الحصاد المر لدورة انعقاد برلمان السيسي: 184 تشريعاً ضد مصالح المصريين
الأربعاء - 6 يوليو 2022
- 1769 مادة معظمها يفرض مزيدا من الأعباء على الشعب ويحرمه من حقوقه الأساسية
- من أبرز القوانين سيئة السمعة: المالية الموحد وتنظيم الشهر العقاري وممارسة العمل الأهلي
- 51 اتفاقية قروض ومنح دولية تسببت في رفع الدين الخارجي للبلاد إلى 157.8 مليار دولار
- البرلمان تجاهل الرد على 47 سؤالاً إلى الحكومة بشأن ملفات مختلفة و52 طلباً للمناقشة العامة
- قانون الكيانات الإرهابية وتعديلاته وتقنين الطوارئ و "الجريمة الالكترونية"..أخطر ما أقره الانقلابيون
- الآلة التشريعية لنظام السيسي ركزت على تقييد الحريات العامة وتأميم الحياة السياسية وافساد الاقتصاد
أعلن حنفي جبالي،رئيس برلمان العسكر بمصر، مساء أمس الثلاثاء، فضّ دور انعقاده العادي الثاني السنوي، والذي استمر على مدى تسعة أشهر أقر خلالها نحو 184 تشريعاً بإجمالي 1769 مادة كلها ضد مصالح المصريين، بعكس الوظيفة الطبيعية لأي برلمان في العالم.
أبرز القوانين سيئة السمعة التي أقرها برلمان السيسي في هذه الدورة: المالية الموحد، والتخطيط العام للدولة، وتنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية، وأيلولة نسبة من أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة وفوائض الهيئات العامة إلى الخزانة العامة.
كما أقر البرلمان قوانين تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية، وتنظيم الشهر العقاري، وسوق رأس المال، وتنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، وتأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، وتشديد عقوبة إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة ضمن تعديلات قانون العقوبات، ومكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين.
وأقر كذلك قوانين: الجامعات الخاصة والأهلية، وإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، وتنظيم أكاديمية الفنون، والمجلس الصحي المصري، وإجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكني، وتنظيم السجون، وتنظيم ممارسة العمل الأهلي، ومد مدة إيقاف العمل بضريبة الأطيان، وإنشاء صندوق السياحة والآثار، والمركز القومي لإدارة المجال الجوي، وتنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج.
ومن خلال سطور هذا التقرير نرصد الحصاد المر لهذه الدورة البرلمانية المشئومة واثرها علي حياة المصريين.
51 اتفاقية قروض ومنح دولية
في السياق نفسه، أقر مجلس النواب في دور انعقاده المنقضي نحو 51 اتفاقية قروض ومنح دولية، ما ساهم في ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 157.8 مليار دولار في نهاية مارس/آذار الماضي، مقارنة مع 145.529 ملياراً بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، بالإضافة إلى نظر نحو 509 طلبات إحاطة مقدمة من أعضاء المجلس، و30 بياناً عاجلاً، و511 اقتراحاً برغبة. إلى جانب توجيه قرابة 47 سؤالاً إلى الحكومة بشأن ملفات مختلفة (لم ترد على أغلبها)، و52 طلباً للمناقشة العامة.
وقال جبالي: "المجلس (البرلمان) قطع خطوات واسعة، بالتعاون مع الحكومة، في مرحلة البناء والتنمية التي تمر بها الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لمواكبة ما تنتهجه من مساع جادة وخطى حثيثة نلمسها جميعاً لبناء الجمهورية الجديدة"، مضيفاً "ما أنجزناه من مشاريع قوانين هو محل فخر، لما لها من مردود مباشر على الفرد والمجتمع"، على حد زعمه.
