• سقط الإعلام الموالي للنظام في بئر اللامهنية وفشل في التفاعل مع الجمهور  
• خضوع كامل للرقابة وانحياز للسردية الرسمية وتجاهل قضايا الشعب الملحة
• تزييف الحقائق في الملفات الاقتصادية والحقوقية والتشريعية والدبلوماسية
• "النظام" لجأ لإصلاحات ظاهرية للوسائل دون تغيير  السياسات  والمضامين

 

إنسان للإعلام- ملف خاص:

شهدت الساحة الإعلامية المصرية في عام 2024  تراجعا كبيرا في الأداء المهني، بسبب خضوعه بشكل كامل لسياسات الصوت الواحد.

كما شهدت العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام المحلية تراجعًا ملحوظًا  خلال عام 2024، بسبب عزوف معظم المصريين عن متابعتها، الأمر الذي أدى إلى ضعف تأثيرها – بكل أشكالها- على الرأي العام، وتحقيقها خسائر بمليارات الجنيهات.

ومن أبرز أسباب عزوف المصريين عن الإعلام الرسمي والخاص المؤيد للنظام تحول هذا الإعلام إلى أداة من أدوات الصراع  السياسي، وغياب القواعد المهنية وتوسع الدعاية السياسية على حساب الخبر  والمعلومة، وفرض رقابة عسكرية مشددة أدت إلى بروز ما يسمى "صحافة البيانات".

في هذا الملف نرصد أهم سمات الإعلام المصري "الانقلابي" في 2024، كما نرصد نماذج لمعالجات هذا الإعلام لمختلف الملفات، وتقييم الخبراء لأدائه ومدى التزامه بالمعايير المهنية.

سمات الإعلام الانقلابي في 2024:

واجه الإعلام المصري الموالي للنظام الانقلابي عدة تحديات في عام 2024، أثرت على أدائه وأدت  إلى انتقادات واسعة له، ومن أبرز هذه التحديات والانتقادات:

- غياب المهنية

  افتقد إعلام النظام وغيره من الوسائل الموالية إلى التغطية المهنية  للعديد من القضايا المحلية والدولية، وتم التركيز على موضوعات بعينها، مما خلق انطباعًا بعدم التنوع في المحتوى، وغابت عنه بعض الملفات المهمة ومنها انهيار الوضع الاقتصادي، وضياع حصة مصر التاريخية في النيل، والتراجع للوجود الدبلوماسي المصري في المنطقة.

 - الرقابة المشددة  

خضعت معظم وسائل الإعلام، بشكل كامل، للرقابة المشددة من "الأجهزة السيادية"، مما أثر بقوة على حرية التعبير و التنوع في الآراء وأضعف مصداقية الإعلام لدى الجمهور.

- الانحياز للسردية الرسمية

   أظهرت  وسائل الإعلام المختلفة انحيازًا كاملا  للسردية الرسمية للنظام الحالي؛ مما أدي إلى فقدان الموضوعية، واصبحت وسائل الإعلام نسخا متكررة في معالجة أي حدث .

- الترفيه على حساب الموضوعات الجادة

  توسعت وسائل الإعلام في البرامج الترفيهية والرياضية على حساب البرامج الجادة التي تناقش قضايا مهمة، ماجعل المشهد الإعلامي أقل تنوعًا. والتحليلات المهمة.

- اختفاء قضايا الحقوق والحريات  

اختفت، على مدار عام 2024، قضايا المعتقلين وتصعيد لانتهاكات في حقهم، وأكتفى الإعلام بنقل صورة وردية عن السجون ، ومراعاة النظام للحقوق ولحريات العامة!.

 - الفشل في تحقيق التفاعل مع الجمهور

 اقتصرت التغطيات الإعلامية والصحفية على ما يريد النظام  إبرازه من الأحداث ، في حين اختفت من  وسائل الإعلام  القضايا التي تهم الرأي العام، والمشكلات التي يعاني منها عموم المواطنين، مما أدي  إلى تراجع التفاعل وانصراف الجمهور عن وسائل الإعلام .

