محرقة غزة بين السلاح والدعاية.. تحولات سردية الإعلام الصهيوني بعد خرق الهدنة

الخميس - 29 مايو 2025

  • بعد فشلها في إخضاع غزة عسكريا.. "إسرائيل" تلجأ إلى الأدوات "الناعمة" لتقسيم المجتمع الفلسطيني
  • تفنيد النشطاء والمؤثرين لادعاءات "الاستخدام العسكري" للمرافق الطبية.. أول ضربة للرواية الصهيونية
  • تحولات جيل (Z) في الغرب.. الإعلام الجديد والمصادر المحايدة يكشفان حقيقة الوضع في فلسطين

 

إنسان للإعلام- دراسة:

مقدمة:

مع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل" في 18 مارس 2025، واستئناف الأخيرة عملياتها العسكرية في قطاع غزة على نطاق واسع، اتجهت وسائل الإعلام الإسرائيلية بمختلف أطيافها إلى تعزيز خطاب التهجير وتفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية من الداخل.

ويُستشف من تطورات الموقف أن خرق الهدنة جاء نتيجة قرار أميركي تم تنفيذه عبر الآلة العسكرية الإسرائيلية، مدعوماً بحملة إعلامية ممنهجة.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية افتتاحية بعنوان: "لا مزيد من وقف إطلاق النار المجاني مع حماس"، ذكرت فيها أن "إسرائيل" باغتت حركة حماس، غير أنّ الأخيرة لم تكن تفتقر إلى التحذيرات المسبقة.

 كما تطرقت الصحيفة إلى ردود الفعل الرافضة من جانب الوسطاء العرب والداعمين الإقليميين لحماس، متسائلة عما كانوا يتوقعونه في ضوء رفض الحركة الإفراج عن المحتجزين طيلة أسبوعين ونصف عقب انتهاء الهدنة.

ورأت أنه "لم يكن ممكناً أبداً إعطاء حماس مُهلة، بينما هي ترفض إطلاق سراحهم؛ كما أنه لم يكن مُجدياً ترك حماس تتفاوض في سلام وهدوء بينما تعيد تنظيم صفوفها ولديها كل الحوافز على المماطلة".[1]

ومع بدء الغارات على غزة، ألقى القادة الأمريكيون والصهاينة باللوم على "رفض حماس إطلاق سراح المحتجزين" باعتباره السبب وراء استئناف الحرب.

 وعلى المستوى المعلوماتي والإعلامي، واصلت "إسرائيل" اتباع سياسة اتصالية وإعلامية شاملة، مع غلق ساحات المعركة أمام الصحافة، واستعمال مختلف المواقع والشبكات الاجتماعية.

ومن المتوقع، مع استمرار الوساطات الأمريكية والمصرية والقطرية، إبقاء الحرب مشتعلة، لأن وقفها يعني سقوط الحكومة اليمينية المتطرفة.[2].

ولا يقتصر ما تقوم به "إسرائيل" بعد خرق الهدنة على السلاح والنار، بل يشمل منظومة متكاملة من الأدوات النفسية والإعلامية والقانونية الزائفة، فالتهجير لا يتم عبر القصف فقط، بل أيضًا عبر تدمير الثقة، ودفع الناس إلى رؤية الهروب كخلاص.

 وتكشف هذه المحاولات عن فشل "إسرائيل" في إخضاع غزة عسكرياً رغم حرب الإبادة، فتحوّلت إلى أدوات "ناعمة" تستثمر في اليأس والمعاناة لتقسيم المجتمع الفلسطيني من الداخل، وشلّ إرادته.[3]

وفي هذا السياق، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنه "في ظلّ استمرار العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، حيث يُمعن الاحتلال في القتل والتدمير والحصار والتجويع، فإنه يشنّ بالتوازي حربًا إعلامية ونفسية ممنهجة تستهدف كسر إرادة شعبنا وصموده، من خلال بثّ الشائعات، وترويج الأكاذيب، وتوزيع المنشورات المضلِّلة على أهلنا الصامدين".[4]

وأكدت أن "هذه الحرب الدعائية المكشوفة تستهدف شعبَنا الفلسطيني الصابر المرابط، وأصواتًا حرّة تدافع عنه وعن خيار المقاومة، مستخدمًا في ذلك كل أدواته الإعلامية وأذرعه ومنصاته الدعائية.

 وتتقاطع هذه الحملات في مضامينها مع بعض الخطابات والحملات الصادرة عن جهات تتساوق مع الاحتلال، وتهاجم خيار المقاومة، وتُضعف صمود شعبنا في هذه اللحظة المصيرية، الأمر الذي يخدم – عن قصد أو غير قصد – أهدافَ الاحتلال ومحاولاته للنيل من وحدة الجبهة الداخلية والحاضنة الشعبية".

وتسعى هذه الورقة إلى تتبّع الأدوات الدعائية والنفسية "الإسرائيلية"، منذ خرق اتفاق وقف إطلاق النار يوم 18 مارس 2025م. وتفترض:

  • أنه رغم المساعي الغربية لإسكات الرأي العام المؤيد للقضية الفلسطينية، فإن التوسّع في استخدام القوة والتكاليف الإنسانية الباهظة بالتواطؤ مع واشنطن، يقلّل من نجاح الحروب الدعائية والنفسية المصاحبة للقوة العسكرية، ويدفع الولايات المتحدة ودولة الاحتلال إلى اللعب على وتر "معاداة السامية" لإسكات أصوات المطالبين بوقف حرب الإبادة.
  • أن "إسرائيل" تواصل الربط بين حربها البربرية وبين الادعاء بالضغط على حماس لإعادة المحتجزين، في حين أنها تسعى إلى تهجير سكان قطاع غزة وجعل مقومات الحياة مستحيلة في حال التوصل لهدنة طويلة ووقف الحرب.
  • أن "إسرائيل" تحاول استعادة أصوات المطبّعين لكنها تفشل في ذلك، على اعتبار أن التكلفة الإنسانية المستمرة لحرب الإبادة والتهجير غيّرت وجهات نظر "المؤثرين" وأدّت إلى خطاب إعلامي عربي أكثر إنسانية وضد الحرب.
  • أن "إسرائيل" حقّقت مستويات عالية من الإقناع وتزييف الحقائق لخدمة مشروعها الرامي إلى تهويد فلسطين وتغيير ملامحها الديمغرافية والثقافية[5].

لكن مع المصادر المحايدة في حرب طوفان الأقصى، ثم بعد خرق الهدنة، تمكّن جيل Z (الأشخاص الذين وُلدوا بين منتصف التسعينيات وبداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين) من فهم حقيقة ما يجري في فلسطين، وهو ما تواجهه الإدارة الأمريكية بالوسائل الخشنة مع موجات التعاطف الشعبي، والحكومات، والمنظمات.

