأت فيه أن ما جرى في 7 أكتوبر لم يكن مجرد هجوم عسكري، بل تحوّل استراتيجي في فلسفة المقاومة الفلسطينية، أطلق "طوفانًا سياسيًا" اجتاح المنطقة وأعاد تعريف معادلات القوة.

خلاصة المحور: تُظهر المقارنة بين التغطيات الإعلامية المؤيدة والرافضة للمقاومة أن المشهد الإعلامي العربي خلال "طوفان الأقصى" كان مرآةً صادقة لانقسام النظام العربي ذاته. فبينما حافظت بعض المنابر على خطابها المهني والوطني الداعم لفلسطين، انخرطت أخرى في تسويق الرواية الصهيونية تحت شعارات الحياد أو الواقعية السياسية. هذا التناقض البنيوي في الخطاب الإعلامي العربي أسّس لما يمكن وصفه بـ"الانقسام السردي" الذي بات أحد أبرز سمات الإعلام العربي المعاصر.

ثالثًا: تحليل الخطاب الإعلامي العربي بين سرديات التأييد والتجريم لـ"الطوفان":

تكشف المعالجة المقارنة لخطابات وسائل الإعلام العربية خلال معركة «طوفان الأقصى» عن انقسامٍ حادّ بين سرديتين رئيسيتين: سرديةٍ تُؤطِّر الفعل المقاوم بوصفه حقًا مشروعًا ضد الاحتلال، وأخرى تُجرِّمه تحت دعاوى «الدفاع عن النفس» و«الواقعية السياسية».

وبرغم تراجع فعالية السردية الصهيونية عالميًا بعد توثيق جرائم الحرب في غزة، فقد برز على الساحة العربية تيارٌ إعلاميٌّ واسع يتبنّى هذه السردية ويعيد إنتاجها بمصطلحات محلية، في مقابل أصواتٍ حافظت على مقتضيات المهنية ورفضت الانحياز للمحتل.

أولًا، يُظهر تحليل المضامين تَقارُبًا لغويًا وتركيبيًا بين جزءٍ معتبر من الخطاب الإعلامي العربي والرواية الصهيونية، خصوصًا في توصيف فصائل المقاومة ونتائج المواجهة.

وتكمن خطورة هذا التقارب في أنه لا يقتصر على تبنّي الإطار التفسيري للاحتلال، بل يتجاوزه أحيانًا إلى حدٍّ أشدّ حدّة في تجريم المقاومة مما يورده الإعلام العبري نفسه.

وتُعد هذه الظاهرة مؤشرًا على تبعيةٍ تحريريةٍ وسياسية، وعلى انتشار «تطبيعٍ خفي» يُعيد تكييف الوقائع لصالح شرعنة القوة الغاشمة وتلميع صورة الاحتلال على حساب الحقيقة والعدالة.

ثانيًا، انطلقت السردية الصهيونية من ثلاث ركائز: إبراز «التضحيات اليهودية» في سياق تاريخي مُؤَدلج، وتأطير العدوان بوصفه «دفاعًا عن النفس»، ووصم المقاومة بالإرهاب[16].

وقد وجدت هذه الركائز صداها في غير منصة عربية، لا سيما خلال العام الأول من اندلاع المعركة، عبر حثّ بعض الحكومات مؤسساتها الإعلامية على تكرار المفردات والمقولات نفسها بوتيرة عالية، بما يحوّلها إلى مسلّمات إطارية سابقة على أي تحليل معرفي.

ثالثًا، تؤكد الأدبيات التحليلية المعاصرة – ومنها دراساتٌ صادرة عن مراكز بحث إعلامية – أن الدعاية الإسرائيلية عملت تاريخيًا على خوض «معركة السرد» في الفضاء العربي، عبر ثلاث أدوات مركزية: تعميم الخطاب الدعائي، ونزع الإنسانية عن الخصم وتشويهه، وتجريد فعل المقاومة من شرعيته الأخلاقية والقانونية.

وقد بدت آثار هذه الأدوات واضحةً في بعض المنابر العربية التي استبدلت توصيف «جيش الاحتلال» بـ«الجيش الإسرائيلي»، وامتنعت عن وصف المستوطنات بكونها غير شرعية، ومالت إلى استخدام ألفاظٍ تُسوّي بين الجلاد والضحية مثل «صراع» و«مواجهات»، بما يُطمس معه السياق البنيوي للاحتلال.

