تقرير حقوقي: اتساع انتهاكات حرية الصحافة في مصر
الثلاثاء - 11 مارس 2025
- إعادة تدوير الصحفيين في قضايا جديدة للتحايل على الحد الأقصى للحبس الاحتياطي
- استمرار حجب المواقع الصحفية وفرض رقابة تعسفية على الإعلام دون مبرر قانوني
- دعوات حقوقية متزايدة للإفراج عن الصحفيين المحتجزين وضمان حقوقهم الأساسية
إنسان للإعلام- تقرير:
أصدرت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" نشرة خاصة ترصد الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون والعاملون في الحقل الإعلامي خلال شهر فبراير 2025، في ظل تزايد القيود المفروضة على وسائل الإعلام. وأبرز التقرير استمرار التضييق على حرية الصحافة واتساع الهيمنة الأمنية على القطاع الإعلامي، مما يشكل انتهاكًا صريحًا للضمانات الدستورية المتعلقة بحرية التعبير وتدفق المعلومات.
كما وثقت المفوضية استمرار ممارسات حجب المواقع والرقابة على الإنترنت، فضلًا عن إعادة تدوير الصحفيين والإعلاميين في قضايا جديدة أثناء فترات احتجازهم، في تجاوز واضح للحدود القانونية للحبس الاحتياطي. ويسلط التقرير الضوء على المخاطر المتزايدة التي يواجهها الصحفيون في مصر، في ظل استخدام القوانين كأداة لتقييد حرية الإعلام وتكميم الأصوات الناقدة.
انتهاكات متواصلة
رصدت المفوضية في تقريرها أبرز الانتهاكات التي شهدها الوسط الصحفي والإعلامي خلال شهر فبراير الماضي، حيث استمرت السلطات في ممارسة الحجب والرقابة على الإنترنت، مستهدفة مواقع مصرية محلية وأخرى عربية. كما وُجهت للصحفيين تهمٌ بموجب المادة 188 من قانون العقوبات، مثل "تكدير السلم العام" ونشر أخبار كاذبة.
وتناول التقرير ظاهرة إعادة تدوير الصحافيين والإعلاميين في قضايا جديدة أثناء احتجازهم، بهدف التحايل على الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المقدر بعامين، وقيام نيابة أمن الدولة العليا بتجديد حبس عدد من الصحافيين خلال الشهر الماضي.
ومن بين الحالات التي تم رصدها، تجديد النيابة حبس الصحفي في موقع "إرم نيوز" أحمد بيومي لمدة 15 يوماً على ذمة تحقيقات القضية رقم 5054 لسنة 2024، حيث يواجه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويل الإرهاب.
وكان "بيومي" قد اعتقل من منزله بمحافظة الجيزة في 16 سبتمبر الماضي، واحتجز خارج إطار القانون لمدة 47 يوماً، دون معرفة فريق الدفاع عنه أو أسرته بمكان احتجازه.
وفي 3 فبراير الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق لمدة 15 يوماً، على ذمة القضية 4937 لسنة 2024، بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. ووفقاً لزوجته الفنانة التشكيلية نجلاء سلامة، فقد تمت مداهمة منزلهما، ومصادرة مسودات كتبه وأجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة.
وأبدت قلقها حيال حالته الصحية، مطالبة بعرضه على أطباء مختصين، وهو المطلب نفسه الذي تقدمت به لجنة الدفاع عنه، حيث أنه مريض سكري وضغط ومسالك.
وطالبت أيضا بزيارة استثنائية كل 15 يوما من أجل إحضار أدويته وطعامه الخاصة به في محبسه.
أما المترجم ورسام الكاريكاتير أشرف عمر، فقد قررت محكمة جنايات القاهرة في 5 فبراير الماضي تجديد حبسه لمدة 45 يوماً على ذمة القضية رقم 1968 لسنة 2024، حيث يواجه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وتمويل الإرهاب.
وقد اعتقل عمر من منزله في 22 يوليو الماضي، وظل رهن الاحتجاز غير القانوني لمدة يومين قبل عرضه على النيابة.
وفي السياق ذاته، جددت دائرة الإرهاب في محكمة جنايات القاهرة بمدينة بدر، في 5 فبراير، حبس الصحفي ياسر أبو العلا لمدة 45 يوماً احتياطياً على ذمة القضية رقم 1568 لسنة 2024، والتي يواجه فيها اتهامات مشابهة.
وفي اليوم نفسه، وبالقضية والاتهامات ذاتها، تم تجديد حبس الصحفي رمضان جويدة، الذي أُلقي القبض عليه في الأول من مايو 2024 من مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وظل مختفياً قسرياً لمدة 40 يوماً قبل ظهوره في 10 يونيو أمام النيابة.
