عائلة حاكمة جديدة: الهيمنة وتوريث السلطة.. أدوات السيسي لامتلاك مصر
الخميس - 18 آغسطس 2022
- انتصار "شجر در" جديدة.. ومحمود "الوريث".. والشقيق "حامي الفساد"
- امبراطورية أبناء السيسي تقوم على جناحين:المخابرات العامة والرقابة الإدارية
في مايو 2022 مرر مجلس النواب المصري مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، وكانت أبرز التعديلات تشكيل وحدة مستقلة ذات طابع خاص (مجلس أمناء) لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يرأسها "أحد الخبرات القضائية الذي لا تقل مدة خبرته عن 15 عاما في محكمة النقض أو إحدى محاكم الاستئناف".
لاحقا في 21 يوليو 2022، صادق السيسي علي القانون الجديد المعدل رقم 154 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002، ليصبح نافذا.
لم ينتبه أحد إلى أن هذا التعديل التشريعي سمح لعبد الفتاح السيسي بالإبقاء على شقيقه، المستشار أحمد سعيد حسين خليل السيسي، رئيسًا لوحدة «مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب» بالبنك المركزي إلى ما لا نهاية بعدما كان سيخرج للمعاش في سبتمبر 2022 وتم التمديد له عدة مرات!
وبحسب القانون، من المقرر أن تنتهي فترة شقيق السيسي في 19 سبتمبر 2022، لأنه سيصل إلى سن التقاعد (70 عامًا) لذا غيّر السيسي القانون لأجل خاطر شقيقه وفتح الباب أمام مد تعيينه ونقل آلية اختياره كرئيس لوحدة غسل الأموال لنفسه بعد أن كانت في القانون القديم مسؤولية وزير العدل.
أثار هذا تساؤلات عن أسباب إزالة العقبات ليستمر شقيق السيسي على رأس الوحدة لما لانهاية حتى يموت، وما يعنيه هذا فيما يخص أسلوب الحكم وإدارة الدولة الآن، ولماذا شقيق السيسي وهل يعني هذا استمرار هيمنة الحكم العائلي لعائلة السيسي وضمان التغطية على الفساد، بعدما عين السيسي أبناؤه في جهاز المخابرات والرقابة وأقاربه في مناصب عليا بالدولة.
عائلة حاكمة
قبل التمديد لشقيق السيسي بتعديل القانون خصيصا له، نشر موقع جافاج الاستخباراتي الاسرائيلي تقريرا يوم 27 يوليو 2022 عن نفوذ زوجة عبد الفتاح السيسي بدوائر صناعة القرار بمصر، بدا كأنه يشير لأن انتصار تسعي لتصبح "شجرة الدر" جديدة تحكم مصر عبر زوجها وابنائها، حيث ترغب في تحويل عائلتها إلى سلالة تحكم مصر لأجيال!!.
بحسب التقرير: طموح انتصار يتجاوز كونها صاحبة سلطة الأم في العائلة ليصل لرغبتها فى تأسيس سلالة حاكمة لمصر.
قال الموقع: إن ضعف شخصية السيسي أمامها أصبح مصدر سخرية من الدوائر القريبة منه لدرجة أن بعضهم يصف الجنرال قوي الشكيمة بأنه مجرد "جوز الست" وأنها هي الحاكم الفعلي للبلاد.
وللتدليل على سيطرتها علي السيسي قال التقرير إن انتصار السيسي "قوية ولا تعرف الخوف، على عكس السيسي الضعيف ويمكن أن يفزع بسهولة"، وأنها هي من شجعته على التصديق على أحكام إعدام 13 طفلا بعد أن نصحته الأجهزة الأمنية بتخفيف الحكم الى السجن المؤبد بدلا من الإعدام، وأنها تتدخل في التفاصيل الدقيقة لتصرفات السيسي وابنها الأكبر بحسب مصدر قال: "إنها آخر من يهمس في أذني محمود، و"السيسي غير مؤهل وبدون زوجته ربما لم يصمد طويلا".
