مصر: "الإدارية العليا" تؤيد حكما يُجيّر المساجد لخدمة النظام ويهاجم الإخوان
السبت - 25 سبتمبر 2021
أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمصر، شهادة لتأييد حكم بتأميم المساجد وتوجيه خطبائها لإسناد النظام الانقلابي، ومنع أي نشاط يخالف توجهات هذا النظام.
أثبتت الشهادة الصادرة من جدول المحكمة الإدارية العليا، نهائية الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية «الدائرة الأولى بالبحيرة» برئاسة المستشار محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، بتأييد قرار وزير الأوقاف بضم 42 مسجدًا بمختلف مراكز وقرى محافظة البحيرة إلى الوزارة، ورفض إلزام وزير الأوقاف بقبول تعيين العمالة للمساجد المرشحين من المتبرعين ببناء المساجد، بحسبان أنه بإقامة الصلاة يخرج المسجد من ملكية بانيه إلى ملكية رب العباد وتشرف عليه الدولة بأساليب إدارتها وأدواتها القانونية.
خفاجي عبأ حكمه بخطاب سياسي يهدم الحكم في أصله كونه ليس محايدا، حيث زعم أنه "بعد ثورة 30 يونيو 2013 وسقوط نظام حكم الإخوان قامت تلك الجماعات بتوظيف المنابر لأهداف سياسية لتأجيج الطائفية والمذهبية وتعميق الكراهية ضد الوطن وزيادة الفرقة والانقسام، وتحولت المنابر للتحريض على الشرطة والجيش متخذين من المساجد منبعاً لدعوة أتباعهم للحشد والقيام بعمليات التحريض على نظام الحكم، وأوهمت الناس أنهم المُدافع عن حرمات الله في المساجد، وادعت زوراً وبهتاناً أن قوات الشرطة الباسلة قوات تتعدى على بيوت الله التي لا يجوز انتهاك قدسيتها لما لها من مكانة عند الله وفي نفوس المسلمين مخلطين بين الدين والسياسة، وبعد ثورة 30 يونيو لم يكتف الإخوان بإساءة استخدام منابر المساجد لصالحهم السياسي، بل قاموا بعمل اعتصامات في مسجد رابعة العدوية ومسجد الفتح، لتظهر مسيرتهم في استغلال المساجد لأغراض سياسية في أبشع صورها".
تجاهل القاضي ما جرى من مذابح وحرق المساجد بيد النظام وبتخطيطه، وكأن هذه الجرائم لا علاقة لها بالسياسة ولم تكن تصفية لحسابات سياسية، وتمادى في انتقاده للمعارضة محملا إياها كل الأوزار فقال: " الوطن عاش فترة أحلك من السواد نتيجة سيطرة الفكر الديني المتطرف واستغلال جماعات الإسلام السياسي لمنابر المساجد في استغلال البسطاء والفقراء والأميين لجذب المؤيدين بين التيارات الدينية المختلفة مما نجم عنه بث روح الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد التي أدت إلى العنف المادى، مما تسبب في ضياع كثير من أرواح المواطنين وتخريب الممتلكات العامة والخاصة نتيجة لتطرف الفكر المتشدد، ومن ثم فلا يجوز مطلقاً استخدام منابر المساجد لأهداف سياسية أو حزبية أو للدعاية الانتخابية لما في ذلك من تعارض مع قدسية المسجد والإضرار بالمصالح العليا للبلاد، فاحترام حرمة المساجد أمر واجب ولا يصح أن تكون بيوت الله محلًا للزج بها في الخلافات التي تنشب بين التيارات الدينية المتصارعة على أمور لا ترقى إلى جلال المساجد ورسالتها المضيئة."
وتأكيدا لتأميم الخطاب الديني وتوجيهه، قالت المحكمة في حكمها، إن الدولة إدراكًا منها لرسالتها في دعم التوجيه الديني في البلاد على وجه محكم، وتأكيدًا لمسؤولياتها في التعليم والإرشاد وما يتطلبه ذلك من وضع مبادئ عامة لجميع المساجد في المدن والقرى تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التي يعمل بها الخطباء والمدرسون، بما يحفظ للتوجيه الديني أثره، ويبقي للمساجد الثقة في رسالتها، وقد لوحظ أن عدداً كبيراً من المساجد لا يخضع لإشراف وزارة الأوقاف وهذه المساجد يسيطر عليها أدعياء الدين الذين لا يحملون مؤهلاً أزهرياً متخصصاً في العلوم الشرعية، فصار نهجهم الديني ليس نابعاً من دراسة شرعية بل من بواعث شخصية وأفكار متطرفة نبتت في بيئة بعيدة عن صحيح الدين وهو ما أدى إلى انعدام تحمل مسؤولية التعليم والإرشاد من المتخصصين في علوم الدين، بما ينقص من قيمة التوجيه الدينى ويضعف الثقة برسالة المساجد ويفسح الطريق لشتى البدع والخرافات التي تمس كيان الوطن واستقراره، خاصة وأن ما يُقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله، لذلك توجب وضع نظام لإشراف الدولة على هذه المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الديني العام وتوجيه النشء وحمايتهم من كل تفكير دخيل أو جهيل، فعهد المشرع مسوليتها لوزارة الأوقاف بما تقوم عليه بحكم التأهيل من الفكر الوسطى المستنير وحماية الدعوة الإسلامية الصحيحة بالتعاون مع الأزهر الشريف في مجال رسالته العالمية للتبصير بشؤون الدعوة الصحيحة.
وذكرت المحكمة أن المشرع قد عهد إلى وزارة الأوقاف مهمة إدارة المساجد والإشراف عليها بعد تسليمها وضمها إليها، ضماناً لقيام هذه المساجد برسالتها في نشر الدعوة الإسلامية على خير وجه، وبهذه المثابة فإن ضم جميع المساجد لوزارة الأوقاف وإشرافها عليها يُعد احترامًا لقدسية المنبر وتطهيراً لأفكار الدعاة وصوناً لجوهر الدعوة، باعتبار أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وقد ألزم الدستور المشرع بالرجوع لمبادئ الشريعة الإسلامية لجلالها وعظمتها وخلودها.
وأمعن القاضي في التضليل فقال: "إن قرار ضم المساجد لإشراف وزارة الأوقاف ليس فيه مساس بالملكية الخاصة، فالمسلّم به في الفقه الإسلامي أن المساجد على حكم ملك الله تعالى وليست ملكاً لأحد، وإدارة هذه الوزارة للمساجد ليس فيها اعتداء على الحرية الشخصية أو غيرها من الحقوق والحريات العامة التي نص عليها الدستور وليس به ثمة خرق لحرية العقيدة، والصحيح أن هذا الادعاء يُعد مفهوماً مغلوطًا يستعصى على القبول، في إطار أن ضم المساجد وإشراف وزارة الأوقاف عليها بقصد الاحتفاظ بالتوجيه الديني بأثره، واستبقاء الثقة في رسالة المساجد بعد أن سيطر عليها أفكار المتطرفين وغاب عنها من يحمل مسؤولية التعليم والإرشاد من المتخصصين في علوم الدين ومن ثم فإن قول المدعين لم يكن حقاً ولا يستأهل ذكراً".