رواية مضللة مدفوعة الأجر|مجموعات يهودية تشتري ذمم الصحفيين الغربيين!

الأربعاء - 11 سبتمبر 2024

  • دعوات مفتوحة لزيارة "إسرائيل" بتذاكر وإقامة مجانية ورشاوي لتبني سردية الاحتلال
  • لقاءات دعائية مع رئيس الموساد السابق وممثلين عن شركة الأسلحة الإسرائيلية وجنود
  • عملية غسيل مخ صحفيي الغرب تجري بتلقينهم معلومات خاطئة ومضللة عن الصراع

 

إنسان للإعلام- قسم الترجمة:

مثلما كشف موقع "دي كلاسيفيد" البريطاني كيف تتحكم "إسرائيل" في قرار النواب البريطانيين عبر دعوتهم لزيارة "إسرائيل" بتذاكر وإقامة مجانية ورشاوي تجعلهم يناصرون الاحتلال لاحقا، كشف الموقع نفسه كيف يسيطر الاحتلال على التغطية الإعلامية العالمية عبر تنظيم رحلات غسيل مخ للصحفيين لدولة الاحتلال ليتبنوا في تغطياتهم أكاذيب الاحتلال.

التقرير الذي نشره موقع "دي كلاسيفايد"، يوم 13 أغسطس 2024، كشف "كيف تؤثر الجماعات المؤيدة لإسرائيل على التغطية الإعلامية العالمية لقضية فلسطين"، عن طريق دعوة الصحفيين للقيام بجولات دعائية إلى "إسرائيل".

أكد أن جمعية صحفية يهودية نظمت رحلة إلى إسرائيل شارك فيها العشرات من الصحفيين الغربيين ممن تلقوا إحاطات من وزراء حاليين ومسؤولين سابقين بالموساد وجنود شاركوا في حرب غزة، ضمن جهود الجماعات المؤيدة لإسرائيل لحشد الدعم الإعلامي للرواية الإسرائيلية.

أحضرت "وكالة الصحافة الأوروبية الاسرائيلية"، التي أشرفت علي الرحلة، 22 صحفياً من المملكة المتحدة وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا والنرويج وبلجيكا وهولندا وجمهورية التشيك والمجر" إلى "إسرائيل"، في رحلة امتدت لخمسة أيام، بالتعاون مع جمعية الصحافة الأمريكية في الشرق الأوسط.

وذكر موقع "blinker.co.il" "الإسرائيلي" أن "صحافيين كبارا من أهم الصحف في أوروبا والولايات المتحدة: يوروبا بريس، ميرور، تيليغراف، نيوزويك وغيرها الكثير" انضموا إلى الرحلة، التي أقيمت في شهر يونيو 2024 .

كشف الموقع أن جمعية الصحافة الأوروبية الإسرائيلية تأسست أصلا على يد الحاخام الإسرائيلي مناحيم مارغولين في عام 2012م، وقد اندمجت مع الجمعية اليهودية الأوروبية (EJA) في عام 2019.

وكان من بين الصحفيين الذين زاروا "إسرائيل" مراسلون من مجلتي "سبكتاتور" البريطانية و"نيوزويك" الأمريكية ومراسل من صحيفة "صنداي إكسبريس"، بجانب صحفيين من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا والنرويج وبلجيكا وهولندا وجمهورية التشيك والمجر.

غسيل مخ ورشوة معلوماتية

التقرير أشار إلى عملية غسيل مخ تجري لهؤلاء الصحفيين في إسرائيل بتلقينهم معلومات خاطئة ومضللة عن الصراع في فلسطين وإغرائهم بلقاءات مع مسئولين لنشرها مع أنها كلها أكاذيب.

كمثال: شمل برنامج الرحلة، والذي اطلع عليه موقع "ديكلاسيفايد"، إجراء لقاءات مع زوهار بالتي، الرئيس السابق للموساد، وممثلين عن شركة الأسلحة الإسرائيلية "رفائيل"، وجنود شاركوا في حرب غزة، إضافة إلى المحامية "تامار كابلان"، التي مثلت إسرائيل في جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي، ووزير شؤون الشتات المتشدد، عميحاي شيكلي، الذي ينتمي إلى حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو.

وبحسب موقع "ديكلاسيفايد"، فقد عرضت جمعية الصحافة الأوروبية الإسرائيلية دفع تكاليف السفر والإقامة، رغم أنه من غير الواضح أي من المراسلين قبل الدعم المالي.

