انهيار نظام السيسي .. رسائل داخلية و خارجية تؤكد قرب إسقاطه!

الثلاثاء - 23 آغسطس 2022

ماذا تعني مقالات عماد أديب وإعلاميى السلطة عن إبعاد السيسي والجيش عن انتخابات 2024؟

 

عمد الكاتب المدعوم من الكفيل السعودي- الإماراتي، "عماد الدين أديب"، إلى توجيه ضربات مفاجئة إلي عبد الفتاح السيسي ، عبر مقالات ينشرها في توقيتات معينة بموقع "أساس ميديا" اللبناني المدعوم سعوديا.

 يقول أديب، في رسائل محددة، إن نظام السيسي إلي زوال وإن مصر ستشهد أوضاعا صعبة للغاية وتذهب من سيء لأسوأ.

وفي ظل أزمات عديدة يواجهها نظام عبد الفتاح السيسي، نشر أديب، مقالا في 14 أغسطس 2022 يرصد فيه "14 سببا لسقوط الحكّام والأنظمة"، ما أثار ضجة كبيرة،  لأن ما كتبه أديب يكاد ينطبق على نظام السيسي دون أن يذكره، ويختمه بتأكيد سقوطه قبل منتصف 2023.

مقال أديب أثار تساؤلات منها: ما الذي دفعه للكتابة عن أسباب سقوط الحكام والأنظمة الآن؟ ولمن يوجه كلامه في المقال؟ ولمن يبيع بضاعته؟ ولماذا حدد موعد سقوط الأنظمة بدقة قبل منتصف 2023؟ وهل لديه معلومات؟ بحسب موقع "الاستقلال".

ما زاد الجدل أن "أديب" كتب مقالا سابقا في يونيو 2022 في صيغة تبدو كتهديد من نظام السيسي لدول الخليج والعالم أن نظامه في أزمة، وأنه ما لم يتدخل الخليج فورا سينهار النظام والمنطقة أوائل 2023.

لكنه الآن عاد ليكتب مقالا يبدو كتحذير أو تنويه خليجي عن سقوط السيسي!، فهل هذا المقال الثاني هو رد الخليج علي تهديد السيسي في مقال أديب السابق؟

وما دور أديب؟ هل هو "بوسطجي" بين النظامين؟ وهل يمكنه كتابة ذلك دون أن يكون ظهره مُؤمَّنا؟

سيسقط الآن!!

الأكثر غرابة أن أديب ظهر في فضائيات عربية منها قناة سي إن إن عربية ليؤكد أن مقاله السابق لا يقصد به نظام السيسي.

وزعم لموقع قناة "CNN بالعربية" أن مقاله "14 سببًا لسقوط الحكام والأنظمة"، "يتحدث عن الأنظمة السياسية في العالم عبر التاريخ، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بالحالة المصرية".

لكن بعد ساعات قليلة فقط من نفيه أن يكون قد قصد مصر عاد أديب بمقال جديد بعنوان: بدايات متفجّرة للعام 2023!، ذكر فيه مصر والأردن وتونس بشكل واضح وصريح وبدا كأنه يبشر بأن موعد سقوط السيسي ليس قبل 2023 ولكن الآن!!

وكان أديب أكثر دقة في مقال (14 سببا) وهو يحدد موعد سقوط نظام السيسي بشكل غير مباشر "من الآن حتى منتصف العام المقبل"، والسبب "حينما تصبح لقمة العيش وسوء الخدمات واستحالة الحياة اليومية هي وقود اضطرابات اجتماعية مدمرة".

بدأ أديب مقاله الجديد، 22 أغسطس 2022 ، مخاطبا الجميع بالقول: "للأسف كان بودّي أن أبشّركم بالشهور الباقية من هذا العام وبالعام الميلادي المقبل، لكن، عذراً، الآتي سوف يسير من سيّئ إلى أسوأ"، و"يا ويلنا من الشهور المقبلة".

قال إن دول كثيرة كانت تعتمد على الدعم الإقليمي أو الدولي أو على دعم المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد أو البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الإفريقي أو البنك الإسلامي، لكن ذلك كله لم يعُد سهلاً أو متاحاً لأن سقف وملاءة هذه المؤسسات المالية لا يستطيعان تغطية الحجم الأسطوري من الاحتياجات الكونية دفعة واحدة.

