المصريون على موعد مع موجة جديدة لرفع الأسعار
الخميس - 17 فبراير 2022
في خطوة جديدة من خطوات الفشل الاقتصادي وتحميل المصريين خاصة الفقراء منهم مزيد من الأعباء، بات المصريون على موعد مع موجة جديدة لرفع الأسعار والتخلص من الدعم، حيث أعلنت حكومة السيسي عن زيادة مرتقبة في سعر رغيف الخبز، كما تمهد لزيادات جديدة في الوقود، وفي سياق متصل .. أدي تكبيل الاستيراد بعد قرار البنك المركزي الأخير، إلى اشعال الأسعار بالأسواق المصرية، كما أثار أزمة بين منظمات الأعمال والبنك المركزي، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
تنفيذا لتوجيهات السيسي بالتخلص من الدعم الحكومي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مساء أمس الأربعاء، إقرار زيادة جديدة في سعر رغيف الخبز المدعوم على بطاقات التموين قريباً، والبالغ سعره 5 قروش، بدعوى أن آخر تحريك في سعر الرغيف كان عام 1988، حين كان يتكلف 17 قرشاً، أما الآن "فوصلت تكلفة الرغيف على الدولة إلى 65 قرشاً"، على حد زعمه.
وقال مدبولي، في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، إن "الحكومة تتأنى في التعامل مع كل ما يتعلق بمنظومة الخبز، واستمرار دعمه لضمان وصوله إلى كل الفئات المستحقة"، مستطرداً بأن "الدولة وضعت مجموعة من السيناريوهات لزيادة سعر الخبز بعد الرجوع إلى الخبراء، وراعت فيها الفئات المهمشة والفقيرة، حتى لا تلقي الزيادة المرتقبة بتداعيات كبيرة عليها، ولكن يجب ألا يظل سعر رغيف الخبز ثابتاً لأكثر من 30 عاماً، مع الإبقاء على جزء غير كبير من الدعم الذي تقدمه الدولة"، حسبما قال.
وسبق أن صرّح وزير التموين المصري، علي المصيلحي، بأن الحكومة ستبدأ في خطتها لرفع الدعم تدريجاً عن منظومة الخبز بحلول العام المالي 2022-2023، إثر زيادة الأسعار العالمية للقمح، مشيراً إلى وجود مسارين: "الأول هو التحول إلى الدعم النقدي المشروط مع تحرير أسعار القمح والدقيق، والثاني رفع سعر رغيف الخبز بصورة تدريجية".
من جانبه، قال رئيس شعبة المخابز عطيى حماد: " إن جميع المشاكل التي يواجهها القطاع سببها السعر الحالي لرغيف الخبز، مشيرا إلى أن الدولة تسعى لإعادة تسعيره مع مراعاة محدودي الدخل."
وزعم حماد، أنه ليس كل من يملك بطاقة تموين يستحق الدعم، وليس كل من يملك البطاقة محدود الدخل، يوجد منهم معدومي الدخل
وأضاف في تصريحات إعلامية : «الدولة لن تمسهم بشيء، وستعيد تسعير الخبز وتكلفته بالنسبة لصاحب المخبز، ووزارة التموين؛ لأن أصحاب المخابز يعانون بسبب سعر الرغيف»
وقد أثارت تصريحات رئيس الوزراء حول زيادة سعر الخبز مخاوف وغضب المصريين، على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بين صفوف المؤيدين واللجان الإلكترونية، وسط تساؤلات عن كيفية مواجهة المواطن البسيط للزيادة المستمرة في أسعار السلع الأساسية والخدمات، مع ثبات الدخل الشهري.
وكتبت سالي سمير: "انتو لو قاصدين الناس تعمل ثورة مش هاتظبطوها كده، قرارات غبية من البنك المركزي، هايترتب عليها ارتفاع أسعار وعدم توفير سلع، فلاقيتوا ده مش كفاية فتزودوا انتو الأسعار، أحمس والله".
وعلق عمرو الهواري: "أنا ماعنديش مانع في تحرير سعر الخبز، أنا مع السوق الحر، بس والنبي بلاش قرارات مالهاش لازمة بتمس الشركات والمصانع من غير دراسة ولا تأثير ده على السوق".
وتساءلت نبيلة السيد: "إيه بقى اللي الحكومة بتقدمه للمواطن المطحون المفروم، في زيادة الأسعار الرهيبة والضرائب والرسوم الفلكية، على الخدمات دي!!!؟".
وأضافت إسراء: "هو أنا ماليش دعوه رغيف العيش بتاع التموين يزيد ولا لأ، لأن العيش الحر أصلاً غالي بقاله شهرين، بس بجد حرام بقية السلع تزيد بقرارات النهاردة، الفراخ وصل سعرها لـ40 جنيه النهاردة واللحمة وصلت 170، ولسه دخول رمضان".
وسخر سلامة: "عارفين إنها نشفت ولم يعد فلوس في الجيوب، ومافيش إنتاج في البلد، وبعد غلاء الخبز سيكون البديل الأرز، الأرز استهلاكه هايزيد، وهاتستورد أرز، والأرز أغلى من القمح، طيب نعمل إيه ومفيش دولارات؟ دوخيني يا لمونة".
