نجاح "طوفان الأقصى" يفرض واقعا جديدا على الرواية الإعلامية الفلسطينية
الاثنين - 27 يناير 2025
الأمين العام لمنتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال أحمد الشيخ:
- تغيرات ما بعد "طوفان الأقصى" تستدعي تطورًا في الرواية الفلسطينية داخليا وخارجيا
- الرواية الفلسطينية يجب أن تعيد الوعي للشعب وتمنعه من الاستسلام لواقع الاحتلال
- القمع العربي والتطبيع والتغلغل الصهيوني أبرز التحديات أمام الإعلام الفلسطيني
- الاحتلال يتعمد قتل الصحفيين لأنه يخشى تأثير الرواية الفلسطينية وانتشارها عالميًا
إنسان للإعلام- حوار خاص:
أكد أحمد الشيخ، المستشار في شبكة الجزيرة الإعلامية، والأمين العام لمنتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال (تواصل)، أهمية ظهور الرواية الفلسطينية في طور جديد يتماشى مع التطورات الأخيرة التي شهدتها القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن هذه التغييرات جعلت من تجديد الرواية الفلسطينية أمرًا ضروريًا يجب طرحه بقوة أمام الرأي العام.
وقال "الشيخ"، في حوار خاص مع مركز إنسان للدراسات الإعلامية: "هذا الطور الجديد فرضته التطورات الأخيرة في معركة طوفان الأقصى، وما أعقب السابع من أكتوبر".
وأكد أن هذه الأحداث خلقت واقعًا جديدًا للقضية الفلسطينية، سواء على المستوى العالمي أو العربي أو الفلسطيني، مشددًا ضرورة أن تعكس الرواية الفلسطينية هذا الواقع الجديد، وأن تستجيب لمتطلباته.
وأوضح "الشيخ" أن اتفاق أوسلو فشل فشلًا ذريعًا ولم يحقق شيئًا يُذكر، بل إن تداعياته أدت إلى نتائج مأساوية، مثل الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين، كما هو الحال في جنين.
وبيّن أن هذه النتيجة تحتم على الرواية الفلسطينية أن تخاطب الشعب الفلسطيني من منظور جديد يعيد ترتيب الأولويات، ويركز على الوحدة والوعي الوطني.
وأضاف: "يجب أن تعمل الرواية الفلسطينية على إعادة الوعي للشعب، بحيث لا يستسلم لليأس أو للواقع الحالي، لأنه واقع مؤقت سيزول وفق رؤية مستقبلية للقضية الفلسطينية، وعلى الشعب الفلسطيني أن يسعى لاستعادة حريته من داخله أولًا". وإلى تفاصيل الحوار:
- ماذا تقصد بالرواية الفلسطينية في طورها الجديد؟ وما أهم ملامح هذا الطور من وجهة نظر ك؟
الرواية الفلسطينية تحتاج إلى التجدد لتواكب الواقع الجديد الذي فرضته حرب طوفان الأقصى وما تلا السابع من أكتوبر 2023، فقد أوجدت هذه الحرب واقعًا جديدًا للقضية الفلسطينية على المستويات العالمية والعربية والفلسطينية، وهو واقع يستوجب أن تتطور الرواية الفلسطينية لتعكس هذه التغيرات.
ومن أبرز ما يتطلبه هذا التطوير هو استثمار الوعي المتزايد عالميًا بظلم القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني، فقد أصبح العالم أكثر إدراكًا لحجم المأساة التي تعرض لها الفلسطينيون، وبالتالي من الضروري أن تواصل الرواية الفلسطينية تطورها بما يحافظ على الزخم الذي أحدثه هذا العدوان الأخير.
ويجب البناء على هذا الزخم لتطوير السردية الفلسطينية، بحيث تصل إلى مرحلة يصبح فيها العالم قادرًا على فرض واقع جديد على المعتدي الإسرائيلي المدعوم من الغرب، واقع يحترم حقوق الشعب الفلسطيني ويمكّنه من تقرير مصيره بما يتوافق مع العدالة والكرامة الإنسانية.