الدعاية والحرب النفسية

تُعرَف الدعاية بأنها نشاط اتصالي تقوم به الدولة، أو أي هيئة، أو منظمة اجتماعية، أو سياسية، بهدف التحكّم بعقول الناس ومشاعرهم، وحملهم على دعم سياسة الجهة التي تقوم بالعمل الدعائي، ومن ثم تأييدها والاستجابة لما تطرحه من أفكار ومواقف، وما تتطلبه من تغيير لأنماط السلوك أو تثبيتها.[6]

وفيما يتعلق بأنواع الدعاية، فهي: بيضاء، واضحة في مضمونها والجهة التي تقف وراءها وتروّج لنفسها؛ أو رمادية، تعتمد التمويه وتُخفي أموراً غير تلك التي تعلنها، كخطاب السياسيين؛ أو سوداء، سرّية لا يُعرَف القائمون عليها، وهي التي تُستعمل من قبل المخابرات والأجهزة الأمنية لتشويه خصم أو بثّ صور إيجابية لجهة ما.[7]

وتستخدم الدولة الصهيونية الإعلام والمنصات الرقمية في دعايتها لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وإدارة سمعتها وصورتها، ويبلغ عدد متابعي المنصات "الإسرائيلية" أكثر من 200 مليون شخص حول العالم.

وتتضمن الدعاية تلميع صورة الاحتلال كـ"دولة" متسامحة وتعددية وقوية ومتطورة، في حين أن أعداءها العرب والفلسطينيين والمقاومة يُمثّلون الشر المطلق. كما يقوم الخطاب الدعائي "الإسرائيلي" على تبرير استهداف المدنيين، وتحميل قوى المقاومة مسؤولية الخسائر في أرواح المدنيين، كما يقوم على استعراض قوة "دولة" الاحتلال، وأنها تعاني من الإرهاب، والاستمرار في التقرب من الدول العربية وتغييب الفلسطينيين.[8]

ومن أبرز الأدوات التي استخدمتها دولة الاحتلال استراتيجية "الهاسبارا"، التي كان لها دور محوري في تعزيز هذه الأهداف.

والـ "هاسبارا" مصطلح عبري يُترجم إلى "الشرح" أو "التوضيح"، وهو أحد الأساليب التي يعتمد عليها الاحتلال "الإسرائيلي" لترويج صورته على الساحة الدولية.[9]

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تبرير سياسات "إسرائيل" وتفسير مواقفها أمام الرأي العام العالمي، خاصة في ظل الانتقادات التي تواجهها منذ تأسيسها. كما تسعى "الهاسبارا" إلى نشر تقارير إيجابية والترويج لمعلومات تعزز من صورة "إسرائيل"، في محاولة للتصدي لأي انتقادات أو اتهامات تُوجَّه إليها. وتُستخدم كلمة "هاسبارا" غالبًا للإشارة إلى الأنشطة الدعائية المؤيدة لـ"إسرائيل"، حيث تُعرف أيضًا بأنها شكل من أشكال الدبلوماسية العامة التي تجمع بين حرب المعلومات والأهداف الاستراتيجية بغية تصدير صورة إيجابية لها على المستوى الدولي.[10]

أما الحرب النفسية فهي شكل من أشكال الصراع الذي يهدف إلى التأثير في الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه، لإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن هذا النوع من الحرب. ويمكن تعريفها بأنها: حملة شاملة من دولة أو جماعة تُستعمل فيها كل الأدوات المتاحة وكل الأجهزة للتأثير في عقول جماعة أو دولة محددة، بهدف تشكيل الرأي العام أو التأثير في القرارات بما يتماشى مع مصالح الطرف الذي يشن الحملة.[11]

وتستهدف الحرب النفسية تحقيق عدة أهداف، منها تدمير الروح المعنوية للخصوم، والتشكيك في عدالة قضيتهم، وزعزعة ثقتهم في الصمود وإمكانية إحراز النصر، وبث الفرقة والشتات بين صفوفهم، وتحيد القوى الأخرى التي قد يلجأ إليها الجانب الآخر للتحالف أو المناصرة، وتحطيم وحدة الجهة الداخلية للدولة أو الجماعة المعادية، وخلق التناقضات بين فئاتهم المختلفة.[12]

ورغم كل ما تبذله "إسرائيل" من جهود في مجال الدعاية والحرب النفسية، فإننا نشهد تحولاً ملحوظاً في الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية، فقد ساهمت المصادر المحايدة والمنظمات الحقوقية الدولية، من خلال توثيقها المستمر للانتهاكات والممارسات "الإسرائيلية"، في بناء خطاب إعلامي فلسطيني مضاد قوي ومؤثر.

هذا الخطاب يعتمد على الحقائق الثابتة والشهادات الموثقة، مما أسهم في كشف زيف الرواية "الإسرائيلية" وتعرية جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي.

ويُعتبر هذا التحول مؤشراً مهماً على فشل آلة الدعاية "الإسرائيلية" في الحفاظ على الصورة الزائفة التي حاولت ترسيخها لعقود، خاصة مع تزايد الوعي العالمي بحقيقة الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تكرار سردية 7 أكتوبر

ترتكز السردية الإعلامية منذ احتلال أرض فلسطين على تجميل صورة "إسرائيل" على المستوى الإقليمي والدولي، واستقطاب التعاطف بأنها داعمة للسلام ولكن العرب يرفضونه، على الرغم من توقيع اتفاقية أوسلو والعديد من الاتفاقيات مع العرب، كما تحاول "إسرائيل" إزالة تهمة الاحتلال والعنصرية عن الدولة الصهيونية، وفرض سردية الحريات الدينية والحقوق المدنية والعدالة والمساواة المزعومة ما بين اليهودي وعرب 1948، وأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.[13]

كما تسعى من خلال استغلال خطاب المظلومية إلى الربط بين تاريخ اليهود وما عانوه من اضطهاد في الماضي وبين الوضع الراهن، بهدف الترويج لفكرة ضرورة وجود دولة يهودية قوية. وتعتمد في ذلك على استدعاء الروايات الدينية والتاريخية التي تزعم أحقية اليهود بأرض فلسطين، مع التركيز بشكل مكثف على الضحايا "الإسرائيليين" ونشر القصص الإنسانية التي تبرز معاناة "الإسرائيليين" خلال الصراع، سعياً لكسب التعاطف الدولي.

في المقابل، تعمل "إسرائيل" على تصوير أي مقاومة فلسطينية على أنها "إرهاب" وتعمل على تشويهها وتصويرها كتطرف وعنف غير مبرر، وذلك لتبرير سياساتها العسكرية والأمنية القمعية. وتهدف هذه السردية إلى تقويض شرعية النضال الفلسطيني المشروع ضد الاحتلال، بينما تقدم نفسها كدولة "تدافع عن الإنسانية" في مواجهة ما تسميه "الإرهاب"، متجاهلةً جرائمها وانتهاكاتها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.[14]

وبعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار يوم 18 مارس 2025، كرّرت وسائل الإعلام الغربية والصهيونية دعاية اليوم التالي لحرب طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023، إذ عملت المؤسسات الإخبارية الدولية على تضخيم مبررات الاحتلال وتفسيراته وتأكيداته الرسمية.[15] 

وهيمنت صور القتلى "الإسرائيليين" والمقابلات مع أقاربهم على التغطية الإعلامية، فيما تحوّلت معاناة الفلسطينيين إلى مجرد لقطات عابرة تظهر الدمار من دون تفاصيل. وتجاهلت الصحافة العالمية عمداً صور الفلسطينيين تحت الأنقاض، والعائلات المنكوبة، والجثث المتراكمة في مشهد يتكرر يومياً تحت الاحتلال.[16]

ومع عودة دولة الاحتلال لارتكاب إبادة جماعية بحق سكان القطاع، زادت بقوة حملات الهجوم والتشويه للأصوات المؤيدة للحق الفلسطيني، خصوصاً من اليمين المحافظ في بريطانيا والولايات المتحدة، لكن رغم ذلك، بقيت مقاطع مقابلات العرب والغربيين المؤيدين لفلسطين تنتشر بكثرة على الشبكة.

