"قافلة الصمود" تفضح النظام المصري: الإعلام الشعبي يقلب الطاولة على أبواق التطبيع
السبت - 14 يونيو 2025
تقرير- حنان عطية:
ما إن طُويت صفحة سفينة الحرية "مادلين"، بسيطرة الاحتلال الصهيوني على السفينة واعتقال نشطائها، إلا وبدأ الإعلان عن قافلة الصمود التي انطلقت من دول المغرب العربي في 7 من يونيو 2025م؛ لتبدأ رحلتها البرية من الجزائر مرورًا بتونس وليبيا، مستهدفة أن تكون مصر وتحديدًا سيناء، حيث معبر رفح، المقصد الذي تسعى للعبور منه إلى الشعب الفلسطيني في غزة، وذلك وسط حالة من شغف واهتمام الملايين من الشعوب العربية التي تبحث عن أي منفذ تستطيع أن تساعد من خلاله غزة وأهلها.
المشاركون في القافلة يعلمون تمامًا أن الطريق إلى غزة ليس مفروشًا بالورود، فهو طريق عبدته خيانات وتواطؤ من دول عربية وأجنبية، إلا أن التفاؤل الشعبي بالقافلة وحماس النشطاء المشاركين كان كفيلًا بتوصيل رسائل للحكومات العربية المتواطئة مع العدوان الصهيوني بأننا "لن نترككم تمرّون بفعلتكم في المشاركة في حصار وقتل وتجويع غزة دون أن نعكّر صفوكم ونحاصركم ونكشف مواقفكم على حقيقتها أمام شعوبكم وأمام العالم"!
وفي حين يُقابَل نشطاء "مادلين" في العالم الغربي بالترحاب لدى عودتهم لبلادهم، إلا أن السلطة في مصر استقبلت أخبار انطلاق قافلة الصمود بالقلق والتوتر، فلجأت إلى أذرعها الإعلامية لتطلق ألسنتهم بالتهديد والوعيد والتشكيك في القافلة وأهدافها وأشخاصها، ونرصد هنا عددًا مما جاء على لسان هذه الأذرع:
- خرج أحمد موسى، وهو أحد كبار كهنة المعبد الإعلامي لسلطة الانقلاب، متهمًا القافلة بأنها تهدف إلى "إحراج مصر" و"إيقاعها" في مشاكل مع الدول المجاورة.
- المخرج خالد يوسف أعلن تأييده قرار منع نشطاء قافلة الصمود من دخول مصر، وقال: "رغم إبلاغهم برفض السلطات المصرية، هل هو الإخلاص والحماس في السعي بوازع وطني وإنساني أم لإحراج مصر أم لأهداف أخرى؟"
- وخرج لسان آخر يقول: "مصر مش سويقة، وكل قرد يلزم شجرته، واللي عايز يعمل حاجة يرجع لحكومته".
- الإعلامي مصطفى بكري حذّر القافلة من أن "الوضع لا يحتمل تصعيدًا على المعبر، لأن الاحتلال يبحث عن أي ذريعة لتهجير الفلسطينيين إلى مصر"، وأن "وضعًا كهذا يمكن أن يفجّر الوضع على المعبر وعلى الحدود."
- آخرون ضمن نطاق قوات ألسنة الانقلاب الإعلامية سخروا من القافلة، وطلبوا من أعضاء القافلة أن يأتوا بجيوشهم التي لم تقدم شيئًا للقضية الفلسطينية منذ بداياتها.
- إلا أن الأبرز في هذا الاتجاه لم يأتِ فقط من إعلام السلطة والتطبيع، ولكنه جاء على لسان إعلام الاحتلال الذي احتفى بدور إعلام السلطة في مصر ولجانها، وكان أبرزها ما جاء على لسان إيدى كوهين، حيث قال: "لقد رفعوا عنا الإحراج الدولي"!
إعلام الشعوب يتصدى
وفي مقابل إعلام الانقلاب، الذي اتجه ناحية التطبيع وتمرير جرائم الاحتلال، والمشاركة في حصار شعب قوامه أكثر من 2 مليون نسمة، منع عنه الطعام والشراب والدواء، وجه الإعلام الشعبي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انتقادًا شعبيًا عربيًا قويًا، نطرح منه عددًا من المشاهد:
- دعا مفتي ليبيا الشعوب العربية والعالمية بإخراج القوافل البرية والبحرية من كل حدب وصوب لتشكيل طوفان عالمي هدفه إسقاط الحصار اللعين الذي يحيطون به غزة الصمود.
- تقول إحدى الناشطات على "فيسبوك": "يا مصر أنتِ الشقيقة الكبرى، أحذرك أن تفعلي بهم نفس ما فعل الكيان الصهيوني المحتل في نشطاء مادلين، فأنتِ لستِ دلّوعة النظام العالمي الاستعماري مثل الصهاينة، وفكّري كويس قبل أي خطوة، ودي فرصة ترمّمي وتنظّفي سمعتك بتهمة المشاركة في حصار غزة".
- قافلة الصمود.. نداء غزة، الحصار يُخنق الأبرياء، والأطفال يُقتلون تحت أنقاض بيوتهم... غزة تنادينا.. والضمير الحي لا يسكت.
غزة.. ليست وحدها... كل موقف صامت هو خيانة، وكل يد تمتد بالدعم هي شمعة تُضيء في ظلمة الحصار. قافلة الصمود ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، لأن الأحرار لن يتركوا شعبنا يواجه الموت جوعًا أو قصفًا. الموت يُنازلهم كل يوم، أما نحن فلدينا خيار المقاومة بالكلمة، بالدعاء، بالدعم، بالمقاطعة.