رابعًا، تبنّت وسائل إعلام عربية متصهينة ما تسميه «الحياد» في تغطية العدوان على غزة؛ غير أن هذا «الحياد الإجرائي» جاء منحازًا بنيويًا، إذ ساوى بين طرفٍ مُحتلّ يمارس القتل المُمَنهج وبين شعبٍ واقعٍ تحت الاحتلال. وقد اقترن ذلك بتعتيمٍ على سردية المقاومة وإنجازاتها، وتجاهلٍ للسياق التاريخي للاستعمار الاستيطاني، وإهمالٍ للتغطية المعمقة لأحوال الفلسطينيين تحت بطش القوة المحتلة.

خامسًا، تجلّت أنماط التطبيع غير المباشر في استضافة شخصيات صهيونية دون تفكيك خلفياتها وأدوارها في منظومة الاحتلال، وتقديم الكيان كدولة «طبيعية» في المنطقة عبر محتوى ثقافي واقتصادي[17]. كما اتّكأت هذه الوسائل على وكالات أنباء غربية متحيّزة بوصفها مصادر أولية، في ظل غياب مبادرات عربية مستقلة وذات مصداقية لتغطية القضية بمنظور مهني وسيادي.

سادسًا، خدمت هذه السرديات – في كثيرٍ من البلدان – مصالح سياسية داخلية: ففي بعض المنصات السعودية، تَوازَى خطاب «التضامن الإنساني» الظاهري مع ترويجٍ لفكرة أن التطبيع ضرورة لتحقيق «سلامٍ إقليمي».

وفي مصر، استُخدمت الحرب لتعظيم صورة السلطة وتبرير سياساتها، مع الهجوم على فصائل المقاومة وتجاهل أدوارٍ إجرائيةٍ تمسّ سير المعونات والحدود. أمّا في الإمارات، فقد تعزّزت سردية «الحق التاريخي» المزعوم، وتصدّرت فتاوى وخطابات دينية تُجرّم المقاومة وتدعو إلى نبذها.[18]

في المقابل، حافظت منصات عربية مستقلة وقنوات مقاومة على خطابٍ نقيضٍ يقوم على ثلاث دعائم: تأطير الفعل المقاوم كحقٍّ أصيل ضد الاحتلال، وتوثيق الجرائم والانتهاكات بشكلٍ مهني ومنهجي، وتفكيك الدعاية المعادية بمقارباتٍ تحقق التوازن بين الإنساني والقانوني والسياسي.

وقد أسهم هذا الاتجاه في منع تشكّل «هيمنة سردية» مطلقة للرواية الصهيونية، وفي تثبيت وعيٍ عامٍّ عربيٍّ ناقد، رغم كثافة الضخّ الإعلامي المناوئ.

خلاصة القول: إن الانقسام بين سرديات التأييد والتجريم لـ«الطوفان» ليس مجرد اختلافٍ مهني في زوايا المعالجة، بل هو انعكاسٌ لاصطفافاتٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ وثقافية تتجاوز الحقل الإعلامي إلى بنية الدولة وسياساتها الخارجية.

ومع ذلك، فشل الخطاب المُتَبنّي للرواية الصهيونية – رغم ضخامته وتنظيمه – في تغيير الوعي الجمعي العربي تغييرا جوهريًا، بسبب تراكم الخبرة التاريخية للشعوب مع خطاب الاحتلال، وقوة الشواهد البصرية الميدانية، واتساع فضاءات النشر البديلة التي كسرت احتكار السرد وأعادت الاعتبار لميزان العدالة.

رابعًا: تأثير العوامل السياسية والإقليمية على توجهات الإعلام العربي تجاه "الطوفان":

لا يمكن فهم مواقف الإعلام العربي من معركة "طوفان الأقصى" بمعزل عن السياقات السياسية والإقليمية التي تتحكم في توجهات دوله، فقد أظهرت التجربة أن الخطاب الإعلامي العربي ظل، في معظمه، مرآةً تعكس توجّهات الحكومات ومصالحها، أكثر من كونه تعبيرًا عن ضمير الأمة أو نبض الشعوب.