ويقول الموقع الاستخباري إن "انتصار" صارت مهووسة بالسحر والسحرة الذين تجلبهم من افريقيا ودول أخرى وتؤمن بقدرتهم على فعل المعجزات لإبقائها وأسرتها في الحكم الى الأبد.
وأنها أجبرت عبد الفتاح السيسي على إقالة جنرال كبير في الجيش (يعتقد انه إما صهره محمود حجازي أو الفريق عبد المنعم التراس أقدم رتبة في المجلس العسكري المصري) بعد أن تنبأ لها أحد العرافين بأن هذا الجنرال يمثل خطرا على زوجها
أوضح جافاج أن انتصار هي من أصرت على عودة السيسي لمصر واستبعاد فكرة الهروب للخارج بعد نزول المصريين للشوارع إثر دعوة المقاول والفنان محمد علي في العام 2020، وثبت بعد أسبوع انها كانت على صواب حيث تلاشت التظاهرات عقب عودة السيسي للبلاد.
وحذر التقرير الاسرائيلي من تململ كبار ضباط الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية من تدخلات انتصار السيسي ونجلها الأكبر محمود في شؤون الدولة بل والعلاقات الخارجية لمصر مع البلدان الأخرى
أوضح أن تكتيكات انتصار وإحكام قبضتها على زوجها والدولة المصرية أثار حفيظة العديد من كبار الجنرالات المصريين ومعظمهم من كبار ضباط المخابرات ومع سأم وضجر مؤسسة الجيش وخوفها على مستقبلها، لا يمكن استبعاد فرضية قيام الجيش بانقلاب عسكري ضد السيسي وعائلته
مؤشرات صحة هذا التقرير عديدة منها ما ذكره المقاول الممثل السابق محمد علي الذي كان يدير بعض مشاريع الجيش عن بذخ انتصار في بناء القصور والفيلات وتدخلها في قرارات سياسية لضمان سيطرة ابنائها على السلطة.
كما يرصد الموقع واقع تحول انتصار من زوجة عادية لضابط جيش الي قوة مسيطرة داخل الدولة والسعي لفرض نفسها كـ "سيدة مصر الأولي" عبر عمليات تحسين لشكلها وصورتها رغم سخرية المصريين من ملابسها على مواقع التواصل.
الجنرالات "طهقوا"!
وسبق لنفس الموقع "جافاج" الاستخباري، ومقره ولاية كاليفورنيا، نشر تقرير يوم 17 يناير 2022 يزعم أن "جنرالات مصر طهقوا من السيسي وقوي عالمية تدرس دعم نجل الرئيس السابق مبارك وانجاحه في خلافة السيسي".
قال إن النخبة العسكرية الحاكمة في مصر تشعر بالقلق وتفكر في تغيير يشمل "السيسي" ونقل عن دبلوماسي غربي مقيم في القاهرة، قوله: "لم نشهد قط مصريين غاضبين من حاكمهم كما هم اليوم.. ولم أر قط حاكماً عربياً غير مبال بصورته العامة ونسبة التأييد له".
كما نقل عن ضابط متقاعد بالقوات الجوية المصرية، قوله: "يفرض السيسي قوانين مجنونة جديدة كل يوم، ولا أحد بمنأى عن الضرائب المفروضة على كل شيء، حتى أن السيسي يفرض ضرائب على الإكراميات على سائقي توصيل الطعام، وبدأ في مصادرة أموال التبرعات المقدمة في المساجد".
وتابع: "ماذا يجب أن يقبل الناس أيضًا؟، ليس لديهم ما يخسرونه بعد الآن ونحن (الضباط العسكريون) نخشى أن ينقلب جميع الناس ضدنا".