- وماذا عن ملامح تلك الرواية؟
لا أريد التحدث عن المستقبل أو هذا الواقع بشكل مباشر، لكن من الضروري أن تُبنى ملامح الرواية الفلسطينية وأطرها وخططها وتوجهاتها استنادًا إلى هذا الواقع الجديد، فالعالم اليوم يدرك حجم الظلم الهائل الذي حل بالشعب الفلسطيني على مدار 77 عامًا، بل وما قبل ذلك أيضًا.
لذلك، ينبغي على الرواية الفلسطينية أن تتجدد عبر إنتاج مواد وأفلام وكتابات جديدة تتفاعل مع الصحفيين والإعلاميين حول العالم على أساس الحق الفلسطيني، وأن تعمل على ترسيخ هذا الوعي وفق هذه الرؤية.
وعلى الصعيد العربي، يجب أن تأخذ الرواية الفلسطينية في الاعتبار خذلان القضية الفلسطينية المستمر على مدار عقود.
لقد شهد قطاع غزة مذابح وإبادة جماعية، دون أن نجد تحركًا عربيًا رسميًا فاعلًا، حتى على أبسط المستويات، مثل إدخال الماء أو الغذاء إلى القطاع.
وفي ظل هذا الخذلان، نجد البعض يهرول نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ويتفاخرون بنقل الرواية الإسرائيلية عبر قنواتهم ومنصاتهم الإعلامية، بينما تُهمل الرواية الفلسطينية.
وعلى الصعيد الفلسطيني الداخلي، ما جرى بعد اتفاق أوسلو يمثل إخفاقًا كبيرًا، فقد فشل الاتفاق في تحقيق أي إنجاز يُذكر، ولم ينجح القائمون عليه في حماية أنفسهم تحت الاحتلال، بل إن من نتائجه الكارثية اليوم ما نراه من اقتتال داخلي، مثلما يحدث في جنين، حيث يقتل الفلسطيني أخاه الفلسطيني.
من هنا، على الرواية الفلسطينية أن تخاطب الشعب الفلسطيني من هذه الزاوية، وأن تسعى إلى إعادة الوعي لديه، كي لا يستسلم أو ييأس من هذا الواقع، فهذا الواقع مؤقت وعابر، وسيزول وفق رؤية مستقبلية للقضية الفلسطينية، وعلى الشعب الفلسطيني أن يستعيد حريته من داخله أولًا، وألا يفرط في فكرة المقاومة بكل أشكالها، وفق متطلبات كل مرحلة.
لهذا السبب، جاءت الدوافع لاختيار شعار المؤتمر الرابع لمنتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال "الرواية الفلسطينية طور جديد"، بهدف إعادة بناء السردية الفلسطينية؛ بما يعكس تطلعات الشعب ومعاناته، ويستجيب لتحديات الحاضر والمستقبل.
- من وجهة نظرك: ما هي أهم المضامين التي يجب أن تتضمنها الرواية الفلسطينية للداخل الفلسطيني أولا؟
في الداخل الفلسطيني، يجب علينا كفلسطينيين أن ندرك أهمية مراجعة المسيرة التي بدأت منذ انطلاقة حركة فتح عام 1965، والتأمل فيما آلت إليه الثورة الفلسطينية بعد ذلك، وصولًا إلى مخرجات اتفاق أوسلو. هذه المراجعة أصبحت حاجة ملحة وضرورية، إذ إن استمرار النهج الحالي دون تقييم يعيق تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني.
لقد بات الانتماء للتنظيم أو الأيديولوجيا في كثير من الحالات يُقدَّم على الانتماء للوطن، وهو أمر مؤسف وغير مقبول ولا ينبغي أن يستمر.
بالإضافة إلى ذلك، هناك ملايين الفلسطينيين في الشتات، وهؤلاء يجب أن يكونوا جزءًا أساسيًا من خطاب الرواية الفلسطينية، ومن الضروري أن تبقى قضية الوطن حاضرة في عقول وقلوب الأجيال الفلسطينية في الخارج، حتى لا يبهت حب الوطن أو يتلاشى إيمانهم بحقهم في العودة.
هذا يتطلب جهدًا مركزًا لإنتاج أعمال وثائقية، وأفلام درامية، وكتب، بالإضافة إلى تعزيز النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي، وينبغي أن تستهدف هذه الجهود الأجيال الفلسطينية في الشتات، مع تقديم مضامين تعزز إيمانهم بأن أرضهم ستتحرر يومًا ما.
