الهند تواصل محو هوية كشمير الإسلامية

الخميس - 21 أكتوبر 2021

المنطقة ذات الأغلبية المسلمة تشهد جرائم قتل واضطهاد كبيرة للمسلمين

الهند تتمتع بالإفلات من العقاب داخل المجتمع الدولي على غرار إسرائيل

 

مع تسريع خطط حكومة الهند المتطرفة بزعامة رئيس الوزراء الهندوسي المتطرف " ناريندرا مودي" عملية "هندسة" وتغيير هوية كشمير، تشهد المنطقة ذات الأغلبية المسلمة جرائم قتل واضطهاد كبيرة للمسلمين.

تغيير التركيبة السكانية بنقل مستوطنين هندوس من مدن الهند المختلفة الي كشمير وتمكينهم من ملكية أراضي هناك وتعيينهم بدل الكشميريين في الوظائف العليا، تسارع منذ إلغاء الحكم الذاتي لأقليم كشمير وضمه لحكم الهند 5 أغسطس 2019.

منذ ذلك الحين تصاعدت هجمات الشرطة والجيش على المسلمين، تعاونهم مجموعات هندوسية متطرفة مثل منظمة "RSS" التي تعتنق عقيدة "هندونفا" التي لا تري أي حق لغير الهندوس في الهند، على المسلمين.

دفع هذا حركات مسلحة مسلمة مثل "حركة المقاومة" التي تقاوم الاحتلال الهندي لكشمير على غرار المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة لتصعيد مقاومة المحتل الهندي والرد بقتل المستوطنين الهندوس.

تحاول الحكومة الهندية تصوير الأمر على انها تحارب "إرهابيين" قادمين من باكستان لكشمير لتبرر العنف الذي تواجه به المسلمين وفرضت الطوارئ.

تزعم أن من يقاومون احتلالها لكشمير وتهجيرهم واستقدام مستوطنين هندوس إرهابيين برغم إنها تفعل الشيء نفسه في ولايات آسام وأوتار براديش وغيرها بدعاوي أن المسلمين يهاجرون اليها وليسوا من سكانها الأصليين.

قانون 2019 الذي سنته الحكومة الهندوسية المتطرفة كان أشبه بضم "أراضي كشمير المحتلة" للهند، ونقل هندوس من مدن هندية لكشمير لتغيير هويتها، على غرار ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية بعد زرعها بالمستوطنات اليهودية.

ضمن هذه الخطة جري نقل أعداد من الهندوس المتطرفين تحميهم حركة "راشتريا سوايامسيفاك سانغ" الهندوسية المتطرفة المعروفة اختصاراً بـ"آر إس إس""RSS" التي تشجع أنصارها علي قتل المسلمين وتخريب الشركات المملوكة للمسلمين وإغلاقها قسراً ومقاطعتها.

نفذت هذه المجموعات عشرات المجازر والاعتداءات ضد المسلمين لطمس وتغيير هوية المنطقة المسلمة، وكما فعلوا في ولايات آسام، وأوتار براديش، أواخر سبتمبر 2021.

خلال أسبوع واحد هو ثاني اسبوع في أكتوبر الجاري 2021 قتلت الهند 10 كشميريين "أبرياء" واعتقلت قرابة 1000 من المسلمين بدعاوي مواجهة إرهاب المسلمين بينما هم مقاومين للمحتل على غرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين.

بحسب وكالة اسوشيتدبرس 10 أكتوبر 2021 قُتل ما لا يقل عن 28 شخصًا، بينهم سياسيون، في كشمير هذا العام في هجمات، منهم 21 مسلم و7 هندوس وسيخ.

وخلال أكتوبر الجاري قُتل سبعة أخرين في حوادث منفصلة، أربعة منهم من الهندوس والسيخ، وثلاثة مسلمين، لكن الإعلام العالمي يركز فقط على الضحايا الهندوس.

وزارة الخارجية الباكستانية اتهم القوات الهندية بقتل 10 كشميريين أبرياء وبأنها لم تعد حتى جثامين الضحايا إلى عائلاتهم عقب ما تعتبره الهند "سلسلة هجمات شنها متشددون" في المنطقة المتنازع عليها.