وعلى الرغم مما يمكن أن نسميه كفاح "إسرائيل" والإعلام الغربي المؤيد لها للسيطرة على رواية الحرب، يمكن القول إنهم فشلوا في معالجة التصور العالمي المتزايد بأن سياساتها تمنع العدالة عن الفلسطينيين وتتسبب في الموت والمعاناة في غزة، بما يتجاوز بكثير ما عانت منه "إسرائيل"[17]

العقاب الجماعي وإسقاط المنشورات

مع عودة حرب الإبادة، مارست "إسرائيل" سياسة العقاب الجماعي؛ فعمدت إلى تدمير البنية التحتية وكافة سبل الحياة، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع وتجويع المدنيين؛ وقطع الكهرباء والماء، ومنع الأدوية واللقاحات لخلق أزمة ومعاناة إنسانية، وبث الخوف واليأس والتهديد المستمر من خلال إشعار المدنيين بعدم وجود أي مكان آمن؛ وذلك لتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.[18]

ولـ"إسرائيل" تاريخ طويل في إسقاط المنشورات التي يحاول الجيش "الإسرائيلي" من خلالها بث الرعب وإرهاب الفلسطينيين. وبعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ترافق إسقاط المنشورات مع إرسال رسائل عبر الهواتف المحمولة، واستخدام الطائرات المسيَّرة المزودة بتسجيلات صوتية تشمل تحذيرات قبل الضربات الجوية واقتحام القرى والمدن؛ لإثارة الرعب وإجبار المدنيين على النزوح الجماعي بشكل متكرر.[19]

وقد تصاعدت مؤخراً حملة ترويجية غير مسبوقة تستهدف دفع سكان القطاع نحو الهجرة، عبر نشر "مسارات وهمية" للخروج، وتغليف ذلك بخطاب "إنساني زائف".

وتصف الجهات المختصة في غزة هذه الحملة بأنها محاولة خبيثة وخطيرة لزعزعة صمود الفلسطينيين، واستغلال الأزمة الإنسانية في خدمة مشروع التهجير القسري.[20]

كما غزت مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تُبرز ما قيل إنها "آليات قانونية" للهجرة من غزة عبر معابر خاضعة للسيطرة "الإسرائيلية"، في مقدمتها كرم أبو سالم ومطار رامون. ورُبطت تلك الإجراءات بمكاتب محاماة "إسرائيلية" يُزعم أنها تُصدر الوثائق وتنسق مع سلطات الاحتلال لتسهيل خروج الفلسطينيين إلى وجهات أوروبية وآسيوية.

وقد تلقى كثير من سكان غزة رسائل نصية على هواتفهم النقالة من أرقام "إسرائيلية"، تحثهم على التواصل مع ضباط مخابرات عبر تطبيق «واتساب»؛ بهدف العمل على إخراجهم من القطاع، وبعضها تدعوهم للقاء على محور «نتساريم» في ساعات محددة.

وترافق ذلك مع تأكيد غزيين أنهم تلقوا اتصالات من محامين "إسرائيليين"، تدعوهم للتوقيع على توكيلات لإتمام أوراق تخص هجرتهم من القطاع.[21]

وسرعان ما كشفت الجهات الحكومية في غزة أن تلك المعلومات جزء من مخطط نفسي وأمني تقوده أجهزة مخابرات الاحتلال، عبر رسائل نصية ومكالمات مزيفة تصل مباشرة إلى هواتف المواطنين تدعوهم لمغادرة القطاع مقابل "تسهيلات قانونية وإنسانية"، في وقت يُحكم فيه الحصار قبضته على غزة، وتُمنع المساعدات الإنسانية والجرحى من السفر للعلاج.[22]

وحذَّرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة (أبريل 2025) مما وصفتها بأنها "حملات لتضليل المواطنين" ودفعهم للخروج من أرضهم. وقالت في بيان على صفحتها على "فيسبوك": "إننا نتابع ما يجري من حملات تضليل وضغط نفسي على المواطنين، من خلال رسائل تصل إلى هواتفهم ومكالمات صوتية تدعوهم إلى مقابلة أجهزة مخابرات الاحتلال، تحت حجة السماح لهم بالسفر خارج قطاع غزة".

وحذَّرت الوزارة من التجاوب مع أي رسائل أو اتصالات تصل إلى هواتف المواطنين، حرصاً على سلامتهم، وتفادياً لأي أضرار قد تلحق بهم جرَّاء أساليب الاستدراج والتضليل التي تستخدمها أجهزة مخابرات الاحتلال.[23]

وتعيد تلك الرسائل إلى الأذهان مساعي التهجير الحثيثة التي لا تمل "الحكومة الإسرائيلية" منها ولا تكل، إما من خلال فرض سياسة "الأرض المحروقة"، وإما بإنشاء إدارة لتسهيل الهجرة الطوعية، وإما بنشر وسائل إعلام تقارير من باب "جس النبض" عن استقبال دول لمهاجرين غزيين، قوبلت بالنفي من جانب البلدان المعنية.

الإعدامات الميدانية وإمكانية تكرارها

تظهر حادثة قتل جيش الاحتلال لـ15 من المسعفين وموظفي الإغاثة بالرصاص في 23 مارس 2025، بعد خرق الهدنة بأيام قليلة، ودفنهم في قبر ضحل، حيث عُثر على جثثهم بعد أسبوع من قبل مسؤولين من الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني، [24] آلية العمل الدعائية "الإسرائيلية" للتغطية على الجرائم وإمكانية تكرارها تشبه إلى حد بعيد الآلية الأمريكية المتبعة في حروب سابقة، خصوصاً بعد غزو العراق عام 2003، حيث يتم إنكار الجريمة أولاً، ثم بعد صدور أدلة من وسائل الإعلام التابعة للدولة نفسها، يتم التحقيق فيها والاعتراف الجزئي بالمسؤولية، والتلويح بإجراءات عقابية، قبل أن يتم تكرار الجريمة ذاتها.

