أعوام من التهميش والقمع| صحفيات مصر.. تحديات مهنية ونقابية بالجملة
الثلاثاء - 25 مارس 2025
- النظام الانقلابي زجّ بأكثر من 30 صحفية في السجون بتهم ملفقة
- 35% من الصحفيات يتعرضن للتحرش.. و14% يفكرن في ترك المهنة
- المضايقات والملاحقات الأمنية دفعت صحفيات إلى الهجرة بحثاً عن الحرية
- تمثيل نقابي هزيل رغم الثقل العددي.. وفجوة في الأجور والمناصب القيادية
- محاولة جديدة لكسر احتكار التمثيل النقابي والتمييز الممنهج بالمؤسسات
إنسان للإعلام- تقرير:
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بيوم المرأة العالمي، تواجه الصحفيات المصريات واقعًا قاسيًا يختبر صمودهن يومًا بعد يوم، فبدلًا من الاحتفاء بإنجازاتهن، يجدن أنفسهن غارقات في معركة يومية مع المهنة، حيث تعملن وسط مناخ مشحون بتقييد الحريات وتراجع غير مسبوق في الأداء المهني.
لا تتوقف معاناتهن عند هذا الحد، بل يواجهن استهدافًا مباشرًا، إذ تتعرض بعض الصحفيات للملاحقات الأمنية، بل وتقضي بعضهن شهورًا وسنوات خلف القضبان بسبب عملهن.
وعلى المستوى المهني، يواجهن تمييزًا ممنهجًا داخل المؤسسات الصحفية، ويتعرضن للتحرش في أماكن العمل وخلال التغطيات الميدانية، فضلًا عن إقصائهن من المناصب القيادية.
في هذا التقرير، نكشف الوجه القاتم للصحافة من منظور الصحفيات المصريات، ونسلط الضوء على معاناتهن اليومية، ونوثق في الوقت ذاته محاولاتهن لاختراق هذا الجدار السميك من التحديات.
غياب العدالة المهنية
منذ تأسيس نقابة الصحفيين عام 1941، كانت النساء حاضرات في المشهد النقابي، حيث شاركت أربع صحفيات، وهن نبوية موسى، فاطمة نعمت راشد، فاطمة اليوسف، ومنيرة عبد الحكيم، في تأسيس النقابة ضمن أول جمعية عمومية لها.
وفي عام 1954، أصبحت أمينة السعيد أول امرأة تفوز بعضوية مجلس النقابة، واستمرت في المجلس تسع دورات متتالية، كما شغلت منصب وكيل النقابة لثلاث دورات.
ورغم هذا الحضور المبكر، ظل تمثيل الصحفيات داخل المجلس ضعيفًا، إذ لم تفز بعضويته سوى عشر صحفيات فقط على مدى 82 عامًا، ولم تصل أي صحفية إلى منصب نقيب الصحفيين حتى اليوم.
ورغم المعارك التي تخوضها الصحفيات دفاعًا عن المهنة وعن حقوقهن، لا يزال الواقع يشير إلى فجوة واضحة بين الجنسين في الفرص والأجور والتمثيل في المناصب القيادية، فبينما تشكل النساء ما يقرب من ثلث أعضاء نقابة الصحفيين، فإن وجودهن لا يزال محدودًا في قطاعات بعينها، وغالبًا ما يتم توجيههن نحو أقسام مثل الثقافة والفن والمرأة، في حين تظل التغطيات السياسية والاقتصادية حكرًا على الصحفيين الرجال في كثير من المؤسسات.
وفي المؤسسات الإعلامية التقليدية، تعمل العديد من الصحفيات كمحررات ورئيسات أقسام، لكن توزيع المهام لا يزال يعكس تمييزًا واضحًا، أما في الإعلام الرقمي، فقد أتاح التطور التكنولوجي فرصًا جديدة للصحفيات للعمل في منصات إخبارية مستقلة، مما وفر لهن مساحات أوسع للتعبير عن آرائهن.
