شروط إثيوبية جديدة تصعّب الوصول لاتفاق ملزم حول سد النهضة

السبت - 2 أكتوبر 2021

على مدار الساعات القليلة الماضية شهد ملف سد النهضة كثير من التطورات في تطور صادم للدولة المصرية ، تواصل أثيوبيا تحديها لدول المصب .. وتفرض شروطا تعجيزية تصعّب الوصول لاتفاق ملزم حول سد النهضة .. وفشل إفريقي في تحديد موعد لانطلاق المفاوضات الجديدة .. و دراسة مصرية تحذر من احتمال انهيار سد النهضة الإثيوبي من خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

تصر إثيوبيا على رفع حدة التوتر في ملف سد النهضة، فبعدما اعترضت خلال الاتصالات الأخيرة، على الوثيقة التي تقدمت بها الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للتداول حولها بهدف إحياء المفاوضات الثلاثية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، أمس الجمعة ، إن بلاده تنتظر دعوة كينشاسا لاستئناف المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه ترفض أن تفضي المفاوضات إلى اتفاق ملزم.

وتعد هذه التصريحات تفريغاً لكل جهود إحياء التفاوض من فحواها، فضلاً عن تجاهل البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الشهر الماضي، والذي أشار إلى ضرورة التوصل لاتفاق ملزم، وهو ما اعتبرته القاهرة والخرطوم من الإيجابيات القليلة التي تضمنها هذا البيان.

ورأت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، أن توقيت التصريحات الإثيوبية مقصود تماماً، تزامناً مع جولة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في الشرق الأوسط، وعقب ساعات من مناقشته قضية سد النهضة مع عبد الفتاح السيسي، وتوافق الطرفين على ضرورة استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاق نهائي ملزم.
وذكرت المصادر أن المحاولات الكونغولية، إلى جانب تلك التي تبذلها مفوضية الاتحاد الأفريقي، لتبديد الخلافات القانونية العديدة حول الاتفاق، لم تُفضِ إلى أي جديد، فما زال هناك خلاف حول المسار الإجرائي للمفاوضات، برفض أديس أبابا وضع جدول زمني محدد لا يزيد على ستة أشهر لإنهاء المفاوضات، خصوصاً بعد صدور بيان مجلس الأمن، والذي دعا إلى التوصل لاتفاق خلال مدة زمنية معقولة، فضلاً عن رفضها مشاركة الولايات المتحدة كمراقب في الاجتماعات المقبلة، بسبب الخلافات بين البلدين حالياً حول حرب تيغراي وتوقيع الرئيس الأميركي جو بايدن مرسوماً يسمح بتطبيق عقوبات على الحكومة الإثيوبية بسبب الخروقات الإنسانية والحقوقية خلال المعارك الدائرة حتى الآن

وفي حال عدم اشتراك الولايات المتحدة، أو استبدالها، أو حتى إشراكها رغماً عن إثيوبيا، فإن الصيغة التي تقترحها الكونغو الديمقراطية، وتوافق عليها دولتا المصب، لن يكون من الممكن تطبيقها، والتي تتمثل في اشتراك الوسطاء معاً في صياغة حلول مقبولة من الأطراف الثلاثة في حال استمرار تباين وجهات النظر بينها، لا سيما مع عدم إحراز أي تقدّم في الوساطة المفترضة خارج مسار التفاوض المباشر، والذي تباشره دول مختلفة، مثل الاحتلال الإسرائيلي والإمارات.

وكشفت المصادر أن الشرط الإثيوبي القديم بعدم إلزامية الاتفاق إلا في حالة أن يفضي إلى اتفاق أوسع حول استخدامات النيل الأزرق، والمحاصصة الجديدة بين جميع دول الحوض بشكل عام، قد أضافت له إثيوبيا قسماً آخر خلال الاتصالات الأخيرة، يتمثل في أن تفصح مصر والسودان عن جميع تصرفاتهما المائية، لا سيما الخاصة بالسد العالي، الأمر الذي يعارضه البلدان تماماً، خصوصاً مصر.