- زبانية السيسي يرحّلون الجزائريين الذين عزموا على المشاركة في قافلة الصمود جوًا بعدما احتجزوهم يومًا كاملًا، شكرًا لكم يا أبطال على جهادكم. القافلة البرية ستكون اختبارًا للشعب المصري الشقيق وستفضح نظامه.
- هذه المبادرات، رغم فشلها في إنهاء الحصار، كشفت زيف الادعاءات الدولية حول حقوق الإنسان، وأثبتت أن كسر الحصار يحتاج إلى ضغط شعبي متواصل وتضامن دولي حقيقي يتجاوز الشعارات.
- انتشار الشعار الذي رفعه نشطاء القافلة أثناء مغادرتهم مطار القاهرة: "يا للعار يا للعار باعوا غزة بالدولار".
- منع القافلة جاء بعد ساعات من تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن الحكومة المصرية ستمنع وصول المتظاهرين إلى الحدود. النظام المصري يرحّل نشطاء قافلة الصمود.
- نظام السيسي يمنع دخول المشاركين في قافلة الصمود الذين جاؤوا من عدة دول وكانوا في طريقهم إلى حدود غزة لكسر الحصار عنها، حيث قام النظام بترحيلهم قسرًا من مطار القاهرة.
- قافلة الصمود عرّت النظام المصري، وأظهرت مدى تورطه في الحصار، وأحرجت كل من ما زال يبرر الجريمة بالصمت أو الادعاء بالعجز. كما كشفت الخذلان الشعبي في مصر، حيث سُحقت الروح القومية تحت أقدام الخوف والتطبيع.ز
- أن تصنع رأيًا عامًا صلبًا، واعيًا، ضاغطًا، يعني أن تُربك حسابات العدو، وتُحرج أنظمته الداعمة في الغرب والشرق على حد سواء.
- هذه المعركة ليست ثانوية، بل هي عمق استراتيجي لكل مقاومة، ولكل رصاصة تُطلق من غزة، ولكل يد تبني وسط الركام.
- نعم، هناك جبهة أخرى غير جبهة النار، جبهة الكلمة والموقف، جبهة الضغط الشعبي والإعلامي، وهي، لمن يفقه السياسة، أكثر تأثيرًا مما يظن البعض.
- انتشار عبارات في منصات التواصل الاجتماعي مثل: "فليكن تحرك قافلة الصمود مجرد بداية"، و"ليتحول التضامن إلى انتفاضة عالمية لا تتوقف إلا بكسر الحصار، وإنهاء الاحتلال"... "فلسطين لن تتحرر بالتمني بل بفعل الأحرار"... "كونوا حيث يجب أن تكونوا".
تاريخ ممتد لكسر الحصار
وبقراءة لتاريخ الدعم الشعبي لقطاع غزة، والذي بدأ حصاره منذ عام 2007، شهدت القضية الفلسطينية عشرات المبادرات الشعبية والدولية التي حاولت كسر هذا الحصار، سواء عبر المعابر البرية أو البحرية. بدءًا من قوافل الإغاثة التي حشدت ناشطين من حول العالم، وصولًا إلى السفن التي تعرّضت للقرصنة والقتل في المياه الدولية، مثل أسطول الحرية وسفينة مادلين. ومن أبرز هذه المحاولات:
القوافل البرية:
- قافلة "فكوا الحصار" (2008): وتعد أولى المحاولات المنظمة، وضمّت ناشطين أوروبيين ومصريين، لكن السلطات المصرية حينها منعت وصولها إلى المعبر.
- قافلة "غزة الحرة" (2009): وشارك فيها سياسيون ونشطاء من 42 دولة، ونجحت في دخول غزة عبر رفح بعد ضغوط دولية، لكن أعيد فرض الحصار لاحقاً.
- مسيرات العودة الكبرى (2018-2019): وكانت عبارة عن احتجاجات سلمية عند السياج الفاصل شرق غزة، ولكن تم قمعها بعنف من قبل الجيش الصهيوني، وراح ضحيتها حينها أكثر من 200 شهيد.
- ثم كانت القافلة المغاربية الأخيرة التي انطلقت في 7 يونيو2025 لتكون آخر المحاولات لكسر أكبر وأخطر حصار عن القطاع منذ بدايته.
المبادرات البحرية:
- أسطول الحرية (2010): ويعدد من أشهر المحاولات، حيث هاجمت القوات الصهيونية سفينة "مافي مرمرة" في المياه الدولية، وقتلت 10 ناشطين أتراك و أدّت الحادثة إلى أزمة دبلوماسية بين تركيا والكيان الصهيوني.
- سفينة "مادلين" (2025): وهي محاولة جديدة لكسر الحصار بحراً، أوقفتها السلطات الصهيونية واحتجزت طاقمها قبل أن تطلق سراحهم.
إن قافلة الصمود، رغم كل العوائق والمنع والترحيل والتشويه الإعلامي، أثبتت أن الشعوب لا تموت، وأن جذوة الضمير حين تشتعل لا تُطفأ بقرارات أمنية ولا بيانات تحريضية.
لقد كشفت القافلة زيف الخطابات الرسمية، وأكدت أن غزة ليست وحدها، وأن الحصار ليس قدراً، بل جريمة يتواطأ فيها الصامتون، وما بدأته هذه القافلة، قد يكون شرارة لقوافل لا تتوقف، حتى تسقط الخيانة.. ويُكسر الحصار.