المسلمون فى كينيا

الأربعاء - 3 نوفمبر 2021

كانت بداية وصول الإسلام إلى كينيا مبكرة، تعود إلى العقد الأخير من القرن الهجري الأول، ومر بأربع مراحل كان أولها عن طريق التجار العرب والسواحليين القادمين من الساحل الشرقي لأفريقيا وأول مستوطنة إسلامية كانت في جزيرة "باتي "81هـ ، ومؤسسيها كانوا مجموعة من المسلمين المناوئين لحكم الخلافة الأموية، والفارين إلى شرق إفريقيا طلبا لملجأ آمن بعيد عن يد السلطة الأموية... حتى وصل الغزو البرتغالي للمنطقة فكانت بداية صراع دموي عنيف ضد المسلمين .

لمزيد من التفاصيل ..نتابع التقرير التالي  

 

أولا.. بالنسبة لكينيا .. وما يخص الموقع والمساحة والسكان:

جمهورية كينيا تقع شرقي أفريقيا، يحدها شرقاً المحيط الهندي، وغربا أوغندا ، وجنوبا تنزانيا ، وشمالاً إثيوبيا وجنوب السودان والصومال من الشمال الشرقي.

وعاصمتها مدينة نيروبى

وتبلغ مساحة كينيا 580.367 كيلو متراً .

ويبلغ عدد سكانها 32,577,000 نسمة

يتكون 99% من سكان كينيا من الأفارقة السود، والمجموعات السكانية الأخرى ( حسب حجمها ) تتكون من: الهنود الآسيويين، والأوروبيين (وبشكل رئيسي: البريطانيين)، والعرب.

ثانيا : دخول الإسلام إلى كينيا:

كانت بداية وصول الإسلام إلى كينيا مبكرة، تعود إلى العقد الأخير من القرن الهجري الأول، وذلك عندما أقام بعض البحارة العرب مركزاً لهم على الجزر المقابلة لساحل شرقي أفريقيا، ثم بدأت الهجرات الإسلامية لهذا الساحل عندما انتشرت الخلافات في نهاية العصرالأموي.

تنقسم مراحل دخول الإسلام إلى كينيا إلى أربع مراحل رئيسية وهي:

المرحلة الأولى :

في هذه المرحلة جاء الإسلام عن طريق التجار العرب والسواحليين القادمين من الساحل الشرقي لأفريقيا وأول مستوطنة إسلامية كانت في جزيرة باتي 81هـ ، ومؤسسيها كانوا مجموعة من المسلمين المناوئين لحكم الخلافة الأموية، والفارين إلى شرق إفريقيا طلبا لملجأ آمن بعيد عن يد السلطة الاموية.

وهو ما أكده الدكتور"مارك هورتون" عالم الآثار الأكسفوردي بأن ظهور الإسلام على الساحل الكيني كان في القرن الثامن الميلادي، وأن التجار قاموا بدور أساسي في ظهوره وفي حمله إلى الداخل، وأن حفريات أخرى أجريت في جزيرة "ماندا " أثبتت وجود مدينة إسلامية كينية في تلك الجزيرة خلال القرن العاشر الميلادي- القرن الرابع الهجري.

المرحلة الثانية:

أما هذه المرحلة جاءت مع وصول العمانيين الذين دخلوا ميدان الجهاد ضد البرتغال سنة 1649 بعد أن جثم الاستعمار البرتغالي على صدر المسلمين في هذه المنطقة نحو قرنين كان ظهور البرتغال بداية صراع دموي عنيف، ولم يكن البرتغاليون يريدون الاستقرار السلمي إنما كانت أغراضهم صليبية واضحة هي القضاء على الإسلام، وقد أحرقت مدينة "ممباسا" خمس مرات ووضعوا السيف في رقاب الناس، دمروا مساجد "لامو" وباتا" وقتلوا الشيوخ وفرضوا الغرامات الباهظة.

