كيف استقبل الإعلام الغربي اختيار "السنوار" رئيسا لـ "حماس"؟
السبت - 10 آغسطس 2024
- يمتلك قدرات غير عادية على التحمل والدهاء والإقناع والحشد وحفظ الأسرار
- تعلّم العبرية في سنوات سجنه وتعمق في دراسة أفكار قادة الحركة الصهيونية
- اختياره يمثل تحديا للاحتلال ورسالة بأن "حماس" مصطفة خلف نهج المقاومة
- "حماس" باتت موحدة خلف قائد واحد ولا تعنيها الحلول المغموسة بالتنازلات
إنسان للإعلام- خاص:
يوم 6 أغسطس 2024م، فاجأت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، العالم باختيار زعيمها في قطاع غزة يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي، خلفاً لإسماعيل هنية الذي تم اغتياله في طهران؛ ليجمع "السنوار" بذلك بين قيادة الحركة سياسيا وعسكريا.
وكان السنوار (62 عاماً) تقلد رئاسة الحركة في غزة لدورتين متتاليتين، الأولى بدأت عام 2017، والثانية بدأت عام 2021.
أزعج هذا الاختيار الاحتلال الصهيوني وداعميه في الغرب، ونظروا له على أن حركة حماس أصبحت الأن أكثر تركيزا على "الخيار العسكري" وأنه المحرك الأساسي الذي يجب التحرك فيه بقوة.
قرأ الغرب والكيان معا قرار الدمج بين الجناحين السياسي والعسكري بقيادة القائد يحيي السنوار، مؤشر لأن هناك قرار سياسي بالخشونة في التفاوض مع الحدة في المقاومة.
والمعنى أن حماس بهذا الاختيار تكون قد حددت أولوياتها: العسكري قبل السياسي وأنها موحدة حاليا خلف قائد واحد وبالإجماع ولا تعنيها الحلول السياسية المغموسة بالإذلال أو التنازلات، بقدر ما تريد حلا يثبت انتصارها العسكري علي المحتل في نهاية المطاف.
تحد لـ"إسرائيل"
عقب قرار "اختيار" السنوار، قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن وصحف أميركية إن قرار وقف الحرب والمفاوضات مع "إسرائيل" أصبح بيد السنوار، وبدأت الصحف الغربية تطرح قراءات مختلفة لاختيار يحيى السنوار لقيادة حماس، وكيف سيفيد هذا أو يضر حماس و"إسرائيل"، ومن هو هذا الرجل الفولاذي؟.
وكالة "رويترز" نقلت، يوم 6 أغسطس 2024، عن "مايكل كوبي"، المدير السابق للتحقيقات في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، والذي استجوب السنوار لمدة 180 ساعة في السجن قبل 30 عاما، قوله: "إن السنوار كرس نفسه لتدمير إسرائيل"، وأنه "مستعد لدفع أي ثمن مقابل مبادئه"، محذرا من اختيار السنوار لرئاسة مكتب حماس السياسي.
أكد أن "السنوار" قال بوضوح إنه "سيفعل كل شيء ممكن لينجح كأحد ضباط حماس، وأنه سيقتل الكثير والكثير من الإسرائيليين في غزة وخارجها"، وإن السنوار "يفضل الموت (الشهادة) على الاستسلام".
وقال المسؤول "الإسرائيلي" إنه سأل السنوار ذات مرة لماذا لم يتزوج، وذلك حينما كان يبلغ من العمر آنذاك 28 أو 29 عاماً، فأجابه أن "حماس هي زوجتي، وحماس هي ابني، وحماس بالنسبة لي هي كل شيء".
وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، 6 أغسطس 2024، نقلت عن أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، مخيمر أبو سعدة، قوله إن اختيار السنوار "كان رسالة لتحدي إسرائيل حيث تقول حماس: إذا قتلتم هنية المعتدل إلى حد ما، فها هو المزيد من المتشددين والمتطرفين على رأس الحركة".
كما نقلت "بلومبيرغ" عن الباحث بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض سابق بوزارة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط: "إن اختيار السنوار يؤكد ما عرفناه منذ أشهر وهو أن كل قادة حماس متشددون والحديث عن أجنحتها المعتدلة أو المتطرفة أوهام.
وقالت وكالة أنباء "اسوشيتدبرس" الأميركية، 7 أغسطس 2024، إن تعيين حماس يحيى السنوار، العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر، زعيما جديدا لها هو نوع من "إظهار التحدي" للاحتلال.
ونقلت الوكالة عن "هيو لوفات"، الخبير في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن القضاء على شخصيات بارزة أخرى مهد الطريق أمام السنوار.
قال: إن اغتيال هنية، وهو معتدل نسبيا، "لم يفتح الطريق أمام السنوار للمطالبة بالسيطرة الكاملة على حماس فحسب، بل يبدو أيضا أنه دفع الحركة إلى اتجاه أكثر تشددا".
نهج المقاومة
أيضا أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال"، 6 أغسطس 2024، أن "السنوار" مهندس هجمات 7 أكتوبر ضد إسرائيل "عزز قبضته على قيادة حركة المقاومة حماس وسيدفعها نحو التشدد".
ونقلت عن المحلل السياسي الفلسطيني، جهاد حرب، أن "حماس بعثت بتعيين السنوار، رسالة مفادها أنها مصطفة استراتيجيا خلف نهج المقاومة المسلحة وتضع السنوار كزعيم بلا منازع للحركة".
