سوريا.. تحديات التحول إلى دولة مدنية بعد سقوط "الأسد"
الأربعاء - 11 ديسمبر 2024
الكاتب السوري "باسل الحفار" في ندوة بمركز "إنسان للإعلام":
- دمج الأكراد والعدوان الصهيوني على سوريا.. أكبر تحديان يواجهان السلطة الجديدة
- التغلب على التحديات يبدأ بتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة ووضع دستور جديد للبلاد
- العدالة الانتقالية سوف تتم بطريقة مركزية.. ولن يُعاقب من لم تتلوث أيديهم بالدماء
إنسان للإعلام- ندوة خاصة:
قال الكاتب السوري باسل الحفار، مدير «مركز إدراك للدراسات»: هناك عدة تحديات تواجه تحول سوريا إلى دولة مدنية، بعد سقوط نظام الأسد، أبرزها: كيفية التوحد بين مناطق الأكراد وباقي سوريا، والتوغل الصهيوني باحتلال مدينة القنيطرة وضربه أهدافا عسكرية في كل مناطق سوريا.
أضاف، خلال ندوة عقدها "مركز إنسان للدراسات الإعلامية" باسطنبول، ضمن نشاط صالونه الثقافي، بعنوان "تطورات الأحداث في سوريا بعد سقوط الأسد.. الواقع والمالات"، أن التغلب على التحديات سيبدأ بتشكيل حكومة لمرحلة انتقالية قد تستغرق ما بين عام إلى عامين، يتم في وجودها وضع دستور للبلاد، والتعامل مع الواقع الميداني في المناطق بشكل متدرج غير مركزي، أما ممارسات الاحتلال الصهيوني فقد يتم التعامل معها سياسيا.
وأكد أنه "بعد تحرير حماة أصبح السؤال سياسيا وليس عسكريا، فالنظام حشد معظم قواته في معركة حماة، وكان هذا يعني أنه إذا انكسرت قواته في حماة فسيكون الطريق إلى دمشق مفتوحا وهذا ما حدث".
وفي رد على سؤال: هل المجتمع الدولي سيعترف بالمعارضة؟ قال باسل الحفار: كان على المعارضة أن تقدم نفسها بشكل صحيح من حيث الاستعداد والتنظيم الذي أظهرته، ونجحت في ذلك، موضحا أنه "لو كان هناك اعتراض حقيقي من قبل المجتمع الدولي لما تُرك النظام ليسقط، وقد حدث سابقا أن المعارضة كانت على أبواب دمشق أو قريبة حتى من القصر الرئاسي، لكن التدخل الخارجي لم يسمح بسقوط النظام، فالأداء هو الذي فرض نفسه على الساحة".
وحول إمكانية تطبيق العدالة الانتقالية، قال: إن "العدالة الانتقالية سوف تتم، ولكن بصيغة الدولة وليس الفصائل أو الثأر، فمن لم تتلوث أيديهم بالدماء لن تتم معاقبتهم، كما أن العزل السياسي نقطة سوف تُراجع لاحقا".
جذور الأحداث
قدمت الندوة "مي الورداني"، مديرة مركز "إنسان للدراسات الإعلامية"، وأدراها الباحث الإعلامي أبو بكر حامد، الذي تساءل في البداية عن تطور الأحداث وجذور المشهد الحالي، الداخلي والإقليمي والعالمي، الذي سمح بهذه المتغيرات المتسارعة.
أجاب باسل الحفار بأن "ما حدث في سوريا هو امتداد لما حدث في مصر من ثورة، وبالتالي هي كرة ثلج تتدحرج وتدور في نفس الدائرة، ويستشعر السوريون أن ما يجري في سوريا لا يخص سوريا، وإن كان يجري داخل حدودها، فالسوريون لا يشعرون أنهم وحدهم، ولكن هم أبناء المنطقة كلها.
وقال: عنصر المفاجأة فيما حدث في سوريا أنه حدث بعكس الانطباع المتوقع، وليس بالضرورة عنصر الزمن أو التوقيت، فالانطباع الذي كان موجودا على الساحة السورية أن المنطقة ليست مقبلة على هذا النوع من الأحداث، و كان الانطباع أن النظام يفرض سيطرته على الأمور لكن فوجئ الناس بأن هذا النظام في حالة تراجع، ثم في حالة انهيار ، ثم في حالة خروج بالكامل من المشهد.