وأشارت المصادر إلى أن من العوامل التي استجدت على القضية أخيراً، إجراء اتصالات من الاتحاد الأفريقي -بمعزل عن مصر والسودان- مع تركيا والصين، للبحث عن إمكانية تدخل كل منهما في القضية بدلاً من الولايات المتحدة، أو إلى جانبها وبجانب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، كحل محتمل لإقناع إثيوبيا بتوسيع آلية الوساطة، لتصبح خماسية أو سداسية، وأن ينطلق العمل من جديد على أرضية الوثيقة التي أعدتها الكونغو الديمقراطية. لكن هذه الاتصالات لم تفض إلى خطوات ملموسة حتى الآن.

وسبق أن قالت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن جولة المفاوضات المزمع الدعوة إليها سوف تُدعى لها الوفود الاستخباراتية والدبلوماسية والفنية من الدول الثلاث خلال أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بحال التوافق على إمكانية البناء على الوثيقة التي قُدمت، وذلك لتقديم تصور شامل لحل نهائي خلال جدول زمني محدود، لا يزيد على ستة أشهر. وهذه الجهود مدعومة من الاتحاد الأفريقي لا يمكن اعتبارها مبادرة جديدة، بمعنى أنها لا تقدم طريقة مختلفة لمباشرة المفاوضات، ولكنها تأتي في إطار تنسيق رفيع المستوى بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والبيت الأبيض، مدعوماً باتصالات أخرى إقليمية ودولية، بهدف البناء على البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، والإسراع في تنفيذ فحواه بالعودة السريعة إلى المفاوضات بخريطة طريق محددة.


السيسي وسوليفان بحثا ملف سد النهضة دون جديد

والأربعاء الماضي استعرض السيسي ومستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" تطورات أزمة سد النهضة الإثيوبي ضمن محادثات في القاهرة.

  وجدد "سوليفان"  التزام الإدارة الأمريكية ببذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائي المصري، وذلك "على نحو يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكافة الأطراف"، وفقا لما أورده بيان للرئاسة المصرية".

وأكد السيسي التزام بلاده تجاه مسار المفاوضات بشأن شد النهضة، مؤكدا ضرورة قيام المجتمع الدولي بدور مؤثر لـ"حل تلك القضية البالغة الأهمية، حيث إن مصر لن تقبل الإضرار بمصالحها المائية أو المساس بها"، بحسب البيان.

 دراسة مصرية تحذر من احتمال انهيار سد النهضة الإثيوبي

ظهرت بعض الدراسات التي تحذر من احتمال "انهيار" السد العملاق لأسباب فنية، وعدم قدرته على تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه المطلوب تخزينها.

وتوالت ردود الفعل بعد نشر دراسة مصرية حديثة مثيرة للجدل، شارك فيها باحثون محليون بجامعات وهيئات دولية، تحذر من احتمال انهيار سد النهضة الإثيوبي، وشككت في قدرة إثيوبيا على إتمام الملء الثاني للسد.

وتضمنت الدراسة تحليل 109 صور ومشاهد، في الفترة من كانون الأول/ ديسمبر 2016 إلى تموز/ يوليو 2021، باستخدام تقنية الأشعة الرادارية، وانتهت إلى وجود شواهد على عوامل إزاحة وتحرك مختلفة الاتجاهات في أقسام مختلفة من السد الخرساني "الرئيسي" وكذلك السد الركامي "المساعد" مما ينذر بانهيار السد وما يتبع ذلك من تأثير مدمر على دولتي المصب.

ووفقا للدراسة التي شارك فيها وزير الري المصري محمد عبد العاطي، يكشف تحليل البيانات في موقع السد عن وجود هبوط أرضي غير متناسق في أطراف السد الرئيسي، خاصة الجانب الغربي حيث سجل حالات نزوح متفاوتة يتراوح مداها بين 10 و90 مليمترا في أعلى السد.