- التأثير السلبي على الرأي العام

 ساهمت بعض وسائل الإعلام في تشكيل رأي عام لا يعكس الواقع بشكل دقيق عند بعض المصريين المخدوعين ، وذلك بسبب التركيز على أخبار معينة أو تزييف الحقائق. وحاول الإعلام في بعض الأحيان التلاعب بالعواطف أو تقديم محتوى "مؤدلج" يتناسب مع مواقف سياسية يتبناها النظام.

 هذا الاداء السيء جعل مصر تقبع في المركز 170 في ترتيب الحريات الصحفية من أصل 180 دولة خلال عام 2024، ضمن تقييم منظمة "مراسلون بلاحدود"[1].

 السمات السابقة تؤكد أن  الخطاب الإعلامي المصري منذ انقلاب يوليو 2013، ظهر به تصاعد كبير للا مهنية، وصل ذروته في العام 2024.

وقد أكدت أوراق عمل المؤتمر السادس لنقابة لصحفيين، الذى عقد في منتصف ديسمبر 2024 التي أن التشريعات القانونية المنظمة للعمل الإعلامي والصحفي زادت من مخاطر هذه المهنة وأفقدتها كل معايير المهنية، بل  أصبح الحجب والمنع عقوبة فعالة في مواجهة كل من حاول الافلات من مقص الرقيب[2].

هذا دفع الخبراء إلى وصف ما يقدمه الاعلام بمصر الآن بأنه بعيد كل البعد عن المعايير المهنية، وغارق في وحل التبعية للتوجيهات السيادية، وهو ما أكده  الدكتور ياسر عبد العزيز، أستاذ الصحافة والإعلام، فقال: إن "الإعلام المصري  انحدر  إلى مستويات غير مسبوقة من الانهيار المهني، وفي مجمله كان سيئا وأعطى انطباعا سلبيا عن الإعلاميين"[3].

كما أكد وكيل نقابة الصحفيين، محمد خراجة، في مؤتمر الصحفيين السادس، أن "المهنة عانت كمَّا من المشاكل غير المسبوقة، وتراجعا كبيرا في الأداء المهني، كما أن الكثير من القضايا المهمة التي شغلت الرأي العام المصري اختفت من المعالجات الصحفية، وأن الجمهور لفظ الكثير من الصحف والفضائيات بسبب تدني المهنية".

نماذج من المعالجات الصحفية

برصدنا نماذج معالجة الإعلام الانقلابي لأربع ملفات هي: الملف الاقتصادي والملف الدبلوماسي والملف التشريعي والملف الحقوقي، خلال أوقات مختلفة من عام 2024 ، لاحظنا تراجعا واضحا في مستوى المهنية من كل أوجهها.

• الملف الاقتصادي

ففي الملف الاقتصادي، نقلت وسائل الإعلام صورة وردية عن تطور الاقتصاد ونموه، بل وصفت سياسات بيع ممتلكات الدولة بأنها "سياسات استثمار حكيمة"!، ومن أمثلة هذه  المعالجات مايلي:

- "الفائض يرتفع لـ416 مليار جنيه.. وزير المالية يكشف عن مؤشرات إيجابية في مسيرة التعافي الاقتصادي"، الاهرام "[4].

- "الدولة وضعت رؤية أساسية للتنمية الاقتصادية المستدامة وبناء اقتصاد قوي"،  الأهرام "[5].

- "الحكومة تبعث برسائل طمأنة.. أوضاعنا الاقتصادية مستقرة والاحتياطي النقدي يغطى 8 أشهر.. الأموال الساخنة مما خرجت أقل من 8% من الرقم الإجمالى الموجود.. وسياسيون يحذرون من تأثير الشائعات على الاقتصاد المصري" ،  اليوم السابع"[6].

- "ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصرى أتت من إجراءات على الأرض" ، اليوم السابع"[7].

- "الاقتصاد المصرى ما زال يمتلك القدرة على الصمود فى مواجهة التحديات الخارجية والداخلية" ، الدستور"[8].

- "نسير على الطريق الصحيح.. خبير: توقعات صندوق النقد الدولي بنمو الاقتصاد المصري 4.1% أمر جيد "، الدستور"[9].

- "استاذ اقتصاد: مشروع رأس الحكمة أثبت ثقة المستثمر في الاقتصاد المصري" ، الوطن "[10].

