انقلاب غينيا.. وصراع القوى الكبرى

الجمعة - 10 سبتمبر 2021

دومبويا.. قائد انقلاب غينيا دربته فرنسا وتخصص في إسرائيل!

 

في الخامس من سبتمبر2021، وفى تطور مفاجئ، قاد العقيد "مامادي دومبويا" كتيبة من جنود النخبة للاستيلاء على السلطة في غينيا.

المفارقة أن قوة النخبة أسسها الرئيس الغيني ألفا كوندى المنقلب عليع لتدعيم سلطاته والاستمرار فى السلطة حتى آخر نفس!.

وبثت وسائل إعلام فرنسية مقطعا مصورا يظهر فيه قائد القوات الخاصة "مامادي دومبويا" وهو يعلن تنفيذه انقلابا على الرئيس الغيني ألفا كوندي واعتقاله.

وكعادة الانقلابيين لتبرير انقلاباتهم العسكرية، والتى تتم فى الغالب بالاتفاق مع القوى الاستعمارية السابقة والحالية  بعيدا عن خيارات الشعوب، أعلن دومبويا أنه "لم تكن أمام الجيش أي خيارات أخرى بسبب الفساد المستشري وتجاهل حقوق الإنسان وسوء الإدارة الاقتصادية في ظل حكم الرئيس ألفا كوندي"، وقد أكد لوسائل إعلام فرنسية أن الرئيس معهم في مكان آمن.

وبرر قائد الانقلاب استيلاءه على السلطة، بأنه وزملاءه في "اللجنة الوطنية للمصالحة والتنمية"، تحملوا المسؤولية لإنقاذ البلاد من "الوضع السياسي الرهيب، وانتهاك مبادئ الديمقراطية، واستقلال القضاء، وتسييس الإدارة العمومية، وتدهور الوضع المعيشي، والحريات العامة".

وأعلن أنه غير طامع فى السلطة وأن الشعب لم يجد من يحنو عليه وأنه ستكون هناك فترة انتقالية محددوة لاتقل عن عام ونصف فى الغالب، وأنه سيدعولانتخابات برلمانية ورئاسية وصياغة دستور جديد للبلاد، وغيرها من الشعارات الانقلابية المعروفة والتى تنتهى بسيطرة قادة الانقلاب على مقاليد الحكم من خلال مهزلة انتخابية حتى يأتى عليهم الدور بانقلاب جديد وهكذا دوليك.

والقاعدة المعروفة فى مثل هذه الظروف أن الأمم المتحدة تدين الانقلاب وتدعو إلى الديمقراطية، فيما يقرر الاتحاد الإفريقى تعليق عضوية غينيا، ثم تأتى الأوامر من فرنسا أو أمريكا بعودة غينيا إلى حضن الأسرة الإفريقية.

من هو مامادو دومبويا؟

دومبويا شغل عدة مناصب عسكرية، خلال حياته العسكرية التى استمرت 15 عاماً، حيث خدم فى أفغانستان وساحل العاج وجيبوتي و إفريقيا الوسطى وقبرص والمملكة المتحدة، وحصل على دورة تدريب متخصص فى حماية العمليات فى أكاديمية الأمن الدولية  فى الكيان الصهيونى، بالإضافة إلى تدريب النخبة العسكرية في السنغال والغابون وفرنسا.

وبعد خدمته في الفيلق الأجنبي الفرنسي لعدة سنوات، طلب منه الرئيس كوندي العودة إلى غينيا لقيادة مجموعة النخبة من القوات الخاصة التي تأسست في عام 2018.

ثم عين في فوريكارياه، غرب غينيا، حيث عمل تحت إشراف مكتب المراقبة الإقليمية وأجهزة المخابرات العامة.

ولم يكن الرئيس كوندي يعلم أنه بدعوته للعقيد دومبويا يضع المسمار الأخير فى نعشه .

وينحدر دومبويا من عرقية المالينكى، وهى نفس العرقية التى ينحدر منها الرئيس كوندى.

بهذا فإن دومبويا هو صناعة فرنسية بامتياز، فقد استمد أفكاره العسكرية وتدريباته من خلال مسيرته مع الجيش الفرنسي، حيث كان عضوا في الفيلق الأجنبي الفرنسى، قبل أن قيادة قوات النخبة عام 2018، التي شُكلت حديثا في ذلك الوقت.

تخرج دومبويا في المدرسة العسكرية في العاصمة الفرنسية باريس، وقاتل مع الفيلق الأجنبي الفرنسي لسنوات.