كما أوضحت الدراسة أن ملء السد كان يجري بشكل سريع ومن دون تحليل بيانات، وهو ما يؤثر على جسم السد فنيا، ويؤثر هيدرولوجيا على حوض النيل الأزرق، كما كشفت أن هناك إزاحة رأسية غير متساوية في قطاعات مختلفة من السدَّين الرئيسي والمساعد.

وقال هشام العسكري، الباحث الرئيسي بالدراسة، في لقاء تلفزيوني، "نحن لا نقول اتهامات ولن نعادي أحدا، بل نظهر خطرا داهما بشكل علمي قوي وندق ناقوسا حول تهديد كبير يواجه السودانيين، ولا نقدم أبحاثا بصبغة سياسية ونطالب المجتمع الدولي بالتحقق من صحة ما نقول".

وفي تعليقه حول هذه الدراسة، وحقيقة احتمال انهيار سد الألفية الكبير، قال مستشار وزير الري والموارد المائية المصري سابقا، الدكتور ضياء الدين القوصي، إن "التحذير الذي تم تضمينه في الدراسة ليس بجديد، وسبق وحذرنا من أن موقع السد ينذر بحدوث انهيارات؛ لأنه موجود على فالق أرضي قد يتسبب في هبوط غير متساو"

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "التربة المقام عليها بناء السد هي تربة انهيارية لأنها تتآمل بفعل قوة المياه، لكنهم حاولوا تجاوز تلك الحقائق من خلال حقن التربة بالأسمنت في عملية كلفت أكثر من مليار دولار، وهذا ينفي أن تكون هناك مشكلة"

واستبعد القوصي أن تؤثر تلك الدراسة سواء على استكمال بناء السد أو مساعدة مصر والسودان في مفاوضاتهما مع إثيوبيا "لأن هناك قرارا سياسيا يفرض نفسه، ويتغلب على الجانب الفني، ولديهم من المتخصصين من يعلمون بحقيقة هذه التحذيرات".

واعتبر مستشار وزير الري الأسبق، أن "المتضرر الرئيس من أي انهيار هو السودان وليس إثيوبيا؛ لأن السد الضخم موجود على تخوم حدودها، ونحن لا نريد ولا نتمنى انهياره ولكن نريد ضمانات تؤكد سلامة الإنشاءات والتربة".

وتعتزم مصر استغلال الدراسة من أجل عرضها على خبراء دوليين ومحليين في جلسة بمؤتمر دولي للمياه سيقام بمصر في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، بحسب الدكتور عمرو فوزي، الباحث المشارك بالدراسة المشار إليها حول أمان السد.

,كما أكد من جانبه، خبير السدود الدولي الدكتور محمد حافظ، أن طبقة الأساسات  في السد تم بناؤها على مجموعة من الكهوف الجيرية والتي تقع على عمق 15 مترا من سطح الأرض، وهذه الكهوف تحدثت عنها الشركة الإيطالية التي قامت بعمل "الجسات" الأرضية، وهي حفر رفيعة بقطر 100 مم في الأرض عن طريق التخريم وتصل لعمق 50 مترا أحيانا".

وأوضح لـ"عربي21": "وفقا لتقرير الشركة الإيطالية توجد فوالق أرضية تحت سد النهضة الخراساني وسد السرج والأخير به مشاكل أكثر من السد الرئيسي ولكنها قالت إنها قامت بحقن تلك الكهوف بمواد أسمنتية، وكان هناك نوع من الاستعجال في معالجة المشاكل ومن الممكن أن عملية تحسين التربة لم تف بالمطلوب"

,وتابع: "في عام 2017 نشرت تقريرا في مجلة روز اليوسف المصرية، كشف لأول مرة عن هذه الكهوف والفوالق، أما فيما يتعلق بالدراسة الأخيرة فإني أتفق معها في وجود هبوط غير متزن بين أطراف السد بسبب وجود الكهوف هذا بخصوص السد الخراساني، أما بالنسبة للهبوط في سد السرج لا أتفق معه أن الهبوط نتيجة الأحمال ولكني أعتقد أنه نتيجة ما يسمى بالهبوط المرن"