وتوقع أديب حدوث “انهيارات اقتصادية كبرى تؤدّي إلى قلاقل اجتماعية عنيفة تنجم عنها فوضى أمنيّة غير مسبوقة وطالب من الجميع أن يركزوا أبصارهم "على الضغوطات القاسية للغاية على اقتصادات مصر والسودان واليمن وسوريا ولبنان وتونس وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش والأردن والصومال وجيبوتي.

رسالة للجيش

كان لافتا أن أديب، في سرده للأسباب الـ 14 التي عدها من أسباب سقوط الأنظمة، لم يقترب من "المؤسسة العسكرية"، ما أثار تساؤلات: لماذا ضرب في كل الاتجاهات وترك الجيش؟ هل لإيصال رسالة أنه هو الملاذ الأخير لتغيير الأوضاع؟

هل هدف المقال هو تأكيد أن الجيش هو الحل الأفضل لتغيير النظام في مصر؟ وهل لذلك علاقة بتكهنات جهات غربية عن ثورة شعبية مرتقبة حذر منها أديب نفسه في مقاله السابق في 12 يونيو 2022؟

وهل يلمح عماد أديب للإطاحة بالسيسي قبل منتصف 2023؟ لذلك قال: "كثير من أنظمتنا وشعوبنا من الآن حتى منتصف العام المقبل حينما تصبح لقمة العيش وسوء الخدمات واستحالة الحياة اليومية هي وقود اضطرابات اجتماعية مدمرة!"

ولمن يوجه حديثه بقوله إن "أخطر ما يمكن أن يقع فيه الحاكم هو ألا يُحسن اختيار فريقه الأساسي، وألا يتعامل مع أعضائه بناء على مدى التزامهم بالإنجاز بل على أساس عبارات المديح والولاء الفارغة"؟.

"لهذا سيسقط"

وقد ذكر أديب عدة أسباب لسقوط الأنظمة العربية تكاد تنطبق على نظام السيسي، منها "صراع أجهزة الحكم بعضها مع البعض الآخر بشكل مدمر"، وهو أمر مثار في مصر.

أشار إلى أن هذا "يجعل حالة العداء بين أجهزة الحكم بدلا من أن يكون العداء أو الخصومة لأعداء النظام الحقيقيين" موضحا: "باختصار أن تكون مشاكل النظام الداخلية ذات أولوية على مشاكله مع الأعداء"

وركز في رصده للأسباب الـ 14 لسقوط الحكام على "حاكم يجهل ما يُرضي شعبه وما يغضبه، حاكم يعطي امتيازا خاصا استثنائيا لجهاز سيادي أو طبقة أو طائفة أو منطقة حيوية، مفضلا أحدها على الآخر"

وضمن هذه الأسباب أيضا "شعور بعض التيارات أو القوى بعدم أحقية الحاكم في الحكم، وهو ما يجعلهم يتآمرون سرا على إضعافه والإضرار به، حتى يتوافر لهم مناخ يمكنهم ويبرر لهم الإطاحة به تحت دعوى فشله في إدارة شؤون البلاد"

ومن أسباب السقوط للأنظمة ذكر أيضا "اعتماد الحاكم على رجال ثقة موالين له على الرغم من ضعف كفاءتهم وفشلهم في التصدي لمشكلات البلاد والعباد"

وأضاف: "تغاضي الحاكم وسماحه للحلقة الضيقة القريبة منه بممارسة الفساد والإفساد"، و"قيام بعض عناصر الحكم بالارتباط بعلاقة عمالة مع قوى إقليمية أو دولية؛ للاستقواء بها، في معادلة اختطاف الحكم لصالحها".

أوضح: "فليذهب الحاكم مقابل أن يبقى الحزب أو الجهاز أو التيار أو الطائفة"، وهي إشارة للجيش الذي لم يره أديب أحد أسباب فشل النظام التي ستؤدي لسقوطه.

وعرج عماد أديب في مقاله، إلى أسباب أخرى تؤدي لسقوط النظام، وكأنه يتحدث عن سياسات السيسي تماما ولكن دون أن يذكر اسمه صراحة.

حيث قال: "تعرض بعض الحكام إنسانيا لضغوط عاطفية من أفراد عائلتهم تجعلهم يضعونهم في مناصب، لا يستحقونها وغير مؤهلين لإدارتها، وتحمل مسؤولياتها الصعبة"

وهي إشارة قوية لما يتردد في الشارع المصري عن "حكم السيسي العائلي" الحالي بعدما عين العديد من أبنائه وأشقائه وأقاربه في مناصب حساسة لضمان الولاء لنظامه.