- "وضع الاقتصاد المصري آمن.. وسعر الصرف المرن مُطبق في الدول المتقدمة"،  الوطن"[11].

• الملف الدبلوماسي

من جانب آخر، وبرغم فشل الدبلوماسية المصرية في ملفات مهمة عام 2024، منها: سد النهضة، والتعامل مع القرن الافريقي، والحرب في غزة ، والملف السوري، تحدث الإعلام عن إنجازات دبلوماسية غير مسبوقة لمصر، ومن أمثلة هذه المعالجات:

- "ثورة 30 يونيو أحيت العلاقات الدبلوماسية المصرية مع الدول"، الاهرام "[12].

- "مدبولي: الدبلوماسية المصرية العريقة لعبت دورًا مؤثرًا في مُختلف الأُطر الدولية متعددة الأطراف" ، الاهرام "[13].

- "مصر تصنع السلام فى أفريقيا.. تكليل جهود القاهرة على الساحة الأفريقية بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى.. قادت جهود مكافحة الإرهاب خلال رئاسة المجلس 2021.. ونجاحاتها منحتها زخمًا لدعم السلم بالقارة" ،  اليوم السابع"[14].

- "إكسترا نيوز" تعرض تقريرا حول نجاح الدبلوماسية المصرية فى التعامل مع أزمة غزة " ، اليوم السابع"[15].

- "وزير الخارجية: المياه قضية وجود لمصر.. ولا بد من اتفاق بشأن سد النهضة" ، الدستور"[16].

- "الدبلوماسية المصرية نجحت فى وضع قضية فلسطين فى قلب أجندة المجتمع الدولى" ، الدستور"[17].

- "نقاط مضيئة في تاريخ الدبلوماسية المصرية تجاه القضية الفلسطينية" ، الوطن "[18].

- "مدبولي: الدبلوماسية المصرية تلعب دورا مؤثرا لتغيير الواقع الدولي للأفضل "، الوطن "[19].

• الملف التشريعي

وفي الملف التشريعي، الذي شهد انتقادات حادة من المؤسسات القانونية الدولية والحقوقية والنقابات، خاصة تعديلات قانون الاجراءات الجنائية وقانون اللاجئين وتعديلات قانون الايجار والمرور وقوانين رفع أشعار بعض الخدمات، كانت المعالجات الصحفية تثني على هذه القوانين متجاهلة غضب الشعب منها ، ومن أمثلة هذه المعالجات مايلي :

- "وزير الخارجية يشيد بدور البرلمان ولجنة حقوق الإنسان في صياغة وتطوير التشريعات الوطنية"،  الأهرام "[20].

- "قانون تنظيم لجوء الأجانب يحقق التوازن بين حماية حقوق اللاجئين والحفاظ على الأمن القومي"،  الأهرام "[21].

- "قانون لجوء الأجانب أول تشريع مصرى داخلى ينظم شئون اللاجئين" ، اليوم السابع"[22].

- "قانون الإجراءات الجنائية الجديد.. ينظم التحقيق والمحاكمة عن بعد لضمان تبسيط إجراءات التقاضى وتحقيق العدالة الناجزة.. ويؤكد حق المحامى مقابلة المتهم وحضور كافة الجلسات.. ويدعم المحاكمة بالوسائل الحديثة" ،  اليوم السابع"[23].

- "قانون لجوء الأجانب يوفر إطارًا قانونيًا واضحًا وشاملًا يضمن للاجئين حقوقهم الأساسية" ،  الدستور"[24].

- "قانون الإجراءات الجنائية قضى على البيروقراطية داخل المنظومة العقابية وحقق العدالة الناجزة " ، الدستور"[25].

- "تعديل قانون الإجراءات الجنائية خطوة على طريق العدالة الناجزة" ،  الوطن"[26].

- "الحكومة تعلن تعديل أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد" ، الوطن"[27].