وادعى أن "اللجان النوعية مارست مهامها الرقابية من دون محاباة لأحد سوى مصلحة الوطن والمواطن، ووضعت مع الحكومة مقترحات لحلول بعض الموضوعات التي تهم المواطنين"، مستكملاً "البرلمان استطاع متابعة الأحداث السياسية الجارية في منطقتنا العربية، وعلى الساحة الدولية بصفة عامة، وفي مقدمتها مشكلات الإرهاب والهجرة غير الشرعية".
تمرير جبايات مستمرة
كما وافق برلمان العسكر ، الاثنين الماضي ، بصفة نهائية، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن التجاوز عن مقابل التأخير، والضريبة الإضافية، والفوائد، وما يماثلها من الجزاءات المالية غير الجنائية، وتجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 الخاص بإنهاء المنازعات الضريبية وذلك لتحصيل مزيد من الضرائب من الممولين .
ونص المشروع في مادته الأولى على "التجاوز عن 65% من مقابل التأخير والضريبة الإضافية المنصوص عليها في قوانين الجمارك رقم 66 لسنة 1963، وضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980، وفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة رقم 147 لسنة 1984، والضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981، والضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991، والضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، والضريبة على العقارات رقم 196 لسنة 2008، والضريبة على القيمة المُضافة رقم 67 لسنة 2016، والجمارك رقم 207 لسنة 2020".
ويقتصر التجاوز على دين الضريبة أو الرسم المستحق أو واجب الأداء فقط، من دون المساس بقيمة الضريبة نفسها، قبل تاريخ العمل بالقانون أو حتى نهاية أغسطس/آب المقبل، أياً كان سبب وجوب الأداء، شرط أن يسدد الممول أو المكلف أصل دين الضريبة أو الرسم كاملاً، مضافة إليه نسبة 35% من فوائد الضريبة التي لم يتم التجاوز عنها، وذلك بحد أقصى في الأول من مارس/آذار 2023.
وقضت المادة الثانية من المشروع بأن "يُجدد العمل بأحكام هذا القانون، والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 79 لسنة 2016 بإنهاء المنازعات الضريبية، المُعدل بالقانونين رقمي 14 لسنة 2018 و174 لسنة 2018، حتى تاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2022".
من جهته، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، النائب المعين من الرئيس عبد الفتاح السيسي، فخري الفقي، إن "مشروع القانون يستهدف تحسين الأداء المالي، وتحصيل حقوق الخزانة العامة للدولة من خلال تخفيف الأعباء التي يتحملها الممولون، وتنشيط المتحصلات الضريبية سواء عن أصل دين الضريبة أو الرسم، أو مقابل التأخير عنه ممثلاً في الضريبة الإضافية، للحد من المنازعات الضريبية، وسرعة تسويتها".
وتستهدف الحكومة المصرية زيادة الحصيلة الضريبية بنحو 214 مليار جنيه في موازنة 2022-2023، لترتفع من 946 مليار جنيه في العام 2021-2022 إلى 1.16 تريليون جنيه، بما يعادل نسبة 76.8% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة المقدرة بـ1.51 تريليون جنيه، ما يمثل أحد أكبر النسب في تحصيل الضرائب على مستوى العالم
وارتفع حجم الضرائب في مصر بنسبة 465% منذ انقلاب الجيش على الرئيس الراحل محمد مرسي، قبل 9 سنوات، وتولي عبد الفتاح السيسي الحكم، حيث سجلت الحصيلة الضريبية الفعلية نحو 251 مليار جنيه في 30 يونيو/حزيران 2013.
تاريخ تشريعي أسود
وفي سابقة تاريخية في سجل البرلمانات (المجالس النيابية) المصرية، قام برلمان العسكر على مدار السنوات الخمسة الماضية ، بإقرار 877 مشروع قانون طوال مدة انعقاده التي بدأت في 9 يناير/كانون الثاني 2016 حتى انتهائه بفض دور الانعقاد الخامس في 24 أغسطس/آب 2020.
