مع انطلاق الترشح للانتخابات العمالية بمصر .. " مخالفات بالجملة .. وتهديدات بالفصل والاعتقال للمرشحين "
الثلاثاء - 10 مايو 2022
مع انطلاق الترشيحات للانتخابات العمالية بمصر، وفي وقت يعيش فيه العمل النقابي العمّالي لحظات صعبة، بعد السيطرة التامة على المنظمات النقابية العمّالية من قبل الأجهزة الأمنية، التي شدّدت قبضتها في الأعوام الأخيرة، وتحديداً بعد انقلاب الثلاثين من يونيو/حزيران عام 2013، رصدت دار الخدمات النقابية والعمالية عدة مخالفات منذ اليوم الأول .. وبدأت الدورة الانتخابية لعضوية مجالس إدارة المنظمات النقابية العمالية للدورة النقابية 2022/ 2026، يوم 8 مايو/أيار الجاري، بفتح باب الترشح، على أن تنتهي مهلة إيداع الأوراق في 20 مايو 2022.
واعتبرت غرفة العمليات المشكلة بالدار لرصد ومتابعة الانتخابات النقابية العمالية، أن هناك حالة من التضييق على الدعاية الانتخابية، حيث إن الوقت المحدد للعملية الانتخابية بمراحلها وخطواتها ضيق للغاية، حيث تفصل بين فتح باب الترشح وإجراء الانتخابات ثمانية أيام فقط يجري خلالها إعلان الكشوف الأولية والطعن عليها ثم إعلان الكشوف النهائية.
وأشارت إلى أن الوقت غير كافٍ لاستخراج المستندات الكثيرة المطلوب من الراغب في الترشح تقديمها، خاصة لمن شملتهم المرحلة الأولى التي بدأت مباشرةً بعد عطلة طويلة لمدة عشرة أيام توقفت خلالها كافة المصالح الحكومية عن العمل
وقد أدى ذلك إلى اضطرار الكثير من الراغبين بالترشح لمحاولة الحصول على صور طبق الأصل من المستندات الموجودة في ملفات خدمتهم، الأمر الذي أتاح لجهات العمل مزيداً من التدخل في الشأن النقابي بالامتناع عن إعطاء صور طبق الأصل معتمدة من المستندات الموجودة تحت أيديهم
مخالفات مرصودة
ورصدت الدار عدة مخالفات للتقديم للانتخابات، منها مخالفة بحق اللجنة النقابية للعاملين بمديرية الضرائب العقارية بمحافظة قنا، حيث رفضت المديرية تحرير محضر بإيداع أوراق المشروع الانتخابي للجنة أو تسليم ممثلها أي إفادة باستلامها هذه الأوراق
كما فوجئت المرشحة رشا مصطفى عبد الظاهر (ضرائب السويس)، بشطب اسمها من كشوف أعضاء الجمعية العمومية
كما اكتشف عدد آخر من أعضاء الجمعية العمومية للجنة النقابية الراغبين في الترشح للانتخابات شطبهم أيضاً من كشوف الجمعية العمومية لحرمانهم من حقهم في الترشح
كما تم استدعاء 6 أعضاء من مجلس إدارة نقابة الضرائب العقارية بالإسماعيلية إلى مديرية الأمن الوطني بالمحافظة يوم 13 إبريل/نيسان الماضي، وتهديدهم بالفصل من العمل والاعتقال إذا قامت اللجنة بإيداع أوراقها لمديرية القوى العاملة، ولذلك لم تستطع اللجنة إيداع أوراقها في اليوم الأول للترشح.
كما رفضت اللجنة النقابية للعاملين بالضرائب العقارية بطنطا منح الأوراق اللازمة للترشح لخمسة من الراغبين بالترشح، حسب دار الخدمات النقابية والعمالية، وهو ما تكرر مع المرشح محمد حمدي محمد رزق، الموظف بالإدارة العامة لمنطقة بريد البحيرة.
يشار إلى أن الإطار التشريعي للانتخابات النقابية العمالية هو الباب الخامس من قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 213 لسنة 2017، والفصل الرابع من اللائحة التنفيذية للقانون
وأشارت الدار إلى أن شروط وإجراءات الترشح والانتخاب لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية العمالية الواردة في القانون رقم 213 لسنة 2017 هي الأكثر شبهاً وتماثلاً مع أحكام القانون المُلغى "سيئ السمعة" رقم 35 لسنة 1976.