يمتلك فقط 15 عاما من الخبرة، شملت إرساله في تدريبات وبعثات إلى كوت ديفوار وجيبوتي وجمهورية أفريقيا الوسطى وأفغانستان، ودولة الكيان الصهيونى والسنغال والغابون لتلقي تدريبات متخصصة، بوصفه خبيرا في إدارة الدفاع والقيادة والإستراتيجية.

فوق ذلك، تزوج دومبويا من سيدة فرنسية عسكرية، أنجب منها ثلاثة أبناء، فالرجل صنع على عين فرنسا وهو مايشى بأن الإنقلاب تم بإيعاز ورضا فرنسى.

هل كان الانقلاب مفاجئاً؟

لا يمكننا القول بأن  الانقلاب الذى قادة دومبويا على الرئيس كوندى كان مفاجئا،  فرغبة دومبويا فى الانقلاب على نظام كوندي بدأت منذ أن أعلن رغبته في جعل قوات النخبة مستقلة عن وزارة الدفاع.

وهذا ماذكرته صحيفة جون أفريك إنه فى الأشهر الأخيرة أثارت رغبة دومبويا في استقلال وحدته العسكرية عن وزارة الدفاع مخاوف من صراع على السلطة.

وكانت انتشرت إشاعات حول احتمال اعتقال دومبويا في العاصمة الغينية كوناكري.

ونشبت مشكلات بالفعل بين دومبويا والحكومة في كوناكري عندما تم منعه من الاستقلال بقوات النخبة عن وزارة الدفاع.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"Journal) Wall Street  ( الأميركية قالت: إن الانقلاب العسكري في جمهورية غينيا الغنية بالمعادن يأتي وسط حالة من عدم استقرارعميقة في جميع أنحاء غرب أفريقيا، حيث سعى القادة الراسخون إلى تمديد حكمهم، رغم ضعف الاقتصادات وتزايد الهجمات "الإرهابية".

ونوهت فى تقريرها بأن هذا الانقلاب يأتي بعد أسابيع فقط من قيام الجيش في مالي المجاورة بانقلاب ثان خلال عام، وقيام الجيش التشادي بانقلاب في أبريل الماضي ليحل محل الرئيس الراحل إدريس ديبي ابنه بعد مقتله في معركة ضد معارضين مسلحين.

وفى ساحل العاج فاز الحسن واتارا بولاية ثالثة مثيرة للجدل، وترشح للمنصب رغم تعهده السابق  بالتنحي.

استحواذ على السلطة

وبالرغم من أن الرئيس كوندى جاء بانتخابت حرة فى  2010 إلا أنه سرعان ما استحوذ على السلطة وقام بقمع معارضيه. وفي العام الماضي، نشر الجيش للدفع بإدخال تعديلات دستورية مثيرة للجدل ليتمكن من البقاء في السلطة حتى عام 2032  ويكون عندها يبلغ من العمر 94 عاما.

وقالت الصحيفة إن غينيا، التي لديها مخزونات وفيرة من البوكسايت وخام الحديد والذهب والماس، حققت نموا اقتصاديا قويا غالبية العقد الماضي، لكن قلة من مواطنيها استفادوا من هذا النمو.

وفي مواجهة انهيار الإيرادات المرتبط بوباء كوفيد 19، رفعت الحكومة الضرائب بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، في حين ارتفع سعر الوقود بنسبة 20%، مما أدى إلى تفاقم الشعور بالاستياء بين العديد من الغينيين.

من جانبه، لم يتفاجأ أستاذ العلوم السياسية الغيني إبراهيما كين، الباحث في مؤسسة المجتمع المفتوح، بالانقلاب على الرئيس، وخاصة بعد الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد منذ عامين. وقال في مقابلة مع DW: "نعلم جميعا أن غينيا كانت في قلب العاصفة منذ أكثر من عامين، إذا جاز التعبير، مع أزمات لا نهاية لها فيما يتعلق بالانتخابات التي نظمتها البلاد (في أكتوبر 2020)، وفيما يتعلق بالاستفتاء على دستور جديد، الذي عمل الرئيس بنفسه (من أجل السماح له بالترشح لولاية ثالثة في المنصب لم يكن مسموحًا بها حتى ذلك الحين)، كانت غينيا في أزمة دائمة! كان من الواضح أن شخصا ما سيحاول يوما ما تصحيح الأمور".

