تحريض صهيوني لتصعيد الأزمة بين الجزائر والمغرب
الثلاثاء - 5 أكتوبر 2021
إنسان للإعلام ـ خاص
تشهد الأزمة بين الجزائر والمغرب تصعيدا كبيرا ، فمنذ أغسطس الماضي وبعد إعلان الجزائر قطع علاقتها بالمغرب، يزداد التوتر بين البلدين، والذي وصل إلى حد قطع العلاقات الديبلوماسية بينهما.
في ظل هذا التوتر بدأ الجيش الجزائري تطوير مطار ولاية تيندوف على مدار الأيام الماضية، من خلال تقوية مدرجه الثاني، وبناء العديد من المرابض التي ستضم الطائرات العسكرية الحربية، مما يؤكد تخييم أجواء الحرب بين البلدين.. وقد بات من الواضح تلاعب الأصابع الصهيونية في الأزمة لتصعيدها.
من جانبه، رفض رئيس حركة "مجتمع السلم" المعبرة عن طيف من الإسلاميين الجزائريين والتي تعد من أكبر الكتل المعارضة، التدخلات الصهيونية لتصعيد الأزمة، وانتقد قرار "قطع العلاقات ".
بدورنا نفتح هذا الملف من خلال سطور هذا التقرير:
قطيعة من 4 محاور
اعتبر أستاذ التاريخ في جامعة باريس 1، بيار فرمران، المتخصص في منطقة المغرب أن "العلاقات بين البلدين سيئة منذ فترة طويلة جدًا، فقد سبق أن كانا في حالة حرب ولكن الخطوة التالية هي نزاع حدودي في الصحراء"، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـ"فعل عنيف جدّا"
وازداد التوتر بين الرباط، والجزائر الداعمة بشدة للقضية الفلسطينية، بعد تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل مقابل الاعتراف الأميركي بـ"سيادة" المملكة المغربية على الصحراء الغربية
وبحسب فرمران فإن قرار الجزائر "رد متأخر على ‘اتفاقات أبراهام’ (بين إسرائيل وبعض الدول العربية برعاية أميركية) والتقارب بين المغرب وإسرائيل"
من جانب آخر، لم تتقبل الجزائر تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد خلال زيارة رسمية أجراها للدار البيضاء في المغرب في 12 أغسطس حول "قلق بلاده من التقارب بين إيران والجزائر، ورفضها قبول إسرائيل في الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب"
وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021: "تجب الاشارة إلى أنه منذ عام 1948 لم يُسمع أي عضو في ‘حكومة إسرائيلية’ يصدر أحكامًا أو يوجه شخصيا رسائل عدوانية من أراضي دولة عربية ضد دولة عربية أخرى مجاورة".
وأضاف في مؤتمر صحفي "على صعيد الأمن الإقليمي، فإن قيام السلطات المغربية بمنح موطئ قدم لقوة عسكرية أجنبية في المنطقة المغاربية وتحريض ممثلها على الإدلاء بتصريحات كاذبة وكيدية ضد دولة جارة، يشكل عملا خطيرا وغير مسؤول"
وحملت صحيفة الشروق الجزائرية على المغرب قيامه بتشكيل محور مع إسرائيل "ضد المصالح الجزائرية ووحدتها الترابية"
بدوره، ندد مصدر دبلوماسي إسرائيلي، ، باتهامات الجزائر التي اعتبر أن "لا أساس لها"، قائلا إن "ما يهم، هو العلاقات الجيدة جدا بين إسرائيل والمغرب"
واعتبر المصدر أن "إسرائيل والمغرب هما جزء أساسي من محور عملي وإيجابي قائم في المنطقة في مواجهة محور يسير في الاتجاه المعاكس يضم إيران والجزائر"
وقال المصدر "نحن على تواصل دائم مع المغاربة (...) على الجزائر أن تصب تركيزها على مجموعة المشاكل التي تواجهها وخصوصا المشاكل الاقتصادية الجدية".