التهديد بالفصل والاعتقال
كما كشفت دار الخدمات النقابية والعمالية أن انتخابات النقابات العمالية بمصر والتي تم إغلاق باب الترشح فيها أمس الإثنين، شهدت العديد من التضييقات الأمنية تشمل التهديد بفصل واعتقال بعض من توجهوا للترشح.
وأغلقت وزارة القوى العاملة، الإثنين، باب الترشح لعضوية مجالس إدارة المنظمات النقابية العمالية للدورة النقابية 2022-2026، في 14 نقابة عمالية
وتلك النقابات هي: الصناعات الغذائية، المرافق العامة، النقل الجوي، الصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية، الزراعة والبحث العلمي، النقل والمواصلات، التعليم والبحث العلمي، الغزل والنسيج، البريد، الإنتاج الحربي، البترول، النقل البحري، الخدمات الصحية، المالية والضرائب والجمارك، والعلوم الصحية، على أن يتم إجراء الانتخابات يوم 16 مايو/أيار الجاري
يذكر أن المرحلة الثانية من الانتخابات ستبدأ بفتح باب الترشح من يوم السبت 21 مايو/أيار الجاري، في 14 نقابة عمالية، هي: الاتصالات، التجارة، الكيماويات، النقل البرى، الصحافة والإعلام، النقل العام، صناعات البناء، السياحة والفنادق، البنوك والتأمينات والأعمال المالية، السكة الحديد، المناجم والمحاجر، السياحة والفنادق، البنوك والتأمينات والأعمال المالية، سكة الحديد، المناجم والمحاجر، الخدمات الإدارية والاجتماعية، النيابات والمحاكم، الإسعاف، على أن يتم إجراء الانتخابات خلال يومي الأحد والإثنين 29 و30 مايو/أيار الجاري.
سيطرة أمنية ومجالس بالتعيين
وطالب أعضاء لجنة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمل والحق في التنظيم، ومن بينهم ممثلو النقابات وممثلو مكاتب العمال في الأحزاب السياسية والقيادات العمّالية في دار الخدمات النقابية والعمالية، بضرورة استيفاء اللجان النقابية إجراءاتها وانتظار صدور القرارات الوزارية المنظمة إجراء الانتخابات، وتحديد مواعيدها وفقاً لما نص عليه قانون المنظمات النقابية وحماية حق التنظيم 213 لسنة 2017 والمعدل بالقانون 142 لسنة 2019، وليس استيفاء الأوراق بعد صدور القرار
كما طالب ممثلو العمّال بضرورة إزالة العقبات التي تواجه اللجان النقابية في عمليات التأسيس الجديد، ومخاطبة الوزارة بالانتهاء من إجراءات التأسيس للجان النقابية التي أودعت أوراقها منذ فترة طويلة، ولم تحصل على الخطابات اللازمة لممارسة عملها النقابي، كي يتسنى لها المشاركة في الانتخابات النقابية.
وتبدأ الدورة الانتخابية الجديدة لعضوية مجالس إدارة المنظمات النقابية العمالية، للدورة النقابية 2022/2026، بينما تعاني الطبقة العاملة في مصر من تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك القانونية، بفعل تبعات انتشار وباء كورونا، وانخفاض قيمة الجنيه، والقوانين المكبلة حق العمّال في التظاهر والتعبير عن الغضب.
وأحد المصادر العمالية اكد للعربي الجديد أنه من الواضح لان هناك أساليب عدة للأجهزة الأمنية من أجل ضمان السيطرة على العمّال وعلى النقابات والتنظيمات الخاصة بهم"، وأول هذه الأساليب، بحسب رأيه، "التحكّم في كشوف المرشحين عبر حذف أي شخص يشتبه في عدم ولائه التام للنظام، من دون أي مسوغ قانوني، وحينها يصبح هذا الشخص بلا أي سند أو دعم من أي جهة، إذ إن الأمر لم يعد كالسابق عندما كانت هناك صحافة مستقلة تدافع عنه، وعندما كان هناك قضاء مستقل يمكن أن يلجأ إليه عبر الطعون التي كانت تقدم في مجلس الدولة".
