مسلمو أوستيا الشمالية...من اضطهاد القياصرة إلى دكتاتورية بوتين

الخميس - 23 سبتمبر 2021

جمهورية أوسيتيا الشمالية - ألانيا هي جمهورية ذات حكم ذاتي في روسيا الاتحادية وهي منطقة جبلية في غالبها، وتقع في شمال منطقة القوقاز، وتعتبر ذات مساحة صغيرة نسبياً، حيث تبلغ حوالي 8,000 كم²، ويبلغ عدد سكانها ما يُقارب 597,000 نسمة،.

وتحتوي الجمهورية على نهر تيرك الذي يُعد ذا أهمية كبيرة للمنطقة، كما أنه النهر الوحيد الذي ينبع من الجنوب عند جبال القفقاس، ويبدأ جريانه من جورجيا ويمر عبر جبال القوقاز مشكلاً ممر دريال. وتعود تسمية الجمهورية نسبة إلى أوستين التي تعد واحدة من العناصر الشركسية، وقد بقيت الأوستين على ديانتهم النصرانية بالرغم من انتشار الإسلام في مناطق واسعة من منطقة القفقاس

الموقع والمساحة:

 تقع جمهورية أوستيا الشمالية ضمن النطاق الشمالي من جبال القوقاز، تحدها جمهورية الشيشان وأنجوشيا من الشرق، وقبردين بلقاريا من الغرب، وجمهورية جورجيا من الجنوب، وباقي روسيا الاتحادية من الشمال، وتبلغ مساحتها 8.000 كيلو متر، وسكانها 597.000 نسمة.

ومدينة فلادي قفقاز هي العاصمة لجمهورية أوستيا الشمالية.

الموارد الطبيعية والزراعة والصناعة:

تتوفر بها معظم الموارد على نطاق واسع مثل الزنك رواسب الحجر الجيري ، الدولوميت ، الرخام ، و المحك وتوفربها كميات كبيرة من مواد البناء، مثل الطين ، الرمل ، و الحصى  ويقدر احتياطي النفط المحلي بحوالي 10 ملايين طن متري.

تتركز الزراعة على زراعة الذرة والقمح والخضروات والمحاصيل البستانية وتربية المواشي ، بالإضافة إلى وفرة المعادن والمعادن غير الحديدية باستخدام موارد الطاقة المائية والآلات والمعادن والزجاج والنجارة وصناعة الأغذية يمكن رؤيتها.

دخول الإسلام إلى أوستيا الشمالية:

لقد وصل الإسلام مبكرًا إلى أوستيا الشمالية وغزتها الجيوش الإسلامية أثناء  فتح بلاد الخزر والكرج واللان.

وصل الإسلام القوقاز في عهد الخليفة الراشد الفاروق "عمر بن الخطاب"، في عام 642 ميلادية حيث وصل المسلمون إلى قلعة "ديربنت" بعد فتح بلاد فارس، حيث وصلت حملة بقيادة سراقة بن عمرو الى قلعة "ديربنت" ، وهذه القلعة موجودة اليوم في جمهورية داغستان، وقد سماها المسلمون كما في تاريخ الطبري "باب الابواب" وسماها الفرس "داربند" قبل دخول الإسلام.

وعندما انتشر الإسلام فى القوقاز الشمالي كانت أوستيا من البلاد التي غمرها نور الإسلام الذي انتشر فى كل القوقاز شماله وجنوبه.

ولكن بدأ الإسلام بالانتشار فعليا في أوسيتيا خلال القرنين 14 و15. خاصة وأن العائلات النبيلة في المجتمع الأوسيتي فقط هي التي اعتنقت الإسلام، بينما بقيت الطبقات الأقل على دين المسيحية.

كما وصل الإسلام إلى أوستيا الشمالية من خلال القباردين (قبيلة شرقية شركسية) في القرن السابع عشر.

ويصل عدد المسلمين في جمهورية "أوسيتيا الشمالية - آلانيا" في الوقت الحاضر إلى  200 ألف شخص وهذا ثلث عدد سكان الجمهورية تقريبًا.

وتعد مشكلة إعداد الكوادر هي المشكلة الرئيسة لدى الإدارة الدينية لمسلمي "أوسيتا الشمالية".

ويتبع المسلمون فى أوستيا الشمالية  الإدارة الدينية لمسلمي شمال القوقاز.

وفي مدينة فلادي قوقاز عاصمة أوسيتيا الشمالية يعيش المسلمون الى جانب المسيحين، ودار الافتاء في المدينة تلعب دورا في تعريف الناس بالإسلام الحنيف عبر دروس ومنتديات تقام في أوقات مختلفة.

