الجولة الثانية لانتخابات تركيا 2023: إعلام العرب والغرب "يبتلع" فوز أردوغان بحياد مصطنع

الاثنين - 29 مايو 2023

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

رغم تراجع حدة هجوم الصحافة الغربية، وصحف الثورات المضادة العربية،  على الرئيس تركيا المنتخب رجب طيب أردوغان، بعد إعلان فوزه أمس بعهدة رئاسية جديدة، إلا أن "ما في القلب في القلب" كما يقول المثل الدارج.

ظهر عبدالخالق عبدالله، الكاتب الإماراتي وأستاذ العلاقات السياسية،  المقرب من رئيس الإمارات محمد بن زايد بتغريدة، مساء الأحد 28 مايو 2023، لينبئ عما خبأت قلوب حلف الثورات المضادة، فقال: "أردوغان رئيسا لتركيا حتى سنة 2028. فاز بفارق 4 نقاط فقط، فأكثر من 47% من الشعب التركي لم يصوت له ولا يرغب به رئيسا".

لكن التغطية الإعلامية، الغربية والعربية على السواء- باستثناء قناتي الجزيرة و العربي والمواقع الممولة قطريا- اضطرت لإظهار نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات، مع إشادة بأردوغان لم تكن متوقعة، رغم حملة الهجوم الشرسة عليه التي سبقت الانتخابات.

لنقرأ مثلا بعض عناوين وأقوال وسائل الإعلام الغربية اليوم:

- صحيفة "الغارديان" البريطانية: "أردوغان نجح في تمديد حكمه الممتد منذ عقدين في انتخابات الإعادة الرئاسية غير المسبوقة، وتصويت عكس الاستقطاب السياسي الصارخ والمستمر في تركيا".

- هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": أردوغان تمكن من قراءة الناخبين أفضل من المحللين وشركات استطلاعات الرأي

- صحيفة "تليغراف": "أوروبا تتنفس الصعداء مع بقاء أردوغان في السلطة".

- صحيفة "نيويورك تايمز": "الرئيس أردوغان يفوز في الانتخابات مجددا بعد أكبر تحد حتى الآن"

- صحيفة "وول ستريت جورنال": "زعيم البلاد الأطول خدمة يهزم منافسه الأساسي في جولة الإعادة"

- موقع "بوليتيكو" الإخباري: "أردوغان تركيا فاز مجددا"

- وكالة "بلومبيرغ": "في السياسة الخارجية من المرجح أن تشهد خمس سنوات أخرى من حكم أردوغان استمرار تركيا في الدفاع عن استقلالها في صراع النفوذ بين الشرق والغرب في كل ملف انطلاقا من التجارة وصولا إلى الحرب في أوكرانيا".

- صحيفة "دي فيلت"، في خبر تحت عنوان "أردوغان الفائز بلا منازع"، لفتت الصحيفة إلى أن المعارضة كان لديها الفرصة لهزيمة أردوغان إلا أنها استخفت بالشعبية التي يتمتع بها بين الجماهير.

- صحيفة "لوموند": "سيد أنقرة رئيسا للمرة الثالثة".

- موقع "روسيا اليوم": محلل سياسي تركي: الولايات المتحدة تفقد نفوذها في تركيا

هذه المعالجات تعكس حالة استسلام للأمر الواقع واحترام للقوي الفائز، رغم الخلاف الإيديولوجي والإعلان الصريح عن رغبة الغرب ودول محور الثورات المضادة العربية في إزاحة أردوغان قبل الانتخابات وعلى مدى الأعوام الأخيرة، لكن عنوان "روسيا اليوم" كان سياسيا بامتياز.

خيبة أمل المعارضة

وبالأمس، عكست تقارير الصحافة العالمية حول الانتخابات التركية اليوم خيبة أمل المعارضة واستخدام كليتشدار أوغلو، منافس أردوغان،  لغة يائسة في جولة الإعادة، تركز بالأساس على التحريض ضد الأجانب المقيمين في تركيا، مما يثير الانقسامات والتوترات بين السكان المحليين والأجانب، في حين التزمت بعض الصحف الحياد، وأخرى انتقلت إلى مساحة التشكيك في نتائج الجولة الأولى وإلى التحامل نوعا ما على الرئيس أردوغان، مبدية خشيتها من تأثير النتائج على مستقبل تركيا.