وزعم الجيش "الإسرائيلي" في البداية أنه فتح النار على مركبات اقتربت على نحو "مريب" من موقعه في الظلام من دون أنوار أو علامات، وأنه قتل 9 مسلحين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي كانوا يتنقلون في مركبات تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.[25]

لكن الهلال الأحمر الفلسطيني نشر تسجيلاً مصوراً مصدره الهاتف المحمول لأحد الشهداء، يظهر أن المسعفين كانوا يرتدون زيهم المميز في سيارات إسعاف وشاحنات إطفاء تحمل شعارات واضحة وأنوارها مضاءة، وهم يتعرضون لإطلاق النار من الجيش "الإسرائيلي".

كما قال مسعف في الهلال الأحمر الفلسطيني يدعى منذر عابد (الناجي الوحيد من الواقعة)، إنه رأى جنوداً يفتحون النار على مركبات طوارئ تحمل علامات واضحة.[26]

كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مقطع فيديو صادم في هاتف أحد المسعفين الذي تم العثور على جثته في مقبرة جماعية تضم 15 عاملاً في مجال الإغاثة، قتلوا بنيران الجيش "الإسرائيلي" في تل السلطان.

ويظهر الفيديو - الذي حصلت عليه الصحيفة من دبلوماسي كبير في الأمم المتحدة طلب عدم الكشف عن هويته - أن سيارات الإسعاف والإطفاء كانت تحمل علامات واضحة، وأن إشارات الطوارئ كانت مضاءة عندما فتحت القوات "الإسرائيلية" النار عليها.[27]

ونفى الجيش "الإسرائيلي" في تحقيقه أن يكون عمال الإغاثة الخمسة عشر الذين قتلوا بنيران قواته في حي تل السلطان برفح في 23 مارس الماضي، تم إعدامهم بعد تقييدهم، وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية. كما ادعى أن 6 من أصل 15 من الضحايا ينتمون إلى حركة "حماس"، دون أن يقدم دليلاً على ذلك.

وزعم كذلك أن جرافة عسكرية من نوع "دي 9" قامت بتغطية الجثث والمركبات بالرمال بسبب "استمرار القتال"، وحاول تبرير فعلته بما وصفه أنه "إجراء متبع في المنطقة الجنوبية لمنع الحيوانات من العبث بالجثث".[28]

وحول ذلك، علَّقت صحيفة "هآرتس" العبرية بالقول إن بيان الجيش يأتي "رغم أن الفيديو الذي نشرته الأمم المتحدة - ويُوثق عمليات الحفر في المكان الذي دُفنت فيه الجثث - يظهر أنها في حالة سيئة للغاية، وبعضها مشوّه".[29]

وقالت الصحيفة إن رئيس الأركان "الإسرائيلي" إيال زامير وجّه آلية التحقيق في هيئة الأركان العامة، المسؤولة عن فحص الحالات التي يُشتبه فيها بارتكاب جرائم حرب، بالتحقيق في الحادث. وأضافت: "منذ بداية الحرب، تم نقل معلومات عن عشرات الحالات إلى تلك الآلية (التحقيق باشتباه جرائم حرب)، لكن لم تتم محاكمة الجنود نتيجة لذلك".

وتسبب الفيديو في إرباك كبير للجيش "الإسرائيلي"، وفق "هآرتس". وفي ضوء هذه الأدلة، تراجع الجيش "الإسرائيلي" عن روايته الأولى، وزعم في إفادة لاحقة أن تحقيقاً أولياً أجراه خلص إلى أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني اقتربت من مركبة تابعة لحماس لدى دخولها إلى منطقة تل السلطان، فاعتقد الجنود أنها تشكل تهديداً وفتحوا النار عليها.[30]

وجاء في ملخص تحقيق نشره الجيش: "حدد الفحص عدة إخفاقات مهنية، وانتهاكات للأوامر، وفشلاً في الإبلاغ الكامل عن الحادث". كذلك أضاف: "سيُعزل نائب قائد كتيبة الاستطلاع في وحدة غولاني من منصبه بسبب مسؤوليته كقائد ميداني، ولتقديمه تقريراً غير مكتمل وغير دقيق خلال جلسة التقييم بعد الحدث "[31]

وكان التحقيق بمثابة اعتراف جزئي بالإعدامات الميدانية، ووصفه الهلال الأحمر الفلسطيني بأنه "يحتوي على تبرير للقتل، وتحميل المسؤولية عن الموضوع لخطأ شخصي في قيادة الميدان"، مشدداً على أن "الحقيقة غير ذلك".[32]

قتل الصحفيين والمؤثرين

عادت "إسرائيل" لاستخدام استراتيجية الصدمة والرعب بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وهو تكتيك عسكري يركّز على الاستخدام المفرط للقوة والعنف من خلال تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة ومدمرة تُحدث خسائر كبيرة في صفوف المدنيين؛ وهذا الاستخدام المفرط للقوة يهدف إلى بث الذعر والخوف في صفوف المدنيين لإجبارهم على النزوح وتدمير الروح المعنوية للمجاهدين، من خلال إثبات أن قدراتهم لن تستطيع الصمود أمام القوة "الإسرائيلية" المدمرة. من جانب آخر، حمل هذا التكتيك رسائل نفسية للداخل "الإسرائيلي"؛ لاستدراك الفشل الأمني والاستخباراتي من خلال إبراز قوة الجيش، وأنه لا يزال قادرًا على حماية شعبه ويستطيع امتلاك زمام السيطرة العسكرية والقتالية.[33]

وكشفت قناة "فلسطين اليوم"، في بيان على صفحتها بمنصة "تلغرام"، أن مراسلها محمد منصور استُشهد برفقة زوجته وطفله في قصف "إسرائيلي" مباشر استهدف شقته بمدينة خان يونس في "24 مارس"، فيما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة ارتفاع عدد الشهداء من الصحفيين الفلسطينيين إلى 207 منذ بدء الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" في 7 أكتوبر 2023. وقال في بيان: "ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 207 صحفيين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بعد الإعلان عن استشهاد الصحفي محمد منصور، مراسل قناة فلسطين اليوم الفضائية". ودعا المؤسسات الحقوقية والأجسام الصحفية في دول العالم إلى "إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد صحفيي غزة". [34]

ولم تكد تمر ساعات على استشهاد منصور، مراسل قناة فلسطين اليوم، حتى ارتقى زميله الصحفي حسام شبات، مراسل قناة الجزيرة مباشر، في قصف استهدفه في مفترق حمودة، شرق جباليا، شمال قطاع غزة.