فالدول التي تجمعها علاقات دبلوماسية أو اتفاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني، أو تلك التي تخضع لتأثير مباشر في سياساتها الخارجية من الولايات المتحدة الأمريكية، انتهجت تغطية إعلامية تتسم بـ"الانضباط السياسي" أكثر من المهنية. وسعت وسائلها الإعلامية إلى تحقيق توازنٍ بين التنديد بما وصفته بـ"مغامرة المقاومة"، والدعوات إلى "ضبط النفس" و"التهدئة"، بما يرضي الأطراف الدولية والإقليمية الداعمة للاحتلال، ويُبقي على صورتها "المعتدلة" في الغرب.

في المقابل، برزت دول أخرى تبنّت خطابًا إعلاميًا داعمًا للمقاومة دون تحفّظ، إذ ركّزت صحفها وقنواتها على إبراز بطولات الفلسطينيين، وكشف الجرائم الإسرائيلية، وتأكيد عدالة القضية الفلسطينية. هذا الاتجاه عبّر عن استقلال نسبي في القرار الإعلامي والسياسي، وعكس استمرار الالتزام بالموقف المبدئي من مقاومة الاحتلال.

وقد أكدت دراسة لـ"مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية: بعنوان «أطر معالجة الصحافة العربية لموضوعات طوفان الأقصى» أن أغلب وسائل الإعلام الرسمية والفضائية العربية تأثرت بمواقف حكوماتها من الكيان الصهيوني، إذ سعت إلى الموازنة بين الرأي العام العربي الرافض للاحتلال وبين المصالح السياسية والاقتصادية مع الغرب.

وخلصت الدراسة إلى أن الجمهور العربي فوجئ بفتور التغطية الإعلامية وافتقارها للحسم الأخلاقي، حيث اكتفت بعض الوسائل بإدانة العدوان الصهيوني بلغة حذرة، مع تجنّب تبنّي خطاب المقاومة، وهو ما شكّل صدمة وجدانية لدى الجمهور الذي كان ينتظر موقفًا عربيًا موحدًا ومساندًا للمقاومة.[19]

لقد فرضت عملية "طوفان الأقصى" إعادة قراءة للمشهد العربي في ظل تحولات النظامين الإقليمي والدولي، إذ كشفت المعركة عن عمق الفجوة بين الموقفين الشعبي والرسمي، وأبرزت أن الإعلام العربي الرسمي يعبّر في الغالب عن رؤية الحكومات لا عن وجدان الشعوب.

وقد ازداد هذا التباين بمرور الوقت، مدفوعًا بتنامي الحركات الشعبية العربية المناهضة للتطبيع، التي أسست وعيًا جمعيًا جديدًا في مواجهة محاولات التهوين من جرائم الاحتلال.

ويُثار هنا تساؤل جوهري: هل بدأت النخب الحاكمة في المنطقة بإعادة قراءة موازين القوى قبل "طوفان الأقصى"؟

من الواضح أن معظم الأنظمة العربية قدّمت مصالحها السياسية والاقتصادية على المبادئ الثابتة تجاه فلسطين، وهو ما جعل مواقفها الرسمية متأخرة عن وجدان الشعوب العربية، فما تزال "نظرية الـ99%"، التي تجعل الولايات المتحدة صاحبة الكلمة العليا في المعادلات الإقليمية، حاضرة في ذهنية بعض النخب الحاكمة.

وتبعًا لذلك، ظلّ الاقتراب من واشنطن يمرّ عبر بوابة تل أبيب، ما جعل الموقف العربي الرسمي أسيرًا لهذه المعادلة رغم اهتزازها النسبي.

وقد تجلى هذا النمط في تعاطي بعض الأنظمة والإعلام العربي مع ما عُرف بـ"صفقة ترامب" أو "صفقة القرن"، التي رُوّج لها كخطة سلام بعد انتهاء العمليات العسكرية. فقد بادرت بعض الحكومات إلى الترحيب بالمبادرة الأمريكية، وسعت عبر أذرعها الإعلامية إلى تسويقها في الشارع العربي، مستخدمةً خطابًا تبريريًا يُحمّل المقاومة مسؤولية استمرار الحرب، في حين تجاهلت هذه الوسائل أن صمود المقاومة وشعب غزة هو الذي أجبر الاحتلال، ومن ورائه الإدارة الأمريكية، على القبول بالتفاوض.[20]

كما أكدت دراسة صادرة عن "مركز الجزيرة للدراسات" بعنوان «طوفان الأقصى: السياقات والتداعيات» أن تسييس التغطية الإعلامية العربية كان سمة بارزة منذ اللحظات الأولى للمعركة.