وفى عام 1652 استطاعت القوة العمانية الفتية أن تهزم البرتغاليين في زنجبار وفي سنة 1660 استولى الأسطول العماني على "ممباسا" ... وبعد اختفاء الخطر البرتغالي بدء الإسلام يتوغل توغلا حقيقيا إلى الداخل وبدأ الدعاة ينشرون الإسلام.

المرحلة الثالثة:

ولهذه المرحلة عامل قلما يذكره الباحثون والدارسون من دخول الإسلام التدريجي إلى كينيا ألا وهو عامل التحرك القبلي، خصوصا بعض القبائل الصومالية المسلمة من مواطنها في القرن الإفريقي إلى منطقة الداخل والذي بدأ منذ القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي... وهكذا لم يكن دخول الإسلام إلى كينيا وقفا على نشاط التجار العرب والسواحليين الآتين من الساحل، وإنما أيضا على زحف القبائل الصومالية المسلمة الزاحفة من الشرق عبر المناطق شبه صحراوية طلبا للماء ولمنابت العشب، وحاملة معها إسلاما تقليديا بسيطا خاليا من التعقيدات والتفصيلات، والخلافات العقدية والمذهبية .

المرحلة الرابعة :

في هذه المرحلة ساعد بناء خط كينيا أوغندا الحديدي انتشار الإسلام إلى داخل الأراضي الكينية، كما أدى إلى ظهور العنصرالآسيوي المسلم، لقد قامت هذه الجالية الآسيوية بدور مهم في تاريخها وتطورها، وهؤلاء استقدمهم البريطانيون لبناء الخط الحديدي بين كينيا وأوغندا ومعظمهم كانوا مسلمين من الهنود والباكستانيين، وهذه الجالية كان لها دور كبير في نشر الإسلام في كينيا إلى يومنا هذا، كذلك استخدام الحكومة الاستعمارية مسلمين كموظفين ووكلاء وشرطة وجند ومدرسين ومترجمين وجباه للضرائب وحمالين وخدم المنازل وذلك بفضل معرفتهم بالمناطق الداخلية ومعرفتهم بالكتابة ولكونهم أكثر تحضرا من الأهالي الوثنيين الخام، وقد زاد استخدام الإدارة البريطانية للمسلمين من سمعتهم الحسنة، ومكّن لبعضهم خصوصا المدرسين من الدعاة إلى الإسلام في المناطق الداخلية.

وهناك عامل آخر مهم ساعد في انتشار الإسلام وهو دور الجنود السودانيين وغالبيتهم كانت من النوبيين الذين جلبهم البريطانيون للعمل في صفوف الجيش هناك في كينيا ومعهم جاء المذهب المالكي إلى كينيا.

انتشار الإسلام فى الداخل الكيني:

بدأت الصلات الثقافية بين شبه الجزيرة العربية، وساحل شرقي أفريقيا، واتسمت بالطابع الديني، وأرسلت البعثات إلى المدن العربية الإسلامية، وعاد أبناء شرقي أفريقيا لتعليم الإسلام وقواعده إلى شعوبهم وبرزت مدن إسلامية على الساحل الأفريقي مثل "لامو"، و"ممباسا"، و"تانجا" وأصبحت مراكز إشعاع للدعوة الإسلامية.

وانتقل الإسلام إلى الداخل فتوغل في كينيا، وتنجانتقا، وموزمبيق، وأوغندا، ووصل إلى زائير، وازدهرت التجارة بين الساحل والداخل وأخد الإسلام ينتشر في داخل شرقي أفريقيا مع التجارة، وظهرت مراكز تجارية مثل "كيتوتو"، و"ساباي" و"ممباسا "في داخل كينيا، ومثل "طابورة" و"أجيجي" في "تنجانيقا" واتخد العرب والسواحليون منها مراكز استقرار في الداخل.

