بين دمار غزة وحرائق كاليفورنيا.. إعصار المقارنات يجتاح وسائل التواصل

السبت - 18 يناير 2025

إنسان للإعلام- حنان عطية:

بالرغم من أن الحرب في غزة قد انتهت بعد إعلان الدوحة، يوم الأربعاء 15 يناير 2025، فإن أعداد الشهداء والضحايا وحجم المعاناة والدمار الذي خلفه العدوان الصهيوني على القطاع المكتظ، ترك جرحًا عميقًا في الذاكرة العربية والإنسانية.

 هذا الجرح الذي نتج عن شراسة القتل، الذي طال الأبرياء بلا رادع دولي أو إقليمي وبلا خطوط حمراء، دفع رواد وسائل التواصل الاجتماعي للربط بين حرائق كاليفورنيا 2025 وبين الدمار الذي أصبح عليه قطاع غزة، والذي أتى على أكثر من 80% من مباني القطاع المنكوب.

حريق الساعة

منذ 7 يناير 2025، اندلعت سلسلة حرائق غابات مستمرة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، أثرت على منطقة لوس أنجلوس الحضرية والمناطق المحيطة بها.

تفاقمت هذه الحرائق حتى أتت على أحياء باليسيدز، وإيتون، وهيرست، وصنست، بسبب انخفاض الرطوبة الشديد وظروف الجفاف الممتدة، ورياح "سانتا آنا" التي بلغت قوة الأعاصير، وتجاوزت في بعض الأماكن 80 ميلًا في الساعة (130 كم/س).

واعتبارًا من 8 يناير، تسببت الحرائق في وفاة 25 شخصًا: 9 في حريق باليسيدز،  و16 في حريق إيتون، ولا يزال 16 آخرون في عداد المفقودين، وألحقت أضرارًا بأكثر من 12 ألفا و401 مبنى وأجبرت أكثر من 180 ألف شخص على الإخلاء، وما زالت الحرائق مستمرة.

تفاعل عربي

تعليقا على هذه الحرائق، استخدم رواد منصات وسائل التواصل الاجتماعي العربية وفي بعض الدول الإسلامية، مجموعة واسعة من الهاشتاجات والتغريدات؛ وكأن الجماهير وجدت فيها نوعًا من العزاء لقلوبها عن الألم الذي كابدته في التألم لحال غزة، مع شعورها بالعجز نتيجة إغلاق الحدود على القطاع المحاصر بأيدٍ عربية ودولية، ذلك الإغلاق الذي حال حتى دون إيصال المساعدات وأدى إلى عزل أهل غزة في مواجهة الحرب والتجويع والشتات والتهجير

وهذا الربط بين حرائق كاليفورنيا وما حدث في غزة، جاء نتيجة مجموعة من العوامل والتوجهات السائدة في الرأي العام العربي:

1.       العدالة الإلهية: يرى الكثيرون أن حرائق كاليفورنيا هي نوع من "العدالة الإلهية" أو "عقاب إلهي" للولايات المتحدة بسبب سياساتها في الشرق الأوسط، وخاصة تجاه القضية الفلسطينية.

2.       التضامن الشعبي: يشعر الكثيرون بالتضامن مع الشعب الفلسطيني ومعاناته، ويرون في ربط حرائق كاليفورنيا بغزة تعبيرًا عن هذا التضامن ودعمًا للقضية الفلسطينية.

3.       الشعور بالضعف: شعرت الشعوب العربية والإسلامية بالقهر والضعف، بعد استعراض أمريكا لقوة أسلحتها التدميرية في غزة؛ لإرهاب الشعوب العربية والإسلامية وكل من تسول له نفسه أن يكون خارجًا عن طوعها.

4.       الغضب: أثارت تصريحات ترامب التي توعد بها المنطقة العربية بقوله إنه سيحرق الشرق الأوسط إذا لم تفرج المقاومة الفلسطينية عن الأسرى الصهاينة الأمريكيين لديها غضبا واسعا بأوساط الجماهير العربية.

الأكثر تداولًا

كان هاشتاج "#حرائق_كاليفورنيا" الأكثر تداولًا بين النشطاء العرب، منذ اندلاع الحرائق، حيث لقي تفاعلًا واسعًا من جماهير وسائل التواصل العربي، التي ربطت بين الحريق وبين ما حدث في قطاع غزة من حرب ودمار وظلم. ورأى البعض في هذه الحرائق نوعًا من العقاب الإلهي للولايات المتحدة بسبب سياستها الداعمة للكيان الصهيوني.

تغريدات بارزة

حفلت منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بتغريدات عديدة تصب في هذا السياق، منها على سبيل المثال:

1.       أحمد الميموني: "الممثل الأمريكي جيمس وودس الذي فرح بما يحدث في غزة يبكي الآن. إن الله يمهل ولا يهمل. بالأمس كان يشمت من الإخوة في غزة ويدعو لاستمرار القصف، واليوم بيته وجميع ممتلكاته احترقت في حرائق كاليفورنيا."