اعتبر بيار فرمران أن هذه القطيعة "إعادة تموقع حول مبادئ القومية العربية في مقابل الجميع: مقابل فرنسا وإسرائيل وقضية القبائل والإسلاميين، ودعما للوحدة العربية واتحاد المغرب العربي والفلسطينيين"، مشيرا إلى ان هذه رسالة "للاستهلاك الداخلي".
واتهم مجلس الأمن الجزائري -- دون أدلة -- أطرافا أجنبية وخاصة المغرب وإسرائيل بدعم حركة استقلال منطقة القبائل الانفصالية (ماك) التي مقرها باريس والحركة الإسلامية "رشاد" الموجودة في لندن.
واتهمت الجزائر "ماك" بإشعال الحرائق في منطقة القبائل شمال شرقي البلاد، والتي أسفرت عن 90 قتيلا.
وبالنسبة لفرمران فإن هذا "يبدو سرياليا، ففي منطقة المغرب (...) كلما ظهرت مشكلة، هناك مؤامرة. هذا يسمح بالتنصل (من المسؤولية). إنها استراتيجية كبش الفداء".
لكن برأي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر إسماعيل معراف فإن ما جرى هو "رد فعل جزائري على فعل مغربي" إذ أراد المغرب أن "يقايض دعم الجزائر للصحراء الغربية بدعم حركة استقلال منطقة القبائل، وهذه فكرة مصدرها إسرائيل".
وردت تل أبيب، الأربعاء، على "الاتهامات" الجزائرية الموجهة لها في إطار الأزمة الدبلوماسية القائمة بين الجزائر والمغرب ووصفتها بأنها "لا أساس لها"، معتبرة أن "إسرائيل والمغرب هما جزء أساسي من محور عملي وإيجابي قائم في المنطقة بمواجهة محور يسير في الاتجاه المعاكس يضم إيران والجزائر".
اعتبر الكيان الصهيوني أن "الاتهامات" الجزائرية الموجهة لها في إطار الأزمة الدبلوماسية القائمة بين الجزائر والمغرب بأنها "لا أساس لها"، وفق ما صرح دبلوماسي إسرائيلي لوكالة الأنباء الفرنسية داعيا الجزائر إلى "التركيز" على "مشاكلها" الاقتصادية
التطبيع حجر عثرة بين البلدين
في عام 2020 أعلنت المغرب تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتضمن الاتفاق، رفع مستوى العلاقات الديبلوماسية بين الطرفين، وإعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب، والاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية.
أثار القرار حفيظة عدة بلدان عربية، ومن بينها الجارة الجزائر، التي جددت إثر ذلك موقفها الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، والمتأصل لدى غالبية الشعب الجزائري. وعبرت عن رفضها الانخراط في موجة التطبيع الأخيرة
وجاء ذلك على لسان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قال حينها: "نرى أن هناك نوعاً من الهرولة نحو التطبيع ونحن لن نشارك فيها ولن نباركها".
ولم يقف الموقف الجزائري المناهض للتطبيع عند حد التصريحات والإدانة الشديدة لذلك، بل تعداه، لتطلق الجزائر مؤخراً مبادرة دبلوماسية سعت فيها لتشكيل طاقم إفريقي يضم حوالي 14 دولة، يرفض انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الإفريقي، وذلك بعد أن أعلن في وقت سابق عن انضمامها للاتحاد الإفريقي كعضو مراقب.
وعلى صعيد متصل ، أفاد موقع "مينا ديفانس" المتخصص في الشؤون العسكرية أن حادثة غواصة #دولةالإحتلالالإسرائيلي "دولفين" قد حدثت يوم 27 سبتمبر في المياه الدولية المحاذية للمياه الإقليمية #الجزائرية وقد تم طردها قبل التمرين التكتيكي للقوات البحرية الجزائرية "ردع 2021" .
أشار الموقع إلى اكتشاف الدلفين بالوسائل الصوتية لغواصة كيلو الجزائرية. وسرعان ما تم اتخاذ القرار بالمطاردة دون استخدام السونار, وقد لعبت سفينة القيادة قلعة بني عباس دورًا مركزيًا في العملية من خلال نشر مروحيتين من طراز Superlynx المضادة للغواصات.