 وأفادت لجنة حماية الصحفيين أن أكثر من 170 صحفيًا وعاملًا في مجال الإعلام قُتلوا في غزة منذ بداية الحرب، في حين قدّرت منظمة "مراسلون بلا حدود" عددهم بأكثر من 200 صحفي، بالقول إن تغطية النزاع شكّلت تحديًا كبيرًا للصحفيين المحليين نظرًا لانقطاع الإنترنت والكهرباء، كما فقد العديد من الصحفيين أفرادًا من عائلاتهم وأصدقائهم ومنازلهم. وفاقمت الضغوط الداخلية في غزة من صعوبة عمل الصحفيين.[35]

وقالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين إن "إسرائيل" ارتكبت نحو 80 انتهاكًا ضد صحفيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في أبريل "2025". وأوضحت أن الجرائم والانتهاكات شملت 4 حالات إطلاق نار تجاه طواقم صحفية، وتدمير 3 منازل لعائلات صحفيين، واعتقال 4، والاعتداء بالضرب على 5، و25 حالة احتجاز ومنع الطواقم من التغطية، وتعرّض 11 صحفيًا للغاز السام المسيل للدموع، إلى جانب التهديد، والتحريض، والشتم، واقتحام المنازل، ومحاكمة صحفيين واعتقالهم. وأوضحت أن "عدد الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023 وحتى نهاية أبريل 2025، وصل إلى 212 شهيدًا وشهيدة من الحالة الصحفية الفلسطينية".[36]

وفي 23 أبريل 2025، أعرب مهرجان كان السينمائي عن صدمته وحزنه العميق لمقتل المصورة الصحفية فاطمة حسونة. وكشف أن فاطمة حسونة، "25 عامًا"، التي قُتلت بشكل مأساوي في غزة، ستكون بطلة وموضوع الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفّك وامش" للمخرجة الإيرانية زبيدة فارسي.[37]

وذكّر المهرجان السينمائي في بيان له أنه "في اليوم التالي لاختيار الفيلم، قُتلت "فاطمة حسونة" وعدد من أفراد عائلتها جراء صاروخ أصاب منزلهم". وقُتلت المصورة، هي وجميع أشقائها، جراء قصف قوات الاحتلال "الإسرائيلي" منزلهم في حي التفاح شرقي مدينة غزة، شمالي القطاع.[38]

وقد أدانت عدة منظمات معنية بحرية الصحافة تصنيف الصحفيين كـ"إرهابيين"، وحذّرت من تداعيات ذلك على سلامتهم. ورفض جيش الاحتلال في وقت سابق، قبل خرق الهدنة، قتل الصحفيين، مؤكدًا أنه "لم ولن يستهدف الصحفيين عمدًا أبدًا". وأضاف أنه "لا يستهدف المدنيين والأهداف المدنية، بمن فيهم المؤسسات الإعلامية والصحفيين".[39]

ويتولى الصحفيون والمؤثرون الفلسطينيون مسؤولية تغطية الحرب لجمهور عالمي، وذلك لأن الحكومة "الإسرائيلية" أبقت على حظرها على دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، على الرغم من دعوات منظمات الإعلام وحرية الصحافة حول العالم للسماح لهم بالوصول إلى القطاع دون قيود. ولم تصدر المحكمة العليا "الإسرائيلية" بعدُ حكمًا في التماس قدّمته رابطة الصحافة الأجنبية في "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية للمطالبة بوصول مستقل لوسائل الإعلام الأجنبية. وحتى الآن، لم يسمح الجيش "الإسرائيلي" إلا لبعض الصحفيين الأجانب و"الإسرائيليين" بدخول غزة ضمن زيارات عسكرية مُدمجة، وهي زيارات تخضع لرقابة مشددة ولا تسمح للصحفيين بالتنقل بحرية أكبر.[40]

وبسبب هذا، يقع كل الضغط على الصحفيين الفلسطينيين لتغطية مجريات الأحداث. ولأنهم صحفيون محليون، تُطرح حولهم، وحول ما ينشرونه أيضًا، شكوك، بالإضافة إلى قيامهم بعملهم في ظل ظروف الحرب.

التطبيع يطل برأسه مجدداً

من المفارقة أن جيل Z في الولايات المتحدة قد تحول إلى التضامن مع فلسطين، ويُظهر معظم أبناء هذا الجيل أنهم أقل تعاطفًا مع "إسرائيل" مقارنةً بالجيل السابق، إذ قادت الجامعات الأمريكية التظاهرات المؤيدة لفلسطين بعد أحداث 7 أكتوبر 2023.[41]

ووفقًا لاستطلاع رأي أجراه مركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد وهاريس، يعتقد 60% أن هجوم حماس يمكن تبريره بمظالم الفلسطينيين، كما تعتقد النسبة نفسها أن "إسرائيل" هي التي ترتكب إبادة جماعية ضد سكان غزة. وكشف الاستطلاع، الذي ظهرت نتائجه في بداية طوفان الأقصى (منتصف ديسمبر 2023)، أن غالبية الشباب الأمريكيين لا يؤيدون حل الدولتين، وهو الحل الذي يفضله الأمريكيون الأكبر سنًا، كما يريد أكثر من نصف المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا إنهاء "إسرائيل" ومنحها لحماس والفلسطينيين، فيما يفضل 32% حل الدولتين.[42]

ويتغير الرأي العام تجاه قضية معينة وفقًا لثلاثة محاور: الحقيقة، والقيم، والهوية. فكان للدبلوماسية الرقمية الشعبية الدور الأكبر في إظهار الحقائق بالنسبة للرأي العام الغربي مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية، مما مثّل صدمة للنموذج القيمي والمعرفي الغربي، وكان لهذا الأمر الدور الأكبر في الانقسام حول حرب غزة بين جيل Z والأجيال الأكبر سنًا. فبينما ركّزت وسائل الإعلام الغربية عمومًا على السردية "الإسرائيلية" وتداول الروايات الكاذبة، اتجه الشباب إلى متابعة الأحداث من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، في تطور كشف الهوة بين الوسيلتين.[43]

ومن المفارقة أيضًا أنه على المستوى العربي، وبعد خرق "إسرائيل" لاتفاق وقف إطلاق النار، أطلت ظاهرة المطبّعين برأسها مجددًا من خلال توظيف دعم الناشطة داليا زيادة للحرب، في الوقت نفسه الذي ركّز فيه الإعلام العربي التابع للأنظمة "المعتدلة" على الآثار الإنسانية الكارثية للحرب "الإسرائيلية"، إضافة إلى أن كثيرًا من المؤثرين لم يغامروا بخسارة متابعيهم، الذين يُعَدّون مصدرًا كبيرًا لمكاسب مادية ومعنوية. وهو ما يمثل تهديدًا لـ"إسرائيل"، التي أنفقت مليارات الدولارات من أجل كسب تعاطف الرأي العام.[44]

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس" "الإسرائيلية" أن حكومة تل أبيب، وأمام الحملة العالمية المناصرة لفلسطين التي تسود وسائل التواصل الاجتماعي منذ انطلاق الحرب في 7 أكتوبر، اتجهت إلى اقتناء نظام سيبراني هو الأكثر تطورًا، من أجل صناعة ونشر المحتوى الداعم لها على الإنترنت، بما يعني استمرار حرب السرديات بين "إسرائيل" والمحتوى الداعم للقضية الفلسطينية، حيث تقوم بمحاولات تضليل مستمرةزادت بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار[45].