ولفت إلى أنه "حتى مجلس الدولة تمّت السيطرة عليه أيضاً، مثله مثل الهيئات القضائية الأخرى، فأصبحت الدعاوى من هذا النوع يجرى إهمالها أو عدم قبولها أو إرجاؤها إلى أجل غير مسمى، حتى تمر الانتخابات بالشكل الذي تريده الأجهزة".
وقال القيادي العمالي إن "قضاء الدولة على جميع المؤسسات، مثل القضاء والصحافة والنقابات، دليل على أنها دولة فاشلة، ليست فيها أية مؤسسات". ورأى أنه "حتى في عهد مبارك عندما كانت الأجهزة الأمنية تحاول السيطرة على النقابات العمّالية، كانت هناك مؤسسات شبه مستقلة، كالقضاء والصحافة، يعلم النظام أن المحافظة على وجودها من شأنه أن يدعم وجود الدولة، ويعطي صورة بأنها دولة مؤسسات، أما الآن، فكل ذلك انتهى".
وشدّد القيادي العمّالي على أن "أبشع أساليب السيطرة وتحجيم الحركة العمّالية التي تتبعها السلطة الآن، هو أسلوب الإرهاب، إذ لا تترك أي إضراب حتى لو كان صغيراً من دون القضاء عليه في مهده، عبر تهديد المشاركين فيه بالفصل والطرد، والقبض على العمّال إذا تطور الأمر، والإلقاء بهم في غياهب المعتقلات، حيث حفلات التعذيب المستمرة، ومدد الحبس التي لا تنتهي بتهم لا منطقية، مثل الإرهاب، وغيرها من التهم الجاهزة". ورأى أنه بذلك "تثير حالة من الرعب بين العمّال، تدفعهم للتفكير ألف مرة قبل الإقدام على المشاركة في أي إضراب أو تظاهرة"
وإلى جانب الغضب العمّالي المكتوم بسبب تقييد الحق في الإضراب، فإن أنين الغضب المكتوم يوشك أن ينفجر بسبب ارتفاع الأسعار وضيق الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها قطاعات عريضة من المجتمع المصري.
8041 انتهاكاً لحقوق العمّال ، و206 احتجاج خلال 2021
وسبق أن رصدت دار الخدمات النقابية والعمّالية، خلال العام الماضي، 8041 انتهاكاً لحقوق العمّال في مصر، حيث سجّل انتهاك تأخر صرف الراتب أعلى المعدلات حيث يمثل 35,9 في المائة من إجمالي الانتهاكات بواقع 2891 انتهاكاً، يليه عدم وجود دار حضانة والذي مثل 27,2 في المائة من إجمالي الانتهاكات بواقع 2190 انتهاكاً.
كما شهد العام الماضي 254 حالة فصل تعسفي، بينها 253 حالة في القطاع الخاص وحالة واحدة في قطاع الأعمال العام، موزعة على النشاطات الاقتصادية المختلفة. وسجلت المنشآت الصناعية 84 حالة فصل تعسفي، يليها قطاع السياحة بـ131 حالة وقطاعات أخرى (38)، وأخيراً التعليم بحالة واحدة في إحدى المدارس الخاصة. كما رصدت 214 حالة إكراه على تقديم الاستقالة في المنشآت الصناعية، بواقع 14 حالة في القطاع الخاص و200 حالة في قطاع الأعمال العام.
ورصدت دار الخدمات النقابية والعمّالية، كذلك، 2891 حالة تأخر في صرف الرواتب، بينها 2890 حالة في القطاع الخاص، وحالة واحدة في قطاع الأعمال العام، موزعة على 2500 حالة في المنشآت الصناعية، و90 حالة في التعليم و301 حالة في قطاعات أخرى.
وفي سياق متصل ، رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان 206 احتجاجات عمالية واجتماعية في مصر خلال العام المنصرم 2021، من بينها 21 احتجاجا في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وشملت الاحتجاجات العمالية في ديسمبر وقفة احتجاجية للعاملين في المراكز الثقافية بسبب رفض رئيسة دار الكتاب إقرار اللائحة المالية الجديدة، وتقدم عدد من العاملين في الشهر العقاري بشكوى جماعية ضد الوحدة الحسابية في مدينة الأقصر للمتضررين من طريقة تحرير الرواتب ووجود مغالطات كبيرة.