أزمة سياسية واقتصادية

منذ أشهر، تشهد هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، وتعد بين الأفقر في العالم رغم مواردها المنجمية والمائية الكبرى، أزمة سياسية واقتصادية عميقة تفاقمت من جراء وباء كوفيد-19. وتسبب ترشح كوندي لولاية ثالثة عام 2020 بتوتر استمر أشهراً وخلّف عشرات القتلى. واعتُقل عشرات المعارضين قبل الانتخابات وبعدها.

يذهب الخبير السياسي كين إلى حد القول إنه لا يوجد أحد في السلطة بشكل شرعي في غينيا. ويضيف: "شرعية الدستور التي سمحت لألفا كوندي بولاية ثالثة هي موضع تساؤل. لقد فرض إجراء تلك الانتخابات. والجيش الغيني كان منذ فترة طويلة جيشا يعكس حالة الفوضى في البلاد".

ويأتي الانقلاب في هذا البلد الغني بالموارد الأولية في توقيت مأزوم بالنسبة للرئيس المخلوع، الذي كان واصل قمع المعارضة وسياسة إفقار الشعب، بعدما مدّد لنفسه 12 عاماً إضافية بالسلطة، باستفتاء وانتخابات برلمانية ثم رئاسية مفصلة على قياسه.

كما يأتي كاختبار جديد للاتحاد الأفريقي، ومنظمات أفريقية عدة، تعهدت بالعمل على تعزيز الديمقراطية والشفافية في المنطقة.

وبغض النظر عن الشعارات الشعبوية التي رفعها الانقلابيون، فإن الأشهر الأخيرة التي سبقت الانقلاب كانت حافلة بالتوترات السياسية، ولكن أيضاً بسياسة تقشف قاسية سعى كوندي إلى فرضها، لتعويض الهدر وإفلاس الخزينة.

وقامت حكومة كوندي، الذي فاز بولاية ثالثة إثر استفتاء لتعديل الدستور وانتخابات تشريعية فصّلها على قياسه، في مارس/آذار 2020، بزيادة الضرائب على المواطنين، وأسعار النفط بحدود 20 في المائة.

وترافق ذلك مع حملة قمع متواصلة منذ الاعتراض الشعبي، الذي نفذته المعارضة ضد انتخابه رئيساً لولاية ثالثة في 18 أكتوبر الماضي، حيث قتل على أثرها حوالي 30 مواطناً ممن نزلوا إلى شوارع العاصمة في الأيام التي تلت الانتخابات للاعتراض على نتيجتها.

وكانت المعارضة حينها قد طالبت بالعصيان المدني، لكنها تراجعت تحت وطأة القمع، ونتيجة محاولة التدخل الأفريقي لتهدئة الأوضاع. وبدأ كوندي ولايته الثالثة في ديسمبر الماضي، على الرغم من الطعون التي رفعها منافسه الرئيسي سيلو دالين ديالو وثلاثة مرشحين آخرين نددوا بـ"حشو صناديق" وتجاوزات من كل الأنواع.

فرنسا تحاول تبييض وجهها:

قال أحد كبار المسؤولين الفرنسيين إن دومبويا كان أحد أعضاء الفيلق الفرنسي منذ سنوات عديدة، لكن القوة الاستعمارية السابقة نفت أن يكون لها أي دور في الانقلاب.

وزعم أن فرنسا، التي أجرت تدريبات عسكرية مع غينيا في السنوات الأخيرة، نأت بنفسها عن كوندي بعد أن قام بإصلاح الدستور وفاز بإعادة انتخابه في تصويت وصفته المعارضة بأنه مزور.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا، التي أعرب سفيرها عن دعمها لإعادة انتخاب كوندي، كانت واحدة من القوى العالمية القليلة التي لا تزال تقف إلى جانب الرئيس المخلوع، الذي كان من أوائل قادة الدول الذين اشتروا لقاح "سبوتنيك في"  (Sputnik V)  الروسي لفيروس كورونا.

كل ذلك يضع الديك الفرنسى فى موضع التهمة وأن فرنسا هى من كانت وراء الانقلاب على كوندى من خلال أحد رجالها المخلصين؛ للتخلص من كوندى الذى أبدى ميولا تجاه روسيا الوافد الجديد إلى القارة الإفريقية.

