منصات "التواصل".. هل تنجح في تحطيم جدار الخوف لدى المصريين؟
الأحد - 20 أكتوبر 2024
- "منصات التواصل" نجحت في تشكيل الوعي وأصبحت لاعباً مهما في الساحة السياسية
- كانت أداة أساسية لتحريك الشارع في ثورة يناير وما تلاها من أحداث حتى سبتمبر 2019
- نظام السيسي استحدث قوانين مقيدة للحريات ومئات اللجان الإلكترونية للسيطرة عليها
- نشطاء منصات التواصل سعوا بقوة لكسر جدار الخوف وفضح فساد النظام وفشله الذريع
- أصبحت مواقع التواصل وسيلة لمقاومة الاستبداد والتصدي للمتطاولين على القيم الدينية
إنسان للإعلام- تحقيق:
أدت منصات التواصل الاجتماعي، على مدار العقدين الماضيين، دورا مهما في تنمية الوعى السياسي للمصريين، وأتاحت لهم هامشا واسعا من حرية التعبير عن مواقفهم، وكان لها تأثير كبير على نظرتهم للقضايا العامة، وفتح قنوات جديدة للحوار، مما سمح بتبادل الآراء بشكل أكبر بين فئات مختلفة من المجتمع.
وفي عهد "السيسي"، الذي شهد مصادرة كل أشكال التعبير عن الرأي في الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية، وتأميم المجال العام، وإغلاق الميادين امام التظاهر، أصبحت مواقع التواصل هي البديل الوحيد للتعبير عن الرأي ورفض الواقع، وفضح الممارسات الاستبدادية، مما جعلها بالفعل "فزاعة" للنظام، الذين ناصبها العداء.
نرصد من خلال هذا التقرير أثر منصات التواصل الاجتماعي في تعامل الجمهور مع القضايا السياسية في مصر، ودورها في نجاح ثورة يناير، كما نرصد أثرها في كسر جدار الخوف في عهد السيسي.
منصات التواصل وتنمية الوعي السياسي
بفضل الانتشار الواسع لمنصات مثل "فيسبوك" و"إكس" (تويتر سابقا) و"إنستجرام"، أصبح بإمكان أي شخص لديه اتصال بالإنترنت أن يشارك في الحوارات السياسية. وأثبتت هذه الوسائل قدرتها على التأثير في السياسات وتحفيز الحركات الاجتماعية وتغيير مجرى الأحداث بمصر، من خلال نقل الأخبار وتداول المعلومات بسرعة فائقة إلى جمهور واسع، مما أتاح للأفراد الاطلاع على القضايا السياسية والتفاعل معها بصورة مباشرة.
بجانب ذلك، تمكنت وسائل التواصل من تغيير طريقة توصيل المعلومات السياسية، ففي الماضي كانت وسائل الإعلام التقليدية مثل التليفزيون والصحف تسيطر على نقل الأخبار، وكانت لديها سلطة كبيرة في تحديد الأجندة السياسية، ولكن مع ظهور منصات التواصل أصبح من الممكن لأي شخص نشر المعلومات والأخبار عن اي حدث في لحظة وقوعه، أيا كان نوعه.
كما اضطلعت وسائل التواصل بدور حاسم في تنظيم الحركات الاجتماعية والتظاهرات الشعبية، كما حدث في "الربيع العربي"، إذ استُخدمت منصات مثل "فيسبوك" و"تويتر" لتنظيم الاحتجاجات ونشر المعلومات بين المتظاهرين، وتنمية التحركات التي بدأت بمطالب بسيطة للإصلاح، ثم تمكنت من الإطاحة بعدد من الأنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومع الوقت، وبالجهد التراكمي، نجحت مواقع التواصل في نشر الوعى حول القضايا السياسية والحقوق المدنية، من خلال حملات توعوية ومحتوى يركز على قضايا محورية مثل حقوق الإنسان والفساد.
وفي مصر على وجه التحديد، نجحت وسائل التواصل في أن تكون المنصة الأولى للتعبير عن الرأي، في ظل الديكتاتورية العسكرية الحاكمة، فامتد أثرها على صُناع القرار والسياسات العامة، نتيجة استخدامها في "التعبئة السياسية الشعبية"[1] .
دور مواقع التواصل في ثورة يناير
أدت مواقع التواصل الاجتماعي دوار كبيرا في تعبير المصريين عن غضبهم من النظام العسكري في نهاية عهد مبارك.