ومن بين المضامين الرئيسية التي يجب أن تتبناها الرواية الفلسطينية هي التأكيد على استعادة الأرض والحرية والكرامة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنتاج أعمال إعلامية ودرامية وفق معايير مدروسة واحترافية، تستهدف الأجيال الجديدة، وتلبي احتياجاتهم الفكرية والثقافية، حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، هناك العديد من الأفكار التي يمكن أن تُطرح بشكل مبتكر. ومن خلال المنتدى، يتم العمل على تقديم مبادرات وأفكار تخدم هذه الأهداف من الآن.
- ما هي أهم التحديات التي تواجه الرواية الفلسطينية في الوصول لشعوب العالم؟.
أولًا: التضييق الحكومي على منتجات الرواية الفلسطينية: تواجه منتجات الرواية الفلسطينية تضييقًا كبيرًا من الحكومات العربية، فالفلسطينيون في الشتات، الذين يُفترض أن يساهموا في إنتاج هذه الرواية ويعملوا على إنشاء محتوى متصل بها، يواجهون في كثير من الأحيان عراقيل تتمثل في القوانين التي تحد من الحريات في البلدان العربية. هذه القيود تجعلهم يخشون على أنفسهم من الملاحقة أو الاضطهاد، ما يؤدي إلى تقليص مساهماتهم في إنتاج المحتوى.
ثانيًا: ضعف التمويل: ضعف التمويل يمثل عقبة كبيرة أمام تعزيز الرواية الفلسطينية، فرغم وجود رجال أعمال فلسطينيين يمتلكون الموارد المالية، إلا أن التعامل معهم يواجه تحديات. في كثير من الأحيان، يبدأ البعض بالتفاعل بحماس مع المشاريع، ولكن عند الوصول إلى مرحلة التنفيذ أو تقديم الدعم المالي، يتراجع الكثير منهم. حتى الاجتماعات الداعمة لتلك المشاريع غالبًا ما تُقابل بعدم استجابة.
وعند مقارنة هذه التجربة بتجربة الحركة الصهيونية، نجد فرقًا شاسعًا، فالحركة الصهيونية اعتمدت على استراتيجيات فعّالة لإجبار الداعمين على تقديم المساهمات المالية، بينما نفتقر نحن لهذه الأدوات أو القوة. ومع ذلك، لا بد من استمرار المحاولة دون يأس، مع التركيز على إيجاد آليات مبتكرة لجذب التمويل ودعم الإنتاج.
ثالثًا: ضغوط منصات التواصل الاجتماعي العالمية: تعاني منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، من خضوعها لضغوط اللوبي الإسرائيلي، ما يؤدي إلى تضييق الخناق على المحتوى الفلسطيني أو تقييده.
ورغم ذلك، توفر هذه المنصات فرصة كبيرة لإيصال الرواية الفلسطينية للعالم، ويجب أن نعمل على استغلال هذه الفرصة بأقصى طاقة ممكنة، من خلال إنتاج محتوى إبداعي ومؤثر يمكنه التغلب على هذه التحديات.
- كيف يمكن للرواية الفلسطينية مواجهة الرواية الكاذبة والمعلومات المضللة عن القضية الفلسطينية؟
إذا تمكنت من فهم أبعاد الرواية الإسرائيلية الصهيونية، ونجحت في نقضها من خلال إنتاج مواد موثقة ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات المختلفة، فبإمكانك دحضها بفعالية.
لتحقيق ذلك، يتطلب الأمر دراسة علمية دقيقة تعتمد على المعلومات الموثوقة، الوثائق، الأرقام، ومعرفة الدوائر الإعلامية التي تستخدمها الرواية الصهيونية لبث موادها ومعلوماتها.
لكن هذا لا يعني أن المهمة مستحيلة، فبالصبر والمواظبة والاستمرار في العمل، إلى جانب التعاون والمساندة، يمكن فتح آفاق جديدة والوصول إلى جمهور أوسع. ومع مرور الوقت، تستطيع الرواية الفلسطينية الحقيقية أن تتفوق على الرواية الزائفة، لأن الحقيقة تمتلك دائمًا القدرة على الصمود والانتصار إذا ما تم تقديمها بشكل مدروس ومؤثر.