وتحت عنوان " كيليتشدار أوغلو في حيرة بين الحفاظ على دعم القوميين المتطرفين والأكراد، قالت صحيفة "عين الشرق الأوسط” “ middle east eyeإن كيليتشدار أوغلو يواجه تحديًا كبيرًا في الحفاظ على توازن سياسي حساس بين القوميين المتطرفين والأكراد. يجب عليه إيجاد استراتيجية تجمع بين العناصر الوطنية وحقوق الأقليات وتحافظ في الوقت نفسه على دعم واسع النطاق لكسب الانتخابات وتحقيق النجاح السياسي.

وقالت صحيفة "هآرتس" الصهيونية، في تقرير بعنوان "في يأس قبل جولة الانتخابات الثانية في تركيا، منافس أردوغان يستخدم التحريض ضد الأجانب": إن منافس أردوغان يستخدم في حملته الانتخابية استراتيجية التحريض ضد الأجانب، وهو ما يعتبره البعض تصعيداً منه لكسب الدعم الشعبي.

و استنتج التقرير أن استخدام التحريض ضد الأجانب في حملة الانتخابات يعكس حالة اليأس لدى منافس أردوغان ورغبته في استغلال الانتماء القومي والشعبوي لكسب الدعم الشعبي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في البلاد وتؤثر سلبيا على العلاقات الدولية لتركيا.

وبعنوان "فتح صناديق الاقتراع في جولة الانتخابات التركية الثانية، أردوغان يأمل في الحفاظ على السلطة"، تناول تقرير لصحيفة الجاريان البريطانية مجريات جولة الانتخابات الثانية في تركيا، مشيرا إلى أن هذه الانتخابات تعد تحديًا مهما لأردوغان، حيث يواجه منافسة شرسة من خصمه الرئيسي.

شدد التقرير على أهمية هذه الانتخابات في تحديد مسار المستقبل السياسي لتركيا، حيث يمكن للنتائج أن تؤثر على العديد من القضايا الحساسة والسياسية، بما في ذلك الاقتصاد والحقوق الفردية والعلاقات الخارجية.

في النهاية، أوضح التقرير أن نتائج هذه الانتخابات ستحدد مسار تركيا المستقبلي، وسوف تكون لها تأثير على السياسة الداخلية والخارجية للبلاد. وتوقع أن يكون السباق ضيقًا ومثيرًا حتى اللحظة الأخيرة.

"بى بى سى" البريطانية لم تستطع أن تكون مهنية أمس، فقالت في تقرير تحت عنوان "تركيا: احتجاجات في إسطنبول بعد انتخابات تركية متنازع عليها": إن احتجاجات اندلعت في إسطنبول بعد الانتخابات التركية المتنازع عليها. وتأتي هذه الاحتجاجات في أعقاب إعلان النتائج الأولية للانتخابات التي شهدت منافسة شرسة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وخصمه الرئيسي.

أشار التقرير إلى أن المحتجين يعتبرون أن هناك تلاعباً في الانتخابات وتزويراً في النتائج، وهم ينددون بعدم الشفافية وعدم المصداقية في العملية الانتخابية. يتمثل غضب المحتجين في تحقيق العدالة وضمان حقوقهم الديمقراطية.

في الختام، أشار التقرير إلى أن هذه الاحتجاجات تعكس حالة عدم الرضا والانقسام السياسي في تركيا، وتظهر أهمية استقرار العملية الديمقراطية وضمان شفافية الانتخابات لاستعادة الثقة والوحدة في البلاد.

وفي تقرير نشرته النسخة الدولية لصحيفة الأهرام القاهرية، تحت عنوان : "الناخبون في تركيا يعودون إلى صناديق الاقتراع للتصويت على المرشح المعارض في جولة الانتخابات"، بدت الصحيفة محايدة عكس السابق، بدت الأهرام محايدة، حيث تناول التقرير عودة الناخبين في تركيا إلى صناديق الاقتراع للتصويت في جولة الانتخابات. وقال: تجري هذه الجولة لتحديد الفائز بين الرئيس رجب طيب أردوغان والمرشح المعارض الذي يتنافس معه.

في النهاية، أوضح التقرير أن هذه الانتخابات تعكس أهمية الديمقراطية في تركيا وإرادة الشعب في تحديد مستقبلهم السياسي، حيث يترقب الجميع النتائج النهائية ويأملون في أن تكون هذه الانتخابات خطوة نحو بناء مجتمع ديمقراطي قوي ومزدهر.