ومما يعزز هذه الفرضية تصريح وزير الخارجية التركى مولود شاووش أوغلو الذى قال: "على دول الاستعمار القديم لإفريقيا أن ترفع أياديها القذرة عن شعوب القارة، والعمل على المساعدة في نهضتها بدلاً من التآمر عليها"

مصالح القوى الكبرى وراء الانقلاب

اعتبر بعض الخبراء  أن الانقلاب العسكري على حكم الرئيس الغيني ألفا كوندي مرحلة جديدة من تسارع وتيرة الصراعات الخفية بين القوى الغربية التقليدية والجديدة على القارة، التي يجزم المراقبون بأنها "ستكون قلب اقتصاد العالم" في غضون العقدين القادمين.

وعلى ضوء التطورات المتسارعة والمفاجئة التي شهدتها غينيا كوناكري، طرح مراقبون تساؤلات عن سر ما يحدث بالقارة الأفريقية، كان أكثرها تداولا: هل يؤكد الانقلاب العسكري الذي حدث بغينيا كوناكري دخول أفريقيا مرحلة جديدة من الصراع بين القوى الكبرى؟

فيما تلتقي كثير من القراءات على أن قواعد النفوذ والاشتباك بالقارة المنهكة بالأزمات والحروب تغيرت بين القوى التقليدية مثل فرنسا وأوروبا والولايات المتحدة من جهة، وبين روسيا والصين اللتين يُنظر إليهما من قبل الغرب على أنهما "تهديد عظيم" لمصالحها بأفريقيا.

وربط الدكتور حسين قادري أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر خلفيات الانقلاب العسكري فى غينيا، بالصراع المحموم بين القوى التقليدية الكبرى المهيمنة على القارة السمراء وقوى صاعدة وضعت أيضا هذه الرقعة الجغرافية نصب أهدافها الاقتصادية والسياسية والأمنية.

وقال: إن الرئيس ألفا كوندي غيّر الدستور، للترشح لولاية ثالثة، وبالتالي فإن الرأي العام بهذا البلد يعتبره "رئيساً غير شرعي"، وأعطى فرصة للضباط المناوئين للقيام بالانقلاب.

وقال:  لفهم خلفيات الانقلاب بغينيا كوناكري "يجب العودة والتركيز على سيرة قائد الانقلاب؛ فهذا الضابط الغيني زوجته فرنسية، والمعلومات تشير إلى أن المقربين من دول أوروبية هم من نصحوا الرئيس السابق بوضع مامادي دومبويا على رأس قوة عسكرية خاصة، وهناك معلومات أخرى تتحدث عن تحضيره ليقوم بعملية الانقلاب".

كما أن غينيا كانت مستعمرة فرنسية، ولذلك فإن أي بلد أفريقي يحاول التحرر أو يخرج عن طواعية الغرب أو مصالحهم فإنه يقابل بخطوات استباقية.

يضيف أنه "لا يوجد مجال للصدفة في أفريقيا، والانقلابات إلى الآن تُصنع من الخارج، ولذلك فإن الدول التي اكتمل تحررها يستحيل أن تشهد انقلابات، مثل رواندا والتي بها شرعية تقف في وجه أي انقلاب عسكري".

وأكد أنه "أينما كان هناك انقلاب فتأكد أن الضغوطات والمصالح الغربية تقف وراء ذلك في دول هذه القارة التي يكون ولاؤها أصلا للغرب، والرئيس الغيني المخلوع فقد شرعيته الشعبية، وكل هذه الحسابات لا تتقاطع مع المصالح الغربية لسبب أو لآخر".

وقال: "هكذا تُصنع السياسة والانقلابات في أفريقيا التي ما زالت بعض من دولها لم تتحرر فعليا، ليس في الجانب السياسي فقط، بل الاقتصادي والثقافي فهي لا تمتلك كل قرارها، وهذا وجه من أوجه التبعية في ظل وجود الديكتاتورية، وينتهز بعض الضباط الفرصة، لكن يستحيل الآن حدوث انقلاب عسكري بأفريقيا دون أن تكون هناك مساندة غربية".

وأنهى تحليله بالمقولة الشهيرة التي تقول إن "العالم سيتحرر عندما تتحرر أفريقيا".

صراع المصالح الغربية

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور عبد الرحمن بن شريط استبعد وجود "أصابع روسية وصينية" وراء الانقلاب العسكري الذي حصل في غينيا، لكنه رجح أيضا فرضية صراع المصالح الغربية المهددة من القوتين الآسيويتين في القارة الأفريقية.