وشهد اليوم ذاته تجديد حبس الصحفية دنيا سمير فتحي الدسوقي لمدة 45 يوماً احتياطياً على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2022، بسبب نشرها فيديو على فيسبوك يتناول مضايقات تعرضت لها من محافظ جنوب سيناء.
وفي 9 فبراير الماضي، جددت نيابة أمن الدولة حبس الصحفي أحمد سراج لمدة 15 يوماً على ذمة القضية رقم 7 لسنة 2025، وذلك بعد إجرائه حواراً صحفياً نشر على موقع "ذات مصر" مع زوجة رسام الكاريكاتير أشرف عمر حول واقعة اعتقاله.
وفي 10 فبراير، جددت دائرة الإرهاب بمحكمة جنايات القاهرة حبس الصحفي خالد ممدوح لمدة 45 يوماً على ذمة القضية رقم 1282 لسنة 2024، حيث يواجه اتهامات مماثلة، وكان قد اعتقل في 16 يوليو الماضي من منزله بالمقطم، وبقي محتجزاً في مكان غير معلوم لمدة 6 أيام قبل عرضه على النيابة والتحقيق معه.
حجب المواقع
وتناول تقرير "المفوضية المصرية للحقوق والحريات» استمرار حجب السلطات المصرية للمواقع الصحفية وآخرها موقع "زاوية ثالثة".
وكان الموقع كشف في بيان رسمي، تفاصيل تعرّضه للحجب في مصر، مبينا أن مستخدميه واجهوا صعوبات متزايدة في الوصول إليه منذ 15 فبراير الماضي.
ووفقًا للبيان، بدأ الحجب بشكل تدريجي عبر شبكات مختلفة، حيث كانت شبكة اتصالات «فودافون» أول من طبق القرار، تبعتها شبكات أخرى بأساليب متباينة، إذ حجبت بعض الشركات الموقع تمامًا، في حين تركت أخرى إمكانية الوصول إليه غير مستقرة، في آلية وصفها الموقع بأنها "ليست مصادفة، بل تنفيذ مدروس".
ولفت الموقع إلى أن الحجب نُفّذ باستخدام تقنية هجوم إعادة الضبط، التي تمنع المستخدمين من الوصول إلى الموقع عبر قطع الاتصال به بشكل متكرر، مما يجعله متاحًا بشكل غير منتظم.
واعتبر الموقع أن هذه التقنية تعكس تباينًا في تنفيذ الحجب بين الشبكات، لكنها في النهاية تهدف إلى فرض قيود على المحتوى دون ظهور واضح لعملية المنع.
وتساءل عن الجهات التي تتخذ قرارات الحجب، وعن تأثيرها على حق الجمهور في الوصول إلى مصادر متعددة للمعلومات.
وأشار إلى أن حجب المواقع الصحافية ليس مجرد إجراء تقني، بل موقف مما تعنيه المعرفة والحقيقة، معتبراً أن مثل هذه القرارات "تعيد تشكيل المجال العام وتحدد ما يمكن تداوله من معلومات."
وقال كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، مدير برنامج لجنة حماية الصحفيين إن حجب موقع «زاوية ثالثة» هو مثال آخر على قيام السلطات المصرية بفرض الرقابة التعسفية على وسائل الإعلام دون مبرر قانوني.
مطالب الحرية
في السياق، رصد تقرير «المفوضية» جهود نقابة الصحفيين للإفراج عن أعضائها المعتقلين، موضحا أن أسر الصحفيين المحبوسين، أطلقوا نداء إنسانيا موجها إلى كل الجهات المعنية، خلال اجتماعهم بنقيب الصحافيين خالد البلشي، في 27 فبراير الماضي، طالبوا فيه بالإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين، الذين يتجاوز عددهم 23 صحافيا، بالإضافة إلى الإفراج عن كل سجناء الرأي، ومنح العفو لمَن يستحق ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية.
وطالبوا بعودة الغائبين لأسرهم على موائد الإفطار في شهر رمضان المبارك، في نداء إنساني للم شمل كل الأسر، وتوفير رعاية طبية لمن يحتاج إليها من الصحافيين المحبوسين، والسماح للسجناء بمقابلة أطفالهم بدون أي حاجز خلال الزيارات لحين الإفراج عنهم، والذي نأمل أن يكون مع حلول شهر رمضان المبارك.
وأوصت المفوضية في نهاية تقريرها، بالإفراج عن السجناء على خلفية القضايا ذات الصلة بحرية التعبير واستخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.