• الحقوق والحريات

وفي ملف الحقوق والحريات، الذي كان مسار للانتقادات للمنظمات الحقوقية المحلية  والدولية، وشهد انتهاكات كبيرة في حق المعتقلين من المعارضين للنظام كانت المعالجات الصحفية تؤكد حفاظ الدولة على كل حقوق المصريين، ومن أمثلة ذلك مايلي:

- "رئيس القومي لحقوق الإنسان: «قانون الإجراءات الجنائية» يجعل حقوق الإنسان واقعا ملموسا دون تمييز"،  الأهرام "[28].

- "وزير الشئون النيابية: مصر تحترم حقوق الإنسان ويتم متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية بشكل منتظم" ، الأهرام "[29].

- مراكز الإصلاح والتأهيل نقلة حضارية فى منظومة السياسة العقابية الحديثة بالجمهورية الجديدة.. برامج تأهيلية وثقافية وصحية ومعيشية للنزلاء.. وإشادات دولية بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان"، اليوم السابع"[30].

- "ملف حقوق الإنسان فى مصر يحظى باهتمام الرئيس السيسى" ، اليوم السابع"[31].

- "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تشكل إطارًا وطنيًا شاملًا لتحقيق العدالة الاجتماعية" ، الدستور"[32].

- "الرئيس السيسى جعل ملف حقوق الإنسان ركيزةً أساسيةً نحو تحقيق التنمية المستدامة" ، الدستور "[33].

- "مصر تحترم حقوق الإنسان.. وتتابع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية بانتظام" ، الوطن "[34].

- ملف حقوق الإنسان في مصر نموذجا لقوة إرادة الدولة"، الوطن"[35].

نماذج من المعالجات التليفزيونية

وفي السياق ذاته، جاءت المعالجات التليفزيونية  للملفات الأربعة السابق ذكرها، ففي الجانب الاقتصادي، تحدث المذيع عمرو أديب عن أن حل الأزمة الاقتصادية مكمنه في "يا فلوس جاية من بره يا بيع جوّه" ، وذلك  خلال برنامجه «الحكاية» على قناة «mbc مصر»، بتاريخ 2 فبراير 2024، وإنه "من المهم أن يقف أصدقاء مصر إلى جانبها، سواء في أوروبا أو دول الخليج"[36].

بل أثار "أديب" قضية التقشف الاقتصادي، زاعما في حلقة برنامجه "الحكاية" المذاع بتاريخ 23 ديسمبر 2024، أن "الحكومة تتقشف ولكن هناك بعض المظاهر تحتاجها مصر أمام العالم، مثل القصر الرئاسي بالعاصمة الإدارية"، وأضاف :"يمكن القصر ابتدأ عمله في 2017 ولكن تم افتتاحه في وقت فيه أزمة اقتصادية"[37].

بدوره، زعم المذيع أحمد موسى في برنامجه "على مسئوليتي" عبر فضائية "صدى البلد"، بتاريخ 5 أكتوبر 2024، أن "الاقتصاد المصري شهد قفزة نوعية من خلال بيع رأس الحكمة"[38]، متجاهلا خطورة سياسات البيع لممتلكات الشعب على الاقتصاد والأمن القومي.

"موسى" خرج أيضا، بتاريخ  9ديسمبر 2024، ليؤكد أن "الحكومة تعمل في جميع الملفات السياسية والحقوقية والاجتماعية بجدارة، ونجحت في تحقيق طفرات في الأداء المصري على المستوى المحلى والعالمي"[39].

وفي شدة الأزمة الاقتصادية وانهيار الجنيه أمام الدولار، خرج المذيع نشأت الديهي ببرنامجه عبر قناة «النهار»، بتاريخ 19سبتمبر 2024، ليزعم أن «أن الاقتصاد المصري سيكون من أهم 10 اقتصادات في العالم سنة 2075 ، وأن المستقبل له سيكون واعد!"[40].

وبالطريقة نفسها، تحدث إبراهيم عيسى، في برنامجه “حديث القاهرة”، المُذاع عبر شاشة “القاهرة والناس” ، بتاريخ 9 أكتوبر  2024، فقال: إن "مشروع رأس الحكمة أنقذ الاقتصاد المصري من حافة الهاوية"، و"على المصريين ان لا ينسوا ما حققه السيسي من طفرة اقتصادية!"[41]. 

