مصر : تقدم في العلاقات المصرية التركية

السبت - 2 أكتوبر 2021

في تطور جديد في ملف المصالحة المصرية التركية ، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري مساء أمس الجمعة، أن هناك قدرا من التقدم في العلاقات مع تركيا نأمل أن يتم البناء عليه، وخبراء يتوقعون تبادل دبلوماسي رسمي قريب واتفاقيات تعاون ملزمة، وتركيا تؤكد أنه لا مساس بالمعارضة المصرية على أراضيها ، وتقرير لموقع "الخليج الجديد"  يؤكد أن المصالحة المصرية التركية تسير بين واقع به بعض المعوقات ، وآفاق مستقبلية تفرضها مصالح مشتركة ومتغيرات أقليمية ودولية، ومن خلال سطور هذا التقير نتعرض للتفاصيل.

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن هناك قدرا من التقدم في العلاقات مع تركيا نأمل أن يتم البناء عليه.

جاء ذلك في مداخلة هاتفية مع الإعلامي المصري "عمرو أديب" المقرب من الجهات الأمنية ، مساء الجمعة عبر برنامجه بفضائية "إم بي سي" الخاصة عن تطورات العلاقات بين أنقرة والقاهرة في ضوء الجولة الاستكشافية الثانية بينهما.

وأضاف شكري إنّ الجولة الثانية تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية مشيرا إلى وجود تقييم لأمور ثنائية وإقليمية.

وتابع الأمر لم يصل بعد للخطوة القادمة إنما هناك قدر من التقدم نأمل أن يتم البناء عليه، لافتًا أن الاتصالات لا تزال تسير على نفس الوتيرة لما تم في الجولة الأولى والثانية.

واستطرد الوزير: "سنفتح الباب لمزيد من التقدم في علاقتنا مع تركيا عندما نكون راضين عن الحلول المطروحة للمسائل العالقة بيننا"، دون تفاصيل أكثر.

وكان شكري قد قال في 8 سبتمبر/أيلول الماضي في مقابلة مع وكالة بلومبرغ الأمريكية إن بلاده حريصة على إيجاد صيغة لاستعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا.

ومن جانبها قالت وزارة الخارجية التركية في 8 سبتمبر/أيلول الماضي إن الجولة الثانية من المشاورات الاستكشافية مع مصر أكدت رغبة البلدين في إحراز تقدم في قضايا محل نقاش وتطبيع العلاقات.

ووفق بيان مشترك لمصر وتركيا عقب تلك الجولة اتفق الطرفان على مواصلة تلك المشاورات والتأكيد على رغبتهما في تحقيق تقدم في الموضوعات محل النقاش والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبين.

وعقدت الجولة الأولى من المحادثات الاستكشافية بين البلدين في القاهرة في 5 و6 مايو/ أيار الماضي بناء على دعوة من الجانب المصري وفي ختامها صدر بيان مشترك وصف المحادثات بـالصريحة والمعمقة.

وخلال الأشهر الماضية صدرت إشارات إيجابية بشأن العلاقات بين القاهرة وأنقرة كان أبرزها تصريح لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو حول إمكانية تفاوض البلدين على ترسيم حدودهما البحرية في شرق المتوسط.

وتلتها إشادة من وزير الإعلام المصري آنذاك أسامة هيكل بقرارات وتوجهات الحكومة التركية الأخيرة بشأن العلاقات مع القاهرة واصفا إياها بأنها بادرة طيبة.

وخبراء يتوقعون تبادل دبلوماسي رسمي قريب واتفاقيات تعاون ملزمة  ، كما أكدت دوائر تركية قريبة من أردوغان  أنه لا مساس بالمعارضة المصرية علي أراضيها، وأن أي اتفاقات مع الجانب المصري لن يجلب أي ضرر للمعارضين المصريين المقيمين على أراضيها.

العدالة والتنمية التركي: العلاقات مع مصر تشهد تطبيعا

وفي منتصف سبتمبر الماضي ، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر جليك، إن العلاقات بين تركيا ومصر تشهد تطبيعا في الوقت الراهن.

وأشار جليك إلى بدء محادثات ثنائية بشأن عدة ملفات مثل التطورات في ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين وشرق المتوسط.

وقال خلال مؤتمر صحفي في مقر الحزب بالعاصمة أنقرة: “نحن سعداء بهذا. مصر هي أحد الشركاء المهمين لبلدنا. في العام 2020 بلغ حجم التبادل التجاري 4.85 مليار دولار”.