لذا يرى مراقبون ونشطاء أن المقال عبارة عن رسالة سعودية للسيسي ردا على رسائل ابتزاز النظام للخليج في المقال السابق، تشير لتوقعهم سقوط النظام وتفضيلهم أن يفعل الجيش ذلك من داخله، بعدما تخلى الخليج عن دعم السيسي.

ورأوا أن رفض غالبية دول الخليج تقديم أموال سائلة أو "دولارات طازجة" كما طالبهم السيسي في مقال أديب السابق في يونيو 2022، والدخول في استثمارات وشراء أصول مصرية-رسائل "رفع غطاء الحماية" عن السيسي.

وذكر عماد أديب في نهاية مقاله أن "كل الأسباب السابقة تزداد خطورتها وتصبح معها الأنظمة في مهب الرياح، إذا ما توافرت واجتمعت في عالم مرتبك فوضوي، مثل عالم اليوم"

واختتم متوقعا الإطاحة بعدد من الأنظمة قبل منتصف عام 2023 عبر اضطرابات اجتماعية مدمرة قائلا: "يا خوفي الشديد على كثير من أنظمتنا وشعوبنا من الآن حتى منتصف العام المقبل"

"ريموت الكفيل"

وقد كتب نشطاء أبرزهم المعارضة غادة نجيب، يؤكدون أن أديب ما كان له أن يكتب هذا إلا بـ "ريموت الكفيل"، وأن هذا مؤشر على قبول الخليج بسقوط السيسي.

ورأوا أن ما نُشر مُعبر عن "بوصلة الخليج"، الذي باع السيسي وسط أزمته الاقتصادية.

أكدوا أن الوضع في مصر بات معروفا ولا يحتاج شرحا والديون وانهيار الجنيه والغلاء وبيع الأصول مؤشرات لثورة شعبية ربما يجري تداركها عبر نصائح خليجية للجيش أن يتدخل.

مؤشرات السقوط

وتحت عنوان "من يعوّض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية – الأوكرانية؟" كتب أديب في مقال سابق يونيو 2022 يزعم أن هناك 25 مليار دولار أميركي زادت بين ليلة وضحاها على الموازنة المصرية بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة والغذاء الأساسية.

أكد أن ترك الحالة المصرية كما هي من دون تدخل اقتصادي ومالي عاجل "كارثة بكل المقاييس"

وحذر من أنه مع بدايات 2023 ستحدث اضطرابات في مصر مشابهة لثورة يناير 2011، وحذر من عدم "توقع ردود فعل القوى الشعبية الداخلية"، مخوفا أوروبا والخليج من "نزوح عشرات الملايين من المصريين"، كما يقول.

خير أنظمة الخليج بين "تدبير موارد من الدولارات الطازجة لتنعش الاقتصاد، وبين "استفحال الأزمة والضغط الشديد على حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي في مصر بما يفتح أبواب جهنم في مصر"

وعقب تحذيرات مقال أديب وحديث السيسي بشأن مجاعة ونزوح المصريين عبر البحر لأوروبا، أصدر سفراء دول مجموعة السبع الصناعية بيانا في 14 يونيو 2022 يعلنون التزامهم بدعم مصر في أزمة الغذاء الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأكدت مجموعة السبع أنها ستقدم مساعدات ثنائية، وأنهم "يتشاورون عن كثب" مع الحكومة المصرية بشأن الأزمة.

كما قدمت دول الخليج قرابة 22 مليار دولار في صورة "استثمارات" وشراء "أصول" لا أموال للنظام.

وكان ملفتا عقب نشر مقال أديب الثاني عن انهيار الحكام، تأكيد الدكتور هاني جنينة الأستاذ بالجامعة الأميركية، أن النظام ملزم بدفع 30 مليار دولار بداية من يوليو2022، وحتى نهاية العام الجاري، وإلا تتخلف عن السداد ما يضعها في خيارات صعبة.

أضاف خلال لقائه ببرنامج "الحكاية" مع شقيق "أديب"، المذيع عمرو أديب: "يجب سدادهم بأي حال من الأحوال قبل نهاية العام، حتى لا نصبح مثل سريلانكا لا قدر الله"!!.

