ماذا وراء إطاحة السيسي بقيادات جديدة من الجيش؟
الخميس - 30 يونيو 2022
- السيسي يجري حركة تنقلات كبيرة داخل الجيش بالتزامن مع تصاعد الأزمة المالية
- الإطاحة بـ7 قيادات وتعيين 3 لواءات جدد ضمن استراتيجية مستمرة منذ 2013
- تقنين استبعاد قيادات الجيش بقصر مدة بقائهم في مناصبهم على سنتين بدلا من أربع
- السيسي تخلص من 42 قيادة بين عامي 2013 و2019 في مقدمتهم شركاء الانقلاب
- إقالة أكثر من 1500 ضابط من مختلفة خلال السنوات السبع الإخيرة بتقارير مخابراتية
- محاكمات عسكرية لما يقرب من 200 ضابط بتهمة الانقلاب وسجنهم لفترات مختلفة
شهد شهريونيو 2022 مواصلة السيسي لسياسته الأقصائية لقيادات من الجيش المصري، حيث كشفت مصادر عسكرية مصرية تفاصيل حركة التغييرات والتنقلات داخل صفوف القوات المسلحة على مستوى القيادات، وشملت الإطاحة بـ7 قيادات عسكرية وتعيين 7 آخرين بدلا منهم.
وأصدر السيسي قرارا بتعيين 3 لواءات جدد كمساعدين لوزير الدفاع وهم: اللواء محمد ربيع واللواء خالد جلال واللواء أيمن نعيم، مما فرض كثير من علامات الاستفهام خاصة في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية بمصر.
وحول أسباب الإطاحة بهذه القيادات ننسج سطور تقريرنا راصدين تاريخ السيسي الطويل في التخلص من كل الجنرالات وحرصه على عدم الإبقاء على قياده في منصبها أكثر من عامين.
تفاصيل حركة تنقلات بالجيش المصري والإطاحة بقياداته
في حلقة جديدة من حلقات مسلسل الإطاحة بقيادات الجيش المصري ، كشفت مصادر عسكرية مصرية تفاصيل حركة التغييرات والتنقلات داخل صفوف القوات المسلحة على مستوى القيادات، والتي اعتمدها السيسي، خلال شهر حزيران/ يونيو الجاري.
و شملت حركة التنقلات الجديدة الإطاحة بـ7 قيادات عسكرية، وتعيين 7 آخرين بدلا منهم، بالإضافة إلى تعيين 3 لواءات كمساعدين لوزير الدفاع، بحسب المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها.
وجاءت تلك الحركة كما يلي:
- تعيين لواء أركان حرب هشام السويفي رئيسا للهيئة الهندسية، ليصبح عضوا بالمجلس العسكري، بدلا من لواء أركان حرب إيهاب الفار، وتعيين "الفار" مساعدا لوزير الدفاع.
- تعيين لواء أركان حرب فهمي هيكل أمينا عاما لوزارة الدفاع، بدلا من لواء أركان حرب أشرف فارس، مع تعيين "فارس" مديرا لأكاديمية ناصر، بدلا من لواء أركان حرب أيمن نعيم.
- تعيين لواء أركان حرب طارق الشاذلي قائدا للمنطقة العسكرية المركزية، بدلا من لواء أركان حرب فهمي هيكل الذي تم تعيينه أمينا عام لوزارة الدفاع.
- تعيين لواء أركان حرب أحمد العشري قائدا للمنطقة الشمالية العسكرية، بدلا من لواء أركان حرب أسامة نجا الذي تم تعيينه مديرا للشرطة العسكرية.
- تعيين لواء أركان حرب محمود كامل قائدا للمنطقة الجنوبية العسكرية، بدلا من لواء أركان حرب محب حبشي.
- تعيين لواء أركان حرب نبيل حسب الله قائدا لقوات شرق القناة، بدلاً من لواء أركان حرب خالد بيومي الذي تعيينه مساعدا لوزير الدفاع.
- تعيين لواء أركان حرب عصام الشيخ مديرا لإدارة المركبات، وتعيين لواء أركان حرب محمد عبد الفتاح رئيسا لأركان إدارة المركبات.
- بخلاف ذلك، تم تعيين كل من لواء أركان حرب محمد ربيع، ولواء أركان حرب خالد جلال، ولواء أركان حرب أيمن نعيم، كمساعدين لوزير الدفاع.