وأكد أكاديمي مصري له اتصال كبير بالسفارات الأمريكية والبريطانية والألمانية في القاهرة للموقع الاسرائيلي وكذلك كان في وقت من الأوقات قريبًا جدًا من عائلة "مبارك"، أن "النخبة الحاكمة قلقة من أن السيسي ربما يحبطهم جميعا بتهوره"
وأضاف: "مجرد حقيقة أنه لا يستطيع السيطرة على فمه وتمكنه من استفزاز الشعب المصري بخطاباته العامة، يدل على أنه متعجرف ولا يستمع أبدًا لنصائح جنرالات الجيش الأكثر ذكاءً واستنارة منه"
وتابع المصدر أن "الجنرالات المصريين المعنيين لا يخجلون من إبداء شكواهم من السيسي داخل دوائرهم الخاصة، ويطلقون عليه اسم (السيسي المجنون)، بالإضافة إلى ذلك، فهم لا يخجلون من التعبير عن مخاوفهم مع الدبلوماسيين (الغربيين) والملحقين العسكريين عندما يلتقون بهم"
وتقوم انتصار عامر (67 عاما) بالمشاركة في الأعمال التي يفتتحها السيسي البلاد، وكذلك حضور الفعاليات وابداء رأيها.
ودرست في كلية التجارة قسم المحاسبة جامعة عين شمس ما أهلها لمساعدة السيسي في طرح مشاريع ضخمة للتدليل على انجازاته.
فهل تسعي انتصار فعلا لتكون شجرة الدر ولكن تحكم من خلف ستار بتحريك زوجها وأبنائها في المخابرات واجهزة الرقابة للتحكم في مصر ضمن حكم عائلي؟
يجند ويورث أولاده لدعم بقائه في السلطة
قبل هذا وعقب موافقة برلمان السيسي 2019 على صياغات التعديلات الدستورية الجديدة التي توسع من سلطات عبد الفتاح السيسي، والجيش، وتمديد حكمه حتى 2030 على الأقل، كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية عن أن السيسي وظف أبناءه الثلاثة بمناصب عسكرية ومدنية مرموقة لمساعدته في البقاء بمنصبه حتى 2030، في الوقت الذي يواصل فيه تعزيز قبضته على السلطة.
أيضا قالت صحيفة "ايسبريسو" الايطالية أن السيسي لا يستفيد فقط من تعيين ابنائه في مناصب مهمة بالأجهزة السيادية لدعم بقائه في الحكم مدي الحياة، بل ويسعي لتوريث الحكم لهم على غرار تجربة آل كيندي في امريكا، مع فارق اللعب في التشريعات في مصر وغياب أي انتخابات حرة.
وخلال حديثه عن أسرته ومناصب أبنائه في 13 أبريل 2016، ادعى السيسي أنه لا يحب الواسطة، وقال: "لا أحب الواسطة والمحسوبية"، زاعما أن نجله "حسن" تقدم للعمل مرتين بوزارة الخارجية مرة عندما كان السيسي مديرا للمخابرات العسكرية، والثانية وهو وزير الدفاع خلال عهد الرئيس مرسي.
ولكن السيسي لم يذكر أنه عوض نجله بتشغيله في شركة بترول كبري (عكس ما فعلوا مع نجل الرئيس مرسي) ثم عوضه أكثر حين نقله مع نجله الثاني (محمود) الي جهاز المخابرات العامة في ادارة الاتصالات وهي ادارة حساسة بغرض سيطرة النجلين على الجهاز تماما، وتوريثهم مناصب سيادية تتيح لهم التحكم في مسارات البلاد، وحماية نظام السيسي نفسه.
ويقول "ريتشارد سبنسر" مراسل "التايمز" في الشرق الأوسط في تقرير نشره 15 أبريل 2019، أن "أبناء عبد الفتاح السيسي يشاركون بقوة في إدارته للبلاد خلال الفترة التي يسعى فيها إلى تمرير تعديلات دستورية تشدد قبضته على السلطة حتى العام 2030".
