اليمن السعيد بات تعيسا.. ويدفع ثمن أطماع أولاد زايد وبن سلمان
السبت - 2 أكتوبر 2021
خاص
تؤكد تسارع الأحداث باليمن ، أن من سوء حظ اليمنيين أن الكارثة التي حلّت بهم مزدوجة ولا وجود لمخرج ، ولم تكتف الأقدار بجلب الانقلاب الحوثي الذي أحال حياة الناس شمالاً إلى جحيم، بل جعلت مصير سُكّان محافظات الجنوب والشرق تحت رحمة سلطة عبثية مماثلة، مع فارق أن الأداء الكارثي للأخيرة يحظى باعتراف دولي، وأصبح اليمن بسياسات أبناء زايد وأبناء سلمان " اليمن التعيس" بعد دفع الشعب ثمن فشل وأطماع هؤلاء ، وشهدت اليمن على مدار الأيام الماضية انهيار سياسي واقتصادي وعسكري شامل دفع اليمنيون للشارع، وفي نفس السياق ، تسعى كل من "الرياض" و"واشنطن" لأحياء المبادرة السعودية لوقف الحرب ، وفي محاولة لإنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار سعت الحكومة اليمنية لتحرير أرصدة يمنية مجمدة لمواجهة المجاعة بالمدن اليمينة ، ومؤخرا تمت صفقة أسرى جديدة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل .
تعرضت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، الحكومة اليمنية لانهيارات شاملة على كافة المستويات. فشل سياسي وعسكري واقتصادي، حتى جبهة التغريد على "تويتر"، والتي يتفوق فيها مسؤولوها على الحوثيين من حسابات مطرزة بالعلامة الزرقاء، انهارت هي الأخرى. أكثر من سبع مديريات في محافظات البيضاء وشبوة ومأرب التهمها الحوثيون في غمضة عين. الريال اليمني في مناطق الشرعية فقد نحو 20 في المائة من قيمته خلال شهر فقط. أما في المجال السياسي، فالخيبة هي أبرز الثمار المحققة في كل المحافل الإقليمية والدولية.
هذا الفشل المزدوج، لم يدفع الحكومة الشرعية للظهور ومكاشفة الشارع اليمني حول حقيقة ما جرى وما سيجري خلال المرحلة المقبلة، أو الإعلان عن معالجات سريعة لمكامن الخلل أو محاسبة المقصرين. إذا كان سقوط مديريات عدة، وانهيار الريال إلى 1200 أمام الدولار الواحد، أي بفارق 100 في المائة عن أسعار الصرف في صنعاء، لم يستفز قيادة "الشرعية"، فما هو الحدث الجلل الذي يمكن أن يقضّ مضاجعها ويجعلها تفيق من سباتها الطويل؟
أي انتكاسة عسكرية لا يتحملها الجندي المرابط في خطوط النار منذ أشهر من دون مرتب ولا سلاح نوعي يصدّ به الهجمات الحوثية المزودة بكافة الإمكانات الإيرانية المتطورة، بل تتحملها الحكومة الشرعية التي يقاتل هذا الجندي تحت رايتها، وأي تدهور اقتصادي لا يتحمله المضاربون بالعملة، بل السلطات الحكومية المسؤولة عن حماية المواطن من السماسرة وتجار الأزمات.
لقاء سوليفان وبن سلمان وتأكيد على إنهاء النزاع في اليمن
وفي سياق متصل ، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ، خلال زيارته للسعودية ، تأييد بايدن لهدف المملكة الدفع نحو حل سياسي دائم وإنهاء النزاع اليمني، ودعم الولايات المتحدة التام لهذه المقترحات وجهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة.
وخلال اللقاء الذي حضره المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة في اليمن، والتي تتضمن وقف إطلاق نار بمراقبة أممية.
ودعا المسؤولان إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية للوصول إلى حل سياسي دائم وإنهاء النزاع اليمني، وأكدا أهمية مشاركة الحوثيين بحسن نية في المفاوضات مع الحكومة الشرعية، تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما شددوا علي دعم مقترح الأمم المتحدة بشأن السماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي للرحلات من وإلى محطات مختارة، إضافة إلى الرحلات الإغاثية الحالية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية بناء على المرجعيات الثلاث برعاية الأمم المتحدة".