تمهيد لزيادات جديدة في الوقود
وفي سياق متصل، قال مصطفى مدبولي إن "الزيادة التي فرضتها حكومته على أسعار الوقود مؤخراً لم تتجاوز 9.7%، على الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار النفط عالمياً، والذي وصل إلى 54%، وهو ما سيلقي بتبعاته مستقبلاً على قرارات اللجنة الوزارية المعنية بمراجعة أسعار بيع بعض أنواع الوقود كل ثلاثة أشهر".
وأضاف مدبولي، في المؤتمر الصحافي ذاته، أمس الأربعاء: "البعض قال إن الدولة استغلت فوز المنتخب الوطني للكرة على نظيره الكاميروني في نصف نهائي بطولة كأس الأمم الأفريقية لرفع أسعار البنزين، في إطار الدعابات والمرح على مثل هذه القرارات من جانب الشعب المصري، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي".
وتابع: "35% من نسبة التضخم في مصر حالياً قادمة من الخارج، بسبب ارتفاع أسعار الوقود والشحن عالمياً، ومصر جزء من العالم الذي يشهد فترة شديدة الاضطراب والاستثناء، يعاني فيها موجة تضخم غير مسبوقة، وسط توقعات ببلوغ التضخم نسبة 5.5% في دول العالم المتقدم، تزيد إلى 7.5% في الولايات المتحدة، في أعلى معدل للتضخم تشهده أميركا منذ 40 عاماً".
وقال: "نسبة التضخم في مصر تبلغ 8% في الوقت الراهن، وهي نفس نسبة التضخم قبل أزمة تفشي جائحة كورونا"، مضيفا: "التقدم الاقتصادي في أي دولة يجب أن يواكبه زيادات طفيفة في الأسعار والتضخم، والحكومة تستهدف الحفاظ على معدل يبلغ 7% (زائد أو سالب 2%)، وتمضي قدماً في هذا الإطار".
وزعم أن بلاده "حققت نسبة نمو بلغت 9% في النصف الأول من العام المالي الجاري (2021-2022)، وهو ما يعطيها الثقة في الوصول إلى نسبة 6% خلال النصف الثاني من العام المالي، والمقرر أن ينتهي في 30 يونيو/حزيران 2022، حتى تكون مصر من أعلى معدلات النمو في العالم".
أزمة بين منظمات الأعمال والمركزي المصري
وفيما يتعلق بقرار البنك المركزي وقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ عمليات الاستيراد، وقصر العمل على الاعتمادات المستندية اعتباراً من 1 مارس/آذار المقبل، قال مدبولي: "تابعنا ما يُثار من أقاويل حول موضوع حوكمة منظومة الاستيراد، والتي الهدف منها ليس إعاقة الصناعة الوطنية، ولكن تنظيم آليات السوق بالتنسيق مع البنك المركزي".
وقال: "الإجراءات الجديدة هدفها حماية وتعميق الصناعة الوطنية، وضمان جودة المنتج المستورد من الخارج"، مضيفا أن "الحكومة ستتناول تفاصيل هذا الموضوع بوضوح خلال الفترة المقبلة".
وأثار قرار البنك المركزي المصري بوقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية انتقادات واسعة في الأوساط الاقتصادية والمنظمات الممثلة للصناع والتجار والمستثمرين.
وأرسلت العديد من منظمات الأعمال في مصر، ومنها اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال، خطاباً إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، انتقدت فيه القرار وطالبت بإلغائه فوراً نظراً لتداعياته السلبية على إمداد الصناعة باحتياجاتها من مستلزمات الإنتاج للصناعة وكذلك على الصادرات بزيادة تكاليف الإنتاج، وتأثيرها السلبي على ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري.
وكان البنك المركزي المصري قد أصدر، الإثنين الماضي، قراراً بوقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية وقصر العمل على الاعتمادات المستندية فقط، اعتباراً من بداية مارس/ آذار المقبل، بهدف السيطرة على سعر الدولار في مقابل الجنيه من خلال تحجيم عمليات الاستيراد من الخارج.
واستثنى قرار البنك المركزي فروع الشركات الأجنبية في مصر والشركات التابعة لها، مع السماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها بالفعل قبل صدور القرار. وقال البنك، في خطاب وجهه للبنوك العاملة في السوق، إنّ "القرار يأتي في إطار توجيهات مجلس الوزراء بشأن حوكمة عملية الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات المقرر تطبيقها بصورة إلزامية اعتباراً من 1 مارس/ آذار 2022"
وأكد مصدر مسؤول بشعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية بمصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار البنك المركزي بتفعيل نظام الاعتمادات المستندية سيؤدي إلى رفع أسعار السلع المستوردة، نتيجة الأعباء المالية الذي سيتحملها المستورد جراء فتح الحساب المستندي، في وقت تعاني فيه الأسواق من حالة ركود.