"الطوفان" والرقابة الصهيونية على الإعلام: حظر آلاف المقالات في عام 2024
الاثنين - 12 مايو 2025
إنسان للإعلام- تقرير مترجم :
كشف تقرير لمجلة (+972)، التي تصدر في الكيان الصهيوني، عن تسجيل دولة الاحتلال أرقامًا قياسية جديدة وارتفاعًا غير مسبوق في الرقابة على وسائل الإعلام.
وأوضح التقرير أنه في عام 2024، حظرت الرقابة العسكرية نشر 1,635 مقالًا، وفرضت رقابة جزئية على 6,265 مقالًا آخر.
وأكد أنه في المتوسط، تدخلت الرقابة في حوالي 21 تقريرًا إخباريًا يوميًا العام الماضي، أي أكثر من ضعف ما تمّت مراقبته خلال الحرب على غزة عام 2014، حيث بلغت آنذاك حوالي 10 تقارير إخبارية يوميًا، وأكثر من ثلاثة أضعاف المتوسط غير الحربي.
وقد قدمت الرقابة العسكرية هذه الأرقام ردًا على طلب مشترك من مجلة (+972) وحركة حرية المعلومات في "إسرائيل"، قبيل اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وفي حين لا يكشف الرقيب العسكري عن الأسباب وراء كل تدخل، فإن حرب التدمير والإبادة التي يشنها الاحتلال في غزة، فضلًا عن صراعاته في لبنان وسوريا واليمن وإيران، هي على الأرجح السبب الرئيسي وراء هذه الزيادة القياسية في الرقابة، سواء من جهة كشف الخسائر الصهيونية أو من جهة منع نشر أي تعاطف مع الفلسطينيين عبر نشر صور قتلاهم ومعاناتهم.
ويتجلى هذا التصعيد ليس فقط في حجم النشاط الهائل الذي يقوم به الرقيب، بل أيضًا في ارتفاع معدل رفض المواد المقدمة وزيادة وتيرة الحظر التام.
وبموجب القانون "الإسرائيلي"، فإن أي مقال يتناول فئة واسعة النطاق من "القضايا الأمنية" يجب أن يخضع لمراجعة الرقابة العسكرية، وتكون فرق التحرير مسؤولة عن تحديد المقالة التي سيتم تقديمها بناءً على حكمها الخاص.
وعندما يتدخل الرقيب، يُمنع الإعلام من الإشارة إلى وجود رقابة، ما يعني أن معظم أنشطته تبقى مخفية عن الرأي العام.
الرقيب العسكري راجع 20770 مادة إخبارية!
في عام 2024، قدمت المؤسسات الإخبارية في كيان الاحتلال 20,770 مادة إخبارية إلى الرقيب العسكري للمراجعة، أي ما يقرب من ضعف إجمالي العام السابق، وأربعة أضعاف العدد في عام 2022.
وتدخل الرقيب في 38% من هذه الحالات، وهو ما يزيد بنسبة سبع نقاط مئوية كاملة عن الذروة السابقة المسجلة في عام 2023.
وشكلت عمليات الرفض الشامل لمقالات إخبارية كاملة 20% من جميع التدخلات، ارتفاعًا من 18% في عام 2023، و11% فقط في السنوات السابقة.
وأكدت قناة (i24) الإخبارية في الكيان أن رئيس الرقابة العسكرية، العميد كوبي ماندلبليت، طلب من النائب العام التحقيق مع صحفيين يُزعم أنهم تحايلوا على قانون الرقابة بمشاركة معلومات مقيدة مع وسائل إعلام أجنبية، لكن النائب العام رفض الطلب.
والرقيب العسكري غير مُلزم قانونًا بالرد على طلبات حرية المعلومات، وقد قدم الأرقام المذكورة أعلاه طواعية، ومع ذلك، رفض تقديم بيانات إضافية حول تفصيل البيانات حسب الشهر، والوسيلة الإعلامية، وسبب التدخل، وتفاصيل الحالات التي أمر فيها وسائل الإعلام، بشكل استباقي، بإزالة محتوى لم يُقدّم للمراجعة، وأي سجلات لإجراءات إدارية أو جنائية ضد انتهاكات الرقابة.
وبينما كانت الرقابة العسكرية تُقدم سابقًا بياناتٍ عن الرقابة في الكتب - عادةً ما تكون تلك التي كتبها أعضاء سابقون في المؤسسة الأمنية - فإنها الآن تحجب هذه المعلومات.
