14 عامًا على الثورة| تراجع الحريات الإعلامية في مصر وسط تصاعد القمع

الأربعاء - 29 يناير 2025

في ندوة بـ"مركز إنسان للدراسات الإعلامية":

  • قطب العربي: 319  انتهاكًا ضد الصحفيين في 2024.. والوضع الحالي هو الأسوأ في تاريخ مصر
  • أسامه رشدي: السلطات أحالت أكثر من 90 قضية إلى محاكم الإرهاب في نوفمبر 2024  وحده
  • محمد جمال هلال: على الإعلام المعارض تحسين خطابه ليكون أكثر مهنية بعيدا عن الاستقطاب
  • مي الورداني: الانقلاب وجّه ضربة قاسية للحريات الإعلامية بعد انفتاح غير مسبوق عقب الثورة

 

إنسان للإعلام- تغطية خاصة:

أكد المشاركون في ندوة "الانتهاكات ضد الحرية الإعلامية في مصر بعد 14 عامًا من الثورة" استمرار التراجع الحاد في الحريات الإعلامية بمصر منذ انقلاب 3 يوليو 2013، وتصاعد الانتهاكات ضد الصحفيين والإعلاميين بمختلف توجهاتهم.

وأوضحوا - في الندوة التي نظمها "مركز إنسان للدراسات الإعلامية بإسطنبول"، ضمن فعاليات صالونه الثقافي، بالتزامن مع الذكرى الرابعة عشرة لثورة 25 يناير- أن الإعلام تحرر بعد الثورة من قبضة المؤسسة العسكرية، وشهد طفرة في حرية التعبير، لكن تلك المكتسبات لم تدم طويلًا، وأن الوضع الحالي هو "الأسوأ في تاريخ مصر الحديث".

وقالوا: إن السلطات تستخدم تهمة نشر الأخبار الكاذبة كذريعة لقمع آلاف المواطنين، في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين ضرورة أن "يعمل الإعلام المعارض على تحسين خطابه، ليكون أكثر مهنية وموضوعية، بعيدًا عن الاستقطاب السياسي".

القمع الإعلامي: أرقام وانتهاكات

من جانبه، قال الكاتب الصحفي قطب العربي، رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، والأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة: إن فترة حكم الرئيس مرسي شهدت أعلى مستويات حرية الإعلام، حيث آمن بأن التجربة الديمقراطية تحمي نفسها، رغم التحديات والانتقادات الحادة.

وأوضح أن المشهد الإعلامي في مصر تغير جذريًا بعد 2013، واصفًا الوضع الحالي بأنه "الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، حتى مقارنة بعهد جمال عبد الناصر".

وكشف أن عام 2024  وحده شهد319  انتهاكًا ضد الصحفيين، أبرزها تمديد الحبس الاحتياطي دون مبرر، وسوء المعاملة في السجون، مع استمرار اعتقال 44  صحفيًا، بينهم 4  صحفيين اعتقلوا هذا العام،  كما تم إدراج 50  صحفيًا وإعلاميًا على قوائم الإرهاب، بينهم 20  عضوًا بنقابة الصحفيين.

تسييس القوانين وتلفيق التهم

بدوره، قال د. أسامة رشدي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا، إن مصر تراجعت4  نقاط في تصنيف حقوق الإنسان لعام 2024، مشيرًا إلى أن السلطات تستخدم تهمة نشر الأخبار الكاذبة كذريعة لقمع آلاف المواطنين، في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت كل مواطن صحفيًا بطبيعته.

وأضاف أن السلطات أحالت أكثر من 90 قضية إلى محاكم الإرهاب في نوفمبر 2024  وحده، بما يعادل تقريبًا عدد القضايا المحالة منذ الانقلاب العسكري، وذلك بهدف إخراج المعتقلين من إطار الحبس الاحتياطي، ومن بين هؤلاء المعتقلين شخصيات بارزة مثل الحقوقية هدى عبد المنعم، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والمحامي عصام سلطان.

كما انتقد "رشدي" صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الانتهاكات، معتبرًا أن ازدواجية المعايير والمصالح السياسية حالت دون اتخاذ موقف حقيقي لحماية حرية الإعلام في مصر.

دعوات لإعلام معارض أكثر مهنية

أما الإعلامي د. محمد جمال هلال، عضو المرصد العربي لحرية الإعلام، فقد شدد على ضرورة أن يعمل الإعلام المعارض على تحسين خطابه، ليكون أكثر مهنية وموضوعية، بعيدًا عن الاستقطاب السياسي الحاد.

وأكد أن النظام الحاكم ينتهك كافة المواثيق الإعلامية والمهنية، مشيرًا إلى اختطاف الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي، واصفًا ذلك بأنه مثال على القمع العابر للحدود، في محاولة مستمرة لمنع الإعلام الحر بجميع وسائله.

وفي ختام كلمته، شدد "هلال" على أن حرية الإعلام حق أصيل لكل مصري، وأن التضحيات المستمرة في سبيل حرية التعبير لن تثني الصحفيين عن مواصلة رسالتهم، داعيًا إلى ضرورة التضامن الدولي لإنهاء القمع الإعلامي في مصر.

تغيرات كبرى في المشهد الإعلامي

وكانت الكاتبة الصحفية مي الورداني، مديرة مركز إنسان للدراسات الإعلامية، بدأت النندوة بقولها: إن مصر شهدت تحولات كبيرة منذ اندلاع ثورة يناير، موضحة أن السنوات التي أعقبت الثورة شهدت انفتاحًا غير مسبوق في المجال الإعلامي، حيث تم كسر القيود التي فرضها نظام مبارك، وأصبحت الساحة الإعلامية أكثر جرأة وانفتاحًا في تناول القضايا السياسية.

أضافت أن الإعلام بعد الثورة تحرر من قبضة المؤسسة العسكرية، وشهد طفرة في حرية التعبير، حيث ألغى الرئيس الراحل محمد مرسي معظم القوانين المقيدة للحريات، ومنع الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، متحملًا في المقابل انتقادات حادة، تجاوز بعضها حدود المهنية إلى التحريض والتطاول.

كما سمح دستور 2012 بإصدار الصحف بمجرد الإخطار، مما أدى إلى ظهور العشرات منها بمختلف التوجهات السياسية، لكن تلك المكتسبات لم تدم طويلًا، إذ أشارت الورداني إلى أن انقلاب 2013 وجه ضربة قاسية للحريات الإعلامية، فتحول الإعلام إلى أداة للكراهية والاستقطاب السياسي، وبدأت مرحلة جديدة من إغلاق المؤسسات الإعلامية واعتقال الصحفيين، حتى تراجعت مصر إلى المرتبة 170 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي.