تسريبات السجون تكشف تهافت أذرع "السيسي" الإعلامية

الثلاثاء - 19 سبتمبر 2023

  • اللجان "فبركت" حسابا للمحامي عبد المنعم عبدالمقصود للتشكيك في صحة التسريبات
  • صحف السيسي تلقفت الحساب المفبرك لتزعم أن "الاخوان يهاجمون الإخوان"
  • بيان الداخلية أكد صحة التسريبات بقوله إنها "مُحرفة" فروجت له الصحف والفضائيات!
  • التسريبات تؤكد الخلاف بين الأجهزة "السيادية" ورغبة بعضها في التخلص من السيسي

 

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

كيف عالج إعلام الانقلاب في مصر فضيحة تسريبات زنازين السجون الجديدة، التي نشرها اليوتيوبر المعارض من أمريكا "على حسين مهدي" على مدى ثلاث حلقات، بدأت يوم 12 سبتمبر 2023 وانتهت يوم 14 سبتمبر؟

سؤال جوهري نتعرف من إجابته على حقيقة أن الإعلام الانقلابي يتصرف وكأن "على رأسه بطحة"، ليس بإرادته ولكن بغباء من يديرون المنظومة الإعلامية خلف الكواليس.

فور انتشار التسريبات من داخل السجون المصرية، لمعارضين وقيادات من جماعة الإخوان المسلمين في أوضاع صعبة، تحرك إعلام السيسي ولجانه للدفاع المعتاد، بمبررات مكشوفة، حيث زعم بيان وزارة الداخلية، الذي اعتمدت عليه الصحف واللجان، أن التسريبات "مُحرّفة" ولم يقل إنها "ليست حقيقية"، ما يثير تساؤلات حول صحتها بالفعل.

وسعى إعلام نظام السيسي ولجانه لمداراة الفضيحة دون أن يناقشوا كيف خرجت هذه الفيديوهات من داخل السجون.

تفاصيل الفيديوهات

أظهرت الفيديوهات ظروف اعتقال سيئة للمعتقلين في زنازينهم الانفرادية بسجن بدر، إذ خلت الزنازين من الأسرّة أو الأرائك أو الكراسي، ولم يكن بها سوى سجادة صلاة وبعض الألبسة والأطعمة والماء التي تعود للمعتقلين، وكثير من القمامة التي لا تتم إزالتها.

ظهر فيديو للدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وهو يدور حول جدران الزنزانة كأنه يتريض، وتعليقات تقول إنه يحاول البقاء دافئًا بالتجول البطيء داخل الزنزانة لعدم وجود أغطية، ما يرجح أنها مصورة في الشتاء الماضي أو أن الزنازين بها مكيفات عالية الشدة لا يحتملها. (فيديو د. محمود عزت)

الفيديو الثاني قيل إنه لشخص يبدو شبيه بالدكتور صلاح سلطان، أستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعات الأمريكية، وهو يجلس ويبدو عليه الإرهاق، لكن تبين أنه للمعتقل حامد صديق. (االفيديو)

والفيديو الثالث لشخص ثالث غير معروف ظهر في الفيديو وهو لا يتوقف عن أداء الصلوات على مدار الساعة، ما اعتبره نشطاء رمزًا للإصرار والإيمان في ظل الظروف الصعبة.(الفيديو)

وعاود الناشط علي حسين المهدي ، نشر لقطات فيديو تضمنت -حسبما قال- زنزانة وزير التموين السابق في حكومة الرئيس الراحل محمد مرسي، باسم عودة، وقد انتشرت فيها القمامة، وكذلك نشر مقطع فيديو قال إنه لزنزانة رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم الفتوح، وقد بدت الزنزانة ضيقة للغاية.

فضلاً عن ذلك، نشر مقاطع فيديو وزعم أنها زنزانة لأنس البلتاجي ونائب المرشد خيرت الشاطر، وقال إن أنس البلتاجي وخيرت الشاطر كانا في زنزانة واحدة قبل أن يتم ترحيل أنس إلى سجن آخر. 

كذلك نشر مقاطع فيديو قال إنها زنزانة المرشح الرئاسي السابق حازم صلاح أبو إسماعيل، وقد ظهر أن الزنزانة مليئة بالقمامة، وأشار إلى منطقة في الزنزانة وقال إنها المكان الذي ينام فيه حازم أبو إسماعيل.

ثم نشر تسريبا ظهر فيه الشيخ محمود شعبان، وبحسب ما قاله الناشط، فإن هذه أول مرة يظهر فيها الشيخ محمود شعبان بالصوت والصورة، وهو يخطب داخل سجون مصر ويتحدى عبد الفتاح السيسي. 

فيما أظهر الفيديو لقطات لإخراج الشيخ شعبان من الزنزانة الانفرادية، ومرة أخرى وهو على كرسي متحرك. (الفيديو)

وقد أكد علي حسين مهدي أن لديه حوالي 70 ساعة من هذه التسجيلات، وتشمل قادة بارزين في جماعة الإخوان المسلمين. (الفيديو)

"فبركة" حسابات للإخوان

وضمن ردود الفعل، فبركت لجان السيسي وإعلامه للتغطية على التسريبات وإثارة الغبار حولها هي فبركة لجان السيسي حسابا منسوبا لمحامي الاخوان "عبد المنعم عبد المقصود" علي فيس بوك، ينفي صحة فيديو نائب المرشد الدكتور محمود عزت له ويقول إنه ليس حقيقيا، والشخص الذي ظهر فيه ليس هو .