وبعدها، ادعى "عيسى"، بتاريخ 23 ديسمبر 2024 ، أن "الدبلوماسية المصرية تدير الموقف بحرفية في الملف السوري"، وأن "على المصريين ان يعرفوا فضل الجيش، لأنه هو العمود الفقري الصلب لإنقاذ مصر من الفوضى"[42].

قراءة في المضامين والدلالات

النماذج السابقة من المعالجات الصحفية والتليفزيونية تكشف جموعة من الحقائق، نجملها فيمايلي :

- التشابه الكبير بين هذه المعالجات، يؤكد التزامها بتوجيهات عامة تصدر من الجهات الرقابية، أو السيادية التي تملك معظم وسائل الإعلام.

- فقدان معظم هذه المعالجات للمهنية والمصداقية والشفافية، بسبب "تسييس المضامين"، ونقلها واقع مجاف لما يعيشه المصريون .

- استغراق المعالجات في السردية الرسمية الصادرة عن النظام وحكومته .

- التزام المعالجات بسياسات الصوت الواحد الشمولي، وعدم تضمنها أي أصوات معارضة للنظام.

- اختفاء صوت الشارع المصري الذي يئن من السياسات الفاشلة في مختلف الملفات.

- خلت المعالجات الصحفية والإعلامية من الانتقادات البناءة، التي تعد مرآة الحقيقة، وتتيح لمتخذ القرار تصورات متعددة لمواجهة الأزمات .

- هاجم الإعلام الانقلابي كل التقارير الدولية والمحلية التي انتقدت طريقة النظام في التعامل مع الملفات المشار إليها.

محاولات للإصلاح الظاهرى

بعد تحقيق الإعلام الانقلابي خسائر مليارية، وانصراف الجمهور عنه، حاول النظام إجراء تعديلات ظاهرية (شكلية) على إدارة الوسائل، خلال عام 2024، دون تغييرات أساسية في السياسات والمضامين.

مثلا، من الإصلاحات الظاهرية الإطاحة بالمشرف على ملف الإعلام في المخابرات المصرية، العقيد أحمد شعبان، وذهاب ملف الإعلام للمخابرات العسكرية بدلا من المخابرات العامة.

كما تم  تجديد تشكيل الهيئات الإعلامية، وأثار هذا جدلا واسعا  في شأن حدود سلطات هذه الهيئات ومدى الرضا عن المختارين لإدارتها، فضلاً عن الحديث حول التحديات التي تواجه الإعلام، سواء من الناحية الاقتصادية أو ما يتعلق بحدود حرية التعبير.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، ترأس وزير الشباب والرياضة السابق، خالد عبدالعزيز، المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهو ليس له أي علاقة بهذا الملف، واستمر المهندس عبدالصادق الشوربجي في منصبه رئيساً للهيئة الوطنية للصحافة، وهو أيضا لا علاقة له بالصحافة كمهنة، في حين تقلد الصحفي أحمد المسلماني منصب رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، التي تشرف على قنوات الراديو والتلفزيون المملوكة للدولة (ماسبيرو)، وهو في الأصل صحفي بجريدة الأهرام، ولم يكن له علاقة جذرية بالمجال التليفزيوني منذ بداياته المهنية[43].

كما تم الإطاحة بمجلس إدارة شركة "المتحدة"، التي تملك معظم وسائل الإعلام، وتم تشكيله من جديد بأسماء أثارت الكثير من الجدل ايضا، ولم تقدم جديدا في ملف الإعلام خلال المرحلة الماضية"[44].

نتيجة لذلك، تراجع توزيع الصحف الورقية بشكل حاد، وباتت أكبر الضحايا، وانصرف جمهورها إلى الإعلام المعارض ووسائل التواصل الاجتماعي لتعويض ما فقده منها.

بالتالي، على الإعلام المصري تصحيح مساره، و الالتزام بالمعايير المهنية في التعامل مع مختلف الملفات و التحرر من صحافة البيانات ، التي زجت به في خصومة مع الرأي العام.

كما أن الإعلام المصري في أمس الحاجة الي التخلص من الخضوع للرقيب، والتوجيهات السيادية، والاشتباك بجدية مع القضايا التي تشغل الرأي العام، وطرحها بكل ابعادها.