وأضافت "هآرتس" أن هذا النظام يمكنه، من بين أمور أخرى، إنشاء محتوى مخصص لجماهير محددة تلقائيًا، وقد جرى تصميم هذا النظام في البداية لخدمة الحاجات العسكرية، مثل حل المسائل الاستخباراتية وشنّ الحرب النفسية، ويُجرى تشغيله حاليًا من مكتب حكومي.[46]

وذكرت مصادر حكومية "إسرائيلية" أن النظام موجّه لمكافحة ما سمّوه "عدم جاهزية الدبلوماسية العامة وفشلها في مواجهة آلة الحرب النفسية والمعلوماتية" التابعة للمقاومة، في إشارة إلى حملة التضامن الدولي مع فلسطين التي تصاعدت عقب انطلاق حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" في غزة. ونُقل عن مسؤول استخباراتي كبير سابق قوله: "إنها معركة حول شرعية وجود 'إسرائيل' كدولة ذات جيش، وبهذا المعنى، فقد فازت حماس بالفعل".[47]

وفي ظل هذه الحرب، تداولت منصات التواصل الاجتماعي بكثافة اسم داليا زيادة، الحقوقية المصرية التي أثارت الكثير من الجدل بمواقفها المؤيدة لـ"إسرائيل" وحربها في قطاع غزة. وسبق لزيادة أن صرّحت عبر إحدى القنوات "الإسرائيلية" بأن ما تقوم به "إسرائيل" في غزة هو "دفاع عن النفس"، ما أحدث عاصفة من الجدل حولها أدّت بها إلى مغادرة مصر، مدعية تلقيها تهديدات بالقتل.[48]

ثم خرجت داليا زيادة في مقابلة مع معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي"، هاجمت فيها الفصائل الفلسطينية، وقالت إن السابع من أكتوبر كان "مذبحة بشعة" ولا يمكن تبرير ما قامت به حماس. واعتبرت زيادة في المقابلة أن "إسرائيل تحارب الإرهاب نيابة عن الشرق الأوسط بأكمله"، في إشارة إلى حماس، معتبرة أن ما تفعله "إسرائيل" هو ما كانت ستفعله أي دولة ديمقراطية تتعرض لهجوم. كما اتهمت الإعلام العربي بالتحيز للقضية الفلسطينية وتهميش الحقائق، وقالت إن ذلك الخطاب الإعلامي يعطّل مساعي السلام في المنطقة. وقبلها بأيام، كتبت على صفحتها على فيسبوك: "العرب الوحيدون الذين يتمتعون بالحرية والديمقراطية الحقيقية هم العرب الذين يعيشون في 'إسرائيل".[49]

ونشرت صحيفة "معاريف" "الإسرائيلية" تقريرًا عن العلاقات المصرية–"الإسرائيلية"، تضمّن تصريحات للباحثة المصرية داليا زيادة، وعرّفها بأنها "باحثة في مركز القدس لدراسات الأمن والشؤون الخارجية 'الإسرائيلي'"، وليس رئيسةً لمعهد الديمقراطية الليبرالية كما هو معروف عنها في القاهرة. وكشفت الصحيفة العبرية، في تقرير آخر، أن الموقع الرسمي لمركز القدس لدراسات الأمن والشؤون الخارجية يؤكد أن داليا زيادة تعمل لصالحهم بالفعل، ويعرّفها المركز ضمن فريق العمل والمتعاونين معه بـ"زميلة أولى للأبحاث الدبلوماسية". ويظهر اسم داليا زيادة وصورتها في قائمة خبراء مركز القدس، الذي يعرّفها بأنها: "كاتبة مصرية حائزة على عدد من الجوائز، وزميلة أولى في قسم البحث والدبلوماسية". وينشر الموقع تقارير ومقالات لداليا زيادة منذ فبراير 2025، تتناول موقف ترامب من قطاع غزة، وعلاقة ترامب بالأمير السعودي محمد بن سلمان.[50]

وفي المقابل، حصدت المهندسة المغربية في شركة مايكروسوفت ابتهال أبو السعد تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مقاطعتها الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في الشركة مصطفى سليمان، احتجاجاً على تورط الشركة في عقود تكنولوجية مع الجيش "الإسرائيلي"، خلال احتفال مايكروسوفت بمرور 50 عاماً على تأسيسها.[51]

وفي مقطع مصور، ظهرت أبو السعد وهي تقترب من منصة الاحتفال، وتقول بصوت مرتفع أمام الحضور: "عار عليك"، في إشارة إلى سليمان، البريطاني من أصل سوري. وتابعت: "تزعم أنك تستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل الخير، لكن مايكروسوفت تبيع أسلحة ذكاء اصطناعي للجيش "الإسرائيلي" .. 50 ألف إنسان قتلوا، ومايكروسوفت تساهم في الإبادة الجماعية في منطقتنا". وبينما حاولت إحدى المنظّمات إخراجها من الفعالية، تابعت القول: "أنتم تجار حرب، أوقفوا استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب الإبادة في منطقتنا"[52] وهذا ما أدى إلى إنعاش حملات التضامن العربية والدولية، وإفساد استعادة المطبعين في الحرب الدعائية والنفسية "الإسرائيلية"

قصف المستشفيات وتفكيك سبل الحياة

إنّ الأحزمة النارية العنيفة التي نفذتها الطائرات الحربية "الإسرائيلية" على ساحة مستشفى "غزة الأوروبي" ومحيطه في خان يونس جنوبي قطاع غزة في "13 مايو 2024"، وأدّت إلى تعطيله عن الخدمة واستشهاد وإصابة العشرات من المدنيين، بعد وقت قصير من قصف مجمع "ناصر" الطبي، تمثّل حلقة أخرى في سلسلة الممارسات التي تهدف إلى تدمير سبل النجاة وأماكن "الملاذ الأخير" للسكان في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة.[53]

واعتبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ هذه الهجمات لا تستهدف فقط البنية التحتية أو المرافق الصحية، بل تسعى عمدًا إلى صناعة الموت البطيء ودفع قطاع غزة نحو الانهيار الكامل، من خلال حرمان السكان من الحد الأدنى من مقومات البقاء، وتجريدهم من أي فرصة للحياة، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى استئصال الوجود الفلسطيني من جذوره في القطاع.[54]

وتزامن القصف مع ادعاء "إسرائيلي" باستهداف قادة حماس في نفق أسفل المستشفى، لكن الغارات كانت بشكل مفاجئ ودون أي إنذار مسبق، واستهدفت ساحة المستشفى بما في ذلك مدخل قسم الاستقبال والطوارئ، والمنطقة المحيطة بمباني المستشفى والشوارع والأراضي المجاورة، مستخدمة عددًا كبيرًا من الصواريخ ذات القدرة التدميرية العالية. وتسبب القصف باستشهاد أكثر من 35 فلسطينيًا، بينهم عائلات أبيدت داخل منازلها، أو في الشوارع، إلى جانب إصابة العشرات بجروح، بينهم أربعة صحافيين.[55]

وجاء ادعاء جيش الاحتلال بوجود بنية تحتية لفصائل مسلحة أسفل المستشفى ومحيطه في إطار نمط متكرر من المزاعم التي استخدمها لتبرير هجماته على المستشفيات والمرافق الطبية في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، والتي لم يُثبت في أي منها لاحقًا وجود بنى تحتية عسكرية فعلية.[56] ومن الواضح أنه لتبرير الجريمة التي أدت إلى استشهاد وإصابة عشرات المدنيين وإخراج المستشفى عن الخدمة، على غرار ما حدث سابقًا، خاصة فيما يتعلق بمجمع "الشفاء" الطبي في مدينة غزة ومجمع "ناصر" الطبي في خان يونس، اللذين لم يثبت وجود أية أهداف عسكرية فيهما.