وعرض الضيف خريطة لسوريا توضح مناطق توزع النفوذ قبل يوم واحد من بدء عملية "ردع العدوان"، يظهر فيها أن النظام يسيطر على الجزء الأكبر الذي به الكتلة السكانية الأكثر من الشعب، ومناطق محدودة يسيطر عليها الأكراد والمعارضة، موضحا أن "هذه الخريطة تشكلت بالحديد والنار، وتم تثبيت حدودها على أساس وقف إطلاق النار ووقف تقدم الأطراف نحو بعضها البعض"، وهو ما أظهر ما يمكن تسميته "تنافس على النموذج الأفضل للإدارة".
وتابع: المناطق التي بها المعارضة كانت صغيرة ولا تتسع الا لنحو مليون شخص فقط، وليس بها موارد كبيرة ولا خدمات، وكانت مهمشة من قبل النظام، ولكن بحسن الإدارة أصبحت مناطق جاذبة للمهاجرين من كل مناطق سوريا؛ حتى وصل تعدادها سبعة ملايين نسمة، وأصبح بها جامعات وبنية تحتية أفضل من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، رغم فارق الإمكانيات.
وظل المواطنون يعانون في المناطق التي تحت سيطرة النظام، ولا يجدون أساسيات الحياة، لذلك حدث نزوح إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وهذا الوضع شكل أكثر من 50% من أسباب انهيار النظام، فبعد أن وعد الناس بحياة أفضل بعد اتفاق أستانه، فوجئ الناس بأنهم لا يجدون أساسيات الحياة.
الوضع الدولي والإقليمي
وبشأن الوضع الإقليمي والدولي الذي أسهم في تسارع انهيار النظام، قال "الحفار": "توجد ارتدادات ضخمة كانت قائمة في المحيط الإقليمي والدولي بسبب الوضع السوري، مثل مسألة اللاجئين، فبعض الدول كاد يحدث بها تغير ديمغرافي على مستوى التركيبة السكانية، كما في تركيا، حيث استُخدم ملف اللاجئين كورقة ضغط في الانتخابات.
أيضا أصبحت سوريا من أكثر المصدرين للمخدرات في المنطقة، وكان التهديد بتقسيم سوريا طائفيا وعرقيا قائما، فسوريا بها 17 مكونا مختلفا والنظام لم يكن مسيطرا، وكان المتاح أمام النظام أن يذهب إلى تسوية، وكل الدول حثته على التحرك لحل سياسي، لكن رد فعله كان إما الرفض أو التجاهل؛ لذلك، أصبحت جميع الأطراف الدولية والإقليمية مقتنعة بأنه يجب أن يرحل بعد فشله في كل شيء".
المعارضة والمستقبل
وتحدث "الحفار" عن تشكيلة فصائل المعارضة، فقال: "أغلب هذه الفصائل إسلامية من حيث الأيدولوجية، إلا أنها غير منتمية لمنظمات، لكن غرفة عمليات "ردع العدوان"، وهي تقوم مقام رئاسة الأركان في الجيوش النظامية، جمعت كل الفصائل على اختلافها وبات الجميع يأتمر بأمرها.
وفي رده على سؤال: هل يمكن لسوريا أن تستقر وتنتج نظاما مدنيا؟ قال: "نحتاج لنظام يستوعب الجميع لأول مرة منذ 70 عاما، فكل مكون لديه تطلعات ويحتاج لتمثيل نفسه، وحجم التحفز كبير داخل كل مكون تجاه المكونات الأخرى، والمكون الأكبر هو المكون العربي السني من حيث العدد، لكن المكون الأكبر من حيث ارتباطه بجهات خارجية داعمة هو المكون الكردي.
جميع هذه المكونات لديها تخوف تجاه بعضها البعض، وكان النظام الساقط يصنع المشكلات بين كل المكونات لضمان بقائه، لكن التجربة أثبتت عدم صحة هذه التخوفات التي كان النظام السابق يعمل عليها، فخلال الأيام الأخيرة تحررت منطقة الساحل ذات الغالبية العلوية، ولم يتم الاعتداء على أي منهم.