واستمر المجلس -الذي استحدث ووافق على مئات القوانين والقرارات والاتفاقيات غير المسبوقة في تاريخ الحياة المصرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية- 5 سنوات بدأت من تاريخ أول اجتماع، وفق المادة 106 من الدستور المصري.
وعكست حالةَ السيولة في إقرار القوانين، موافقةُ مجلس النواب على 233 مشروع قانون، بإجمالي عدد مواد بلغ 2490 مادة خلال الانعقاد الخامس فقط من الفصل التشريعيللبرلمان السابق ، والذي استمر 10 شهور تخللها توقف كبير للجلسات على خلفية جائحة فيروس كورونا.
ومن اخطر القوانين التي مررها برلمان العسكر قانون الكيانات الأرهابية وتعديلاته المختلفة ، وتقنين الطوارئ ، وقانون الجريمة الالكترونية ولكها تصب في تقييد الحريات العامة وتأميم الحياة السياسية .
تشريعات فاسدة
و أكد مراقبون أنه لا يمكن حصر القوانين التي وسّعت دائرة الفقر وضيقت دائرة الحريات وفرّطت في مقدرات وثروات وسيادة البلاد، مشيرين إلى أنها كانت تهدف إلى التضييق على المواطنين بالأخذ من جيوبهم لموازنة الدولة، وتقييد حرياتهم على حساب استقرار النظام الحاكم، وتعزيز وتحصين طبقة النظام الحاكم على حساب المواطنة.
وفي تقييمه لدور البرلمان خلال المرحلة الماضية، أكد المعارض المصري والمتحدث الرسمي السابق باسم "الجبهة الوطنية للتغيير" سمير عليش، أن "الإجابة واضحة مثل الشمس. هذا أسوأ برلمان، ولا علاقة له بالشعب، ويعمل في الخفاء؛ حتى أنه تم منع نقل جلساته على الهواء، ومنذ أول يوم له وافق على عشرات القوانين دفعة واحدة دون مناقشة، وتم منع وجود معارضين بداخله".
وأضاف ساخرا في حديثه للجزيرة نت، "أصبحنا نترحم على برلمانات الرئيس الأسبق حسني مبارك. البرلمان المنقضي يفتقر ليس للأدوات الرقابية والتشريعية، ولم يكن مقنعا في أدائه ولا في أشخاصه، يكفينا أن نسمع من أحد النواب أنه سيكسر قدم الدكتور عمرو الشوبكي لو دخل البرلمان" (القضاء حكم بأحقية الشوبكي في العضوية بدلا من أحمد مرتضى منصور، لكن المجلس رفض تنفيذ الحكم).
وعلى المستوى التشريعي، قال السياسي المصري العضو السابق في مجلس الشعب عزب مصطفى: "يكفي برلمانات السيسي عار التفريط في الأمن القومي المصري ببيع جزيرتي تيران وصنافير، وتجريف سيناء وتهجير أهلها، وارتفاع الدين العام إلى أكثر من 4 تريليونات جنيه"
وأشار إلى أن نواب البرلمان هم عبارة عن موظفين عند رئيس السلطة التنفيذية، يأتمرون بأمره كما صرّح سابقا قبل سنوات رئيس ائتلاف "دعم مصر" سامح سيف اليزل، أن مجلس النواب جاء لمساعدة السلطة التنفيذية، ضاربا بوظيفته الرئيسية عرض الحائط ألا وهي مراقبتها.
على المستوى الاقتصادي، يقول الخبير الاقتصادي رجل الأعمال المصري الأميركي محمد رزق، "إذا احتكمنا إلى لغة الأرقام بعيدا عن المواقف السياسية، نجد أن البرلمان المذكور قد ساهم في تمكين قبضة المؤسسات العسكرية على مفاصل الاقتصاد المصري، فضلا عن توريط مصر في ديون ضخمة لم تعرفها البلاد من قبل في تاريخها، ولن تستطيع عوائد ميزانيتها العليلة الوفاء بأقساطها وفوائدها المرتفعة، ناهيك عن خدمة الدين المحلي".