قال موقع "مينا ديفانس" أن دوافع تواجد غواصة دولة الإحتلال بقرب المياه الإقليمية الجزائرية كان بهدف جمع المعلومات الإستخباراتية والتقنية حول سلوك القوات البحرية الجزائرية في الرد على الإعتداءات، هذه المعلومات المهمة تساعد في التنبؤ بالإجراءات التي تتخدها الأطقم العسكرية في حالة حدوث مواجهات بحرية.
وهنا تساءل كاتب المقال حول الاهتمام الإسرائيلي المتجدد بالجيش الجزائري هل هو مرتبطً بالتوترات بين الجزائر والمغرب أم أن هناك دوافع أخرى وراءه.
تصعيد مستمر بين الجزائر والمغرب
وفي ظل التوتر بين البلدين ، بدأ الجيش الجزائري في تطوير مطار ولاية تيندوف، من خلال تقوية مدرجه الثاني، وبناء العديد من المرابض التي ستضم الطائرات العسكرية الحربية، مع تكثيف حضور ضباط دائمين في المطار الذي تحول إلى قاعدة قاعدة عسكرية كاملة مازال العمل جاريا فيها منذ بداية السنة الجارية لتصبح من القواعد الأساسية للجيش الجزائري التي تضم أحدث الطائرات المقاتلة روسية الصنع، والقدرة على استيعابها.
وأكدت تقاريرية صحفية وجود عشرات المهندسين العسكريين التابعين للجيش الجزائري يعملون على مدار الساعة لجعل مطار تيندوف قاعدة عسكرية جوية رئيسية بحكم موقعها الاستراتيجي القريب من الحدود المغربية في ظل عقيدة النظام الجزائري الذي يعتبر المملكة المغربية "العدو الكلاسيكي" للجزائر.
وتظهر صور Google Earth تواجد العديد من المروحيات المقاتلة بمدرج المطار الذي تم تقويته وإعطاءه الطول المناسب ليلائم الطائرات العسكرية التي سترابط في القاعدة، مع بناء العديد من الثكنات والمخازن وتشديد المراقبة على المطار الذي تحول إلى قاعدة عسكرية محضورة على المدنيين.
وكانت الجزائر قد احتجت عبر وسائل إعلامها الرسمية على نية المغرب تشييد تكنة عسكرية بمنطقة "جرادة" على مساحة 23 هكتارا على بعد 38 كيلومتر من الحدود الجزائرية بداعي أن هذه التكنة موجهة ضد الجزائر، وهو ما نفاه الجيش المغربي الذي أكد أن هذه الثكنة مخصصة لـ "إيواء الجنود فقط"
وقالت القوات المسلحة الملكية، في بيان إن "الأمر يتعلق بثكنة عسكرية، ليست لها مواصفات القاعدة العسكرية". وأضافت أن "إحداث الثكنة الجديدة بإقليم جرادة يأتي في إطار مشروع نقل الثكنات العسكرية إلى خارج المدن". وأوضحت أن الثكنة الجديدة "سيتم تشييدها على بعد 38 كيلومترا عن الحدود مع الجزائر، وستخصص لإيواء الجنود، وليس لها هدف عملي".
غير أن كل هذه التطمينات التي أوردها الجيش المغربي في بيان رسمي، لم تقلل من عداء النظام العسكري الذي يحكم الجزائر والذي يعتبر المملكة المغربية "العدو الكلاسيكي" الذي يجب تطويقه وتسخير جميع الامكانيات استعدادا لـ"حرب محتملة" ضده.
كما جرت مناورات بحرية جزائرية على بعد مئات الأمتار من المياه المغربية
ومنذ نهاية سبتمبر الماضي وتواصل البحرية الجزائرية مناوراتها، وقامت ضرب أهداف برية من قاع البحر، على بعد مئات من الأمتار من المياه المغربية.
وبدأت المناورات في قاعدة المرسى البحرية (غرب) وأشرف عليها قائد أركان الجيش الفريق "السعيد شنقريحة" وقائد القوات البحرية اللواء "محفوظ بن مداح"، تحت اسم "المرحلة الأولى من الردع 2021"، وفقا لما أورده موقع "رأي اليوم"، مشيرا إلى أن المناورات الجزائرية تأتي رداعلى مناورات أجراها المغرب منذ أشهر بالقرب من الحدود البرية المشتركة.