تدخل مباشر في الأرشيف الرسمي
وعلى مدار العقد الماضي، دأبت الرقابة العسكرية على مراجعة المنشورات الإلكترونية الصادرة عن أرشيف كيان الاحتلال والتدخل فيها، وفي بعض الحالات منعت حتى نشر وثائق اعتبرها خبراء الأمن في الأرشيف غير ضارة، وكانت متاحةً للجمهور سابقًا. وقد واجه هذا الإجراء، المتمثل في "إعادة الإخفاء"، انتقاداتٍ واسعة النطاق.
وفي العام الماضي، قدمت هيئة الأرشيف الوطني 2,436 وثيقة لمراجعة الرقابة. وبينما صرحت الرقابة بأن "الغالبية العظمى" منها معتمدة للنشر دون أي تعديل، فإنها ترفض باستمرار الكشف عن عدد الوثائق الأرشيفية التي "أعادت إخفاءها" عن الجمهور.
وقال أور سادان، وهو محام من حركة حرية المعلومات ومدير وحدة حرية المعلومات في كلية الدراسات الأكاديمية الإدارية، لمجلة (+972)، إنه في حين أنه لم يفاجأ بالزيادة في الرقابة العام الماضي، إلا أنه كان يأمل في أن "يساعد نشر هذه البيانات في تقليل استخدام أدوات الرقابة، ففي حين أنها ضرورية في بعض الأحيان، إلا أنها خطيرة أيضًا عندما يتعلق الأمر بوصول الجمهور إلى المعلومات".
وأضاف: "الرقابة تعني إخفاء معلومات يعتقد الصحفي أن من حق الجمهور معرفتها، ففي أوقات الحرب، يشعر الكثيرون بالفعل أنهم لا يُبلّغون بكل شيء، ولذلك من المناسب مراجعة قرارات الرقابة بأثر رجعي".
حكومة نتنياهو تخنق حرية الصحافة
هاجمت حكومة نتنياهو حرية الصحافة، فسارعت إلى إغلاق قناة "كان" العامة، وخنقت صحيفة "هآرتس" اليومية الليبرالية ماليًا، وبذلت جهودًا متعمدة لإضعاف وسائل إعلام عريقة، كل ذلك في الوقت الذي تموّل فيه وسائل إعلام جديدة موالية للحكومة، مثل القناة 14، بأموال عامة.
علاوة على ذلك، فرضت الحكومة قيودًا صارمة على نشر هويات الجنود المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، وأدى التحريض المستمر ضد الصحفيين من قبل المشرّعين والشخصيات العامة التابعة لحكومة نتنياهو إلى عدة هجمات عنيفة على الصحفيين.
حرب ممنهجة على حرية الصحافة
إلى جانب الارتفاع غير المسبوق في الرقابة العسكرية، مثّل اليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام علامة فارقة في تاريخ الصحافة الصهيونية. ففي عام 2024، احتل "الكيان" المرتبة 101 من أصل 180 دولة (بتراجع أربعة مراكز عن تصنيف العام السابق) في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، وقد تراجع هذا التصنيف الآن إلى المرتبة 112.
ووفقًا للجنة حماية الصحفيين، قُتل ما لا يقل عن 200 صحفي وإعلامي فلسطيني في غزة على يد الجيش الصهيوني خلال الحرب، وهو عدد يفوق أي صراع عنيف مسجل آخر في العقود الأخيرة (نقابة غزة تؤكد استشهاد 232 صحفيًا).
وبينما يعاني الصحفيون في غزة من خطر الموت المستمر جراء القصف، فإنهم يعانون أيضًا من الجوع والعطش والتشرد.
وقد فاقمت حكومة الاحتلال هذا الوضع بمنعها جميع الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة لأكثر من عام ونصف، وهي خطوة أيدتها المحكمة العليا "الإسرائيلية" وأدانها العديد من الصحفيين حول العالم باعتبارها ضربة قاسية لحرية الصحافة ومحاولة متعمدة لإخفاء ما يحدث في غزة.
أيضًا، دأبت حكومة الكيان على اعتقال وسجن الصحفيين الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية بشكل ممنهج، غالبًا دون توجيه تهم إليهم، كنوع من العقاب على تقاريرهم الناقدة.
وقد تسارعت وتيرة هذا القمع خلال الحرب، كما يتضح من حظر وسائل إعلامية مثل الميادين والجزيرة من العمل داخل الكيان.
لمطالعة التقرير من المصدر اضغط هنا