وهو ما نقلته أيضا صحيفة "لوموند" الفرنسية، 7 أغسطس 2024 عن إبراهيم فريحات، أستاذ حل النزاعات في معهد الدوحة للدراسات العليا الذي قال: "إنها رسالة وحدة وتماسك داخلي وقوة لحماس أن تتمكن من انتخاب زعيمها بالإجماع في غضون أيام قليلة".
أضاف أن اختيار السنوار "رد على ادعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتدمير حماس، ولفتة تحدي من جانب حماس تجاه إسرائيل، في وقت ضعف فيه جناحها المسلح بعد 10 أشهر من الحرب، واغتيل زعيمها وقتل العديد من كبار المسؤولين الآخرين".
ووصفت شبكة "سي بي إس" الأميركية شخصية السنوار بأنه "سرية تتزعم المتشددين في حماس ومقرب من إيران" واعتبرت تعيينه "خطوة تحدي" للاحتلال.
وقبل اغتيال هنية، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، أنه قال خلال تجمع مغلق عقد في يوليو 2024 بولاية أيداهو الأميركية إن "السنوار ليس قلقا بشأن وفاته"، لكنه يواجه ضغوطا لقبول اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب مع إسرائيل.
وأضافت الشبكة الأميريكية: "يبدو أن اغتيال هنية قد غير من موقف الحركة بكاملها بدليل اختياره (السنوار) على رأس المكتب السياسي".
وقال مايكل ميلشتاين، الضابط السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "إن التقدير الخاطئ من إسرائيل لشخصية السنوار كان مقدمة لأكبر فشل في مجال الاستخبارات الإسرائيلية وقيام السنوار بشن طوفان الاقصي الذي أذل إسرائيل".
أضاف: "بالنسبة للسنوار، لم نفهمه على الإطلاق، لقد نجح في الخداع النهائي حيث يتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والدهاء والتلاعب ويكتفي بالقليل، ويحتفظ بالأسرار ولديه القدرة على الإقناع والحشد".
وفي 12 مايو 2024، وصف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن مسؤولين من حماس و"إسرائيل" والولايات المتحدة، السنوار بأنه "مفاوض ذكي نجح في منع حدوث انتصار إسرائيلي في ساحة المعركة بينما جعل المبعوثين الإسرائيليين يشاركون على طاولة المفاوضات".
قالت الصحيفة: "السنوار ساهم في بدء الحرب في غزة، والآن أصبح مفتاحاً لنهاية هذه الحرب، والتوصل إلى اتفاق يعتمد على السنوار وكذلك على أعدائه الإسرائيليين".
معرفة "إسرائيل"
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قالت، 10 ديسمبر 2023، إن "السنوات الـ 23 التي قضاها السنوار في السجون الإسرائيلية مكنته من دراسة نفسية إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي بعد تعلمه العبرية في السجن وأصبح يراهن بحياته على ما تعلمه".
قالت: إن "أكبر قادة حماس في غزة يستخدم الآن هذه المعرفة في الحرب مع إسرائيل"، إذ قضى السنوار معظم شبابه في سجون الاحتلال، وكان محكوما بـ 4 أحكام بالسجن مدى الحياة، بما يصل إلى أكثر من 430 عاماً، بتهم تتعلق باختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وقتلِ 4 فلسطينيين متعاونين مع إسرائيل، وفقا للجيش "الإسرائيلي"، وذلك قبل الإفراج عنه في صفقة جلعاد شاليط لتبادل الأسرى بالعام 2011م (صفقة وفاء الأحرار).
ونقلت "وول ستريت" عن "يوفال بيتون"، رئيس قسم الاستخبارات السابق في مصلحة السجون الإسرائيلية، إن السنوار "مستعد لدفع أي ثمن من أجل المبدأ والقضية"، وأنه "كان متشدداً للغاية في مطالبه، لدرجة أن إسرائيل وضعته في الحبس الانفرادي للحد من نفوذه داخل حماس".
وكانت "بيتي لاهط"، المديرة السابقة لسجن "هشارون"، ورئيسة قسم الاستخبارات في مصلحة السجون الإسرائيلية، والتي تولت مسؤولية كبار السجناء الأمنيين (بينهم السنوار، وصلاح شحادة، وصالح العاروري، ومروان البرغوثي) قالت عن شخصية السنوار أنه "ذكي للغاية"، وأنه "استخدم فترة سجنه "لتعلم أكبر قدر ممكن عن العقلية الإسرائيلية، وفهم المجتمع الإسرائيلي وحالته النفسية بعمق".
قالت، خلال مقابلة مع صحيفة "معاريف" العبرية، نقلتها النسخة الإنجليزية لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، 29 مايو 2022، إن "السنوار عين فرقاً في السجن للاستماع إلى جميع محطات الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية، ومتابعة السياسيين الاسرائيليين وكانوا يستمعون إلى التحليلات السياسية والتقييمات الدبلوماسية" لفهم عدوهم، حيث قضى السنوار سنوات سجنه في تعلم العبرية والتعمق في فهم العقل الإسرائيلي بمتابعة الأخبار وقراءة كتب وأفكار قادة الحركة الصهيونية مثل زئيف جابوتنسكي، ومناحيم بيغن، وإسحق رابين.