وتؤكد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من جمعية الصحافة الأوروبية الإسرائيلية أن حوالي 20 صحفياً تلقوا إحاطة بشأن الشرق الأوسط من "بالتي"، الذي يرأس حالياً "المكتب السياسي العسكري في وزارة الدفاع الإسرائيلية."

وقد عُرضت على الصحفيين الذين شاركوا في رحلة يونيو فرصة الذهاب لمراقبة الحدود اللبنانية والحصول على إحاطة حول "الصورة الاستخباراتية الحالية والوضع الدقيق بين إسرائيل وحزب الله وإيران" وهي اغراءات صحفية لكن ما يقال لهم كله أكاذيب مقصوده.

وقد التقى وفد الصحفيين أيضاً بالسكان "الإسرائيليين" الذين تم إجلاؤهم من منازلهم بالقرب من الحدود، قبل زيارة شركة "رافائيل" للحصول على إحاطة حول تكنولوجيا الدفاع الجوي المضاد للصواريخ كنوع من الدعاية لإظهار المقاومة حركات بربرية تروع هؤلاء السكان، برغم أنهم مستوطنين ناهبين للأرض.

كما تمكن موقع "ديكلاسيفايد" من تحديد هوية 11 صحفياً إسبانياً ممن زاروا إسرائيل، وكان العديد منهم من المنافذ اليمينية في إسبانيا، التي اعترف رئيس وزرائها "بيدرو سانشيز" قبل فترة بفلسطين كدولة.

ونشرت وكالة الأنباء الإسبانية Europa Press مقابلة مع "شيكلي"، أجراها الصحفي "إجناسيو تودا" خلال رحلته إلى إسرائيل، قال فيها إن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان في فرنسا يشير إلى "تغييرات إيجابية" لأوروبا.

ولم تكن جمعية الصحافة الأوروبية الإسرائيلية الأولى التي تنظم مثل هذه الرحلات الصحفية، إذ سبق لمجموعة الضغط المسماة "مركز الاتصالات والأبحاث البريطاني الإسرائيل"  (BICOM)  أن نظمت وفوداً مثيرة للجدل في الماضي.

لا للصحفيين الفلسطينيين!

ولأن هدف تنظيم هذه الرحلات مشبوه، وهو سيطر الاحتلال على التغطية الإعلامية العالمية لقضية فلسطين، كشف موقع "ديكلاسيفايد" أنه لم يكن هناك فلسطينيون مدرجون في قائمة المتحدثين في البرنامج.

وبدلاً من ذلك، عُرضت على الصحفيين وجهة نظر أحادية الجانب للصراع، كما يراها الإسرائيليون فقط.

وكانت الأيام الأخرى تتضمن رحلة إلى معبر "إيريز" على الحدود مع غزة، حيث تلقى الصحفيون إحاطة من وحدة كوغات، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية تعنى بـ "المساعدات الإنسانية التي تذهب يومياً إلى غزة"، وذلك علما بأن الاحتلال رفض عدة مرات طلبات لجمعية المراسلين الأجانب في "إسرائيل" لزيارة غزة والحدود للكتابة بحرية؛ خشية أن ينشروا ما يخالف روايات الاحتلال التي يجري إغراق الصحفيين بها دون أن يعرفوا شيئا عن رواية الضحايا في غزة.

"إسرائيل" لم تنقل لهم مثلا أنها تفرض قيوداً على وصول المساعدات إلى مليوني فلسطيني في غزة مع أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يسعي لإصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء نتنياهو بتهمة "تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب"

ولم تقدم "إسرائيل" للصحفيين المشاركين في الرحلة سوى "إحاطة ميدانية من ضابط جيش إسرائيل على حدود غزة" وسمحت لهم بزيارة الوحدة الخاصة في الجيش الإسرائيلي (ياهالوم) المسؤولة عن محاولة كشف أنفاق المقاومة في غزة.

هكذا نشروا الأكاذيب

موقع "دي كلاسيفايد" نشر أمثله مما كتبه هؤلاء الصحفيين الذين تمت دعوتهم لاسرائيل من جانب جمعية صحافية مشبوهة يديرها حاخام ليبين كيف أنهم تأثروا في تغطيتهم العالمية بهذه الأكاذيب الإعلامية الصهيونية.