المتحدث وزارة الخارجية الباكستانية، عاصم افتخار أحمد، اتهم نيودلهي باعتقال ألف و400 كشميري في الأيام الأخيرة بتهم "باطلة"، وأشار إلى أن بلاده "تدين بشدة الاعتقالات والقمع في كشمير".

العدوان الهندي تصاعد في اعقاب رد المقاومة الكشميرية بقتل 4 مدنيين هندوس وسيخ قالت انها يتعاونون مع الاحتلال وأعضاء في منظمة "RSS" المتطرفة، ثم قتلت اثنين أخرين، ورد الاحتلال بقتل العشرات.

مسؤولو الشرطة الهندية يقولون إن جماعة المقاومة هي الجبهة المحلية لجماعة "عسكر طيبة" التي تتخذ من باكستان مقراً لها، كي تبرر عدوانها على المسلمين.

وظهرت جبهة تحرير مورو الإسلامية، أو "جبهة المقاومة" في أعقاب تحرك الحكومة الهندية لتقسيم ولاية جامو وكشمير إلى منطقتين تحت الإدارة الفيدرالية في أغسطس 2019

حولت الهند الإقليم لثكنة عسكرية ونشرت قرابة مليون جندي وضابط من القوات العسكرية وشبه العسكرية المتمركزة في المنطقة، وأغلقت الإقليم تماما وقطعت الاتصالات الهاتفية والإنترنت والبث التلفزيوني.

وضعت في السجن القيادة السياسية الكشميرية بأكملها، واعتقلت ما لا يقل عن 13 ألف شاب كشميري وأخضعت العديد منهم للتعذيب.

قتلت قواتها مئات القتلى وآلاف الجرحى الكشميريين ممن احتجوا وتظاهروا، واستخدم جنودها الاغتصاب كسلاح حرب على طريقة الصرب، وهدم وحرق أحياء وقرى بأكملها، وقيدت حرية الدين والتعبير والتجمع.

نفس سياسات اسرائيل

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان اتهم نظيره الهندي ناريندرا مودي، بنسخ قواعد اللعبة الإسرائيلية من خلال السماح للمستوطنين بالحصول على أراضٍ في المنطقة المتنازَع عليها منذ عام 1947.

قال لموقع Middle East Eye البريطاني 18 أكتوبر 2021 إن الهند تتمتع بنفس النوع من الإفلات من العقاب داخل المجتمع الدولي على غرار إسرائيل، وتسعي لتغيير التوازن الديموغرافي لإقليم كشمير، تماماً كما تفعل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قال إن مودي يسمح للمستوطنين الهندوس بالحصول على أراضٍ في المنطقة المتنازَع عليها منذ عام 1947.

ورأى خان أن الهند استفادت أيضاً من الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والوحشي للأراضي الفلسطينية والإفلات من العقاب الذي تتمتع به تل أبيب نتيجة تحالفها مع الولايات المتحدة، وزادت قمعها للمعارضة في كشمير.

وصف خان كشمير الخاضعة للإدارة الهندية بأنها سجن مفتوح، واتهم الهند بخرق اتفاقية جنيف من خلال تغيير الدستور الهندي لإنهاء الحكم الذاتي الكشميري.

مثلما تفعل إسرائيل في القدس والضفة الغربية، تعمل حكومة الهند على تغيير النسيج الديموغرافي في الإقليم، بعد إقرار قانون جديد يسمح للهندي من خارج كشمير بالبناء والتملك فيها.

ضمن عملية الابتلاع والتطهير العرقي وتحويل الأغلبية المسلمة في كشمير إلى أقلية ضعيفة مفككة مقهورة، أصدرت الهند في السنتين الأخيرتين 4.2 مليون شهادة إقامة لتغيير الهيكل الديموغرافي في الإقليم.

وكانت وزارة الداخلية الهندية أصدرت أكتوبر 2020، مجموعة قوانين جديدة للأراضي الخاضعة للإدارة الهندية في كشمير، مما أتاح لأي مواطن هندي شراء أرض في المنطقة.