كما جاء استهداف المستشفى عقب قصف مبنى الجراحة في مجمع "ناصر" الطبي فجر اليوم ذاته، حيث استشهد الصحافي الجريح "حسن عبد الفتاح أصليح"، 37 عامًا، ومدير شرطة مكافحة المخدرات "أحمد القدرة"، وأُصيب 12 آخرون من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى. ويشكل استهداف مجمع "ناصر" الطبي عدة جرائم موصوفة بموجب القانون الدولي. فمن جهة، استُهدفت منشأة طبية تتمتع بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي الإنساني، ومن جهة أخرى، جرى استهداف صحافي جريح داخلها للمرة الثانية، بعد نجاته من قصف سابق قرب المستشفى نفسه بتاريخ 7 أبريل الماضي، والذي أُصيب فيه مع صحافيين آخرين. وأشار إلى أنّ جيش الاحتلال "الإسرائيلي" برر الهجومين بادعاءات تتعلق بانتماء الصحافي لأحد الفصائل ومشاركته في تغطية هجوم أكتوبر 2023، وهي مزاعم لم تُقدَّم بشأنها أي أدلة ملموسة، فضلًا عن كونها غير مبررة.[57]

وادعاءات "إسرائيل" "الاستخدام العسكري" للمستشفيات نصٌ معدٌ مسبقًا تعيد تكراره لتبرير جرائم القتل والتدمير الممنهج بعد وقوعها، لكن هذا الادعاء ينهار بالكامل أمام غياب أي دليل ملموس، وتحديدًا حين يُنظر إليه ضمن سياق أوسع يكشف عن سياسة متعمدة لاستهداف البنية التحتية المدنية برمتها، مع تركيز خاص على المستشفيات التي كانت وما تزال في صميم هذا الهجوم المتعمد، دون أي أساس قانوني يجيز هذه الاستهدافات أو يرفع الحماية التي يتمتع بها هذا النوع من المرافق بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني.

خاتمة:

يعتبر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ساحة موازية للحرب على الأرض من أجل كسب الرأي العام الدولي لحرب الإبادة أو العمل على توقيفها. ومع عودة حرب الإبادة والتهجير "الإسرائيلية" بعد خرق دولة الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار، عادت تل أبيب لممارسة أساليب التضليل والخداع التي يمارسها جهاز الهاسباراه "الإسرائيلي" لتحقيق التعاطف العالمي، كما قامت إدارة الرئيس ترامب باحتواء ظاهرة التعاطف مع قضية فلسطين ومحاربة الضغط الحكومي وغير الحكومي تحت مسميات مكافحة معاداة السامية.

كما استخدمت دولة الاحتلال الحرب النفسية وهي أحد مسالك الحروب منذ أن كانت الحروب في ميادين القتال، وقد أكد ذلك بقوة المفكر العسكري الصيني صن تزو في القرن الرابع قبل الميلاد في كتابه "فن الحرب" بقوله: "إن القتال والانتصار في كل معاركك ليس أعلى درجات التميز، فالتفوق الأسمى هو كسر مقاومة العدو دون قتال"[58]

وشدد إيلان بابيه، أحد أبرز المؤرخين الجدد في كيان الاحتلال، على اللغة التي يستخدمها الصهاينة في سرد الصراع الصهيوني الفلسطيني: لغة "تحصّن "إسرائيل" ولا تسمح بتبرير النضال الفلسطيني ضد الاستعمار". بما يعكس أهمية استخدام اللغة، مع إدراك عالٍ لما تخدمه في نشر الفكر الصهيوني وحشد التأييد العالمي له، قائلًا: "أكبر التحديات التي نواجهها كناشطين من أجل فلسطين أننا لا نستطيع تحدّي عقود من البروباغندا والتلفيقات والسرديات المضادة بالمقاطع الصوتية، وهذه مشكلتنا الرئيسية. نحن بحاجة إلى مساحة ووقت لشرح الواقع لأنّ الكثير من المنصات ومصادر المعلومات والأماكن التي تنتج المعرفة، رسمت صورةً ووضعت تحليلات خطأ عن فلسطين جرى تشكيلها على مرّ السنوات بمساعدة الأوساط الأكاديمية والإعلام وهوليوود والمسلسلات التلفزيونية التي تؤثر في عقول الناس وعواطفهم"[59]

وبموازاة نجاح حماس في توظيف أبرز أدوات الحرب النفسية، المتمثل في الإنتاج الإعلامي المتنوع لعملياتها التي تستهدف جنود الاحتلال وآلياته، فإن ما يشير إليه المؤرخ اليهودي يتطلب التوعية بطبيعة القضية ودفعها من جديد بأبعادها التاريخية في الجيل الجديد. وتعاظم دور الإعلام والمواطنين الصحفيين في إحداث التغيير.

ولا يفلّ الحرب النفسية إلا حروب نفسية معاكسة ومضادة لها، ولذلك ينبهنا الدكتور حامد ربيع، الذي كتب مؤلفًا حول الحرب النفسية وكانت تلك الأفكار من ثمرات كتاباته العميقة والراسخة؛ إلى أهمية أن ننتقل من كون الحرب النفسية مجرد مفهوم أو حيلة تكتيكية أو اهتمام عابر إبان الحروب تترافق معها كعمل موازٍ لميدان القتال المباشر؛ إلى ضرورة الاهتمام بها كاستراتيجية في مواجهة استراتيجية صهيونية جعلت من الحرب النفسية والدعاية الصهيونية ركنًا ركينًا في استراتيجيتها في الغزو المعنوي، بتأكيد على أن أخطر ما تمثله الصهيونية اليوم أنها تتعامل باسم السلم والحل العادل في المنطقة، وهي لا تفعل سوى أن تنخر في الجسد العربي وتخلق الشلل في مختلف أجزائه، إنها بحنكة معينة تنال من مفاصل هذا الجسد فتحقق نوعًا من التيبس في الحركة. وهي بهذا المعنى تلجأ إلى أساليب ومنطلقات تبدو لأول وهلة لا صلة لها بالحرب النفسية، ولكنها من صميم ذلك التعامل ولا تبرز نتائجها إلا عقب فترة غير قصيرة: ظاهرة التسميم السياسي التي بدأت منذ السبعينيات لم نفهم معناها ودلالتها إلا في أواخر الثمانينيات.[60]

