كيف تقف إيران وحزب الله و(إسرائيل) وراء "تفجير" الأزمات في لبنان؟

الثلاثاء - 2 نوفمبر 2021

كشفت أزمة لبنان الأخيرة مع دول الخليج، بسبب تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي ما هو مخبوء تحت السطح من تحكم إيران وحزب الله في القرار اللبناني، وإصرار عرب الخليج على تقليص هذا النفوذ الإيراني، لكن (إسرائيل) لم تكن- على أي حال- بعيدة عن المشهد.

وجاءت تصريحات جورج قرداحي، التي قالها قبل أن يكون وزيرا، ليتخذها قادة الخليج سببا للضغط على لبنان في اتجاه ما يريدون لكن أنى لساسة لبنان وحكوماتها اتخاذ خطوات ترضي الجانب الخليجي وقد "وقع الفأس في الرأس" وأصبح نفوذ إيران وحزب الله أقوى من أن تلغيه أو تهذبه ضغوط خليجية على نظام سياسي هش!

في أعقاب تفجير مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس 2020م، ألقى تقرير نشره موقع "مبتدأ" المخابراتي المصري ضوءا على النفوذ الإيراني في لبنان، إذ كشف عن أن التفجير الذي حدث نتيجة تخزين مادة نترات  الأمونيوم بطريقة غير آمنة، كان لعلة أن هذه المادة تم استيرادها خصيصا لتصنيع صواريخ داخل لبنان لصالح حزب الله، بخبرات إيرانية، لصعوبة نقل صواريخ بشكل مباشر الى الداخل اللبناني.

التقرير الذي كتبته د سميه عسل، يوم 6 أغسطس 2020، تحت عنوان " إسرائيل وحزب الله وتفجير لبنان"، جاء فيه نصا: " المخطط بدأ عندما اضطرت إيران بسبب صعوبة ومخاطر نقل الصواريخ إلى حزب الله، فى جنوب لبنان، للعمل على استبدال نقل الصواريخ  بتصنيعها داخل لبنان بمعونة وخبرات إيرانية."

أضاف: " أهم خطوة فى هذا الاتجاه نقل نترات الأمونيوم، المادة الأساسية فى صناعة الصواريخ، وأهم دولة تنتجها هى جورجيا. وبالفعل، تم شراء الشحنة، 2750 طنًا، ونقلت بواسطة سفينة اسمها Rhodes، على أساس أنها متوجهة إلى موزمبيق، وبقى حتى الآن اسم المشترى من جورجيا، واسم المرسل إليه فى موزمبيق سرًا حتى الآن.

تابع التقرير: وصلت السفينة إلى بيروت، وادعت وجود عطل فيها فتوقفت، ثم تم افتعال إشكال قضائى متفق عليه بين دائنين ادعيا الخلاف أمام قاضى الأمور المستعجلة لاتخاذ قرار بوقف سفر السفينة.

القاضى هو كلمة السر فى القضية، ومهمته إقرار نقل البضاعة إلى المرفأ بحجة أن وجودها لمدة المحاكمة تشكل خطرًا على السفينة، ما يرجح أن هذا القاضى إما من جماعة حزب الله أو أنه تلقى رشوة.

يبرز ذلك فى قرارات القاضى، فبدلًا من أن يسفر السفينة إلى موزمبيق، سمح للطاقم بمغادرة السفينة، ثم فى مرحلة لاحقة سمح للسفينة بالسفر بعد تسوية مفتعلة للخلاف، وبحجة أن العطل قد تم إصلاحه.. حينها قرر  القاضى نقل الأمونيوم إلى مستودعات فى المرفأ رقمه 429 بتاريخ 27-4-2014 والموجه إلى مدير المرفأ.

تم النقل إلى مستودعات خاصة بحزب الله يخزن فيها الأسلحة والكيماويات والمتفجرات، وكان فيها كميات بسيطة من الأمونيوم سابقًا، فأودعت الشحنة الكبيرة فى مستودع "العنبر 12".

جميع هذه المستودعات تحت سيطرة حزب الله، وتقع تحت حمايته ولا يقربها لا جمارك، ولا أمن دولة، ولا أمن عام، ولا جيش، وتدخل المواد إليها وتخرج بأمرة حسن نصر الله عبر بوابة خاصة تدعى "بوابة فاطمة"، وهى بوابة معروفة لا تخضع لإدارة ميناء بيروت المدنى، وهى شبيهة بالمعابر الخاصة بحزب الله على الحدود مع سورية.

مدير المرفأ، بدر ضاهر، أرسل إلى قاضى الأمور المستعجلة محتجًا على  نقل المواد وبقاءها، منوهًا بخطرها فى عدة كتب بتاريخ: 5-12-2014، و20-6-2015، و13-10-2016، و19-7-2017، و28-12-2017، وطلب إما تسليمها للجيش أو بيعها لشركة خاصة تبيعها للخارج، ولكن القاضى لم يرد.