ومع ذلك، حتى في هذا المجال، لا تزال التحديات قائمة، حيث تعاني الصحفيات من التنميط الوظيفي وعدم المساواة في توزيع المهام، فضلًا عن غياب العدالة في الأجور والترقيات.
أما فيما يتعلق بالمناصب القيادية، فلا تزال هيمنة الرجال واضحة، إذ نادرًا ما تصل الصحفيات إلى مواقع صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية، وغالبًا ما تقتصر الأدوار القيادية للنساء على أقسام تُصنَّف اجتماعيًا كـ"نسائية"، مثل الموضة والأسرة والقضايا الاجتماعية، وهو انعكاس واضح للتنميط داخل الصحافة المصرية.
وفي ظل سيطرة شركة "المتحدة" -المدعومة من أجهزة أمنية- على معظم المؤسسات الصحفية، استمر هذا النمط من التمييز، ولم يشهد القطاع سوى استثناءً محدودًا تمثل في تعيين الصحفية علا الشافعي، المقربة من قيادة الشركة، كرئيسة تحرير لصحيفة "اليوم السابع".
في ظل هذه التحديات، تظل الصحفيات في مصر في مواجهة مستمرة مع بيئة مهنية غير منصفة، حيث يخضن معارك يومية من أجل تحقيق المساواة وضمان بيئة عمل عادلة ومستدامة[1].
أسيرات في السجون
لم تكن الصحفيات المصريات بعيدات عن حملة القمع التي يشنها النظام ضد أصحاب الرأي الحر والصحافة المهنية، حيث تعرضن على مدار العقد الماضي لاستهداف ممنهج شمل الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والمحاكمات الجائرة، ففي عام 2024 احتلت مصر المرتبة السادسة عالميًا من حيث عدد الصحفيين المعتقلين، وفقًا لتقرير لجنة حماية الصحفيين CPJ حيث يقبع أكثر من 44 صحفيًا وصحفية خلف القضبان حتى يناير 2025.
ومن بين أكثر من 300 سيدة مصرية يقبعن في السجون بتهم ملفقة[2]، هناك أكثر من خمس صحفيات محتجزات احتياطيًا أو محكومات بأحكام قاسية في قضايا ذات طابع سياسي، وبتهم فضفاضة مثل "نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعات محظورة"، وخلال السنوات العشر الماضية زج النظام بأكثر من 30 صحفية في السجون المصرية بتهم ملفقة، أكدت تقارير حقوقية استخدام السلطات المصرية الإخفاء القسري كأداة للترهيب قبل الاعتقال الرسمي.
وفي هذا السياق وثّقت لجنة حماية الصحفيين CPJ انتهاك مصر لقوانين الإجراءات الجنائية، بما في ذلك التمديد غير القانوني للحبس الاحتياطي بحق الصحفيين والصحفيات والمدونين.
وفي مطلع رمضان الجاري دعا المرصد العربي لحقوق الإنسان السلطات المصرية إلى الإفراج عن الصحفيين والصحفيات المحبوسين بمناسبة الشهر الفضيل[3].
ومن الصحفيات اللاتي ما زلن مسجونات أو رهن الاعتقال:
- المصورة الصحفية علياء نصر الدين: تقضي حكمًا بالسجن 15 عامًا بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية والترويج لأفكارها في القضية رقم 451 لسنة 2014 حيث تم اعتقالها في سبتمبر 2014 بعد اقتحام منزل خالتها، ولأنها لم تكن موجودة احتجزت السلطات خالتها وابنها للضغط عليها لتسليم نفسها، وبعد تسليم نفسها ظهرت بعد شهر من الإخفاء القسري وتم حبسها احتياطيًا قبل أن يصدر الحكم المشدد بحقها عام 2022.
- الصحفية سمية حزين: تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي على مدار خمس سنوات وتم تدويرها على أكثر من قضية، ورغم تدهور حالتها الصحية بسبب الإهمال الطبي المتعمد إلا أنها ظلت رهن الاحتجاز، حيث أصيبت بأمراض مزمنة رغم أنها لم تتجاوز عقدها الثالث.