وأنه: "إذا كانت ثورة يناير في مصر استهدفت منع حسني مبارك من توريث الحكم لابنه جمال، إلا أن محمود السيسي وهو برتبة عميد في جهاز الاستخبارات أشرف على لجنة غير حكومية مهمتها مراقبة عملية تمرير التعديلات الدستورية"، وأن "الابن الأوسط للسيسي، مصطفى، يعمل في وظيفة عليا في جهاز الرقابة الإدارية الذي يضطلع بدور أكبر في عهد السيسي ضمن محاولته تكريس سلطته الشخصية وسلطة الجيش على الجهاز الإداري في مصر".
وفي تقرير سابق نشرته صحيفة "ايسبريسو" الايطالية 7 يوليه 2016، قالت إن السيسي يسعي لتوريث السلطة لأبنائه على غرار عائلة كينيدي لكن "ديكتاتوريا" لا "ديمقراطيا".
وكان التقرير يستعرض قائمة بأسماء المسئولين المتهمين المصريين الذين تتهم إيطاليا في قضية قتل الطالب ريجينى، ولكنه تناول ايضا قصة توريث الحكم في مصر وأورد تفاصيل مهمة عن سعي السيسي لما أسماه "غرز أولاده" في المناصب الأكثر حساسية كي تصبح عائلة السيسي مثل عائلة كينيدي، لكن دكتاتوريا.
وتقول الصحيفة الايطالية إن الواقع أكثر تعقيدا، وإن وظائف أسرة السيسي نتاج تحالفات شخصية، صداقات طويلة الأمد وتعيينات خاصة، والقضية الأكثر لفتا تتعلق بنجله محمود، الذي سيرث سلطة الأب"، مؤكدة أن "الطريق الذي سلكه حتى الآن لا يدع مجالا للشك في قفزه لهذا المنصب".
وأشارت إلى أنها "فقط مسألة وقت قبل أن يصل محمود السيسي إلى أعلى منصب في سلسلة القيادة في جهاز المخابرات العامة، فقد كان الأب (السيسي) في الماضي مدير المخابرات العسكرية، ثم وزيرا للدفاع ثم رئيسا عقب انقلابه علي الرئيس محمد مرسي، مشيره لضلوع نجل السيسي في قتل ريجيني.
وتقول الصحيفة الايطالية إن الابن الثاني للسيسي، مصطفى، الذي يعمل بهيئة الرقابة الإدارية، لا يقل عن أخيه خريج الأكاديمية العسكرية، وكلاهما، بحسب المصادر، يحضران اجتماعات السيسي في الرئاسة، ولهما دور في القرارات التي يتم اتخاذها".
ودور "محمود" يختص فيما يتعلق بالأمن القومي، وبالقضايا الأكثر حساسية، أما "مصطفى" فدوره يتعلق أكثر بالإدارة المالية، أما الابن الثالث، حسن، الذي لم يتمكن من الالتحاق بالخارجية بحسب زعم السيسي فكان مهندس في شركة نفط، والآن في المخابرات.
وتؤكد الصحيفة أن السيسي ركز السلطة في دائرة صغيرة تتكون أساسا من الأسرة والمقربين بالعلاقات العائلية؛ كي يمكنه السيطرة المطلقة على أجهزة الاستخبارات العامة والعسكرية، وأنه يسعي من وراء ذلك لدرء وتلافي احتمالات قيام انقلاب ضده، وتفادي تكرار ما جرى للرئيس مرسي على يد السيسي.
رجال السيسي
ويسرد التقرير الإيطالي تفاصيل حول المسئولين العسكريين المحيطين بالسيسي ويسعي من خلالهم للسيطرة على الحياة السياسية في مصر، مؤكدة أنه "ليس هناك قرار بشأن مصر لا يمر من مكاتبهم، فهم رجال السيسي والأصدقاء المقربين والجنرالات الأكثر ثقة، وكلهم أفراد من القوات المسلحة".