وأوضحت الدراسة أن بعض الحكومات مارست أشكالًا متعددة من الرقابة والتضييق الإعلامي، شملت المنع والحذف والحظر الرقمي، وصولًا إلى إقصاء الأصوات الداعمة للمقاومة.

وأشارت إلى أن هذا التوجّه لم يكن مجرد خيار إعلامي، بل جزءًا من استراتيجية سياسية لحجب الحقائق وتقييد السردية الفلسطينية في الفضاء العربي والدولي.[21]

إن التأثير السياسي في الخطاب الإعلامي العربي لا يمكن فصله عن طبيعة النظام الرسمي العربي ذاته، الذي يُعلي من مبدأ الحفاظ على الاستقرار والعلاقات الدولية على حساب المواقف المبدئية، ومن ثمّ، أصبحت تغطية "طوفان الأقصى" اختبارًا لمدى استقلالية الإعلام العربي ومهنيته، وكاشفةً عن خضوعه البنيوي للسلطة السياسية.

وقد أسهمت هذه المعركة في فضح تلك البُنى، وأظهرت أن الفجوة بين الإعلام الرسمي والمزاج الشعبي العربي تتسع باستمرار، وأن محاولات تقييد السردية الفلسطينية لم تعد قادرة على الصمود أمام قوة الصورة الرقمية والمحتوى المقاوم الذي تخلّقه المنصات البديلة ووسائل الإعلام المستقلة.

نتائج الدراسة:

- أظهرت نتائج هذه الدراسة أن الخطاب الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد معركة "طوفان الأقصى" اتسم بدرجة عالية من الاضطراب والانقسام، وهو اضطراب لا يعكس فقط تباين المواقف السياسية بين الدول العربية، بل يعكس أيضًا عمق الأزمة البنيوية التي يعانيها الإعلام العربي من حيث غياب الاستقلالية والمهنية وتضارب الأجندات.

- وقد كشفت النتائج أن التغطية الإعلامية العربية تباينت بين خطابٍ داعمٍ للمقاومة يعبّر عن نبض الشارع العربي، وخطابٍ آخر منحازٍ إلى السردية الصهيونية أو إلى مواقف رسمية مرتبطة بتحالفات سياسية وإقليمية. كما أظهرت الدراسة أن الإعلام العربي الرسمي ظل خاضعًا بدرجة كبيرة لتأثير السياسات الخارجية لدوله، فغابت عنه الرؤية الموحدة والروح القومية الجامعة.

- وبيّنت الدراسة أن هذا الاضطراب لم يكن نتيجة ظرف استثنائي فرضته الحرب فحسب، بل هو امتداد لمسار طويل من تسييس الإعلام العربي، وتحويله من فضاء وطني مهني إلى أداة لتبرير السياسات الداخلية والخارجية للأنظمة.

وقد أسهمت هذه الظاهرة في إضعاف الخطاب العربي المقاوم، وإرباك المتلقي العربي الذي وجد نفسه أمام تضارب سردي وإدراكي في فهم حقيقة ما يجري في فلسطين.

- كما أظهرت النتائج أن الإعلام المقاوم والمستقل، رغم محدودية إمكانياته، استطاع أن يملأ فراغ المصداقية الذي تركته وسائل الإعلام الرسمية، وأن يعيد الاعتبار للرواية الفلسطينية بوصفها رواية الحق والحرية، مقابل سرديات التبرير والادّعاء التي روّجها الإعلام المتصهين.

التوصيات:

أولًا: توصيات عامة للإعلام العربي:

- إعادة تقييم الدور الإعلامي العربي تجاه القضية الفلسطينية بما يضمن استعادة الخطاب العربي الموحّد والمهني.

- تعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية عن التأثيرات السياسية والتمويلية، وتمكينها من أداء دورها بحرية ومسؤولية.

- تغليب المهنية والموضوعية في التغطية الإعلامية، لا سيما في القضايا المصيرية كالقضية الفلسطينية، والابتعاد عن الاصطفافات السياسية الضيقة.

- إعداد ميثاق شرف إعلامي عربي يحدد ضوابط تناول القضية الفلسطينية، ويحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ويمنع تزييف السردية أو تشويهها.

- إعادة الاعتبار للمصطلحات الدقيقة في الخطاب الإعلامي مثل: الاحتلال، العدوان، المقاومة، وتجنّب المفردات المضللة المستوردة من الخطاب الغربي.