- المترجمة الصحفية مروة عرفة: قضت نحو أربع سنوات رهن الحبس الاحتياطي وبدأت محاكمتها في يناير 2025، حيث تسبب اعتقالها في معاناة نفسية كبيرة لطفلتها الوحيدة وفاء البالغة من العمر ست سنوات، والتي أصيبت باضطراب طيف التوحد نتيجة غياب والدتها وفقًا للشبكة المصرية لحقوق الإنسان.
- الصحفية دنيا سمير فتحي الدسوقي: اعتقلت في مايو 2022 بسبب نشرها فيديو على فيسبوك تحدثت فيه عن مضايقات تعرضت لها من محافظ جنوب سيناء، وهي محبوسة على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2022 بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، رغم أنها أم لأربعة أطفال بحاجة إلى رعايتها[4].
ومن الصحفيات اللواتي تعرضن للقمع وخرجن من السجون بعد رحلة قاسية من الانتهاكات:
- سولافة مجدي، التي كشفت بعد الإفراج عنها تعرضها للتحرش الجنسي داخل السجون من قبل المسؤولين عن الاحتجاز ونزيلات جنائيات.
- الصحفية صفاء الكوربيجي، التي اعتقلت في أبريل 2022 بسبب نشاطها في الدفاع عن حقوق العاملين بماسبيرو، حيث تعرضت لتعذيب جسدي ونفسي أثناء إخفائها قسريًا.
- الإعلامية هالة فهمي، التي اعتقلت في أبريل 2022 وأخفيت قسريًا بسبب نشرها مقاطع فيديو تنتقد سياسات النظام، ووجهت لها تهم تتعلق بمشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة رغم أنها كانت مذيعة رسمية بالتلفزيون المصري إلا أن انتقادها للأوضاع الاقتصادية والسياسية جعلها عرضة للاعتقال.
- الصحفية منال عجرمة، نائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، التي اعتقلت في نوفمبر 2022 وظلت مخفية قسريًا حتى ظهورها لاحقًا أمام نيابة أمن الدولة حيث وُجهت لها اتهامات بالتحريض على الإرهاب وتمويل جماعة إرهابية قبل الإفراج عنها بعد معاناة طويلة[5].
ملاحقات ومضايقات أمنية
واصلت الأجهزة الأمنية التنكيل بالصحفيات، ومن بينهن الصحفية رشا عزب التي دخلت في اعتصام مفتوح داخل نقابة الصحفيين يوم 16 ديسمبر 2024، احتجاجًا على التضييق والانتهاكات التي تتعرض لها منذ 7 أكتوبر 2023.
ووفقًا لما أعلنته، تواجه رشا تهديدات مباشرة بالاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية، وصلت إلى حد تلقيها مكالمات هاتفية تحمل تهديدات صريحة.
من جهتها، أعربت حملة "أنقذوا حرية الرأي" بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات عن تضامنها الكامل مع الصحفية رشا عزب، مؤكدة دعمها لمطالبها بوقف الملاحقات الأمنية والانتهاكات التي تتعرض لها.
وأدانت الحملة المضايقات التي تواجهها الصحفية، معتبرةً أنها تهدف إلى التخويف والتضييق على عملها، بما يؤثر على حياتها الشخصية والمهنية ويؤدي إلى تدهور حالتها النفسية.
وأكدت الحملة أن رشا لجأت إلى الاعتصام داخل نقابة الصحفيين بعد أن استنفدت كل السبل القانونية دون جدوى، احتجاجًا على ما وصفته بـ "الممارسات القمعية لوزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني".
وفي سياق متصل، تقدم نقيب الصحفيين خالد البلشي، يوم 26 ديسمبر 2024، ببلاغ رسمي إلى المحامي العام لنيابات وسط القاهرة، مطالبًا بفتح تحقيق في واقعة سرقة سيارة الصحفية رشا عزب، وتفريغ كاميرات المراقبة في محيط الحادث، إلى جانب النظر في الانتهاكات الأخرى التي تعرضت لها خلال الفترة الأخيرة.
