صـــــــــــــــنـع في غـــــــــــــــزة

الأربعاء - 8 نوفمبر 2023

- د . محمود القلعاوي
( رئيس أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية - رئيس اتحاد علماء الأزهر بتركيا )

د . محمود القلعاوي*

بالتأكيد لفت انتباهنا ثبات وروسوخ الأمهات في غزة، كلمات الصبر والصمود وحب الشهادة والسير على خطى المقاومة واحتساب أجرها عند خالقها معاني نراها في كلمات الأمهات الغزاوية .

لقطة عجيبة ترى فيها "صُنع في غزة"، بل ولا تراها إلا في غزة، أمهات الشهداء يزغردن أمام الكاميرات، زغرودة أم ضحت بأغلي ما لديها في دنياها بجزء منها سبقها إلى الجنة، وما طوفان الأقصى إلا صناعة لأمهات صامدات ثابتات، كما أرضعن صغارهن اللبن أرضعنهم حب الوطن والشهادة في سبيل هذا الوطن.

"صنع في غزة".. معنى جديد لابد أن نقف معه ونتعلم كيف كان، ونحاول تقليده والسير على طريقه، حكايات الصبر والثبات والمقاومة التي حملتها نساء غزة أنجبت لنا طوفان الأقصى، فهن صانعات لهذا النصر الذي غير معادلة القوة.

حكايات من الواقع

تقول والدة الشهيد مجاهد سكافي، التي استشهد ابنها في القصف: "ذهبنا لبيت شقيق زوجي عله يكون آمنا لأن القصف اشتد علينا وخلال أداء الرجال صلاة الظهر قصف المنزل والمنازل المجاورة وعندما وصلنا إلى المستشفى علمت أن ابني البكر مجاهد كان من بين الشهداء، وهناك حمدت الله واسترجعت واحتسبته شهيداً عند الله عز وجل وحسبنا الله ونعم الوكيل على ما يفعلوه بنا"

أم أخرى تعبر عن اعتزازها وفخرها بالمقاومة الفلسطينية، التي تدافع عن شعبها قائلة إنها ليست نادمة على تقديم ابنها شهيدا ومستعدة لتقديم باقي أبنائها فداء للأقصى.

أمهات الزمن الجميل

كانت لها موعظة لأولادها قبيل معركة القادسية قالت فيها: "يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية.. يقول الله عزَّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة آل عمران: 200 ، فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين.

فلما وصل إليها نبأ استشهادهم جميعًا قالت: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".

وقبل أن اترك القلم .......

إن كانت غزة سبقتنا في صناعتها للأبطال والرجولة، فنستطيع أن نتعلم من التجربة ونعيد الصناعة لأطفالنا فيكونوا أبطالا. 

_______

* رئيس أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية

   رئيس اتحاد علماء الأزهر بتركيا