هذه المستودعات التى تحتوى أسلحة إيرانية، ومن أسواق التهريب تستعمل لتغذية عناصر حزب الله العاملة فى أى مكان على الشكل التالى، فجزء من نترات الأمونيوم تم إرساله إلى معامل صناعة الصواريخ المتعددة فى لبنان، وقسم تم إرساله إلى أذرع إيران فى اليمن والعراق وسورية وغيرها.

وجزء تم استخدامه خلال مقتل الحريرى بكمية 2.5 طن عام 2005، كما أن نترات الأمونيوم استخدمت فى الكويت عام 2015 عبر خلية العبدلى بكمية 500 كيلوجرام وتم اكتشافها، كمية أخرى أرسلت إلى قبرص عام 2012 بحجم 8.2 طن وتم اكتشافها أيضًا، وكمية نترات أمونيوم أرسلت إلى بريطانيا عام 2015 بحجم 3 أطنان وتم اكتشافها هى الأخرى، وجزء أرسل إلى بوليفيا عام 2017 بكمية 2.5 طن وكشفت.. وأخيرًا إلى ألمانيا عام 2020 واكتشف دخولها فى مايو الماضى.

كل ذلك يدل على وجود نترات الأمونيوم فى مستودعات حزب الله وداخل الجزء التابع لهم من ميناء بيروت قبل وبعد الشحنة الكبرى.

أضاف التقرير: إسرائيل على علم بوجود مستودعات لحزب الله وتراقب وصول الأسلحة وتخزينها  بالقمر الصناعى الدائم فوق لبنان.. فخلال فترة السلام الواقعى المبرم مع حزب الله لم تتعرض المستودعات لأى هجوم وحتى تغاضت إسرائيل عن دخول حزب الله إلى سوريا وحركته عبر المعابر الخاصة به.

ولكن، بعد القرار الأميركى بطرد إيران من سوريا استهدفت إسرائيل التجمعات المشتركة لقوات الحرس الإيرانى وحزب الله والنظام فى سوريا، ولم تتعرض لحزب الله فى لبنان احترامًا منها لاتفاق الحدود مع حزب الله.

عندما اكتشفت إسرائيل مخططًا إيرانيًا مع حزب الله للقيام بعمليات من لبنان، وبعد أن أرسل حزب الله مجموعة من 4 مقاتلين اخترقت الحدود بأمر من خلية حزب الله غرب القنيطرة، كان ذلك  بداية التحرك الإسرائيلى ضد أتباع نصر الله فى لبنان، فقامت إسرائيل بقتل عناصر الخلية بغارة عليها.

يذكر أنه قد وصلت سفينة إلى ميناء بيروت، وقد أفرغت شحنة من الأسلحة فى عنبر رقم 5، فقامت إسرائيل بالإغارة على العنبر ودمرته، مع أن العنبر  رقم 12 كان بعيدًا نسبيًا، إلا أن  نترات الأمونيوم انفجرت بسبب ماس كهربائى أو اشعال نار مقصود أو بسبب حرارة شديدة، لذلك فإن الانفجار الناجم عن الغارة نشر شظايا وحرارة شديدة تسببت فى انفجار مستودع نترات الأمونيوم.

أهم شهادة على هذا هو ما ورد من السيدة نائلة توينى حيث مكتبها فى جريدة النهار يطل على المرفأ، وقالت هى ومن معها من أسرة التحرير "سمعنا أزيز طائرات فخرجنا إلى الشرفة نستطلع وفجأة رأينا وسمعنا الانفجار الأول الذى نشر غيمة سوداء، فدخلنا إلى الداخل فكان الانفجار الهائل بعد أقل من دقيقة، ونشر غمامة صفراء أو برتقالية وانتشرت روائح مواد كيماوية".

فور الانفجار دفع حزب الله بعناصر من جيشه إلى مكان الانفجار ومنعوا أى مسؤول لبنانى أمنى أو عسكرى من الاقتراب من محيط العنبر 5 و12 وغيره، وكل من زار المكان كان على مسافة من قلب مكان الانفجار، وشوهدت شاحنات تنقل مواد وتعبر خارجة من معبر فاطمة التابع لحسن نصرالله.

هدف إسرائيل من هذه الإغارة هو إرسال رسالة قوية لحزب الله تحذره من خرق الاتفاق، ولم تتقصد العنبر 12 أو لم تتوقع انفجاره بفعل الحرارة، لذلك صمتت ولم تعلن مسؤوليتها بسبب الشهداء والدمار الهائل.

الحكومة اللبنانية أول ما ادعته أن الأمر لا يعدو انفجار مفرقعات ألعاب مخزنة، لذلك لا إسرائيل اعترفت ولا الحكومة اللبنانية ولا حزب الله  اتهم إسرائيل فى رسالة مضادة، يعنى أن حزب الله لا يريد الرد ولا اختراق اتفاق السلام بينهما.

وختمت سميه عسل التقرير بقولها: "وحده شعب لبنان دفع ثمن هذا الصراع على أرضه بسبب وجود جيش فارسى يملك قرار الحرب والسلام وسياسة الانبطاح أمام حزب الله،.. والسؤال الآن يطرح نفسه: هل تدمير ما عمره الحريرى بالأمس سيخرج الدولة الإيرانية من جنوب لبنان؟.