كما تعرضت الصحفية إيمان عوف للاعتقال والاعتداء عليها من قبل قوات الأمن قبل أن يتم الإفراج عنها بكفالة مالية.
وتُعرف إيمان عوف بنشاطها الحقوقي والصحفي، حيث لعبت دورًا بارزًا في حملات الإفراج عن المعتقلات السياسيات داخل السجون المصرية.
تقييد حرية التعبير
ممارسة الرقابة الذاتية أصبحت واقعًا مفروضًا على الصحفيات المصريات في ظل تشديد قبضة الرقابة والاستبداد السياسي، حيث يواجهن تهديدات مباشرة قد تدفعهن إلى مغادرة البلاد.
في هذا السياق، اضطرّت المصورة الصحفية سمية عبد الرحمن، البالغة من العمر 26 عامًا، إلى الفرار سرًا من مصر عبر الحدود مع السودان، بعدما نشرت صورًا لاحتجاجات مناهضة للنظام، ما جعلها هدفًا للملاحقة الأمنية.
وأكدت أنها تعرضت لخطر حقيقي أثناء محاولتها الهروب، إذ كانت هناك أوامر بإطلاق النار المباشر على الفارين عبر الحدود.
بعد مغادرتها مصر، انتقلت سمية إلى السودان ومنها إلى تركيا ثم ألمانيا، حيث حصلت على منحة لدراسة التصوير، قبل أن تتقدم بطلب اللجوء السياسي.
وبعيدًا عن القيود المفروضة على الصحافة في بلادها، استطاعت أن تحقق إنجازات بارزة، حيث حازت على جوائز دولية في التصوير، وكان أبرزها جائزة زمالة المصورين الناشئين الافتتاحية في ديسمبر 2020، التي منحتها لها منظمة "Too Young to Wed" بالتعاون مع "Canon USA".
وفي 4 يناير 2021، كتب عنها محرر الصور كينيث ديكرمان في صحيفة "واشنطن بوست"، مشيرًا إلى أن التحديات التي واجهتها في ظل النظام المصري دفعتها لتصبح واحدة من أبرز المصورات الصحفيات عالميًا[6].
تحرش جنسي بأماكن العمل
التحرش داخل المؤسسات الصحفية هو أحد أخطر الانتهاكات التى تواجها الصحفيات في مصر، في ظل غياب سياسات صارمة لمواجهته، والضغوط الاجتماعية والثقافية التي تعيق التصدي له.
وأكدت ورقة بحثية صادرة عن المركز الإقليمي للحقوق والحريات أن الخوف من الوصم أو الانتقام، إلى جانب ضعف آليات الإبلاغ والدعم، يدفع العديد من الصحفيات إلى تجنب تقديم شكاوى، ما يؤدي أحيانًا إلى ترك العمل أو الفصل التعسفي[7].
وتتنوع أشكال التحرش التي تتعرض لها الصحفيات بين التحرش اللفظي، المتمثل في التعليقات غير اللائقة ذات الطابع الجنسي أو التلميحات المهينة، والتحرش الجسدي، بالإضافة إلى التحرش الإلكتروني عبر رسائل غير لائقة من زملاء أو مسؤولين في العمل.
ومع تصاعد هذه الانتهاكات، لجأت العديد من الصحفيات إلى منصات التواصل الاجتماعي لكشف ما يتعرضن له، ما دفع نقابة الصحفيين إلى إنشاء لجنة خاصة لمتابعة هذه القضايا والتواصل مع الناجيات.
وكشفت دراسة أعدتها "الشبكة العربية لدعم الإعلام"، تحت عنوان "رؤية الصحفيات المصريات لأنفسهن من واقع ممارستهن المهنية"، أن أكثر من 35% من الصحفيات في مصر يواجهن التحرش خلال العمل، مع تفوق نسبة التحرش اللفظي على الجسدي. كما أظهرت الدراسة أن 14% من الصحفيات يفكرن في ترك المجال الصحفي بحثًا عن بيئة عمل أكثر أمانًا، حيث أصبح قرار النشر في بعض المؤسسات الصحفية مرتبطًا بمدى تقبل الصحفية للتحرش من المسؤولين.
