"ترامب" يجبر الصينيين على بيع خدماته و"نتنياهو" يوصي المؤثرين باستخدامه.. "تيك توك" سلاح صهيوني داخل أمريكا

الاثنين - 29 سبتمبر 2025

  • تحول استراتيجي في الدعاية "الإسرائيلية" من الاعتماد على الإعلام التقليدي إلى جيل المؤثرين
  • يهود أمريكا سيتحكمون في خوارزمية "تيك توك" ويسيطرون على بيانات العرب والمسلمين

 

"إنسان للإعلام"- فريق التحرير:

لم يكن توقيع دونالد ترامب رئيس أمريكا أمرا تنفيذيا يوم 26 سبتمبر 2025 لإتمام صفقة بيع أصول تطبيق "تيك توك" الصيني لرجال أعمال أميركيين مقابل 14 مليار دولار أمرا مستغربا، بعدما أصر على الشراء وإلا منع التطبيق من العمل في أميركا.

لكن المستغرب كان الإصرار على البيع لتحالف من ثلاثة رجال أعمال يهود أميركيين يتعاونون مع الجيش "الإسرائيلي" ويوفرون له التقنيات التي تسمح بالتجسس على من يستخدمون تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع توجيه رئيس وزراء الاحتلال "نتنياهو" مجموعات المؤثرين اليمينيين الأميركيين الداعمين لـ"إسرائيل" للتركيز على "تيك توك" لنشر الدعاية لصالح الكيان.

هذا يعني، وفق إعلاميين أميركيين، أن "إسرائيل" رسميًا أصبح لديها "سيطرة كاملة" على تطبيق  "تيك توك" في الولايات المتحدة بعدما تم بيعه لتكتل من رجال الأعمال اليهود، هم: لاري إليسون مالك شركة "أوراكل" وهو من كبار المانحين العسكريين وداعمي الجيش الإسرائيلي، و"مايكل ديل" مالك شركة Dell Technologies، صانعة كمبيوتر "دل" وهي شركة يهودية أمريكية، وهو يضخ استثمارات ضخمة في "إسرائيل" في الحوسبة والأمن السيبراني وفازت شركته بعقود مع وزارة الحرب "الإسرائيلية" لتوريد خوادم ومعدات تكنولوجية عسكرية، و"روبرت مردوخ"، صاحب شبكة (فوكس نيوز) اليمينية التي تدعم "إسرائيل" وتعادي العرب والمسلمين وهو يمتلك أيضا مجموعة "نيوز كورب" الإعلامية، وصحيفة "نيويورك بوست" التي اعتادت مهاجمة المؤيدين لفلسطين وتلميع صورة جيش الاحتلال.

ويأتي هذا البيع بعد سريان قانون أمريكي في يناير 2025 يحظر التطبيق ما لم تتخلص الشركة الأم"بايت دانس" من حوالي 80% من أصولها الأمريكية لمستثمرين غير صينيين، وبذلك لن تعود خوارزمية "تيك توك" كما كانت، فقد تحقق ما كان يريده "ترامب" حيث ستبيع الشركة الصينية المالكة للتطبيق نسبة 45% من أنشطتها في أمريكا لمجموعة من المستثمرين الأمريكيين.

سلاح "إسرائيلي"

كان أهم لقاء حرص عليه نتنياهو في أمريكا هو لقاؤه مع المؤثرين من الشباب الأمريكي اليميني على مواقع التواصل، الذين يُطلق عليهم  Frat Boys، وهم شباب الجامعات ممن ينجذبون لأسلوب الحياة الصاخب والمليء بالحفلات، وجزء كبير منهم يدعم "إسرائيل" ويعتبر ضمن الهاسبارا (البروباغندا) "الإسرائيلية".

وفي حديثه معهم، شدد "نتنياهو" على أن أسلحة الحروب تتغير مع مرور الوقت، موضحاً أن السلاح الأهم في المرحلة الحالية هو سلاح مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن السلاح الأخطر هو تطبيق "تيك توك"، كما لفت إلى أن منصة X (تويتر سابقاً) تمثل ساحة مؤثرة أخرى.