- تأهيل وتدريب الكوادر الإعلامية العربية على التغطية المهنية للنزاعات والصراعات بما يتفق مع المعايير الإنسانية والقانون الدولي.

- الحد من التبعية للخطاب الأجنبي وتبنّي سرديات تنبع من الوعي العربي والسياق الوطني.

- تحليل الأثر النفسي والإدراكي للخطاب الإعلامي المتضارب على الجمهور العربي، خاصة فئة الشباب التي تُشكّل قاعدة الوعي الجمعي الجديدة.

- إنشاء قواعد بيانات تحليلية لتغطيات الصحف والقنوات العربية للأحداث الكبرى، لتكون مرجعًا بحثيًا دائمًا.

- إجراء دراسات دورية للرصد الإعلامي تُقيِّم تحولات الخطاب العربي تجاه القضية الفلسطينية ومدى التزامه بالمهنية والموضوعية.

ثانيًا: توصيات للجهات الرسمية وصانعي القرار:

- دعم الإعلام الوطني المستقل الذي يعبّر عن ضمير الشعوب العربية، ويقف إلى جانب القضايا العادلة بعيدًا عن التوجيه السياسي المباشر.

- عدم تسييس وسائل الإعلام الرسمية لخدمة أجندات التطبيع أو التحالفات الإقليمية، بما يضر بالموقف العربي من فلسطين.

- تشجيع مبادرات التعاون الإعلامي العربي المشترك، خصوصًا في تغطية الأزمات والصراعات، لضمان توحيد الخطاب العربي وتكامله.

- تمكين الخطاب الإعلامي المقاوم، واعتباره ركيزة أساسية في منظومة الأمن القومي والثقافي العربي، نظرًا لدوره في حماية الهوية وتعزيز الوعي الجمعي.

ثالثًا: توصيات للمجتمع المدني والجمهور:

- رفع مستوى الوعي الإعلامي لدى الجمهور العربي، وتمكينه من تحليل الخطابات الإعلامية وكشف الانحيازات والتضليل.

- دعم المبادرات الإعلامية المستقلة والإعلام الرقمي المقاوم، الذي يعكس الواقع الفلسطيني بعيدًا عن هيمنة الحكومات.

- تشجيع ثقافة المقاطعة الإعلامية للمنصات التي تُشيطن المقاومة أو تتبنّى الرواية الصهيونية دون مساءلة أو تدقيق.

- توسيع المشاركة الشعبية في إنتاج المحتوى المساند للقضية الفلسطينية عبر الوسائط الرقمية ووسائل التواصل، بما يعزّز المقاومة المعنوية والإعلامية.

الخاتمة:

خلصت هذه الدراسة إلى أن الخطاب الإعلامي العربي بعد معركة "طوفان الأقصى" مثّل انعكاسًا صادقًا لحالة الانقسام السياسي والإقليمي التي يعيشها العالم العربي، فقد أظهرت المعركة أن الموقف من فلسطين لم يعد مقياسًا للوحدة العربية، بل أصبح محكًّا لقياس مدى خضوع الإعلام العربي لسلطة السياسة والنفوذ الخارجي.

وأثبتت الدراسة أن الإعلام العربي ما زال يفتقر إلى إطار مهني موحد يحميه من الانجرار وراء الأجندات السياسية، وأن معظم المؤسسات الإعلامية الرسمية ما زالت رهينة لسياسات أنظمتها، في حين تقدّمت المنصات المستقلة والمقاومة لتملأ فراغ الوعي وتعيد للرواية الفلسطينية صدقيتها التاريخية.

إن القضية الفلسطينية ستظلّ المعيار الأخلاقي والاختبار المهني لكل وسيلة إعلام عربية. فالإعلام الذي ينحاز إلى الاحتلال يفقد شرعيته الأخلاقية والمهنية، بينما يكتسب الإعلام المقاوم مكانته من انحيازه إلى الحقيقة والإنسان والحرية. ومن ثم، فإن إصلاح الخطاب الإعلامي العربي تجاه فلسطين ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية للحفاظ على هوية الأمة وذاكرتها الجماعية في مواجهة محاولات التزييف والطمس التي تقودها الرواية الصهيونية وحلفاؤها.