وفي الختام، دعت "حماس" الإعلاميين والنشطاء إلى "الانخراط في أوسع جهد إعلامي وتفاعلي لنصرة شعبنا ومقاومته، كما دعت جماهير الشعب في الوطن والشتات، وكل أحرار الأمة، إلى "مواجهة حملات التضليل، والوقوف مع شعبنا ومقاومته الباسلة في معركته العادلة من أجل الحرية والاستقلال".[61]

 

____________________________________________

المصادر:

  1. "إسرائيل باغتت حماس، لكن لا يمكن لأحد أن يقول إن حماس لم تتلقَّ تحذيراً" - وول ستريت جورنال، بي بي سي، https://www.bbc.com/arabic/articles/clyj8l0j52lo
  2. محلل سياسي لراية: إسرائيل تعتبر الحرب أفضل من أي تسوية مع الفلسطينيين، موقع راية، https://www.raya.ps/news/1193602.html
  3. حملة إسرائيلية مُمنهجة لتفريغ القطاع الاحتلال يعيد طرح مشروع التهجير الجماعي لكسر صمود غزة، صحيفة المغرب، https://short-url.org/10T1x
  4. "حماس": حرب إعلامية ونفسية ممنهجة للاحتلال بالتزامن مع القتل والتدمير، قدس برس، https://l8.nu/ZvPU
  5. دعاية وتلاعب.. كيف تخوض "إسرائيل" معاركها الإعلامية؟، الخليج أون لاين، https://n9.cl/arrtw
  6. الدعاية الإسرائيلية: قراءة في القوة الناعمة، موقع الميادين، https://n9.cl/n3s4u
  7. المرجع السابق.
  8. المرجع نفسه.
  9. دعاية وتلاعب.. كيف تخوض "إسرائيل" معاركها الإعلامية؟، الخليج أون لاين، مرجع سابق.
  10. المرجع نفسه.
  11. هاجر أيمن: تكتيكات الحرب النفسية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة ولبنان، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، https://ecss.com.eg/48875/
  12. المرجع السابق.
  13. د. عقل صلاح: سقوط السردية الإسرائيلية في غزة، أمد للإعلام، https://amad.info/ar/post/546149
  14. المرجع السابق.
  15. العدوان على غزة: هل بدأت السردية الإعلامية تتغيّر؟، العربي الجديد، https://n9.cl/e3cha
  16. المرجع السابق.
  17. المرجع نفسه.
  18. هاجر أيمن: تكتيكات الحرب النفسية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة ولبنان، مرجع سابق.
  19. المرجع نفسه.
  20. حملة إسرائيلية مُمنهجة لتفريغ القطاع الاحتلال يعيد طرح مشروع التهجير الجماعي لكسر صمود غزة، صحيفة المغرب، https://short-url.org/10T1x
  21. «رسائل مخابراتية وإغراءات مالية» ... إسرائيل تضغط لتهجير الغزيين، الشرق الأوسط، https://n9.cl/8u80p
  22. حملة إسرائيلية مُمنهجة لتفريغ القطاع الاحتلال يعيد طرح مشروع التهجير الجماعي لكسر صمود غزة، صحيفة المغرب، https://short-url.org/10T1x
  23. «رسائل مخابراتية وإغراءات مالية»... إسرائيل تضغط لتهجير الغزيين، مرجع سابق.
  24. إسرائيل عن واقعة مقتل المسعفين: شابتها إخفاقات ومخالفات، موقع العربية، https://2u.pw/yp6mR
  25. المرجع السابق.
  26. المرجع نفسه.
  27. بعد فيديو قتل المسعفين.. جيش إسرائيل يعترف وإعلام يشكك بروايته، وكالة أنباء الأناضول، https://2u.pw/Zv3JP
  28. المرجع السابق.
  29. المرجع نفسه.
  30. المرجع نفسه.
  31. إسرائيل عن واقعة مقتل المسعفين: شابتها إخفاقات ومخالفات، موقع العربية، https://2u.pw/yp6mR
  32. المرجع السابق.
  33. هاجر أيمن: تكتيكات الحرب النفسية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة ولبنان، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، https://ecss.com.eg/48875/
  34. حكومة غزة: ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 207 منذ بدء الإبادة، وكالة الأناضول، https://2u.pw/dnL4s
  35. مهمة قاتلة للصحفيين.. التغطية الإعلامية في غزة، دويتش فيلة، https://2u.pw/T0Bir
  36. 80 انتهاكا إسرائيليا ضد صحفيين فلسطينيين في أبريل، وكالة الأناضول للأنباء، https://l8.nu/ZvRi
  37. صدمة في "كان" بعد مقتل مصورة فلسطينية.. بطلة فيلم يعرض بالمهرجان، موقع العربية، https://oqp.ru/XSeQ
  38. المرجع السابق.
  39. مهمة قاتلة للصحفيين.. التغطية الإعلامية في غزة، مرجع سابق.
  40. المرجع نفسه.
  41. حرب غزة في عيون الجيل z، تي آر تي عربي، https://n9.cl/odag4i
  42. المصدر السابق.
  43. وردة عبد الرازق: ظاهرة مقلقة.. كيف غيرت حرب غزة طبيعة التظاهرات الجماهيرية في الغرب؟، مركز رع للدراسات، https://rcssegypt.com/16717
  44. المصدر السابق.
  45. حرب السرديات.. ماذا نعرف عن أنظمة نشر الدعاية الإسرائيلية على الإنترنت؟، تي آر تي عربي، https://n9.cl/fpspm
  46. المصدر السابق.
  47. المصدر نفسه.
  48. عاصفة من الجدل حول داليا زيادة.. مصرية اتهمت حماس "بالإرهاب" ودعمت حق إسرائيل "بالدفاع عن نفسها"، مونت كارلو، https://n9.cl/ab48rr
  49. المصدر السابق.
  50. "معاريف" تفضح داليا زيادة: الباحثة عضو بمركز أبحاث إسرائيلي مقرب من نتنياهو، الصفحة الأولى، https://www.safha1.com/6209
  51. كيف قاطعت ابتهال أبو السعد احتفال مايكروسوفت احتجاجاً على "دعم الشركة لإسرائيل"؟، بي بي سي، https://n9.cl/do76b
  52. المصدر السابق.
  53. استهداف وإخراج مستشفيات غزة من الخدمة تفكيك لسبل الحياة وتدمير لأماكن "الملاذ الأخير" للسكان ، https://short-link.me/12vC0
  54. المصدر السابق.
  55. المصدر نفسه.
  56. المصدر نفسه.
  57. المصدر نفسه.
  58. د. سيف الدين عبد الفتاح: الحرب النفسية: استراتيجية أساسية في مواجهة الصهيونية.. قاموس المقاومة (43)، موقع عربي 21،  https://short-url.org/10ZIP
  59. آلة حربية استعمارية تمعن في التضليل وازدواجية المعايير، الأخبار اللبنانية، https://n9.cl/2qo6o
  60. د. سيف الدين عبد الفتاح: الحرب النفسية: استراتيجية أساسية في مواجهة الصهيونية، مرجع سابق.
  61. حماس": حرب إعلامية ونفسية ممنهجة للاحتلال بالتزامن مع القتل والتدمير، قدس برس، مصدر سابق.