وتشير إلى أن العديد منهم من المخابرات أو الأمن الوطني، وهم الآن في أعلى قيادة الدولة، والسيسي لا يخطو خطوة دون التشاور معهم، وأبرزهم:
اللواء عباس كامل: ويطلق عليه لقب "خازن أسرار السيسي"، وحتى عام 2013كان وجوده مجهولا، والمعلومات المتوفرة عنه هي في الغالب من التسريبات من مكتبه، ولكن دوه بررز بعد إطاحة الجيش بالرئيس مرسي، وتوليه إدارة المخابرات العامة المصرية.
وقالت إنه الساعد الأيمن للسيسي منذ أن كان هذا الأخير مديرا للمخابرات العسكرية، وهو يعتبر الآن الرجل الثاني في الدولة، والصديق والمستشار المقرب من السيسي ويرافقه في الزيارات الرسمية إلى الخارج.
وكان الظهور الأول لاسم اللواء عباس كامل في أقدم تسريبات السيسي أثناء حديثه مع الصحفي ياسر رزق، حين أجاب سؤالا عن عدد قتلى فض رابعة فأجاب السيسي «اسألوا عباس»، وظهر اسم عباس كامل أيضا في رسائل نشرها موقع "ريجينيليكس" الإيطالي تتهمه بأنه لعب دورا مهما في تعذيب وقتل الشاب الإيطالي "ريجيني".
مدير المخابرات الحربية: الجناح المسلح الآخر للسيسي هو مدير المخابرات العسكرية، الذي كان اللواء محمد فرج شحات يتولاه قبل أن يتخلص منه السيسي ويأتي باللواء خالد مجاور ضمن سعيه لتدوير المناصب؛ لعدم السماح لأحد من العسكريين بتشكيل مركز قوة ضده لاحقا.
محمود شعراوي وزير الداخلية: وهو اسم آخر في قائمة الذين يستعين بهم السيسي والذين اشتهروا بالتعذيب وسوء المعاملة، وقد عٌين المدير العام للأمن الوطني في ديسمبر 2016 ثم رقاه السيسي وزيرا للداخلية برغم اتهام الصحف الإيطالية له بأنه أحد المسئولين عن قتل ريجيني.
وزادت حالات الاختفاء القسري والتعذيب بشكل كبير بعد تعيين اللواء شعراوي في أمن الدولة ثم الداخلية.
وزير الدفاع: وهو منصب يحرص السيسي أيضا على تدويره بين رجاله لبقاء الأكثر ولاء له، وكان يشغله الفريق أول صدقي صبحي، ثم استغني عنه السيسي وأعطي المنصب لأحد الموالين له، ومن قام باعتقال وسجن الرئيس مرسي ولعب دورا كبيرا في الانقلاب، وهو وزير الدفاع الحالي الفريق أول محمد أحمد زكي.
السيسي يوسع دور نجله محمود بالمخابرات
في 3 فبراير 2022م، أكد موقع انتليجانس أون لاين «Intelligence Online» الفرنسي أن عبد الفتاح السيسي أوكل الملف الإسرائيلي بالمخابرات العامة إلى نجله الأكبر محمود، مؤكدة زيارته لتل أبيب ولقاءه بمسؤولين أمنيين اسرائيليين
وكشف الموقع المعني بالشؤون الاستخباراتية عن توسع دور محمود نجل عبد الفتاح السيسي في المخابرات، في مؤشر على الخطط الكبرى التي يضعها السيسي لنجله الأربعيني، والذي يبدو أنه من المقرر له أن يلعب دورًا رئيسيًا في النظام الأمني الذي تأسس منذ عام 2013 بعد الانقلاب الذي قاده السيسي.
قال الموقع إن مدير المخابرات العامة عباس كامل كان قد أراد تكليف محمود بإدارة الملف الإيراني في المخابرات، لكن والده اعطاه ملف إسرائيل في وقت يتهمه فيه المصريون السيسي أنه عميل اسرائيلي وينفذ ما يخدم اسرائيل في مصر وفلسطين والعالم.
