فتاوى الهيئات الإسلامية تتصدر الصحف التركية: دعوات لمواجهة العدوان على غزة
الأربعاء - 16 أبريل 2025
إنسان للإعلام- قسم الترجمة:
في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة وبلوغه مستويات غير مسبوقة من التدمير والقتل، تصاعدت في الأوساط الإسلامية دعوات واسعة النطاق لاتخاذ مواقف حاسمة.
هذه الدعوات تتجاوز بيانات الإدانة والتنديد التقليدية، إلى التحرك العملي لصد العدوان وإنقاذ أهل غزة، فخلال الفترة من منتصف مارس حتى منتصف أبريل 2025، صدرت فتاوى صريحة من هيئات علماء بارزين، مثل هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تدعو إلى الجهاد والتحرك العسكري والاقتصادي لردع الاحتلال.
وقد انعكست هذه الفتاوى بقوة في تغطيات الصحف التركية ذات التوجهات الإسلامية والمحافظة والقومية، من بينها صحف "يني شفق" ودوغرو خبر" و "ميللي"، التي أبرزت مضمون الفتاوى، وطالبت الأنظمة الإسلامية بالتحرك الفوري ووقف أشكال التطبيع والدعم غير المباشر للاحتلال.
نستعرض في هذا التقرير أبرز ما ورد في الصحافة التركية، وردود فعلها حول هذه الفتاوى والدعوات خلال الأسابيع الأخيرة.
الجهاد فرض.. والتحالف الإسلامي ضرورة
تحت عنوان: "الدول الإسلامية يجب أن تتحالف وتقوم بتدخل عسكري فوري: الجهاد فرض"، نشرت صحيفة "يني شفق" (المحافظة والمقربة من الحكومة) تقريرًا موسعًا تناولت فيه البيان الأخير الصادر عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي اعتبر أن ما يجري في غزة من مجازر "قد بلغ مرحلة تُوجب الجهاد المسلح على كل مسلم"، حسب ما جاء في فتوى أعدتها لجنة الفتوى التابعة للاتحاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن اللجنة دعت إلى تشكيل تحالف عسكري إسلامي فوري لحماية الأمة الإسلامية وردع العدوان، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة التدخل العسكري العاجل من قبل الدول العربية والإسلامية، ومحاصرة الكيان "الإسرائيلي" من البر والبحر والجو.
وركزت الصحيفة أن البيان يتضمن دعوة صريحة إلى إغلاق الممرات المائية والأجواء أمام "إسرائيل"، ووقف كل أشكال الدعم الذي قد تستفيد منه في عدوانها على الشعب الفلسطيني.
كما أوضحت "يني شفق" أن الفتوى شددت على أهمية الدعم العسكري والمالي والقانوني للمقاومة، ورفضت بشكل قاطع أي شكل من أشكال تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، معتبرة أن ذلك منافٍ لتعاليم الشريعة الإسلامية.
وطالبت الفتوى بوقف إمدادات النفط والغاز للكيان، ودعت بعض الدول إلى مراجعة اتفاقيات السلام التي عقدتها معه.
وأوردت الصحيفة أيضًا أن البيان دعا إلى "الجهاد المالي"، وذلك عبر تقديم التبرعات والدعم المباشر لغزة، إلى جانب فتح المعابر وتسهيل إيصال المساعدات.
كما لفتت إلى أن الفتوى طالبت الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة بممارسة الضغط على دونالد ترامب رئيس أمريكا، من أجل التدخل لوقف العدوان وتحقيق السلام.
وفي تغطيتها للاحتجاجات الشعبية، ذكرت الصحيفة أن العاملين في القطاع الصحي بمدينة أرضروم واسطنبول وأنقرة نظموا مسيرة صامتة للتنديد بالعدوان "الإسرائيلي"، حيث رُفعت أعلام تركيا وفلسطين وتركستان الشرقية، وطالب المشاركون بفتح معبر رفح.