وقد رصد تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية 11 أغسطس 2021 تفاصيل عمليات التطهير العرقي و"هندسة" الهند للتركيبة السكانية وتغييرها لطمس الهوية الاسلامية بجلب الهندوس للإقليم وطرد المسلمين وقمعهم وقتلهم.

وأكد أن "الهند تعمل على إعادة الهندسة الديموغرافية لسكان كشمير" عبر برنامج لترسيم الحدود، وأخر لتقسيم دوائر كشمير وجامو الانتخابية إلى عدة وحدات انتخابية جديدة بطريقة تعطي ثقلاً عددياً للمنطقة الجنوبية من جامو، حيث يتركز الهندوس الذين جلبتهم حكومة الهند وأعطتهم حق الاقامة هناك.

أوضح التقرير أن "هذه التغيرات الديموغرافية، مع إعادة تشكيل الدوائر الانتخابية ستسمح للسياسيين الهندوس القوميين بتحقيق هدفهم القديم المتمثل في تنصيب رئيس وزراء هندوسي في كشمير".

تقع كشمير بين الهند وباكستان والصين في شمال شرق آسيا، وتبلغ نسبة المسلمين فيها حوالي 90% والهندوس 8% والسيخ نحو 1%.

ويخشى عديد من الكشميريين أن تكون النية النهائية لحكومة مودي هي تغيير التركيبة السكانية للمنطقة جذرياً من خلال السماح للناس من خارج الولاية بشراء الأراضي.

فمنذ أغسطس/آب 2019 أرسل "مودي" عشرات الآلاف من القوات الإضافية إلى الولاية ذات الأغلبية المسلمة، وفرض حظر التجول وأعلن إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، التي ضمنت الحكم الذاتي لكشمير لأكثر من 70 عاماً.

جرائم حرب ضد المسلمين

وقد اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش اتهمت حكومة الهند في بيان 7 أكتوبر 2021 بانتهاك حقوق الإنسان وتنفيذ سياسات قمعية أدت إلى زيادة انعدام الأمن بين الكشميريين.

وقالت إن "قوات الأمن الهندية لها تاريخ طويل في ارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القضاء لأشخاص يُزعم أنهم متشددون في عمليات مكافحة التمرد".

كما أشار تقرير صادر عن مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في عام 2019 أكد أن الهجمات في كشمير أسفرت عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص منذ عام 1989 غالبيتهم من المسلمين.

وفي 14 سبتمبر 2021 كشفت باكستان وثائق تدين الهند بارتكاب "جرائم حرب" في كشمير عبارة عن ملف من 131 صفحة، يتضمّن وثائق وأدلة صوتية ومرئية تدين الهند.

ينقسم الملف إلى ثلاثة أقسام، الأول يتناول جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الهندي، والثاني حركة المقاومة المحلية، والثالث يتناول فرض التغيير الديمغرافي بغرض حصار الكشميريين وتقليص وجودهم.

وترجع جذور النزاع حولها إلى فترات قديمة في التاريخ، فالمنطقة كانت تابعة للعديد من الدول، بدءاً بالدولة الإسلامية أيام الدولة الأموية حتى ظهور المغول ونزعها من المسلمين.

ومنذ تقسيم شبه القارة الهندية في 1947، أصبحت كشمير محلا للنزاع بين الهند وباكستان وبسبب هذا الإقليم اندلعت الحرب بين الجارتين النوويتين ثلاث مرات أعوام 1948، 1965، و1971.

وقتل خلالها نحو 70 ألفًا من الطرفين. فضلاً عن الحوادث الحدودية التي تقع على فترات بين البلدين النوويتين.

وترفض الهند حل الصراع عبر الاستفتاء الشعبي لتقرير مصير الإقليم لأنها تعرف النتائج مسبقا والتي لا تصب في مصلحتها حيث أن أغلبية الشعب في كشمير من المسلمين ويفضلون الانضمام لباكستان.