مخطط التوريث يعود
وكان لافتا أن الدكتور يحيى القزاز كتب 22 يناير 2022، بعد خروجه من السجن يسأل: هل يفلح محمود السيسى فيما فشل فيه جمال مبارك؟ وهل يطلُ مخطط التوريث برأسه مرة أخرى؟!
قال إن البدايات متشابهة للواء محمود عبد الفتاح السيسي وجمال مبارك، الفارق أن محمود السيسي توجه للخارج مباشرة وجمال مبارك توجه للداخل والتاريخ يكرر نفسه.
انتقد ضمنا "ولوج اللواء محمود عبد الفتاح السيسى من ثقب الباب خلسة لصدارة المسرح السياسى وتوليه أو الاستيلاء على الملف الأمنى مع العدو الإسرائيلى لمصر".
قال: في النظام الجمهوري ظهور ابناء الرؤساء بخطى واسعة بالنظر لأحجامهم نذير شؤم على آبائهم وعلى استقرار دولهم، فابن الرئيس ليس بوريث ولا ولى عهد الرئيس يقوم بمهام نيابة عنه كما في النظام الملكي.
قال: لماذا لم يتعلم الحكام العرب الدرس ممن سبقوهم مباشرة ويصرون على تكرار نفس الخطايا وأكثر؟! هل هو غرور فرعون أم غباء وجهل هتلر؟! هل يستعين محمود السيسي بإسرائيل كما يستعين بها أمراء الخليج لتثبيت نفوذ أسرهم وتوريثهم الحكم؟
إسرائيل والإخوان
بعد الكشف عن تولي محمود السيسي ملف إسرائيل في المخابرات، وعلى غير المعتاد في مثل هذه الزيارات ذات الطابع السري، خصوصا لمسئولي المخابرات، سرب الصحفي والباحث الاسرائيلي إيدي كوهين نبأ وصول "محمود" نجل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي لإسرائيل 16 يناير 2022.
مجرد تسريب نبأ الزيارة من الجانب الإسرائيلي له دلالات، ربما منها استهداف إسرائيل إثبات دعمها للأنظمة العربية علنا، خصوصا السيسي، والذي وصفه المحلل الاسرائيلي تسفي برائيل في صحيفة هآرتس عقب الانقلاب بأنه "شقيق لإسرائيل"!.
أو إرسال رسالة لقادة الجيش المصري المناوئين المحتملين للسيسي، بأن تل أبيب، التي تعتبر نفسها وكيلة البيت الأبيض الأمريكي في المنطقة تقف ورائه، في ضوء أنباء عن أزمة داخلية مشتعلة بين السيسي وقيادات عسكرية وأجنحة داخل الدولة؟
كان ملفتا أن الصحفي مهدي مجيد "عضو المنظمة الصهيونية"، والذي يفتخر أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بصداقته له، كتب على حسابه على تويتر نقلا عن "مصدر من وزارة الخارجية الإسرائيلية" أن هدف زيارة نجل السيسي هو مطالبة المخابرات الإسرائيلية بالمساعدة في اعتقال قيادات الاخوان وناشطيهم في أوربا وأمريكا، بعد عودة تزايد شعبيتهم في مصر.
وتزامنت زيارة محمود لإسرائيل مع أحاديث متداولة في مصر عن أزمة داخلية مشتعلة مع قيادات عسكرية وأجنحة داخل الدولة، دفعت السيسي الشهور الماضية، لإجراء عدة تغييرات بين قيادات الجيش، واصدار قانون يقلص بقاءهم في مناصبهم من أربعة أعوام لعامين فقط.
ومن ثم، احتمال أن يكون هدف الزيارة الحصول على دعم إقليمي في مواجهة خصوم السيسي أو مناوئيه الداخليين.