وأشارت الصحيفة إلى مظاهرة" المسيرة إلى فلسطين" في إسطنبول، التي شملت وقفة احتجاجية أمام القنصلية المصرية تحت شعار "معبر رفح"، ركزت فيها على الحصار المفروض على سكان غزة، ودعت إلى إنهائه فورًا.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى رسالة نشرها رئيس الشؤون الدينية التركي، علي أرباش، بمناسبة "يوم الأطفال الفلسطينيين"، أعرب فيها عن أسفه لما يتعرض له الأطفال في غزة، مؤكدًا أن الاحتلال تسبب في مقتل أكثر من 39 ألف طفل منذ 7 أكتوبر، إلى جانب حرمان عشرات الآلاف من الآمال والحياة الكريمة.[1]
كفي صمتا.. يجب التحرك فورا
وبعنوان "الصمت جريمة.. تركيا تنتفض من أجل غزة"، قالت صحيفة "دوغرو خبر" (التابعة للتيار الإسلامي) إن غزة تعيش تحت وطأة أزمة إنسانية خانقة نتيجة الضربات الجوية المتواصلة والحصار المطبق وعرقلة وصول المساعدات، ما تسبب في أوضاع صحية وغذائية مأساوية داخل القطاع.
وأوضحت أن آلاف المدنيين فقدوا حياتهم، في حين أصيب وهجّر مئات الآلاف، وسط انهيار شبه تام للنظام الصحي ونفاد حاد في الأدوية، بينما تُمنع المساعدات الإنسانية من الدخول.
وأشارت الصحيفة إلى أن المجتمع الدولي لم يظهر أي رد فعل حقيقي تجاه هذه الانتهاكات المستمرة، ما دفع المنظمات غير الحكومية التركية إلى التحرك الفوري وإطلاق حملات دعم ومظاهرات جماهيرية نصرة لغزة.
وأفادت بأن منظمي الاحتجاجات أطلقوا حملة بعنوان "الصمت جريمة! لا تصمت من أجل غزة"، داعين الشعب التركي إلى المشاركة في فعاليات ضخمة للتعبير عن الغضب الشعبي من استمرار المجازر والصمت الدولي.
وأضافت أن أولى هذه الفعاليات كانت في العاصمة أنقرة، أمام السفارة الأمريكية، تحت شعار "الجوع والمجزرة في غزة – أين الضمير؟"، وتهدف إلى تسليط الضوء على الدور الأمريكي في دعم العدوان "الإسرائيلي".
وذكرت "دوغرو خبر" أن مظاهرة أخرى انطلقت في إسطنبول باتجاه القنصلية "الإسرائيلية"، تحت شعار "لا تصمت، اصرخ! هناك مجزرة في غزة!"، موضحة أن هذه الفعالية دعت إليها هيئة التضامن الإسلامي وركزت على التنديد بالحرب والحصار ومنع دخول المساعدات، إضافة إلى إبراز معاناة المدنيين.
وقالت إن هذه الدعوات تأتي في إطار تصاعد التضامن الشعبي التركي مع القضية الفلسطينية، وسط مطالبات واسعة بتحرك عالمي لوقف الانتهاكات ورفع الحصار فورًا.[2]
قطع اتفاقيات السلام مع الاحتلال
وبعنوان "علماء مسلمون يصدرون فتوى بشأن الجهاد ضد إسرائيل"، نشرت صحيفة "ميللي" (القومية) أن مجلسًا من كبار علماء الإسلام أصدر فتوى صريحة تدعو المسلمين، أفرادًا ودولًا، إلى الجهاد ضد الاحتلال "الإسرائيلي".
ووصفت ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية" تستوجب تحركًا عسكريًا وسياسيًا فوريًا من الأمة الإسلامية، مشيرة إلى أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، طالب في بيانه الصادر يوم الجمعة 4 أبريل 2025، جميع الدول الإسلامية بالتدخل العسكري والاقتصادي والسياسي العاجل كلٌ حسب قدرته، معتبرًا أن "التقاعس عن دعم غزة جريمة شرعية."
وأضافت أن الفتوى، التي جاءت في نحو 15 بندًا، أكدت أن الجهاد المسلح ضد الاحتلال في فلسطين بات فرضًا على كل مسلم قادر، مشددة في الوقت ذاته على أن مسؤولية التدخل العسكري لا تقع على عاتق الشعوب فقط، بل كذلك على الحكومات والأنظمة في الدول العربية والإسلامية.