- استشهد أكثر من 200 صحفي خلال طوفان الأقصى، ومع ذلك استمرت التغطية وبقيت الشهادات حية.. ما تعليقك على هذا الموضوع؟
غزة ولاّدة، والشعب الفلسطيني ولاّد، والمهم ألا تخاف. المشكلة الكبرى التي تواجهها أمتنا اليوم أنها أمة خائفة، تخاف من العدل فينتشر فيها الظلم والفساد؟ تخاف من العلم فينتشر فيها الجهل، تخاف من الحرية فينتشر فيه الطغيان، تخاف من الآخر فتنكفئ على نفسها، ولكنها لا تخاف من الله عز وجل كما ينبغي لها.. هذه كل مشاكلنا التي نعيشها، لأننا استبدلنا الخوف من الله بالخوف من الولايات المتحدة ومن الناس.
لو لم نكن خائفين لما كنا في هذا الوضع الذي نحن فيه، وإذا أردنا أن نتغلب على الرواية الصهيونية نعمل بجد بعزيمة الصبر، وألا نخاف.
- الاستهداف الصهيوني في حرب طوفان الأقصى لم يقتصر على الصحفيين، بل امتد لعائلات كل الصحفيين.. لماذا؟
الصحفيون في غزة، شأنهم شأن باقي أهل القطاع، يعانون من تداعيات الكوارث التي مرت بهم، مما يوجب علينا أن نوليهم الرعاية اللازمة.
يجب أن تكون الأولوية الآن لتقديم الدعم النفسي لهم، لمساعدتهم على التغلب على الكوابيس والأحزان التي أثقلت كاهلهم، غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب موارد مالية تُخصص لرعايتهم والتخفيف عنهم وعن أسرهم، وعلى من يملك القدرة المالية أن يسهم في هذا الجهد الإنساني النبيل.
ولا يقتصر الأمر على صحفيي غزة فحسب، بل يمتد ليشمل زملاءهم في الضفة الغربية، وهناك ما يقارب 110 صحفيين يقبعون في المعتقلات الإسرائيلية، حيث يعيشون ظروفًا مأساوية تفاقمها الأمراض التي تنهش أجسادهم داخل السجون.
هؤلاء الصحفيون، الذين يدفعون ثمنًا باهظًا لالتزامهم بكشف الحقيقة، بحاجة أيضًا إلى دعم ورعاية عاجلة على كافة المستويات.
- لماذا تعمّد الاحتلال قتل كل هؤلاء الصحفيين؟
الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل الصحفيين، لأنه يسعى إلى القضاء على الرواية الفلسطينية. هدفه هو تغييب هذه الرواية عن العالم، ومنعها من الانتشار، فضلاً عن منع نشر صور جرائمه الوحشية.
قتل الصحفيين هو محاولة لإسكات من ينقل هذه الحقيقة المؤلمة التي تفضح الاحتلال، وإسرائيل تخشى من انتشار الوعي العالمي بمظلومية القضية الفلسطينية، وتحديدًا في العالم العربي. هي لا تريد أن يصل إنتاج إعلامي من غزة باللغة العربية إلى شعوبنا العربية، لأن ذلك قد يساهم في استعادة الوعي لدى الشعوب التي تعيش في حالة من الغيبوبة والتنويم بسبب التضليل والخوف.
- كيف ترى إغلاق السلطة الفلسطينية مكتب "الجزيرة" في مناطق سيطرتها؟
هذا أمر مؤسف جدا وهذا ليس الأسلوب الصحيح اليوم للتعامل مع وسائل الإعلام.. هذا الاجراء لن يفيد شيئا، فاليوم -رغم التضييق- تستطيع عن أن تحصل على ما تريد من المعلومات طريق التواصل الاجتماعي.
وغلق المكتب لن يفيدهم في شيء، والجزيرة رافعتها مع القضية الفلسطينية رافعة عالية جدا، وأعتقد أن من أغلق هو الذي سيخسر وليست "الجزيرة".