وتبعا لـ"قاعدة بيانات البنك الدولي" في 16 يوليو 2022، مطلوب من مصر أن تسدد أكثر من 33.36 مليار دولار في الفترة من مارس 2022 وحتى نفس الشهر في 2023 ما بين أقساط قروض وفوائد.

أي أنه سيكون على حكومة السيسي أن تدفع مستحقات ديون خارجية خلال عام واحد تعادل تقريبا كل الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي يُقدر الآن بـ 33.3 مليار دولار.

ووفق القاعدة نفسها أيضا ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 157.8 مليار دولار بنهاية مارس 2022 بعدما كان 145.5 مليار دولار نهاية ديسمبر 2021، بزيادة نحو 12.3 مليار دولار في ثلاثة أشهر.

وأكد البنك أن توسع نظام السيسي في الاقتراض الخارجي، أدى لارتفاع الديون من 38.38 مليار دولار في مارس 2013 إلى 157.8 مليار دولار في مارس 2022، بزيادة بلغت نحو 311 بالمئة.

لا للسيسي في 2024

مثلما هاجمته الأذرع الإعلامية للسيسي عقب مقاله السابق، الذي قال فيه إن مصر تنهار وطالب الخليج بالتدخل الفوري بالدولارات الطازجة، انتقد إعلاميون مصريون مقربون من السلطات المصرية، مثل نشأت الديهي ومصطفى بكري ومحمود مسلم، مقال أديب، معتبرين أنه "مسيء" للدولة المصرية، وتستغله المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين.

 وكان لافتا أن الصحفي وعضو مجلس الشيوخ "محمود مسلم"، الذي زعم أن مقالات أديب تفيد جماعة الإخوان وتجعل مواقعها الصحفية تشيد بما كتبه أديب وتنشره، أكد أن «هدف كتابات عماد أديب هو إثناء عبد الفتاح السيسي عن الترشح لفترة رئاسية جديدة".

زعم: "قد يكون المقال مقدمة لإثناء عبد الفتاح السيسي عن الترشح لدورة رئاسية جديدة، وهذا الأمر تكرر في 2014 و2018، لكن الجديد أنها تأتي من أحد الذين آمنوا بثورة 30 يونيو وآمنوا بهذا النظام"..

وأعرب مسلم عن حزنه «لاحتفاء المواقع الإخوانية وصفحاتهم على وسائل التواصل بـ مقال الكاتب الصحفي عماد أديب»، قائلا: «ما كتبه عماد أديب في مقاله أمور كان الشعب المصري اعتاد عليها من الآخرين، لكن الجديد أن تأتي من شخص طالما دافع عن هذا النظام وعن ثورة الشعب في 30 يونيو.. وأعتقد أن لسان حال الدولة المصرية الثابت حاليا اللهم اكفني شر أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم».

أيضا قال "مصطفى بكري" عضو مجلس النواب في مقال نشرته بوابة الاسبوع: إن هدف مقال أديب هو عداؤه للمؤسسة العسكرية.

زعم "بكري" أنه "من الواضح أن بين الأستاذ عماد الدين أديب وبين المؤسسة العسكرية في عالمنا العربي خصامًا لدودًا، هو يتحدث منذ البداية عن أن «الأنظمة رغم اختلافها بين ملكية وجمهورية وثورية ومحافظة وعلمانية ودينية ومدنية كلها عسكرية»!! وكأنه أراد أن يقول: إن الخلفية العسكرية للقادة فى عالمنا العربى هى أحد أبرز أسباب فشل المشروع الوطني".

وأضاف: " لماذا يكتب أديب بهذه اللغة التشاؤمية، وكأنه يعلم ببواطن الأمور، وكأنه يريد أن يقول للعالم والمستثمرين أن مصر على وشك فوضى كبرى عارمة يمكن أن تأكل الأخضر واليابس"

كذلك اتهم المذيع "نشأت الديهي"، خلال برنامجه "ورقة وقلم" "أديب" بـ"محاولة خفض الروح المعنوية للأمة من خلال نشر الأحاديث السلبية"، معتبرا ذلك "أمرا لا يمكن السكوت أمامه".

المحصلة أن هدم نظام السيسي والتعجيل بزواله، بات رغبة خليجية ملحة، وهو ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.