وذكر جليك أن هناك روابط تاريخية وعلاقات صداقة بين البلدين ومسؤوليات تفرضها المشاركة في حوض البحر المتوسط.

وأعرب جليك عن ترحيبه بالتقدم في تطبيع العلاقات بين دولتين قويتين وعريقتين، مشيرا إلى أهمية إيجاد استراتيجيات أكثر تقاربا حول المشكلات الإقليمية.

وقد كانت الجولة الثانية للمحادثات المصرية التركية والتي استضافتها أنقرة ، لها أكبر الأثر في تمهيد الطريق لتطور العلاقات المصرية التركية .

ونقلت وكالة الأناضول عن بيان لوزارة الخارجية التركية أن السفير سادات أونال، نائب وزير الخارجية التركي ونظيره المصري حمدي لوزا، ترأسان وفدي البلدين في الجولة الثانية من المحادثات.

من جهة أخرى، أفاد خبراء أتراك ومصريون، أن عوامل عديدة أبرزها التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط، واحتياطات الغاز المكتشفة في شرق المتوسط، وتغير الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكية، ساهمت في بدء الحراك الدبلوماسي بين تركيا ومصر.

وقال الصحفي التركي مصطفى أوزجان إن العلاقات التركية المصرية شهدت قطيعة استمرت لمدة، وكلا الطرفين أبديا إرادة للتغلب على هذه القطيعة وإعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي.

وأضاف للأناضول أن “التطورات في المنطقة جاءت نتيجة تدخلات أطراف ثالثة معنية بكل من تركيا ومصر، ومن الطبيعي أن أي تعاون بين البلدين لا يمكن تفعيله، يضر بمصالح الشعبين التركي والمصري”.

وأشار إلى أن أبعاد العلاقات بين الشعبين التركي والمصري، تتجاوز الحكام، والعلاقات الثنائية بين البلدين تهم الشعبين ومصالحهما بشكل مباشر.

وزير الخارجية التركي متحدثا عن الإمارات ومصر: في العلاقات الدولية لا صداقة أو عداوة دائمة

وفي تصريحات سابقة تؤكد دخول العلاقات المصرية التركية مرحلة الدفء ، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن أجواء إيجابية تخيم على العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة.

وأوضح جاويش أوغلو في لقاء مع إحدى القنوات التركية الخاصة، أنه سيكون من الخطأ، النظر إلى الأحداث الماضية على أنها عقبة أمام المصالحة وتطبيع العلاقات.

وأضاف: “في العلاقات الدولية لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وحدثت لقاءات رفيعة بين الجانبين على مستوى الرؤساء والوزراء، وهناك اتفاق حول الزيارات المتبادلة وإذا استمر الزخم الإيجابي الحالي، يمكن للعلاقات أن تعود إلى مسارها الصحيح”.

وفي 31 أغسطس/ آب الماضي، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في اتصال هاتفي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.

وقبل ذلك بنحو أسبوعين، بحث أردوغان مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الذي أجرى زيارة إلى تركيا حينها، الاستثمارات الإماراتية في تركيا.

وحول العلاقات بين أنقرة والرياض، أعرب جاويش أوغلو عن ثقته بأن هذه العلاقات ستتحسن أكثر، مشيرا في الوقت ذاته إلى وجود خطوات يجب الإقدام عليها في هذا الشأن.

المصالحة المصرية التركية بين  الواقع والآفاق

وفي تقرير ل"الخليج الجديد "عن واقع وأفاق ملف المصالحة التركية المصرية ، أكد أنه مع بروز السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة التي أصبحت تنظر إلى أجزاء من الشرق الأوسط على أنها ذات أهمية استراتيجية ضئيلة، سعت العديد من الدول في المنطقة إلى إصلاح العلاقات وحل مشاكلها الثنائية، وزاد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان الشعور بإلحاح هذه الخطوة.

وقد خلق هذا الاتجاه التصالحي جوا من التفاؤل في الشرق الأوسط، خاصة مع الجهود الناجحة التي أنهت الأزمة الدبلوماسية بين دول الخليج. والآن، أبدت مصر وتركيا اهتمامهما باستعادة العلاقات، ما يمثل اختراقا سياسيا مهما آخر في المنطقة.

ونظرا لأهميتهما الجيوسياسية، كانت مصر وتركيا من بين أكثر الفاعلين تأثيرا في سياسات الشرق الأوسط عبر التاريخ الحديث. ومع ذلك، اندلعت العداوة بين هاتين الدولتين في عام 2013 عندما أطاح الجيش المصري بالرئيس الراحل "محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا لمصر.

