بين جزار البوسنة وجزار مصر..جرائم وعدالة

الأحد - 20 يونيو 2021

عبد الرحمن فتحي

صدر يوم 08/06/2021 حكم المحكمة الدولية النهائي بالسجن مدى الحياة بحق  القائد الصربي السابق راتكو ملاديتش الملقب بـ"جزار البوسنة"  على ما ارتكبه من جرائم خلال الحرب الأهلية في البوسنة منتصف تسعينيات القرن الماضي

ومن لا يعرف راتكو ملاديتش فهو قائد قوات صرب البوسنة الذي أمر بارتكاب أبشع المذابح بحق شعب البوسنة، و بالتحديد مذبحة سربنيتسا، حيث قام خلال الحرب الأهلية بطرد أكثر من مليون من البوسنيين المسلمين من منازلهم بقصد التطهير العرقي، وبحلول الوقت الذي انتهت فيه الحرب في عام 1995م، قُتل ما لا يقل عن 100 ألف شخص.

جرائم مضىت عليها سنوات عديدة، وظن الكثيرون أن "ملاديتش"  لن ينال جزاء أفعاله ومجازره - وان كان المؤبد حكم خفيف لما ارتكبه-  ولكن عدالة الله في الأرض واجبة التحقيق حتى يجتمع عليه عقابيّ الدنيا والاخرة.

ثم نرى في أيامنا هذه جنرالا آخر، خائنا للأمانة مخادعا لشعبه، بائعا لأرضه مفرطا فيها، منقلبا على رئيسه وثورة شعبه، نجده يقف ليعلن انقلابا عسكريا على من أقسم أمامه أن يحترم الدستور والقانون وأن يحفظ أمن الوطن وسلامة أراضيه .

وقف ليعلن إلغاء كافة الإستحقاقات الشعبية والمجالس المنتخبة وإسقاط الدستور،  بل من الدقة أن نقول إنه ألغى ثورة الشعب في يناير.

خرجت الملايين في الشوارع والميادين، اعتصموا سلميين بشهادة العالم أجمع ،وعلى مرأى ومسمع من كل الفضائيات طالبوا بحقوقهم وحريتهم وعودة رئيسهم المنتخب .

وفي تلك الأجواء تنطلق رصاصات الغدر والخيانة في رؤوس الشعب ليسقط الشهداء تلو الشهداء رجالا ونساء شيوخا واطفالا .

امتدت المجازر على طول مصر وعرضها، انتقلت إلى سيناء وتهجير أهلها وقتلهم دون ذنب ولا جريرة .

اعتقل الآلاف، قتلوا بالحرق داخل عربات الترحيل، وقتلوا بالإهمال الطبي بعدم تقديم  الرعاية الصحية المناسبة، حتى سقط شهيدا الرئيس محمد مرسي أمام أعين العالم الذي للأسف  فقد بوصلة الإنسانية .

ثم يأتي بالأمس حكم محكمة النقض بتأييد حكم الإعدام على ١٢ من أبناء مصر الأحرار، وفيهم عضو بمجلس الشعب، و وزير للشباب ، و عميد لكلية وأكاديمي وداعية ألهب ميدان التحرير بالحماس والنشاط، وشباب أحب الوطن وضحى ويضحي من أجله .

على مدار ٧ سنوات عجاف،  وقبلها عام نكسة الإنقلاب، تم تنفيذ عدد هائل من أحكام الإعدام المسيسة وصلت إلى 42  حكما  تم تنفيذها بالفعل، هذا غير ما يقارب 3 آلآف حكم صدر بالإعدام بدون دليل ولا إثبات .

أوجه التشابه أصبحت واضحة بين جزار البوسنة وجزار مصر، والأهم هو أنه مهما مر الزمان ومهما تعاظمت المآسي ومهما تجبر وانتفخ المجرم، لابد للعدل أن يسود وللحرية أن تعود، وللحقوق المسلوبة والأرض أن تعود لأصحابها، وإنّ الجرائم بحق الإنسانية لا تسقط بالتقادم مهما طال العمر.

فيا أيها المنقلبون ويا أيها القضاة الفاسدون: إن يوم العدالة قادم لا محالة، قادم في الأرض على أيادي الشعب المقهور ، والشباب الثائر ، وأبناء الوطن المخلصين، ثم هو  آت في السماء لا محالة.

وان غدا لناظره لقريب... الحرية لمصر.