وهو ما يطرح تساؤل: هل صارت إسرائيل هي الصديق والحليف وكعبة الحكام والساعين للحكم في العالم العربي، ومركز القوة الاقليمي الذي يدير سياسات المنطقة العربية بعدما كانت هي "العدو"؟.
وسبق أن اعترف السيسي عدة مرات بالتعاون مع إسرائيل في سيناء، والسماح لها بضرب أهداف "إرهابية" هناك، ما يتعارض مع سيادة مصر.
واعترف في برنامج 60 دقيقة 60Minutes على قناة CBS الأمريكية 6 يناير 2019 بسماحه لإسرائيل بقصف سيناء وقتل مدنيين وخرق السيادة المصرية.
كما كشف معمل "سيزين لاب" الكندي شراء مصر برمجيات تجسس من إسرائيل للتجسس على معارضي النظام.
وهل أصبحت تل أبيب هي عاصمة للدول العربية أو مصدر سياسات المنطقة؟!
وتبدو الزيارة كأن لها علاقة بملف التوريث الذي شغل مصر قبل ثورة يناير وتسبب في خلع الرئيس السابق حسني مبارك، لكنه توريث "عسكري" هذه المرة.
الزيارة أشبه باستعدادات توريث الرئيس السابق مبارك لنجله "جمال" عبر إرساله في عدة زيارات لأمريكا ودول أخري قبل ثورة يناير بغية صقله لخلافته، وسبق أن أرسل السيسي "محمود" لأمريكا مع مدير المخابرات السابق خالد فوزي عام 2018.
الزيارة إذن تبدو كمحاولة لإسناد ملفات إقليمية ودولية، خصوصا العلاقات مع إسرائيل، لنجل السيسي علي غرار ما كان يفعل رئيس المخابرات الراحل عمر سليمان.
وقد أشار تقرير سابق لموقع "أفريقيا ريبورت"، 19 ديسمبر 2020، أن محمود السيسي مثل أبيه و"مقطوع من نفس قماش والده" ويسعي السيسي لإعداده لتولي مقاليد الأمور.
نوه إلى أن أبيه أرسله من قبل مع رئيس المخابرات السابق خالد فوزي لواشنطن للقاء إدارة الرئيس السابق أوباما، ووقتها حذرت صحيفة نيويورك تايمز يناير 2018 من أن "محمود" قد يلعب دورًا مهمًا مستقبلا.
وأشار "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" أن تعيين السيسي نجله محمود بمنصب كبير في المخابرات جعله "الرجل القوي" في الجهاز الذي يشارك في الدائرة الحاكمة الضيقة الحاكمة بين أوثق مقربي السيسي.
إمبراطورية أبناء السيسي
تتمثل إمبراطورية أبناء السيسي، في جناحين: (أولهما) في جهاز المخابرات العامة الذي سعي السيسي للسيطرة عليه وأقال عشرات اللواءات منه لإفساح الطريق لنجله ومدير مكتبه عباس كامل للسيطرة عليه، ويسيطر عليه عمليا "الرائد محمود السيسي" الذي ورثه السيسي العمل بالمخابرات العامة، حيث كان يعمل بالمخابرات الحربية، وانتقل للعمل بالمخابرات العامة في عهد مدير الجهاز الأسبق محمد فريد التهامي، أستاذ السيسي، الذي عينه السيسي إثر الانقلاب العسكري في 2013.
وبسبب أهمية قطاع "الأمن القومي" في جهاز المخابرات العامة، عيّن السيسي نجله "محمود" في هذا القطاع الذي يتولى مهمة قطاع الأمن الداخلي، ويجري تعيين لواء منه علي رأس كل عدة محافظات، وداخل الوزارات لضمان السيطرة التامة على الأمن لصالح السلطة، وتسربت أنباء عن دوره في عقد لقاءات في الجهاز مع مسئولين للترتيب للتعديلات الدستورية قبل إعلانها رسميا.