كواليس الإطاحة باللواء إيهاب الفار
صحيفة "عربي 21" نقلت عن مصادر خاصة أن من بين الأسباب التي أدت إلى الإطاحة برئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اللواء إيهاب الفار، أزمة الطريق الساحلي الدولي المؤدي للساحل الشمالي، والذي أثار ضجة وانتقادات واسعة في مصر خلال الأسابيع الماضية.
كما تسرّبت معلومات من داخل الهيئة الهندسية عن مبالغ مالية قامت القوات المسلحة بتحويلها لمؤسسة الرئاسة من حصيلة أرباح الهيئة من مقاولي الباطن الذين قاموا بتنفيذ بعض الطرق مؤخرا.
وكان على رأس تلك الطرق المُشار إليها "التطوير الذي تم بشكل مُحدد من الكيلو 101 حتى الكيلو 156 طريق الساحل الشمالي، والذي تبين أن الهدف الرئيس منه تجميل الجزء الخاص بمدينة العلمين الجديدة فقط، وليس راحة المصطافين وأمن الطريق"، بحسب ما أوردته المصادر الخاصة.
وأوضحت المصادر أن "الهيئة الهندسية تركت باقي طريق الساحل الشمالي بمسافة 250 كم دون تطوير، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة، بالإضافة إلى ظهور عيوب هندسية فادحة في تصميم الطريق بعد هذا التطوير".
وكشفت المصادر أن "تصميم الطريق الساحلي الدولي اتضح لاحقا أنه مأخوذ نقلا عن مجلة إنجليزية متخصصة بشؤون الطرق، وهذا التصميم خاص بطرق تسير فيها السيارات بشكل مُعاكس عما هو موجود ببلادنا، وبالتالي فهو لا يتناسب معنا على الإطلاق".
ولفتت إلى أن "السيسي أوكل مهمة معالجة المشاكل الموجودة على الطريق الساحلي الدولي إلى وزير النقل، كامل الوزير، وليس للقوات المسلحة التي هي الجهة المشرفة على التنفيذ".
وكان كامل الوزير قد ذكر، في تصريحات إعلامية، أن السيسي أصدر توجيهات رئاسية لحل مشكلة الطريق الساحلي الدولي، منوها إلى أن "هناك لجنة قامت بمعاينة المشاكل الموجودة على الطريق، وجارٍ التعامل معها بشكل فورى"، دون أن يُحدد تبعية تلك اللجنة إلى أي جهة.
في حين أشارت المصادر العسكرية إلى أن رئيس الهيئة الهندسية الجديد، هشام السويفي، الذي تم تعيينه خلفا لـ"الفار" كان يشغل سابقا منصب رئيس أركان الهيئة.
وبشأن احتمالية عودة "الفار" إلى موقعه كرئيس للهيئة الهندسية في مرحلة لاحقة، قالت المصادر:"ليس هذا واردا على الإطلاق، ونقله كمساعد لوزير الدفاع يعني أنه لا يزال موجودا بالخدمة، وسيحصل على مخصصات ومزايا رتبة اللواء بدلا من إنهاء خدمته، ولكن لا مجال لعودته مرة أخرى".
ماذا وراء التخلص من القيادات ؟
المصادر ذاتها أكدت أن "حركة التنقلات الجديدة تعكس استراتيجية السيسي المستمرة التي ينتهجها منذ عام 2013، والتي تتمثل في سرعة التدوير وعدم إبقاء القيادات العسكرية لفترة طويلة في منصبهم، لكي يصبح السيسي المهيمن والمسيطر بالكلية على مقاليد الأمور داخل الجيش".
وذكرت المصادر أن السيسي قنّن فكرة الإطاحة المستمرة بقادة الجيش عبر تصديقه في تموز/ يوليو 2021 على قانون جديد برقم 134 لسنة 2021، يتضمن إدخال تعديلات في ثلاثة قوانين تخص القوات المسلحة، كان أهمها قصر مدة بقاء رئيس أركان حرب وقادة الأفرع ومساعدي وزير الدفاع في مناصبهم على سنتين بدلا من أربع سنوات ما لم يقرر السيسي تمديد خدمتهم فيها.
وكان هذا القانون المُشار إليه قد تقدمت به الحكومة إلى البرلمان في 13 حزيران/ يونيو 2021، وتم تمريره بكل أريحية، على اعتبار أنه من بين الأمور الفنية التي تخص القوات المسلحة المصرية.