وفي آذار/ مارس الماضي، رفضت جماعة الحوثي على لسان المتحدث باسمها، كبير مفوضيها محمد عبد السلام، مبادرة السعودية لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن، بعد فترة قصيرة من إعلانها من جانب وزير الخارجية فيصل بن فرحان.
وفي وقت سابق الشهر الجاري، طرح عضوان بارزان في الكونغرس الأمريكي مشروعا يُمنع بموجبه تقديم أي دعم عسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
أزمات اقتصادية متفحلة ..
ومنذ أمس الخميس أطلقت الحكومة اليمنية في محاولة لإنقاذ الاقتصاد المنهار، خطة لاستيعاب الأرصدة المالية المحررة من قبل البنوك البريطانية واستخدامها لتخفيف الضغوط التي يواجهها سوق صرف النقد وتقليص الطلب على النقد الأجنبي، الذي أثر على استقرار أسعار السلع والخدمات، ما انعكس سلباً على مستوى حياة اليمنيين المعيشية وأسعار السلع والخدمات.
وأكد البنك المركزي اليمني في عدن أنه يسعى إلى تلبية طلبات النقد الأجنبي لاستيراد المشتقات النفطية، وفقاً للخطة المقرة من مجلس إدارة البنك بهذا الشأن.
مسؤول في البنك المركزي لـ"العربي الجديد" : إطلاق الأرصدة المالية من بنك إنكلترا، جاء بعد ماراثون مضنٍ من الجهود منذ مطلع 2020 عقب نفاد الاحتياطي النقدي من الدولار، ويقدر المبلغ الذي تم فك تجميده بنحو 200 مليون دولار، سيستخدم في سداد مستحقات التجار المستوردين والمزودين لشركة النفط الحكومية بالمشتقات النفطية، مع إلزام التجار بتقديم الوثائق اللازمة لاستكمال إجراءات سداد مستحقاتهم وتحويلها إلى حساباتهم في الخارج.
ألقى الانهيار القياسي الأخير في العملة اليمنية بتبعات قاتمة ومخاوف كبيرة في سوق الصرف وتجار الوقود الذي تشهد أسعاره ارتفاعات متواصلة واختناقات متكررة في أكثر من مدينة يمنية خصوصاً الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية.
وقرر اتحاد ملاك محطات الوقود الخاصة في محافظات "عدن – لحج – أبين – الضالع" تعليق العمل في جميع محطات الوقود الخاصة ابتداء من الثلاثاء الماضي، حتى يتم الجلوس مع الجهات المعنية .
والبنك الدولي: 70% من سكان اليمن يواجهون خطر المجاعة
وفي وقت سابق ، حذر البنك الدولي أمس الثلاثاء من أن نحو 70% من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة في بلد يُعد بالفعل من بين أكثر بلدان العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي.
وقال البنك في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني إن الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من 6 سنوات خلّف ما لا يقل عن 24.1 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 12.3 مليون طفل و3.7 ملايين نازح داخليًا.
وأكد التقرير الدولي أن الصراع دمر الاقتصاد اليمني، حيث انخفض إجمالي الناتج المحلي بمقدار النصف منذ 2015، ما وضع أكثر من 80% من إجمالي السكان تحت خط الفقر.
ومن أثار أنهيار الاقتصاد اليمني ، تصاعدت المظاهرات الغاضبة على مدار الأيام الماضية، و تجددت الاحتجاجات الغاضبة في تعز جنوبي اليمن حيث جابت مسيرة حاشدة شوارع المدينة تنديدًا بتدهور الأوضاع المعيشية وفساد الحكومة.
واتسعت رقعة الاحتجاجات المنددة بانهيار العملة وضعف الخدمات خصوصًا في محافظة تعز التي شهدت الإثنين احتجاجات واسعة في مدنها ، وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط حكومة معين عبد الملك، ورفعوا لافتات ضد الغلاء وانهيار العملة الوطنية.
يأتي ذلك بالتزامن مع عصيان مدني ينفذه تجار وملّاك المحال التجارية في تعز منذ أمس الإثنين، تنديدًا بانهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار
وأغلقت مئات المحلات التجارية في المدينة أبوابها لليوم الثاني على التوالي احتجاجًا على انهيار العملة والغلاء الفاحش، في وقت تصاعدت فيه المظاهرات بوسط تعز.