وتبين أن هذه الصفحة التي أوردت النفي جديدة، تمت صناعتها ووضع صورة عبدالمنعم عبدالمقصود عليها، وليس منشورا بها سوي هذا النفي، وليس بها أي أصدقاء أو صور أو منشورات، ما شكك في نسبتها لعبدالمقصود.

وضمن مخطط الرد الإعلامي على هذه التسريبات، تم إعطاء تعليمات للصحف للتركيز على حساب علدالمنعم عبدالمقصود المفبرك؛ للزعم أن الاخوان يفبركون تسريبات السجون.

وكانت صحيفة "المصري اليوم" مثالا لنشر الردود المرتبكة "المفبركة" من داخلية الانقلاب، حيث نشرت تقريرا يوم 12 سبتمبر 2023 تزعم فيه أن «الإخوان» يكذبون «إخوان الخارج»!

واستغل إعلام السيسي نفي محمد سلطان، نجل الدكتور صلاح سلطان، على صفحته أن يكون "الفيديو المُسرب من داخل السجن لوالده، ليؤكد الانقلابيون أنها "تسريبات مفبركة نفاها الإخوان"، برغم أن من حللوا الفيديو قالوا إنه ليس لصلاح سلطان ولكن للمعتقل حامد صديق. (نفي محمد سلطان)

وكان مريبا أن لجان السيسي وصحف موالية للسلطة، تلقفت هذا البيان من نجل سلطان وصفحة المحامي "عبدالمقصود" المفبركة؛ لتنفي مع وزارة الداخلية صحة التسريبات، خصوصا للدكتور عزت، مع أنه يظهر فيها بوضوح.

ونشرت اللجان ووسائل إعلام السلطوة بيان وزارة الداخلية الذي زعم أن ما وصفه بـ "ادعاءات جماعة الإخوان الإرهابية" عن الأوضاع داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، مُحرَّفة، ولا تمت بصلة للأشخاص التي يدعي أنها خاصة بهم".

وكان لافتا قول المصدر الأمني المنسوب إليه البيان إنها "مُحرفة" ولم يقل إنها "ليست حقيقية"، ما يثير تساؤلات حول صحتها بالفعل.

وكررت الوزارة، في بيان 12 سبتمبر 2023 ما تقوله في كل بياناتها من "أن تلك المحاولات تأتي في إطار مخططات جماعة الإخوان الإرهابية لمحاولة إثارة البلبلة بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام".

حقوقي: "التسريبات صحيحة"

في مواجهة نفي الداخلية وصحف السلطة وحديثهم عن فبركة التسرببات، أكد الحقوقي المصري هيثم غنيم أن #تسريبات_سجون_مصر، صحيحة وتم التحقق منها، وهي من مجمع سجون بدر من داخل زنازين الاحتجاز بالسجون الجديدة نظراً لتطابق الفيديوهات المسربة مع الفيدوهات التي نشرتها الدولة رسميًا.

وظهر شكل الزنزانة التي ظهر فيها عزت تطابقاً مع صور نشرتها وسائل إعلام مصرية موالية للسلطات، عن شكل الزنازين داخل سجن بدر، وبدت الألوان متطابقة في كل من الفيديو والصورة التي نشرها الإعلام المصري، إضافة إلى تطابق شكل النوافذ الموجودة بالزنازين.

قال: إن الفيدوهات المسربة كانت لثلاثة أشخاص في ثلاث زنازين انفرادية، الفيديو الأول يظهر به ما يعتقد أنه بالفعل محمود عزت نائب جماعة الإخوان، والثاني "وفق مصدر حقوقي تواصلت معه فهو للمعتقل حامد صديق وليس صلاح سلطان" ويلاحظ في الفيديوهات غياب الأسرة التي تظهر في دعاية السجون، وفق قوله.

أضاف أن التسريبات التي عرضت تظهر العشوائية والحالة الانتقامية التي تعيشها مصر وتلقي التسريبات نظرة على زنازين الاحتجاز داخل السجون الجديدة.

ودعا "غنيم" النيابة العامة "للتحقق وبالأدلة من جميع حالات الإهمال الطبي داخل السجون عبر مراجعة المقاطع المسجلة، بدلا من الاكتفاء ببيانات هزلية من وزارة الداخلية تكتفي بتكذيب المنظمات الحقوقية دون إثبات".

تابع أن "التسريبات تطرح أسئلة حول الخصوصية التي يتم من خلالها حماية تسجيلات النزلاء، في ظل أن المقاطع الدعائية لوزارة الداخلية تتضمن مقاطع تظهر وجود كاميرات للمراقبة والتسجيل في زنازين النزيلات النساء".(تغريدة هيثم غنيم)

هدف خفي للتسريبات

تساءل البعض: ماذا وراء التسريبات؟ ومن الذي سربها؟ هل تمثل حالة غضب لبعض من بقي لديهم ضمائر في السجون على ما يجري من انتهاكات من القائمين على ادارتها؟ أم هي تسريبات متعمدة من جهات في الدولة لضرب السيسي قبل انتخابات الرئاسة وفضحه؟ أم أنها صراعات أجهزة؟

لكن رغم التساؤلات حول مصدر التسريبات ومن سربها، فالمؤكد أنه تم تسريبها من أجهزة النظام، وقد يكون تسريبها مقصودا لرسائل محددة: إما تحطيم المعتقلين ونقل رسالة للمعارضين بأن هذا سيكون مصيرهم حال استمرت معارضتهم للسيسي ورفض ترشيحه لفترة رئاسة ثالثةـ أو تثوير الرأي العام ضد السيسي بشكل أكبر  ومنع المترددين من التصويت في الانتخابات الرئاسية المرتقبة لكشف شعبية السيسي المتدهورة، أو تصفية لحسابات بين الأجهزة الأمنية والمخابراتية.