إعلام العرب و"الثورات المضادة"

بعيدا عن المجاملات الدبلوماسية، والتهاني التي انهالت على الرئيس أردوغان من الدول العربية، تباينت تغطيات وسائل الإعلام العربية للشأن التركي بحسب تقارب أو بعد الأنظمة مع حكومة تركيا برئاسة أردوغان، وهذا لم يمنع بعض الصحف والمواقع في الدول التي حاول أردوغان أن يطبع العلاقات معها-بعد قطيعة- مثل مصر والسعودية والإمارات، من أن تثير مخاوف للعلمانيين والمثليين من إعادة انتخاب أردوغان، لكن معظمها بدا محايدا في تغطيته. مثلا يوم أمس الأحد، قرأنا العناوين التالية:

- المثليون والمتحولون جنسيا في تركيا يخشون إعادة انتخاب أردوغان (البوابة نيوز المصرية الممولة إماراتيا)

- الانتخابات التركية| 73 مروحية و 600 ألف شرطي لتأمين الجولة الثانية (البوابة نيوز)

- أردوغان يزور قبر والديه بعد الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة التركية (موقع "صدى البلد" المصري)

- أكثر من 60 مليون ناخب تركي يختارون الرئيس الثالث عشر للبلاد (صدى البلد)

- صناديق الاقتراع تفتح لاختيار رئيس جديد لتركيا (موقع القاهرة 24 المخابراتي المصري)

- الانتخابات التركية 2023.. صنداي تايمز: فوز أردوغان سيتركه في مستنقع من صنع يديه (الشروق المصرية نقلا عن بي بي سي)

-  اعتقال 5 أشخاص في تركيا بتهمة نشر "معلومات مضللة" عن الانتخابات (صحيفة "المدينة" السعودية)

- الجولة الثانية للانتخابات التركية: إردوغان في مواجهة كليتشدار أوغلو (الشرق الأوسط السعودية)

- أردوغان وكليجدار أوغلو.. القصر الرئاسي على بعد خطوة (موقع العين الإخبارية الإماراتي)

وأثناء سير العملية الانتخابية وقبيل إقفال الصناديق قرأنا العناوين التالية:

- انتخابات تركيا.. نتائج "سريعة" لجولة الإعادة (العين الإخبارية)

- "لا يأس مع الانتخابات".. شعار كبار السن الأتراك في الإعادة (العين الإخبارية)

- لمن لا يستطيع للسير سبيلا.. انتخابات تركيا تصلك بـ"الصندوق المتنقل" (العين الإخباري)

- رئيس هيئة الانتخابات التركية: إقبال متزايد على مراكز الاقتراع في جولة الإعادة (الرآي الكويتية)

- وزير الداخلية التركي: عملية الاقتراع تسير دون مشاكل (فيتو المصرية)

- الانتخابات الرئاسية التركية.. أردوغان وكليتشدار أوغلو يدليان بصوتيهما في جولة الإعادة (القاهرة 24)

- الانتخابات التركية|أردوغان: "نتوقع عملية انتخاب سلسة.. وسأحترم قرار الشعب" (البوابة نيوز)

- فاينانشيال تايمز: الناخبون الأتراك يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في وقت عصيب لأردوغان (البوابة نيوز)

- الانتخابات التركية.. صعوبات يواجهها الناخبين في إنقرة (البوابة نيوز)

- مسنون ومرضى على كراسي متنقلة يصوتون في جولة الإعادة بانتخابات تركيا.. صور (صدى البلد)

واليوم الاثنين، حاولت هذه الوسائل أن تكون محايدة أيضا، فقرأنا العناوين التالية:

- لجنة الانتخابات التركية تعلن فوز أردوغان ("الخليج" الإماراتية)

- ماذا فعل أردوغان فور إعلان فوزه في انتخابات الرئاسة؟ ("فيتو" المصرية)

- لحظة ترديد تكبيرات في مسجد آيا صوفيا بعد مؤشرات أولية بفوز أردوغان (سى ان ان بالعربية)

- كليجدار أوغلو يقرّ بالهزيمة "ضمنيا" ويتعهد بمواصلة النضال (سكاي نيوز عربية)

- بعد فوزه بالانتخابات.. كيف سيتعامل أردوغان مع ملف اللاجئين؟ (سكاى نيوز عربية)

يلاحظ من هذه العناوين أن صحف العرب كلها باتت- كصحف الغرب- مغلوبة على أمرها في معالجة حقيقة أن أردوغان فاز بولاية جديدة، وإن بدا في بعضها حالة من الغضب المكتوم ومحاولة حثيثة للصيد في الماء العكر "وما تخفي صدورهم أكبر".