ومنذ عام 2016، تم الكشف عن عدة فضائح تحرش داخل المؤسسات الصحفية، ففي ذلك العام، اتهمت صحفية رئيس تحرير مؤسسة صحفية كبرى بالتحرش بها داخل مكتبه مقابل مزايا وظيفية، وتقدمت ببلاغ رسمي، إلا أن القضية لم تأخذ مسارها القانوني الكامل بعد تعرضها لضغوط لحذف شهادتها من مواقع التواصل.
وفي 2017، تم تسريب تسجيل للصحفي محمد الباز، رئيس تحرير جريدة "الدستور"، يتحدث فيه عن علاقات غير أخلاقية بين رؤساء التحرير والصحفيات، كاشفًا عن انتهاكات متكررة داخل الوسط الصحفي[8].
هذه الانتهاكات، التي يتم التستر على كثير منها، تعكس واقعًا مريرًا تعيشه الصحفيات في مصر، ما يستدعي توفير آليات حماية حقيقية لضمان بيئة عمل آمنة تتيح لهن ممارسة عملهن بحرية ودون تهديد.
تمثيل ضعيف بالمناصب القيادية
تواجه الصحفيات المصريات صعوبات متعددة تحول دون وصولهن إلى المناصب القيادية داخل المؤسسات الصحفية، مما يؤثر على قدرتهن في المشاركة بصنع القرار الإعلامي.
وكشفت ورقة بحثية أصدرها المرصد المصري للصحافة والإعلام عام 2020، تحت عنوان «العبء المزدوج: نظرة حول أوضاع العاملات في المجال الصحفي»، عن وجود ثغرات قانونية تؤثر على استقرار الصحفيات في عملهن، مثل عدم ضمان العودة إلى نفس الوضع الوظيفي بعد الاستفادة من الإجازات القانونية، وغياب لوائح تشغيل واضحة في أماكن العمل.
وأوضحت الدراسة أن أحد أسباب هذا القصور القانوني هو النظرة التقليدية لدور المرأة والرجل، حيث يمنع القانون صاحب العمل من فصل الصحفية أثناء إجازة الوضع، لكنه لا يضمن لها العودة إلى نفس منصبها بعد انتهاء الإجازة، ما يتيح فرصة للتعسف ضدها.
لجنة المرأة في نقابة الصحفيين أكدت أنها تعمل على تقديم الدعم القانوني والنقابي والمعنوي للصحفيات، خصوصًا في القضايا المرتبطة بالعنف النفسي أو الجسدي أو التمييز القائم على النوع الاجتماعي، مع ضمان حماية هوية الشاكيات إذا رغبن في ذلك.
كما شددت على أن قانون العمل والدستور المصري ينصان على المساواة بين الجنسين، إلا أن هذه القوانين لا تُطبق بشكل فعلي في المؤسسات الصحفية، ما يحرم العديد من الصحفيات من حقهن في الترقية والوصول إلى المناصب القيادية.
ووصف نقيب الصحفيين، خالد البلشي، هذا الوضع بـ"الظلم الكبير"، مشيرًا إلى أن بعض النساء اللواتي يتولين مناصب قيادية داخل المؤسسات الصحفية قد يمارسن التمييز ضد زميلاتهن، خاصة فيما يتعلق بالصحفيات اللاتي يقررن الإنجاب.
وأكد أن هذه الظاهرة تعكس الثقافة المجتمعية السائدة التي تميز الرجال على النساء وتعتبر الصحفية عبئًا على المؤسسة إذا أصبحت أماً، بسبب الافتراض بأن مسؤولياتها الأسرية ستؤثر على إنتاجيتها المهنية[9].
صحوة نسائية بانتخابات النقابة
وفي محاولة جادة للدفاع عن حقوقهن، شهدت الترشيحات لمجلس نقابة الصحفيين تقدماً ملحوظاً في تمثيل المرأة، حيث ترشحت 10 صحفيات لمجلس النقابة في خطوة غير مسبوقة.