الجزائر تتهم المغرب بحياكة المؤامرات!
ومؤخرا ، شن رئيس أركان الجيش الجزائري "سعيد شنقريحة" هجوما شديدا على النظام المغربي، متهما إياه بحياكة المؤامرات والدسائس ضد بلاده؛ بغية تحجيم دورها في المنطقة.
وقال "شنقريحة"، خلال زيارته لمنطقة عسكرية، قبل أسبوع، إن "النظام المغربي تمادى في المؤامرات والدسائس وإطلاق حملات من الدعاية الهدامة من أجل تحجيم دور الجزائر في المنطقة" حسبما نقلت وسائل إعلام محلية.
وأضاف أن النظام المغربي يستهدف أيضا من وراء ذلك استنزاف قدرات الجزائر وتعطيل مسار تطوير الدولة و"محاولة ضرب وحدة شعبها من خلال إشعال نار الفتنة والفرقة والتشتت بين صفوفه".
واعتبر رئيس أركان الجيش أن "أعداء الجزائر وجدوا ضالتهم في بعض ضعاف النفوس وخونة الأمة وجندوهم كعملاء لهم في الداخل واستعملوهم كأدوات للوصول إلى مبتغاهم المتمثل في إضعاف الجزائر من الداخل والضغط عليها لجعلها تتخلى عن مبادئها الثابتة وقيمها النبيلة وتتنكر لقضايا الأمة".
وفي نهاية أغسطس/آب، قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضدها، في قرار اعتبرت الرباط أنه "غير مبرر".
وفي 22 سبتمبر/أيلول قررت الجزائر غلق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، "فوراً" ، أعلنت الجزائر الأربعاء الإغلاق الفوري لمجالها الجوي في وجه الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وتلك التي تحمل رقم تسجيل مغربي، وذلك بعد أقل من شهر على قطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط بسبب ما وصفته بالأعمال العدائية للمملكة
"مجتمع السلم" تنتقد قطع العلاقات
ووصف رئيس حركة "مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبد الرزاق مقري، مؤخرا ، قرار الحكومة الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بأنه "قرار متسرع"، معتبراً أنه "كان يمكن الاستعاضة عنه بقرارات أخرى كخفض التمثيل الدبلوماسي".
ونشر مقري تقدير موقف، على صفحته بموقع "فيسبوك"، قال فيه إن "قطع العلاقات مع بلد شقيق، مهما كانت عدوانية نظامه على بلادنا، ليس بالأمر الهين، وقد حدث أن بلدانا في حالة حرب ولا تقطع العلاقات وتترك مجالا للدبلوماسية".
متابعا، إنه "على الرغم من تفهم الأسباب والدواعي التي دفعت بالجزائر لإعلان قطع العلاقات، بسبب سلوكيات وتصعيد سياسي أبداه المغرب إزاء الجزائر، إلا أنه يعتبر قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب قراراً متسرعاً كان يفترض مشاورة الشركاء السياسيين في الموالاة وفي المعارضة بشأنه"
وذكر رئيس الحزب الإسلامي، أن "العلاقات السياسية والاقتصادية كانت مقطوعة فعلياً بين البلدين منذ سنوات، لم يكن الأمر يتطلب تعميق آثار الأزمة على المستوى الاجتماعي بين الشعبين للترابط الوثيق بين الناس العاديين العابر للحدود وللسياسة بين البلدين، وعلى المستوى المعنوي في الساحة العربية كلها، التي ضجر سكانها من التشتت والضعف الذي هم فيه".
ورأى أنه "كان يمكن تخفيض مستوى التمثيل كرسالة للنظام المغربي وحلفائه، مع أخذ كل الاحتياطات الصارمة لمنع الاختراق الصهيوني عن طريق المغرب، كون التطبيع المغربي هو الأخطر في العالم العربي بسبب بعده الاجتماعي".