وترجم نتنياهو أهمية هذه المجموعات بقوله إن "منصات التواصل سلاح لدعم إسرائيل في الولايات المتحدة"، وأنها "السلاح الأهم لضمان قاعدتنا في الولايات المتحدة"

وأضاف أن "صفقة تيك توك هي أهم عملية شراء جارية الآن"، معتبراً أن السيطرة عليها قد تكون "حاسمة"، كما تطرّق إلى منصة إكس، قائلاً: "علينا أن نتحدث مع إيلون (ماسك). إنه ليس عدواً، بل صديق". وزعم نتنياهو أنه إذا ما أمكن تأمين النفوذ على "تيك توك" و"إكس"، فإن إسرائيل "ستكسب الكثير"

خسارة فعلية

يُذكر أن "إسرائيل" خسرت فعلياً معركة الرأي العام العالمي، وتهاوت مصداقيتها ولم يعد لدعايتها تأثير يذكر بسبب الفظائع التي ارتكبتها في غزة والتي نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، رغم إنفاقها مليارات الدولارات على حملات إعلامية ودعائية.

وتخشى اليوم من فقدان دعم الجيل الشاب في الولايات المتحدة وهو البلد الأهم لها، حيث تظهر الإحصائيات أن معظم الشباب الأمريكي يتعاطفون مع غزة ويعتمدون على "تيك توك" كمصدر رئيسي للأخبار.

وتُنفق إسرائيل ملايين الدولارات على المؤثرين العالميين الداعمين لها سواء الشباب أو الرياضيين، مثل بطل الملاكمة السابق فلويد مايويذر ونجوم ومشاهير أخرين بهدف دعم سرديتها في العالم والترويج لها.

وفي 10 أغسطس 2025 قال "نتنياهو" إن إسرائيل تخسر "حرب الدعاية" عبر الإنترنت بسبب الخوارزميات، وعلينا إن نتعامل مع خوارزميات التواصل الاجتماعي

وكان لافتا أن نتنياهو طلب من المؤثرين الأمريكيين التركيز على منصة (تيك توك) وعلى (تويتر أكس)، وأخبرهم نتنياهو بضرورة معركة الرواية، حيث يعتبر ترامب ونتنياهو الاستحواذ على "تيك توك" نصرا  لا يقل عن أي إنجاز ميداني، بل قد يزيد.

وقبل ذلك، خصصت حكومة الإبادة 520 مليون شيكل (137 مليون دولار!) من أجل استقطاب مؤثرين يزورون الاحتلال ويروجون لسرديته، وكان لافتا أنه لم تمضِ ساعات على لقاء "نتنياهو"  مع مؤثّرين من جيل "زد" حتى بدأت حملات إلكترونية تستهدف قطر وتروّج للسردية "الإسرائيلية".

وبدأت إحدى الشابات تهاجم قطر صراحة، وتدعي أنها تسعى للسيطرة على السياسة الأمريكية، وفي الوقت ذاته دافعت الشابة باستماتة عن اللوبي الصهيوني خاصة "إيباك" ونفوذه الممتد في واشنطن منذ عقود، وهو ما يعكس تحولاً في استراتيجية الدعاية "الإسرائيلية" فبعد أن كان الاعتماد الأكبر على الإعلام التقليدي والسياسيين الموالين، أصبح الرهان اليوم على جيل المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي.

غسل الأدمغة

ويُراد من ذلك كسب عقول وقلوب الشباب الأمريكي الذي يستهلك المحتوى الرقمي أكثر مما يتابع القنوات الإخبارية أو الخطابات السياسية، والذي تأثر بالرواية الفلسطينية خلال حرب غزة.

لكن هل يعني ذلك أنهم سوف يستخدمون "تيك توك" لغسل أدمغة جيل كامل بدعاية أمريكية و"إسرائيلية" ويقيدون النشر عليه ضد الاحتلال بعدما كان بوقا لمعارضي "إسرائيل"؟

سبق أن كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، 22 سبتمبر الجاري عن أسماء سته مليارديرات أمريكيين من أصل يهودي يمولون حروب "إسرائيل" ويدعمونها بشكل سري بمليارات الدولارات دون أن يظهروا في الصورة.

وقالت "جيروزاليم بوست" إن هؤلاء المليارديرات هم الأكثر تأثيرًا في دعم ومساندة "إسرائيل" ماليا واقتصاديا وتقنيا ويوفرون برامج تقنية للتخزين السحابي لجيش الاحتلال، وهم: جان كوم، مايكل ديل، بيل أكمان، مارك بينيوف، لاري إليسون، مايكل بلومبرج، ومن هؤلاء الستة الثلاثة الذين سيطروا على "تيك توك".

 وهذا يعني بالفعل أن هناك إمكانية للسيطرة على "تيك توك" وتوجيهه داخل أمريكا؛ بما يغير قناعات الشباب، والحفاظ على صورة "إسرائيل" المهتزة بالفعل نتيجة حرب غزة.