فبعد أيام من هذا الإيجاز الصحفي، كتب "ماركو جيانانجيلي"، المحرر الدبلوماسي في صحيفة "صنداي إكسبريس" اليمينية البريطانية، مقالاً عن حماس، استشهد فيه بـ "إيجاز صحفي خاص" تلقاه من "خبراء الأنفاق في قوات الدفاع الإسرائيلية"!!

كما نشر جيانانجيلي مقالاً آخر جاء تحت عنوان: "وزير إسرائيلي يحذر: كير ستارمر كرئيس للوزراء سيفتح موسماً مفتوحاً لمعاداة السامية".

وكان "جيانانجيلي" يقتبس عن وزير شؤون الشتات الإسرائيلي "شيكلي"، الذي وصف سياسة حزب العمال بقيادة ستارمر بأنها "سياسة مؤيدة للإسلاميين"!.

في مارس 2024 تصدر الوزير الصهيوني "شيكلي" عناوين الأخبار عندما قال للصحفيين في رحلة صحفية سابقة لجمعية الصحافة الأوروبية الإسرائيلية:  إن لندن أصبحت "العاصمة الأكثر معاداة للسامية في أوروبا".

وزعم: "قد يتعرض اليهود للهجوم لمجرد التحدث باللغة العبرية"، وقد التقطت صحيفة "ديلي ميل" وصحيفة "جي بي نيوز" وصحيفة "جيويش كرونيكل" هذه التعليقات ونشرتها بتوسع.

دبلوماسية التدليس الإعلامي

في حوالي عام 2019، اندمجت وكالة الصحافة الأوروبية الاسرائيلية مع الجمعية اليهودية الأوروبية (EJA)، وقد زعم "نير ناتان" المتحدث باسم الجمعية لموقع "ديكلاسيفايد" إن المجموعة "لا تتبنى أي آراء عامة أو سياسية بشأن إسرائيل تتجاوز حق البلاد، مثل أي دولة أخرى، في الدفاع عن مواطنيها، وبالتالي لم تعبر أبدًا عن أي مواقف عامة أو سياسية.

زعم في دفاعه عن انشطة الجمعية في نشر دبلوماسية التدليس الإعلامي، أن أنشطة المنظمة مهنية بالكامل، حيث تقدم معلومات موثوقة لأي صحفي أو وسيلة إعلامية مهتمة بها."

ووصف عمل المجموعة بأنه "دبلوماسية عامة"، وقال إنها "لا تدعم أي نهج سياسي محدد وتتيح للصحفيين الوصول إلى المسؤولين الحكوميين والمعارضين"

وقال "ناتان": إن الصحفيين الذين ذهبوا في الرحلة "لم تكن لديهم أي شروط بشأن كيفية تغطيتهم للأحداث" وأن "هناك حرية مطلقة للصحافة!

قال: "منذ تأسيسها، خدمت EIPA بأمانة مئات الصحفيين والمحررين والمعلقين والمذيعين والمدونين من وسائل الإعلام الرائدة في جميع أنحاء أوروبا، ومؤخرًا أيضًا من الولايات المتحدة"

ورداً على عدم وجود أصوات فلسطينية في البرنامج، قالت جمعية اليهود الإسرائيليين: "نحن لا يعنينا تمثيل الفلسطينيين والسبب بسيط للغاية، فنحن يهود فخورون مهتمون بصورة إسرائيل ونرى للأسف أن الدعاية المؤيدة للفلسطينيين لا تحتاج إلى مساعدتنا"!!

ولا تعد "جمعية الصحافة الإسرائيلية البريطانية" الأولى التي تنظم مثل هذه الرحلات الصحفية، إذ سبق لمجموعة الضغط "مركز الاتصالات والأبحاث البريطاني الإسرائيلي"  (BICOM)  أن نظمت وفوداً مثيرة للجدل في الماضي.

وكشف "سيمون تشايلدز"، الصحفي في نوفارا ميديا ​​والذي قام برحلة مع مركز  (BICOM) عندما كان يعمل لصالح "فايس"، لموقع "ديكلاسيفايد": "لقد زرت إسرائيل مع (BICOM)  متسائلاً عما إذا كنت سأجد جولة دعائية على غرار كوريا الشمالية.

قال: وجدت محاولة لتقديم قصة صراع مختلفة وقيل لي: إن إسرائيل محاصرة من أعدائها بدلاً من الحديث عن الاحتلال الاسرائيلي غير القانوني طويل الأمد لفلسطين وسلب أراض الشعب الفلسطيني.

رابط التقرير الأصلي