ووفق المصادر ذاتها، يسعى السيسي لتفادي الثغرات التي وقع فيها الرؤساء العسكريين السابقين، جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك، والذين لم يكن لهم السيطرة المطلقة على الجيش طوال فترة حكمهم، الأمر الذي ساهم في إنهاء حكمهم بشكل أو بآخر.
وعلى سبيل المثال، نوّهت المصادر إلى أن "المشير حسين طنطاوي أطاح بمبارك، لأنه كان متحكما في الجيش بشكل فعلي، كونه مكث في منصبه كوزير للدفاع منذ 1991 إلى نهاية حكم مبارك، وهي أطول مدة يقضيها وزير دفاع للجيش المصري".
تاريخ طويل من الإطاحة بقيادات الجيش
وهذه الحركة في الجيش سبقها تاريخ طويل من الإطاحات بقياداته ، ففي ديسمبر الماضي وبعد أقل من شهرين من إطاحة السيسي برئيس أركان الجيش، الفريق "محمد فريد حجازي" من منصبه، وتعيين الفريق "أسامة عسكر"، رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، في أكتوبر الماضي .. قرر الإطاحة بالفريق " أحمد خالد " من قيادة القوات البحرية ، وتعيين اللواء بحري أركان حرب "أشرف إبراهيم عطوة مجاهد" بدلا منه
وقد تخلص قائد الانقلاب منذ توليه في الثالث من يوليو 2013 ، من 42 قيادة عسكرية بين عامي 2013 و2019.. ومن خلال هذا التقرير نرصد الإطاحات المستمرة للسيسي بقيادات الجيش على مدار الأعوام الثمانية الماضية .
- أصدر عبد الفتاح السيسي، مساء الثلاثاء 28 يونيو 2022م قرارا جمهوريا يقضي بتعيين اللواء بحري أركان حرب "أشرف إبراهيم عطوة مجاهد"، قائدا للقوات البحرية.. و سيخلف "مجاهد" الفريق "أحمد خالد" الذي جرى تعيينه قائدا للقيادة الاستراتيجية ومشرفا على التصنيع العسكري بدرجة نائب وزير ، حيث لم يعمر طويلا الفريق أحمد خالد في منصبه كقائد للقوات البحرية.. مما يضع كثير من علامات الاستفهام حول وتيرة التسريع بالإطاحة به!
- تولى "عسكر" منصب مساعد القائد العام للقوات المسلحة لشئون تنمية سيناء من ديسمبر 2016 وحتى صدور تعيينه رئيسا للأركان... و تم ترقيته بقرار من "السيسي" لفريق مع توليه قيادة موحدة لمنطقة شرق القناة ومكافحة "الإرهاب " في 31 يناير 2015 ، ودارت الشبهات بقوة حول "عسكر " مؤخرا ... بعد اتهامه بالاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة .
- ومنذ وصول السيسي إلى الحكم عبر انقلاب عسكري في 3 يوليو 2013.. و قد أطاح بالعديد من القيادات والجنرالات بالجيش المصري .. على رأسهم وزير الدفاع السابق "صدقي صبحي" ورئيس الأركان "محمود حجازي ، وأخرجهم من تشكيل المجلس العسكري الحالي الذي يترأسه السيسي نفسه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة .
- وفي عام 2013 تم إقالة قائد قوات الدفاع الشعبي والعسكري اللواء العربي السروي، وتم تعيينه محافظا للسويس .. ثم تمت الإطاحة به أيضا من منصب المحافظ في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2015.
- و في عام 2014 تم الإطاحة بقائد الجيش الثاني اللواء أحمد وصفي وتعيينه رئيسا لهيئة التدريب ثم تعيينه كمساعد لوزير الدفاع .. و إحالة رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة اللواء إبراهيم نصوحي للتقاعد .. وإقالة قائد المنطقة الجنوبية اللواء محمد عرفات، وتعيينه رئيسا لهيئة التفتيش ثم تمت الإطاحة به لاحق
- و في عام 2015 تم إقالة قائد الجيش الثالث الفريق أسامة عسكر وتعيينه بوظيفة مستحدثة وهي قائد منطقة شرق القناة، ثم مساعدا لوزير الدفاع لشئون تنمية سيناء... وتم إقالة قائد القوات البحرية الفريق أسامة الجندي وتعيينه نائبا لرئيس هيئة قناة السويس وسرعان ما أطيح به من هذا المنصب أيضا .. وتم إقالة رئيس المخابرات الحربية اللواء صلاح البدري
- في عام 2016 تم إقالة اللواء أركان حرب أحمد إبراهيم من منصبه كقائد قوات حرس الحدود .. كما تم إقالة رئيس هيئة الإمداد والتموين في القوات المسلحة اللواء محمد على الشيخ وتعيينه وزيرا للتموين إلى أن تمت الإطاحة به نهائيا
- في عام 2017 تم إقالة العميد محمد سمير من منصبه كمتحدث عسكري.. وتم إقالة اللواء أركان حرب عبد المرضى عبد السلام من منصبه كرئيس لهيئة الإمداد والتموين .