الصراع الليبي

وأكد التقرير أن من الملفات التي تفرض نفسها علي واقع ومستقبل العلاقات بين البلدين ،الوضع في  الوضع في ليبيا من أكثر القضايا الشائكة التي تؤثر على العلاقات بين تركيا ومصر. ومن المعروف أن أنقرة دعمت حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، التي تعتبرها مصر قريبة من فصائل "الإخوان المسلمون"، وبينما أكدت تركيا أنها تدعم فقط الإدارة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، فقد اتهمت القاهرة بدعم الجنرال "خليفة حفتر" الذي يسعى للاستيلاء على السلطة بالقوة.

وبالرغم من التهديدات والتحذيرات المتبادلة والتي استمرت فترة من الزمن، أدركت تركيا ومصر أنهما غير قادرين على تحقيق نصر عسكري حاسم في الصراع الليبي، حيث لا تملك أي دولة منهما الأدوات اللازمة لتحقيق أهدافها بالكامل.

ولن تؤدي أي مواجهة عسكرية بين أنقرة والقاهرة في الأراضي الليبية إلا إلى إطالة أمد الصراع. وبالرغم أن استمرار التوتر بين مصر وتركيا على الأراضي الليبية ستكون أخبارا مرحب بها للعديد من الأطراف في المنطقة والتي لها مصلحة من مثل هذا القتال (مثل إسرائيل وإثيوبيا) لكن البلدين يدركان أن استمرار هذا الصراع يستنزف مواردهما.

علاوة على ذلك، من شأن تلك المواجهة أن تشجع الجماعات المتمردة في مصر وتركيا، مثل حزب العمال الكردستاني الانفصالي الإرهابي في جنوب تركيا، والفصائل الإسلامية المتطرفة في سيناء بمصر.

أزمة شرق المتوسط

وأكد التقرير أن أصول نزاع شرق البحر المتوسط ​​تعود إلى تركيا واليونان في أعقاب التدخل العسكري التركي في قبرص عام 1974. وقد انخرطت مصر والعديد من اللاعبين الآخرين في الأزمة في نهاية المطاف.

ولا تريد تركيا، التي تواجه صعوبات اقتصادية، أن تفرط في موارد الطاقة، لذلك تضغط بقوة من أجل حصتها. وكان على الدول الأخرى التي لديها مصالح في المنطقة، مثل فرنسا وألمانيا وروسيا وإسرائيل وحتى الصين، التدخل لتخفيف الاحتكاكات.

وضمنت الاتفاقية الثانية الدعم العسكري التركي الضروري لحكومة الوفاق الوطني ضد "حفتر" المدعوم من مصر، والذي كان قريبا جدا من طرابلس في ذلك الوقت. وندد وزير الخارجية المصري بهذه الاتفاقات واعتبرها غير شرعية. وفي الواقع، دعت وزارة الخارجية في القاهرة المجتمع الدولي إلى رفض الاتفاقات، مشيرة إلى تداعياتها السلبية.

تقييد منصات المعارضة

وأكد القرير أن التقارب التركي الحالي مع مصر قوبل  بتحفظات حذرة من قبل الإسلاميين وقوى المعارضة الليبرالية، وسط تقارير تفيد بأن القاهرة طلبت من أنقرة المساعدة في كبح جماح المعارضة المصرية. ومع ذلك، قال "إبراهيم منير"، نائب مرشد جماعة "الإخوان المسلمون" المصرية إن جماعة الإخوان لن تقف ضد أي مصالحة بين أنقرة والقاهرة، ولا أي جهة "تسعى إلى الخير".

وقد طلبت السلطات التركية بالفعل من قنوات المعارضة تخفيف حدة انتقاداتها للنظام المصري، ولاحقا طلبت إيقاف عدد من البرامج التي كان لها صوت مسموع لدى شرائح كبيرة في مصر والمنطقة.

وبالرغم أن هذه الإجراءات تأتي لتسهيل عملية التطبيع بين تركيا ومصر، فإن التوصل إلى اتفاق بشأن قضايا أكثر تعقيدا، مثل المستقبل السياسي لليبيا والحدود الإقليمية للمياه في شرق البحر المتوسط، سيحتاج بالتأكيد إلى مزيد من الجهد والتعاون.

ومع تغير البيئة الدولية والإقليمية وتزايد الضغوط السياسية والاقتصادية المحلية، يبدو أن أنقرة والقاهرة تتجهان ببطء نحو حل توتراتهما، حتى إن تطلبت استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مزيدا من الوقت.