وتصدرت نورا راشد، من صحيفة الجمهورية، المشهد بترشحها لمنصب النقيب، فيما تنافست 9 صحفيات أخريات على مقاعد العضوية، وهن: إيمان عوف (المال)، دعاء النجار (الجمهورية)، راندا بدر (الوطني اليوم)، شهناز عزام (روزاليوسف)، شيرين العقاد (الكرامة)، عبير المرسي (الأهرام)، فيولا فهمي (المال)، محاسن السنوسي (المصري اليوم)، منى الطراوي (الفتح)، ونرمين سليمان (أخبار اليوم) [10].
ويظهر ترشح هذا العدد الكبير من الصحفيات لانتخابات نقابة الصحفيين تحديات كبيرة تواجهها المرأة في بلاط صاحبة الجلالة في مصر، إذ يعكس هذا الإقبال رغبة الصحفيات في تغيير الواقع الذي يعانين منه.
ويمكن القول إن ترشح هذا العدد الكبير من الصحفيات هو خطوة جريئة نحو تحقيق المساواة في بلاط صاحبة الجلالة وقد يساهم في تغيير الواقع الذي تعيشه الصحفيات المصريات.
وبين الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب داخل السجون لا تزال الصحفيات المصريات في خط المواجهة الأولى ضد القمع الممنهج حيث يستخدم النظام جميع الأدوات الممكنة لإسكات الأصوات الحرة في مشهد يعكس التدهور الحاد في أوضاع الصحافة بمصر ورغم ذلك فإن الصحفيات يواصلن النضال سواء داخل السجون أو خارجها في مواجهة منظومة قمعية لا تعترف بحرية الصحافة ولا بحقوق الإنسان لكن إلى متى يستمر هذا القمع وإلى متى ستظل مصر سجنًا مفتوحًا لأصحاب الرأي؟
________________________
المصادر:
[1] "التحديات التي تواجه الصحفيات في مصر" ، موقع المركز الاقليمي للحقوق والحريات، 4 يناير 2025 ، https://linksshortcut.com/hLgbN
[2] "حصاد الصحافة والاعلام في 2024 " ، المفوضية المصرية للحقوق والحريات ، 1يتاير 2025 ، https://linksshortcut.com/DJGEZ
[3] "لجنة حماية الصحفيين: مصر تحتل المركز السادس عالميًا في حبس الصحفيين" ، المنصة ، 17 يناير 2025 ، https://manassa.news/news/21763
[4] "المرصد العربي لحرية الإعلام يطالب بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين بمصر بمناسبة رمضان" ، عربي21 ، 1 مارس 2025، https://linksshortcut.com/maaPH
[5] "اليوم العالمي للمرأة.. 5 صحفيات خلف القضبان بانتظار نيل حريتهن: الصحافة ليست جريمة" ، درب ، 8 مارس 2023 ، https://linksshortcut.com/bvbhf
[6] “"ميدل إيست آي” يكشف قصة هروب صحفية من جحيم السيسي" ، بوابة الحرية، 5فبراير 2023 ، https://linksshortcut.com/rzIfF
[7] "التحديات التي تواجه الصحفيات في مصر" ، موقع المركز الاقليمي للحقوق والحريات، 4 يناير 2025 ، https://linksshortcut.com/hLgbN
[8] "لماذا ينتشر التحرش بـ35% من الصحفيات في مؤسسات الانقلاب الصحفية؟" ، بوابة الحرية والعدالة ، 1سبتمبر، 2018، https://linksshortcut.com/haWyt
[9] "بعد الحمل أو الولادة… صحفيات يُضطّهدهن بيدِ نساء"،موقع زواية ثالثة ، 16 مارس 2024، https://zawia3.com/women-journalist
[10] " 8على مقعد النقيب.. 51 مرشحا فى الكشوف النهائية لانتخابات نقابة الصحفيين" ، اليوم السابع" ، 19 فبراير 2025 ، https://linksshortcut.com/GfccG