2.       حساب آخر : "جيمس وودس كان يطالب بـحرق غزة.. يبكي على احتراق منزله في حرائق لوس أنجلوس الحالية. وما زاد من مصابه أن شركة التأمين كانت قد سحبت التأمين عن منزله قبل فترة قصيرة من الحرائق. ويقدر منزله على الأقل بـ 10 ملايين دولار إن لم يكن عشرات الملايين."

3.       حنان عيسى: نشرت فيديو للقصف الصهيوني في غزة تحت وسم #حرائق_كاليفورنيا، قائلة: "هذا ليس فيلماً سينمائياً، هذا ما يعيشه أهل غزة كل يوم."

4.       رسام الكاريكاتير محمود عباس: نشر صورة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وهو يقول: "سأفتح أبواب الجحيم على الشرق الأوسط"، مع رسم لحرائق كاليفورنيا في الخلفية.

5.       جاسم الفهاد: وضع صورة لما يحدث في غزة وما يحدث في كاليفورنيا، قائلاً: "بعد تهديد ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى جهنم إرضاءً للكيان الصهيوني، منظر لأفخم وأرقى منطقة في لوس أنجلوس (Palisades) بعد الحرائق المروعة."

6.       أحمد القصار: "دمار لوس أنجلوس 'أمريكا'.. وليست 'غزة'!! قال تعالى: 'إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ'."

7.       مقتدى الصدر: "إن الحرائق التي اشتد أوارها، وعلا لهيبها واستعرت وتأججت في بعض المدن الأمريكية، ما هي إلا آية من آيات الله تعالى في خلقه،  فهي بلاء على من وجه سلاحه وناره بوجه الشعوب المستضعف في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا والعراق واليمن، وقتل أطفالهم ونساءهم وشيوخهم وهدم مقدساتهم ومستشفياتهم وبيوتهم ومحالهم ولم يرع فيهم إلا ولا ذمة."

آيات قرآنيه

في حين كتب البعض كلمات من تعبيره الخاص معلقا بها ليربط بين الحدثين الأعظم أهميه فى ا لعالم الآن ، وجد البعض الآخر ضالته فى القرآن مستشهدا بآ يه أو أكثر من الآيات التى رأي أنها داله على الحدث، معتبرا أن جلال الحدث لا يعبر عنه بالشكل الأمثل الا آيات القرآن، ومن الآيات التى استشهد بها رواد التواصل الاجتماعى:

 1. "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ.". (سورة البلد: آية 14)

 2. "وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا". (سورة الكهف: آية 40)

3. "وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ". (سورة هود: آية 102)

4. "وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ". (سورة الكهف: آية 8):

 5. "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ." (سورة الأحقاف: آية 24)

 6. "فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ." (سورة القلم: آية 19)

7. "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق". (سورة فصلت: آية  53 )

8. (فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ). (سورة البقرة: آي’ 266)

وكانت آية إعصار النار هي الأكثر تداولا بين رواد مواقع التواصل. ليس هذا فقط، بل  تناولها الأزهر الشريف على قناته الرسمية في يوتيوب،  بالتحليل والتفسير وربطها بما يحدث فى أمريكا من حرائق.

وذكر أن الآية الكريمة ظاهرة مناخية أسماها العلماء "إعصار النار"، وكان أول توثيق علمي لها عبر موقع "ناشيونال جيوغرافيك" الأمريكي عام 2003، والتوثيق الأخير لنفس الظاهرة كان عام 2012 بعد وقوع إعصار النار في البرازيل. وكانت الحرائق الأخيرة التي ضربت أجزاء من أمريكا، من أقوى وأعتى الأعاصير التي تحمل قوة تدميرية هائلة.

وقال الأزهر الشريف: إن الإعجاز القرآني يكمن في تسمية "إعصار فيه نار"، وهو توصيف إلهي أدق من المسمى العلمي "إعصار النار" لأن النار تكمن في داخله وليست صفة فيه!

وختاما، يمكن القول: إن ربط وسائل التواصل العربية والإسلامية بين غزة وحرائق كاليفورنيا هو ظاهرة معقدة تتأثر بمجموعة من العوامل الاجتماعية والنفسية والسياسية، وتعكس حالة الإحباط والغضب لدى الكثيرين، وتدل على عمق الجروح الذي خلفه الصراع الفلسطيني الصهيوني، وتعبر عن التضامن والدعم للقضية الفلسطينية.

 يمكننا القول أيضا إن ما حدث على وسائل التواصل من ردود أفعال على الحريق كان بمثابة انفجار لبركان الغضب الذى خلفته معركة طوفان الاقصى فى النفسيه العربيه والإسلامية.