المصادر:

[1] "الإعلام العربي ومعركة طوفان الأقصى: رمادية مقابل الوضوح"، موقع الخنادق،10 ديسمبر  2023 ،https://linksshortcut.com/ZTfBW

[2] "قنوات عربية أرست إعلامها على رمال التّطبيع المتحركة وأخرى على بوصلة الأقصى" ،  الايام نيوز ،16 نوفمبر 2023 ، https://elayem.news/113973.html

[3] باسم برهوم، "فشل "الطوفان"..هل حماس من النوع الذي يفهم الدروس؟" ، جريدة الحياة الجديدةhg صحيفة الرسمية للسلطة الفلسطينية،02 تشرين الأول 2024، https://www.alhaya.ps/ar/Article/159606

[4]  د. يعن الله الغامدي ، "الأقصى في ذمة طوفان الأقصى المشئوم " صحيفة مكة السعودية ، ١ مايو ٢٠٢٥، https://linksshortcut.com/FOHQc

[5] "مغامرة طوفان الأقصى مغامرة غير محسوبة" ، موقع القاهرية المصري ، 24  نوفمبر  2024، https://linksshortcut.com/jxBQb

[6] فهد سليمان الشقيران، "مغامرة «حماس»... «السيف الحديدي» بوجه «طوفان الأقصى»" ، العربية ،  12 أكتوبر 2023 ، https://linksshortcut.com/ysnBa

[7] أنطوان حداد ، "نكبة “طوفان الأقصى”: متى المُراجَعة؟ أينَ المُساءَلة؟" ، اسواق العرب،21 يناير 2025 ، https://www.asswak-alarab.com/archives/36445

[8] "العالم تحت الصدمة.. دعوات لضبط النفس بعد «طوفان الأقصى»" ، الخليج الاماراتي، 7 أكتوبر 2023، https://linksshortcut.com/YhpqX

[9] "طي صفحة الحرب في يد حماس" ، جريدة العرب،3 ابريل 2205 ، https://linksshortcut.com/MfnDX

[10]  نجيب عصام يماني، "طوفان الأقصى واستنساخ «11 سبتمبر» !" ، عكاظ ، 23 أكتوبر 2023 ، https://linksshortcut.com/thZrP

[11] "أثار الغضب: تقرير تلفزيوني لـ«m b c» يصف قادة حماس وحزب الله بالإرهابيين" ، موقع التغيير ، 21 اكتوبر 2024، https://2cm.es/M1lF

[12] "مصر وطوفان الأقصى"، الأهرام ، 28 أكتوبر 2023 ، https://linksshortcut.com/xYxTn

[13] ثابت أمين عواد، "الوجه الآخر لـ"طوفان الأقصى"" ، الأهرام ، 2 يناير2025 ،   https://linksshortcut.com/eAQVv

[14] "طوفان الأقصى.. مواقف عربية خجولة مع استثناءات محدودة" ، الجزيرة نت ، 7 أكتوبر 2023 ، https://linksshortcut.com/vcdTe

[15] أبو علي حسن ، " طوفان الأقصى .. تفكير استراتيجي ارتقائي لمعنى المقاومة" ، بوابة الهدف الاخبارية، 06 فبراير 2024 ، https://linksshortcut.com/kkBBm

[16]  " لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها" صراع السرديات  "، الجزيرة نت ، 12 أبريل 2024 ، https://2u.pw/LrUAL

[17]  "سرديات الصهاينة ... من احتلال ارض الى احتلال تاريخ أمة" ، وكالة إرنا ،  23 ديسمبر 2024 ، https://2u.pw/d2wnIrO

[18]  "حرب غزة في وسائل الإعلام في الشرق الأوسط: كيف تُنسج السرديات الإعلامية حول فلسطين في المنطقة" ، موقع مبادرة الاصلاح العربي ، 21 يناير 2025 ، https://2u.pw/rq2EtbJ8

[19]  "اطر معالجة الصحافة العربية لموضوعات طوفان الاقصى" ، مجلة اداب المستنصرية،  مجلد 48 عدد 108 لهام (2024) ، https://linksshortcut.com/aUrfs

[20]   "المشهد العربي «وطوفان الأقصى»" ، موقع صحيفة البناء، 4 يوليو 2024 ، https://linksshortcut.com/aleJo

[21]  شفيق شقير، "طوفان الأقصى": سياقات وتداعيات" ، مركز الجزيرة للدراسات ، 18 أكتوبر 2023 ، https://linksshortcut.com/WVnIs