وطالبت الحكومة اليمنية، الإثنين الماضي ، المجتمع الدولي بدعم مالي عاجل لتفادي مزيد من الانهيار الاقتصادي في البلاد، حيث قال وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الإجراءات التي اتخذتها حكومته للتخفيف من الآثار الاقتصادية المدمرة للحرب “ليست كافية”.
واستمر تراجع العملة اليمنية بشكل غير مسبوق في تاريخها، نجم عنه ارتفاع حاد في الأسعار، وسط عجز ملحوظ في وضع حلول لوقف التدهور في بلد يواجه أزمات إنسانية ومعيشية صعبة.
وتراجع الريال اليمني إلى مستوى قياسي جديد الثلاثاء من الأسبوع الماضي، في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة، حيث بات سعر الدولار يساوي 1015 ريالًا يمنيًا.
وفي منتصف الشهر الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من تفاقم أزمة الجوع باليمن بسبب ارتفاع الأسعار.
من جانبها رفضت جماعة الإخوان باليمن سياسات تجويع الشعب اليمني وطالبت حلول اقتصادية فاعلة للرفع المعاناة عن الشعب اليمني .
بوبليكو: تغيرات ابن زايد ليست أكثر من مناورة بالمنطقة
وعن الدور الإماراتي وتشابكه معه الدور السعودي والمنافسة بين الطرفين على السيطرة على اليمن ، قالت مجلة بوبليكو الإسبانية، إن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، هو الشخصية الأكثر إثارة للقلق في الشرق الأوسط، وتدخل في كل نزاعات المنطقة بشكل مباشر،وعلي راسها اليمن ، لكنه الآن يعيد حساباته، ويأمل أن تأتي رياح مواتية من واشنطن مجددا.
وقالت المجلة، في تقرير ترجمته "عربي21" إن مؤامرات ابن زايد سممت الأجواء السياسية من ليبيا، إلى تونس، ومن اليمن إلى مصر وقطر، إضافة إلى تركيا، عبر تدخلات عسكرية بجيشه، ودفع الأموال للمليشيات وتزويدها بالسلاح في ليبيا، أو عبر زعزعة الاستقرار كما في تونس، وعبر نصب أفخاخ ضد دولة أخرى كما حصل في قطر، أو تدبير انقلاب مثل الذي جرى بتركيا وفشل.
متى يعترف ابن سلمان بالهزيمة في اليمن ؟
بينما تنفق المملكة نحو 200 مليون دولار كل يوم من أيام حرب اليمن، فإنها لم تجني سوى اتساع رقعة السخط في العالم العربي والإسلامي ضد سياسات آل سعود، وبينما زعم الأمير المنشار محمد بن سلمان بأنه يستطيع اجتثاث الحوثي خلال أيام قليلة، إلا إنه وعلى مدار ثلاث سنوات لم يفعل ذلك، بل كانت النتائج عكسية لصالح الحوثيين برا وجوا وبحرا.
وبالأمس استجدى ابن سلمان المجتمع الدولي أن يحميه من هجمات الحوثي، واليوم يستجدي الحوثيين أنفسهم للموافقة على مبادرته الانهزامية، بعدما لوح لهم بالراية البيضاء، وكانت أبرز هزائم بن سلمان التي تضاف إلى إخفاقه العسكري خسارة السعودية لـ100 مليار دولار كنفقات للعدوان، وصورة دبلوماسية مشوهة حول العالم، في الوقت الذي تزايدت فيه قوة الحوثيين، وهو ما دفع السعودية للبحث عن مبادرة سلام، حيث تدفع السعودية بقوة نحو تسوية سياسية في اليمن.
ست سنوات مضت على الحرب في اليمن، التي شنها التحالف العسكري بقيادة السعودية، والآن تقدم المملكة مبادرة سلام لإنهاء هذه الحرب، فهل يعني هذا نهايتها الفعلية على أرض الواقع؟
وفق بيانات للأمم المتحدة فقد قُتل أكثر من 230 ألف مدني في اليمن، ويعاني ملايين الأشخاص من الجوع والأمراض، كما تسببت جائحة كورونا في انهيار ما تبقى من أشلاء النظام الصحي في اليمن.