وذكرت الصحيفة أن الفتوى شددت على تقديم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي والقانوني للمقاومة الفلسطينية، مؤكدة أن "أيّ مساهمة – ولو غير مباشرة – في دعم الاحتلال، كبيع الأسلحة له، أو السماح بمرور المعدات العسكرية عبر المضائق أو الممرات البحرية أو الجوية أو البرية، تُعدّ حرامًا شرعًا."
وفي سياق متصل، أشارت الصحيفة إلى أن الفتوى سلطت الضوء بشكل خاص على ضرورة إلغاء اتفاقيات السلام التي أبرمتها بعض الدول الإسلامية مع "إسرائيل"، حيث اعتبر العلماء أن استمرار هذه الاتفاقيات في ظل المجازر يُعد تواطؤًا مرفوضًا دينيًا وأخلاقيًا، ويُشكل غطاءً سياسيًا للاحتلال.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الفتوى دعت المسلمين في الولايات المتحدة إلى ممارسة الضغط على الرئيس دونالد ترامب، من أجل وقف العدوان وتنفيذ وعوده الانتخابية المتعلقة بإحلال السلام في المنطقة.[3]
لماذا تأخرت فتوى الجهاد؟
نشرت صحيفة "أكيت" (المحافظة) مقالًا للكاتب الصحفي "إدريس جونايدن" بعنوان "دعوة للجهاد من اتحاد العلماء المسلمين"، ذكر فيه أن الفتوى الأخيرة الصادرة عن عدد من كبار علماء الإسلام والتي دعت إلى "الجهاد ضد إسرائيل" جاءت في توقيت حرج، لكنها رغم أهميتها، أثارت انتقادات بشأن تأخرها عن اللحظة التي بدأت فيها المجازر في غزة منذ شهور طويلة.
وأشار إلى أن كثيرًا من المراقبين اعتبروا أن إصدار فتوى الجهاد بعد تصاعد الهجمات لا يعفي العلماء والدول من مسؤولية الصمت الذي سبقها، مؤكدين أن مثل هذه القرارات كان ينبغي أن تُصدر منذ بداية العدوان، لا بعد سقوط آلاف الشهداء.
وشدد الكاتب على أهمية أن تسبق هذه الفتاوى تحولات استراتيجية داخل الدول الإسلامية نفسها، مشيرًا إلى أن "مواجهة الاحتلال لا يمكن أن تتم بفعالية في ظل أنظمة لا تعبّر عن هوية الأمة"
ودعا "جونايدن" إلى التخلص من الأنظمة العلمانية والملكية التي تحكم كثيرًا من الدول الإسلامية، واعتبر أنها عقبة أمام بناء مشروع إسلامي موحد، مؤكداً أن التبعية للغرب – فكريًا وسياسيًا – تمنع الأمة من النهوض.
تناول المقال أيضًا ضرورة التركيز على الإنتاج العسكري المحلي، حيث شدد على أن الاعتماد على السلاح الأجنبي لن يؤسس لقوة حقيقية، وأن الأمة لا يمكنها الدفاع عن نفسها طالما بقيت رهينة للصناعات الغربية.
كما طالب الكاتب بضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية، داعيًا إلى تحويل رؤوس الأموال إلى استثمارات داخل الأمة الإسلامية، بدلًا من استمرار ضخها في أسواق الدول الغربية التي تدعم الاحتلال سياسيًا وعسكريًا.
وقال "جونايدن" إن مقاله حمل نبرة حادة في النقد، لكنه يعكس وجع الشعوب الإسلامية التي تشعر بأن صوتها لا يجد من يمثله في مؤسسات القرار، سواء الدينية أو السياسية.[4]
المصادر:
[1] صحيفة يني شفق https://2u.pw/0kdZP
[2] صحيفة دوغرو خبر https://2u.pw/26GdP
[3] صحيفة ميللي https://2u.pw/YBKVU
[4] صحيفة أكيت https://2u.pw/Laidm