وقال: "تاريخياً فإن من وقف وراء الانقلابات العسكرية بأفريقيا خصوصاً بمنطقتي الساحل وغرب القارة السمراء هم الغرب خاصة فرنسا (باعتبارها المستعمر القديم)

أضاف أن الصين "ليس لها أسلوب انقلابي واخترقت أفريقيا من خلال استعمال الاستثمارات والمساعدات، ولهذا أعتقد أن العملية الانقلابية التي حدثت في غينيا كوناكري وغيرها تتم من خلال ضباط أفارقة أنفسهم من دون تدخل مباشر من أي دولة، والوصول إلى هذه النتيجة يتم عبر عملاء سريين تتعامل معهم دول غربية تعرفهم جيدا ويتغلغلون في مفاصل الدولة".

وقال: إن لفرنسا "دورا تاريخيا في الانقلابات العسكرية"، مبررا ذلك بأنها "القوة الاستعمارية القديمة التي ما زالت مهيمنة على كثير من دول القارة وما زالت متغلغلة بها، وهي من كانت تضع الرؤساء، وعندما تتحرك بعض الجهات الأخرى يعاد تكرار سيناريو الانقلاب".

واعتبر أن ما حدث بهذا البلد الواقع غرب أفريقيا وقبلها في دول أخرى "هو وجه آخر من حماية المصالح الغربية في أفريقيا من تزايد النفوذ الصيني والروسي".

وقال في هذا الشأن إن "هناك رغبة من قبل هذه الدول التقليدية التي لها خبرة وتعتمد في اقتصادها على أفريقيا، ولذلك فهي تحرص كل الحرص على أن تضع بكل ثقلها من خلال ضباط يعملون لمصلحتها وهي من تكونهم ومن تعتمد عليهم".

وأكد أنه "لا توجد أي قوة حاليا وصلت إلى خبرة فرنسا في تحريك الانقلابات العسكرية ببعض الدول الأفريقية.. فلم تصل لها موسكو ولا بكين".

وركز في ختام تحليله على نقطه اعتبرها جوهرية، وهي أن"هناك محاولات من قوى كبرى للإطاحة بفرنسا لتمسكها بأفريقيا، لأنها تمثل لها قضية حياة أو موت".

ويأتي ذلك بعد سنوات من حكم كوندي، الذي أبقى البلاد أسيرة الحكم الديكتاتوري الطويل، على الرغم مما مهّد له انتخابه في المرة الأولى من أمل بالديمقراطية.

روسيا قلقة من انقلاب غينيا

قال بعض الخبراء: كان من المتوقع حدوث انقلاب في البلاد، حيث كان الوضع في الجمهورية يسوده عدم الاستقرار خلال العامين الماضيين.

وروسيا مثلها مثل القوى الكبرى الأخرى، تريد الاستفادة من الموارد الطبيعية الموجودة فى دولة غينيا، حيث تحتل غينيا المرتبة الأولى في العالم من حيث احتياطيات البوكسيت (خام الألمنيوم)، فضلا عن مناجم الذهب والماس وخامات الحديد وغيره من المعادن، وكذلك الزركون والروتيل والمونازيت.

والشركات الروسية موجودة في غينيا منذ فترة طويلة، ولم تقوض أي انقلابات طوال فترة وجودها وضعها هناك.

وإذا كان الانقلاب ردة فعل على عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وعدم الرضا عن القيادة فهذا شيء لا يؤثر بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى.

من يملك التغيير في أفريقيا؟

بوقوع انقلاب غينيا على الرئيس ألفا كوندى يكون التغيير فى إفريقيا فقط عن طريق الانقلابات العسكرية وليس عن طريق التداول السلمى للسلطة.

وللأسف الشديد فإن القوى الاستعمارية الكبرى هى من تخطط وتدبر وتنفذ هذه الانقلابات عبر عملائها فى الجيوش الإفريقية، فقد شهدت القارة الإفريقية  خلال  الستة عقود الأخيرة ما يزيد على 200 انقلاب ، نصفها كلل بالنجاح تقريبا وفي فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ، شهدت القارة ما يزيد على مائة انقلاب.

ربما كان الطموح في الحكم والجاه والثروة ، هو ما يقود العسكر فى السابق للانقلاب، ولكن فى السنوات الأخيرة لوحظ تدخل  الجيوش فى الحياة السياسية بدعوى أنها "أمينة" على السيادة الوطنية وحماية الشعوب ومقدراتها.

كما لوحظ الدور الخارجى  فى دعم الانقلابات الإفريقية  حيث تسعى الدول الاستعمارية للحفاظ على مصالحها ولاعلاقة للشعوب بها إلا من خلال الشعارات الخادعة.