وتتراوح نسبة المسلمين إلى المسيحيين 30% تقريبا، ويعيش الجميع في أوسيتيا الشمالية بسلام ولم تشهد المنطقة توترا بينهم.

المسلمون تحت حكم القياصرة:

 لقد استولى قياصرة روسيا على أوسيتيا الشمالية في سنة 1778م، واستمر حكمهم للبلاد حتى انتقلت السلطة في روسيا إلى أيدي السوفيت بعد قيام الثورة البلشفية 1917.

واتجه القياصرة للتركيز في حملاتهم على منطقة القوقاز بأكملها واستغلت خلال ذلك الصراع صلاتها العرقية (السلافية) والمذهبية (الأرثوذكسية) مع شعوب المنطقة من نفس العرق والمذهب لكسب تأييدهم خلال حروبها ضد المسلمين، وحدث تجاوب معها مما زاد من قوة شوكتها وساعدها على ترسيخ إمبراطوريتها، ومنذ ذلك العهد (القرن التاسع عشر) وهناك تحالف قوي بين القوى الكبرى للحيلولة دون عودة السيادة للمسلمين على أرضهم، وما زال هذا الإصرار ساريًا بين القوى الكبرى جميعًا حتى اليوم.

أوسيتيا الشمالية فى ظل الشيوعية:

يطلق المؤرخون على تلك الفترة بفترة التطهير العرقي والديني التي شنها «جوزيف ستالين» في العهد الشيوعي ضد المسلمين.

وبالرغم من أن  المسلمين ساهموا فى إسقاط روسيا القيصرية وبدلًا من أن يقطفوا ثمار جهادهم بإعادة مجد دولتهم الإسلامية إذا بالثورة البلشفية (الشيوعية) تختطف كل شيء في أكتوبر عام 1917م، بل إن تلك الثورة التي ساعد المسلمون في إنجاحها مثلت فصلًا جديدًا داميًا في حق المسلمين فقد قاسوا تحت قبضتها حملات مريرة من التعذيب والتشريد والإبادة

وقد تنوعت أساليب القهر القيصري ضد المسلمين من إبادة وقمع وتهجير، ثم فرضوا عليهم التنصير القسري. وحظر القانون القيصري اعتناق أي دين غير المسيحية الأرثوذكسية، وتم إحلال اللغة السلافية مكان اللغات العربية والتركية والفارسية التي كانت سائدة هناك في ذلك الوقت، فضلًا عن الإهمال المتعمد للمدن والحواضر الإسلامية حتي تتحول إلي خرائب.

وقد سن الاتحاد السوفيتي قوانين وأصدر قرارات تصب كلها في حظر الأديان وتحريمها وخاصة الإسلام ونشر الإلحاد بين المسلمين وشدد العقوبات على من يقتني نسخًا من القرآن الكريم فضلًا عن تعلمه وتعلم مبادئ الإسلام، وفرض علي المناهج التعليمية والثقافية وبرامج الإعلام مواد كلها تصب في ملء أدمغة الأجيال بالشيوعية ومعاداة الأديان. وامتلأت السجون والمعتقلات بل واكتظت المقابر بضحايا تلك السياسات من المسلمين.

أوستيا الشمالية بعد البيريسترويكا

بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي ، أصبحت أوسيتيا الشمالية جمهورية تشكل الاتحاد الروسي بموجب معاهدة الاتحاد الروسي في مارس 1992.

وفي 23 مارس 1995 ، وقعت أوسيتيا الشمالية اتفاقية لتقاسم السلطة مع الحكومة الفيدرالية الروسية ، تمنحها الحكم الذاتي.

مجزرة بيسلان:

كانت مجزرة بيسلان في 1 سبتمبر 2004، واستمرت ثلاثة أيام، حيث تم احتجاز أكثر من 1100 شخص كرهائن (بما في ذلك 777 الأطفال) وانتهى الأمر بوفاة 331 أو 334 شخصًا ، أكثر من نصفهم من الأطفال.

وبدأت الأزمة عندما احتلت مجموعة من المجاهدين الشيشان المسلحين مدرسة في بلدة بيسلان ،فى جمهورية أوسيتيا الشمالية  وكان محتجزو الرهائن لهم مطلب واحد فقط الانسحاب الروسي والاعتراف باستقلال الشيشان

 وفي اليوم الثالث من المواجهة، اقتحمت قوات الأمن الروسية المبنى مع دبابات ، صواريخ حارقة وأسلحة ثقيلة أخرى. قُتل ما مجموعه 334 شخصًا من بينهم 186 طفلًا.

وبعد هذه المجزرة قرر بوتين تعين إدارة الجمهورية من قبل الكرملين مباشرة وعدم الاعتماد على تولى الإدارة من خلال الانتخابات.