كيف قرأت الجماهير العربية شخصية "السنوار" في وثائقي "الجزيرة"؟
الثلاثاء - 28 يناير 2025
إنسان للإعلام- وحدة الرصد:
في حلقة استثنائية، من برنامج "ما خفي أعظم"، أذاعتها قناة "الجزيرة"، مساء الجمعة 24 أكتوبر 2025، كشف الإعلامي تامر المسحال النقاب عن تفاصيل غير مسبوقة حول عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها كتائب القسام يوم 7 أكتوبر 2023.
تضمنت الحلقة مشاهد حصرية تعرض لأول مرة، وثقت مراحل التخطيط والتنفيذ للعملية، بدءًا من انعقاد القيادة العسكرية وحتى اللحظات الحاسمة.
عرض الوثائقي مشاهد لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، الذي ارتبط اسمه بعملية "طوفان الأقصى"، حيث ظهر السنوار في لقطات حصرية وهو يقود العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حتى لحظة استشهاده، حيث أظهرت المشاهد مقاومته حتى الرمق الأخير.
تميزت الحلقة بتقديم تفاصيل دقيقة عن حياة السنوار ومساهماته في المقاومة الفلسطينية، مما دفع الجماهير العربية إلى التفاعل بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، حيث أظهر رواد المنصة إعجابهم الكبير بشجاعة السنوار وصلابته.
قائد استثنائي
حصدت مشاهد السنوار اهتمامًا بالغًا من الجماهير، التي سارعت إلى مشاركة صوره وتعليقاتها. ظهر التفاعل جليًا في تدوينات رواد فيسبوك، التي احتفت بشخصيته وأبرزت رمزيته كقائد استثنائي. ومن أبرز تلك التفاعلات:
- نشر حساب صورة السنوار مع عصاه مع تعليق "ولي فيها مآرب أخرى".
- "كتب مستخدم آخر تعليقًا على صورته أثناء التصدي للطائرات:"شفتم البطل اللي مش خايف؟
- كتبت إحدى المتابعات تعبيرًا عن تأثرها: "لقد كانت لي في حياتك عظات، وأنت اليوم أوعظ منك حيًا".
- "سنوار أمتنا.. إليك سلامنا ".. هكذا علقت إحدى المتابعات على صورة له وسط المباني المدمرة.
- أعاد مستخدمون تداول الأبيات التي ألقاها السنوار خلال كلماته الأخيرة: " وللحرية الحمراء باب .. بكل يد مضرجة يدق".
- "رجال!"كلمة واحدة تلخص ما كتبته "عبير طلعت" على صورة السنوار.
- "سيحيا البأس فينا".. أضافت متفاعلة أخرى أبياتًا مستوحاة من إرث السنوار.
- "كنا نقرأ عن أبطال الإسلام ونقول: هل يوجد مثلهم؟ حتى رأيناك" .. تعليق ألقى الضوء على الرمزية الأسطورية للسنوار.
كما نشر رسام الكاريكاتير الفلسطيني محمود عباس رسمة وصف فيها السنوار بأنه "يحيى المختار"، مشبهًا إياه بشيخ المجاهدين عمر المختار.
رمز بطولي
حملت حلقة "ما خفي أعظم" بعدين رئيسيين: توثيق غير مسبوق لكواليس عملية "طوفان الأقصى"، وتسليط الضوء على دور السنوار كمحور قيادي في المقاومة، حيث أظهر البرنامج تفاصيل تخطيط العملية من بدايتها حتى تحقيق أهدافها، ليبرز صورة مقاومة باسلة، تعكس تضحيات الشعب الفلسطيني في ظل الحصار والقصف المستمر.
ورغم أهمية العديد من المشاهد والمقاطع التي احتواها الوثائقي، ركزت الجماهير على شخصية السنوار، متأثرة بمشاهد ظهوره، خاصة في ظل تقدمه في العمر وإصراره على النضال، إذ أعاد الوثائقي صياغة مكانته كرمز بطولي لدى العرب، الذين وجدوا فيه نموذجًا للصبر والشجاعة.
ويفسر علماء النفس والاجتماع الاندفاع الجماهيري لتبجيل السنوار بأبعاد نفسية واجتماعية متعددة، منها:
- الحاجة إلى الرمزية: في أوقات الأزمات، يبحث الناس عن رموز تجسد المقاومة والصمود. السنوار مثّل تلك الرمزية في مواجهة الاحتلال.
- التعويض النفسي: الشعوب المظلومة تتعاطف مع شخصيات تمثل القوة والبذل، وهو ما جسده السنوار في عيون الجماهير.
- تعزيز الهوية الجماعية: شخصيته عززت الوحدة حول القضية الفلسطينية، ما عمّق الشعور بالانتماء.
- الأمل والتفاؤل: رغم الصعوبات، قدّم السنوار نموذجًا للأمل في وجه القهر والظلم.
- التضحية والبذل: تضحياته جعلته يحتل مكانة استثنائية، ليست فقط كقائد، بل كرمز مقاومة يعيد للأذهان بطولات الشخصيات التاريخية.
قصة نضال
بهذه القراءة الواعية من الجماهير العربية، يمكن القول إن يحيى السنوار لم يكن مجرد قائد سياسي أو عسكري؛ بل كان قصة نضال متواصلة، منذ نشأته في مخيم خان يونس، مرورًا بسنوات سجنه الطويلة، وصولًا إلى استشهاده على جبهة القتال. وبقي السنوار حتى آخر لحظة يقاتل في الصفوف الأمامية، مستلهمًا الروح القتالية في كل خطوة.
وعكس التفاعل الجماهيري مع الوثائقي حالة استثنائية من الإعجاب والاحتفاء، إذ رأى فيه الكثيرون ملهمًا لأجيال قادمة.
هذه الجماهير، التي تابعت الفيلم بشغف، وجدت في السنوار صورة تجمع بين القائد الميداني والإنسان الصلب.
ويبقى وثائقي "ما خفي أعظم" شهادة على تاريخ نضالي حافل، أعاد تشكيل وعي الجماهير حول النضال الفلسطيني ورموزه.