نسبة المسلمين في كينيا اليوم:

ليس من السهل تحديد نسبة المسلمين في كينيا وعددهم ذلك لاختلاف الآراء وتباين وجهات النظر حوله .

المسلمون في كينيا يشكلون أقلية لكنها أقلية ذات مغزى لها وزنها المعتبر لايمكن تجاوزها في المعادلة القائمة، وتتركز هذه الأقلية في مناطق لها أهمية اقتصادية واستراتيجية تمنحهم على الأقل الثقل السياسي خصوصا في مواسم الانتخابات المختلفة.

وهناك إحصاءات أجريت منذ أيام الاستعمار تشير إلى أن المسلمين في كينيا يشكلون 8 في المئة من السكان، وأخرى تقول إنهم يشكلون مابين 10 في المئة - 8 في المئة من السكان.

ورغم أن هذه الاحصاءات قديمة أجريت أبان الاستعمار البريطاني لكينيا وبعضها عشية استقلال كينيا ولكنها ليست دقيقة وفيها نوع من البخس وهي التي تعتمدها المصادر الكنسية لخدمة اغراضها التنصيرية.

أما النسبة الحقيقية للمسلمين فى كينيا فهى تصل إلى أكثر من 30% لأن عدد المسلمين في كينيا يصل إلى 8 ملايين نسمة في ذلك الوقت.

وضع المسلمين فى كينيا حاليا:

يوجد عدد من الجمعيات والمؤسَّسات الإسلامية الصغيرة التي يَزِيد عددها على 400 جمعية، ويوجد في نيروبي أكثر من نصف مليون مسلم؛ ففي العاصمة وحدها أكثر من 30 مسجدًا، وقد أَصْدَرت طبعاتٍ لترجمة معاني القرآن الكريم، وعددًا كبيرًا من الكتب الإسلامية باللغات السواحلية والإنجليزية، وصدرت مجلة الإسلام باللغة الإنجليزية، كما تقدَّم الأحاديث الدينية بِلُغَاتٍ متعدِّدة، وإنشاء عِدَّة معاهد لتحفيظ القرآن الكريم.

ورغم هذا يواجِهُ المسلمون في كينيا مجموعة من المشاكل أهمها: تضاؤل وزنهم السياسي وعدم لعبهم الدور الذي يتناسب مع أوضاعهم، فمجلس الوزراء لا يضمُّ إلاَّ وزيرين مسلمين للتضامن الاجتماعي والتراث، وهما منصبان ثانويان، وهي مقدِّمة جيدة تُنْهِي سنوات الاضطهاد والتمييز التي كرَّسها جميع حكام كينيا، وكان آخرهم الرئيس "دانيال أرب موي ".

ومع هذا فإن شرق وشمال كينيا على اتِّساعهما لا توجد فيهما جامعة إسلامية، بعكس مناطق الغرب والجنوب، ولا تختلف الأوضاع الاقتصادية عن سابقتها، فقد تعمَّدت الحكومات المتتالية تهميش مناطق المسلمين وعدم تمويل الخطط التنمويَّة بها، كي تظلَّ أسيرة الفقر والجهل والمرض، وتُصْبِح لقمة سائغة في فَمِ الكنائس والإرساليَّات التَّنصيريَّة التي تَقُوم بدورٍ متعاظمٍ في البلاد.

التحديات التي تواجه المسلمين فى كينيا:

عندما استقرالاستعمارالبريطاني بكينيا، أخد في مهادنة المسلمين فاستعان بهم في إدارة أمور البلاد، فعين منهم حكام الأقاليم والولاة، وكذلك القضاة، وجباة الضرائب. وكان لهذا أثره السيء في نفوس القبائل الوثنية، مما جعلهم يربطون بين الاستعمار والموظفين الجدد، كما حدث رد فعل آخر لدى المنصرين الذين ثاروا على تواجد المسلمين في الحكم وعقدوا مؤتمراً كنائسياً في سنة 1318 هـ -1900 م للحد من نفود المسلمين في الحكم. ووضعت السلطات الاستعمارية المسلمين أمام موقف اقتصادي سيء وذلك بمصادرة معظم الأراضي وجعلها ممتلكات للدولة، كما حدت السلطات من النشاط التجاري للمسلمين فتأثرت أحوالهم الاقتصادية.