أما (الجناح الثاني) لإمبراطورية أبناء السيسي فيقبع في (جهاز الرقابة الإدارية) التي يلمع فيه إعلاميا المقدم مصطفى، نجل السيسي الأوسط وخريج الأكاديمية العسكرية، والذي يجري تلميع الجهاز من أجله، عبر بيانات إعلامية متلاحقة، من الشئون المعنوية، عن ضرباته الأمنية لبؤر الفساد في الجهاز الحكومي، لتصبح الرقابة الإدارية الجهاز الرقابي الأول في البلاد متخطية باقي الأجهزة الرقابية، خاصة جهاز المحاسبات الذي بزغ نجمه في عهد رئيسه السابق هشام جنينة فتم تلفيق اتهامات له وسجنه.
ويقول "ريتشارد سبنسر" مراسل "التايمز" في الشرق الأوسط، في تقرير نشره 15 أبريل 2019، أن "أبناء عبد الفتاح السيسي يشاركون بقوة في إدارته للبلاد خلال الفترة التي يسعى فيها إلى تمرير تعديلات دستورية تشدد قبضته على السلطة حتى العام 2030".
وأنه: "إذا كانت ثورة يناير في مصر استهدفت منع حسني مبارك من توريث الحكم لابنه جمال، إلا أن محمود السيسي وهو برتبة عميد في جهاز الاستخبارات أشرف على لجنة غير حكومية مهمتها مراقبة عملية تمرير التعديلات الدستورية"، وأن "الابن الأوسط للسيسي، مصطفى، الذي عمل في وظيفة عليا في جهاز الرقابة الإدارية الذي يضطلع بدور أكبر في عهد السيسي ضمن محاولته تكريس سلطته الشخصية وسلطة الجيش على الجهاز الإداري في مصر".
ويضيف سبنسر أن "حسن، الابن الثالث للسيسي، يعمل مهندسا في إحدى شركات البترول، وأنه التحق مؤخرا بالخدمة في جهاز الاستخبارات، وأنه رغم زعم الحكومة أن التعديلات الدستورية اقترحها أعضاء في البرلمان وليس ثمة رابط بين السيسي أو أي من أولاده، إلا أن الترقيات التي تحصّل عليها أولاد السيسي جعلت هناك نوعا من عدم الارتياح حتى بين أنصار السيسي".
ويقول سبنسر: "إن العديد من المنتقدين توقعوا أن السيسي سيسعى لإجراء تعديلات دستورية عقب سيطرته على السلطة بانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي عام 2013م.
ويشير سبنسر إلى أن "بعض أعضاء البرلمان المصري وقطاع من المجتمع المدني يرفضون هذه التعديلات، ويعتبرون أنها ستكون المسمار الأخير في نعش ثورة الخامس والعشرين من يناير التي استهدفت إنهاء الحكم شبه المستمر للجيش"، مضيفا أن "السيسي بحلول العام 2030 سيبلغ من العمر 76 عاما".
ونسبت "التايمز" إلى رئيس تحرير صحيفة سابق، طلب عدم الكشف عن اسمه، القول إن السيسي جاء إلى السلطة ليبقى في السلطة "لستُ متفاجئا".
*****
المصادر:
- لقاء مع القائد العام لمصر: زوجة السيسي انتصار، موقع جافاج، 27 يوليو 2022، https://bit.ly/3AtbRPG
- الجيش المصري يتعاون مع السيسي ، القوى العالمية التي تعين ابن مبارك من أجل النجاح، موقع جافاج، 17 يناير 2022، https://bit.ly/3QrTGPT
- صحيفة لاسيبريسو الإيطالية، 7 يوليو 2016، https://bit.ly/3A7ITDB
- الصحفي الإسرائيلي أيدي كوهين على تويتر، https://bit.ly/3Axdvjo
- صحيفة "هآرتس" على تويتر https://bit.ly/3QXy7qp
- محمد الكتبي على تويتر https://bit.ly/3Cw7Jjt