- وفي 2018 أطاح السيسي بـ12 قيادة عسكرية.. منهم مدير إدارة شؤون الضباط بالقوات المسلحة اللواء خيرت بركات .. ورئيس هيئة تسليح القوات المسلحة، اللواء أركان حرب عبد المحسن موسي. . وفي 14 يونيو 2018 تم إقالة وزير الدفاع صدقي صبحي وتعيينه مساعدا لرئيس الجمهورية لشئون الدفاع .. وتم إقالة قائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، وتعيينه وزيرا للطيران المدني
- كما تم نقل العميد أركان حرب شريف جودة العرايشي، من منصبه كنائب رئيس أركان قطاع تأمين شمال سيناء بالجيش إلى وظيفة مستشار عسكري في المنطقة العسكرية بدمياط.
- فيما تم إقالة مدير سلاح المشاة اللواء شريف سيف الدين حسين في 30 أغسطس 2018 ، وتعيينه رئيسا لهيئة الرقابة الإدارية لمدة عام.. وفي أكتوبر 2018 تم الإطاحة بقائد المنطقة المركزية العسكرية اللواء أركان حرب أيمن عبد الحميد عامر
- و في ديسمبر 2018 تم الإطاحة بمدير جهاز المخابرات الحربية اللواء محمد فرج الشحات .. وتم الإطاحة بكل من قائد المنطقة الغربية العسكرية اللواء شريف فهمي بشارة .. ومدير الكلية الحربية اللواء أركان حرب جمال أبو إسماعيل
- وفي سبتمبر 2019 تمت الإطاحة بمساعد وزير الدفاع للعلاقات الخارجية اللواء محمد الكشكي، وتمت إحالته إلى التقاعد و كان يُوصف بأنه أحد أهم قادة الجيش في مرحلة ما بعد الانقلاب... وأطاح باللواء مصطفى الشريف الذي كان يشغل منصب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية وتم تعيين قائد الحرس الجمهوري اللواء أحمد علي خلفا له في منصبه.
السيسي أطاح بـ 1500 ضابط
في سياق متصل ، كشفت مصادر عسكرية مطلعة أن قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، قام بالإطاحة بأكثر من 1500 ضابط من مواقعهم في الجيش المصري حتى الآن، ضمن ما وصفوه بمحاولاته المستمرة والدؤوبة عقب انقلاب 3 تمّوز/ يوليو 2013 للسيطرة على المؤسسة العسكرية، ولضمان خضوعها له، وخوفا من دعمها للثورة المصرية أو انقلابها على ممارساته "الانقلابية".
وأوضحت المصادر ذاتها – بحسب "عربي 21" - أن تلك المحاولات تتم بشكل سري دون الإفصاح عنها بأي شكل من الأشكال، وأن بعضها تمثل في عزل بعض ضباط الجيش والإطاحة بهم خارج المؤسسة العسكرية، من خلال إقالتهم المباشرة أو إحالتهم للتقاعد، لافتة إلى أن عدد هؤلاء تجاوز 250 ضابطا.
ووفقا للمصادر، فقد تمت محاكمة ما يقرب من 200 ضابط "عسكريا"، وأن أغلب هؤلاء الضباط صدرت ضدهم أحكام بالسجن لفترات مختلفة، فضلا عن اعتقال العشرات من الضباط بالسجون العسكرية، بعد أن وجه لهم القضاء العسكري العديد من الاتهامات من بينها التخطيط للانقلاب العسكري وتغيير الدستور، والسيطرة على مؤسسات الدولة، والخروج عن طاعة رئيس الجمهورية، والترويج داخل الجيش للخروج عن طاعة رئيس الجمهورية، وإفشاء الأسرار العسكرية، والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.