ومنحت البعثات التنصيرية فرص الحركة والانتشار، وأسند لها الإشراف على التعليم، فشيدت المدارس، والكنائس، والمستشفيات والحدائق لجذب المواطنين إلى المسيحية، وطورت التعليم المهني والتعليم العام، ورصدت مبالغ طائلة للتنصير في أفريقيا.

حالة التعليم لدى المسلمين فى كينيا:

لقد ساد التعليم الإسلامي شرقي أفريقيا قبل استيلاء الاستعمار الأوروبي على المنطقة، ويحتوى على مرحلتين، الأولى مقصورة على تعليم أبناء المسلمين في الكتاتيب، وكانت العربية لغة التعليم في هذه المرحلة المبكرة، وتشتمل المرحلة الثانية على دراسة الفقه والحديث والتفسير، واتخذت من المساجد أماكن لها، حيث كانت تعقد حلقات الدروس.

و لا زالت إلى الآن مدارس إسلامية عريقة توجد في مدينة "لامو" و"منبع الروي" و"ممباسا"، فهناك كلية الدراسات الإسلامية في ممباسا وثيكا ولامو. وهي لا تغني الطلاب إلى الآن من الذهاب إلى البلاد الأخرى لمواصلة دراساتهم نظرا لقلة الإمكانية.

وعندما احتلت بريطانيا كينيا بدأت النظرة للتعليم التقليدي تتغير، ورفض المسلمون إلحاق أبنائهم بمدارس الإرساليات، ولم يطوروا مناهج مدارسهم فبقيت الوظائف مقصورة على غير المسلمين.وضل المسلمون يقاطعون المدارس الحكومية، ولم يستطع المسلمين إدخال اللغة العربية، وعلوم الدين في مناهج المدارس الحكومية.

وبعد الحرب العالمية الثانية تم إنشاء معهد ممباسا الإسلامي وتحول إلى معهد فني، وتأسست مدرسة عربية في مدينة (شيلا) منذ أكثر من 25 عاماً، وتفرع منها حوالي 40 مدرسة في أنحاء كينيا، وتدرس بها علوم الدين واللغة العربية، وهي في حاجة إلى تطوير مناهجها ودعمها مادياً.

المؤسسة الإسلامية في نيروبي

أنشئت في سنة 1963 م بجهود بعض أهل الخير وتعمل في عدة محاور منها :

الدعوة الإسلامية عن طريق المحاضرات وتوزيع الكتب.

والتعليم من خلال إنشاء المدارس الدينية الحديثة والمناهج المتطورة كذلك إنشاء مدارس تحفيظ القرآن.

وأصبح التعليم الديني إجبارياً في كينيا في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ويختار الطالب تعلم الإسلام أو المسيحية، ويحرم من دخول المرحلة التالية إذا رسب في الدين.

هيئات إسلامية فى كينيا:

للمسلمين في كينبا العديد من الهيئات، والجمعيات يزيد عددها عن الخمسين حتى أنها أصبحت تكون إحدى المشاكل الهامة.

أخيراً أصبح المجلس الأعلى لمسلمي كينيا يشرف على هذه الهيئات. ولقد تسبب الحكم الاستعماري في أزمات للمسلمين في المجال الاقتصادي، والثقافي، فلقد ضعف التعليم الإسلامي في كينيا، ولم ينشط لمواجهة منافسة البعثات التنصيرية، والمجال متسع لبث الدعوة الإسلامية، فنصف سكان كينيا ما زالوا على الوثنية.