- ما الذي أضافته التغطية الصحفية خلال حرب طوفان الأقصى للعمل الإعلامي؟
أضافت الكثير، أضافت أن هناك شجعانا يحملون الكلمة والكاميرا والقلم، لا يخافون، ومضوا رغم كل شيء، ونقلوا الصورة للعالم رغم جراحهم ورغم أحزانهم، ورغم آلامهم، كأنها تقول للعالم: لا تخف فأنت تستطيع أن تفعل حتى وإن قدم هذا الصحفي روحه لنقل الحقيقة.
التغطية الصحفية في غزة رسخت نموذجا للتضحية.. من قال إن الأمم تتحرر بدون تقديم التضحيات؟ من قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نشر دعوته في الدنيا كلها بدون أن يقدم تضحيات؟ لقد عانى هو نفسه، وعانى أصحابه وهُجروا، ولم يتوقف حتى نشر دعوته وأقام دولته. هذا هو نموذجنا قدوتنا وغايتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- إلى أي مدى استطاعت الرواية الفلسطينية الوصول إلى العالم خلال حرب طوفان الأقصى؟
الآن الإحصائيات تشير إلى أن 80% ممن يُستطلع رأيهم يرون أن الحل هو ألا يبقي احتلال إسرائيل لفلسطين، والمظاهرات التي نراها في شوارع الولايات المتحدة وأوروبا وغيره نتيجة لوصول الرواية الفلسطينية بأشكالها المختلفة إلى الشوارع العالمية.
- هل نجح الإعلام الغربي في التغطية الإعلامية لحرب طوفان الاقصي؟
الإعلام الغربي تم تقييده ومنعه من تغطية بعض الأمور بحيادية، ولكن ما شاهدناه كان طوفانًا من الصور والمعلومات. السؤال هنا: هل تعامل مع تلك المعلومات بعدل ونزاهة؟ لا أعتقد ذلك، فالإعلام الغربي التقليدي، مثل BBC وCNN وSky News وغيرها من القنوات في دول مثل ألمانيا وفرنسا، تسيطر عليها بشكل كبير الأجندات الصهيونية. هذه القنوات ليست محايدة، ومن غير المتوقع أن تقف إلى جانبنا. ربما يصدر تقرير إيجابي بين عشرة تقارير، لكنه غالبًا يفتقر إلى الموضوعية في مفرداته ومصطلحاته.
بالإضافة إلى ذلك، نجد أن الفن أيضًا يقف ضد قضايانا. لذا، لا يمكننا انتظار العدالة من مؤسسات تمثل جزءًا من حضارة كانت الأساس في إنشاء إسرائيل على أرضنا. توقع العدالة منهم هو أشبه بمن يعيش في وهم أو حلم غير واقعي.
- ما هي رسالتك لمن يريد أن يوصل الرواية الفلسطينية، سواء كان شابا صحفيا متطوعا أو مهتما بالأمر؟
من يرغب في إيصال الرواية الفلسطينية الحقيقية إلى العالم، عليه أن ينزل إلى الشارع، ويصور حياة الناس العاديين، وينقل أحزانهم وآلامهم، أفراحهم وطموحاتهم. هذه التفاصيل هي التي تصل إلى عقول المشاهدين وقلبهم من خلال الأعمال الإعلامية أو السينمائية.
خذ مثالًا الرجل الذي حمل حفيدته "روح الروح"، وكيف أحدث تغييرات عالمية بفعله هذا، وترك أثرًا أكبر عندما استُشهد هو نفسه.
أنصح كل صحفي شاب بأن يتوجه إلى الشارع لينقل قصص الناس البسطاء، يركز على حكاياتهم: الشخص الذي ينتظر في طابور للحصول على إبريق ماء أو وجبة غذاء، تحدث معه لتكتشف آلامه وأحلامه، آماله وطموحاته..كل تفصيلة من هذه الحكايات تحكي جزءًا من الرواية الفلسطينية.
خذ مثالًا: المرأة التي فقدت جميع أولادها لكنها ما زالت تقول "الحمد لله". لماذا تحمد الله بعد هذا المصاب الجلل؟!
هذه المشاهد، وهذه التساؤلات العميقة، هي التي تُجبر الناس على التفكير في الواقع الأليم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وتجعله أكثر قربًا من عقول وقلوب المتابعين حول العالم.