وعلى سبيل المثال، كانت صفحة "كلنا خالد سعيد" على فيسبوك، منصة مهمة مهدت لثورة يناير 2011، حيث دعت لسلاسل بشرية أسبوعية، كل جمعة؛ للإعلان عن غضب المصريين من مقتل المواطن خالد سعيد على يد اثنين من أمناء الشرطة بالإسكندرية.
وحصدت الصفحة ملايين المتابعين في فترة زمنية وجيزة، سبقت اندلاع الثورة بأشهر؛ فكان عالمها الافتراضي دافعا لحشد جموع الشباب للتحرك الجماعي ورفض كل مظاهر الظلم والقتل والتعذيب في مصر، وتجاوبت حينها مع دعوة محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية لطاقة الذرية، لتنظيم أول مليونية في مصر، تكون قادرة على التغيير[2]".
بعد ذلك، نجحت مواقع التواصل بجدارة في تحويل الاحتجاجات الفردية إلى تنظيم قوى قام بدور التعبئة للثورة فانقلبت من ثورة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ثورة حقيقية على أرض ميدان التحرير.
وتحول فضاء الإنترنت الذي أسقط مبارك إلى سلاح في يد الشعب، فحركت مواقع التواصل الشباب وكونت منهم جيشا على فيسبوك وتويتر ويوتيوب، واشتهرت جملة تم تداولها على الإنترنت وهي "الثورة بدأت علي فيسبوك وأعطاها تويتر دفعة وقادها موظف على جوجل في اشارة الي الناشط "وائل غنيم" الذي كان يشغل منصب مدير تسويق شركة جوجل في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا.
ومن التراكمات التي حركت هذه الثورة، ما قامت به حركة "6 أبريل" من نشاط على مواقع التواصل في عام 2006، تحول فيما بعد إلى واقع على الأرض، من خلال إضراب يوم "6 أبريل 2008"، الذي شارك في هذا الاضراب اكثر من 71 الف شخص مصري.
كما أن "فيسبوك" و"تويتر"، لعبا دورا كبيرا في تحريك الغضب الشعبي بعد نشر جرائم الانتهاكات بالصوت والصورة، مما أدى إلى تعبئة الشعب ضد الظلم وممارسات نظام مبارك، وذلك بخلاف ما قامت به جماعة الإخوان المسلمين من نشاط واسع على مواقع التواصل في الدعوة للإصلاح السياسي بمصر بعد دعوتها لمظاهرات الإصلاح .
وقد انتهي هذا التراكم في الفضاء الإلكتروني، إلى ثورة 25 يناير 2011، التي تم تنظيم حشودها أيضا من خلال "فيسبوك" و"توتير"وإبلاغ الناس بمواعيدها وأماكنها، مما ساعد على جمع أعداد كبيرة من المحتجين.
كما ساهمت مواقع التواصل، في نشر الأخبار والمعلومات الصحيحة عن مجريات الثورة الشعبية بسرعة، مما جعل المواطنين على دراية بالأحداث الجارية وتطوراتها بجانب أنها وفرت مساحة للمتظاهرين لمشاركة تجاربهم وآرائهم، مما خلق شعورًا بالوحدة والتضامن بين المشاركين في الثورة.
وفوق ذلك، نجحت مواقع التواصل في كسر الاحتكار الإعلامي لنظام مبارك، مما سمح للمحتجين بنقل رسالتهم للعالم الخارجي فساعدت في جذب الانتباه الدولي للثورة.
و"كانت منبرًا للتحفيز على المشاركة الفعلية في الثورة، حيث شجعت الأفراد على الخروج إلى الشوارع والمشاركة في الاحتجاجات"[3].
ولم يكن أمام النظام في يوم "جمعة الغضب" لمواجهة طوفان مواقع التواصل الاجتماعي، إلا ان يقرر قطع الاتصالات والإنترنت عن مصر يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011، بعد الدور المهم الذي أدته في تحريك الثورة، ونشر أخبارها، ثم نشر نصائح مقاومة الغاز المسيل للدموع، الواردة من ثورة الياسمين في تونس للثورة المصرية.
في المحصلة، أدى كل من "فيسبوك" و"تويتر" دورا فاعلا في الثورة المصرية التي استمرت 18 يوما، وأدت إلى تفويض مبارك السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 11 فبراير 2011 بعد 30 عاما من الحكم .
لقد أصبح جليا بعد أحداث ثورة يناير، أن أدوات التواصل الاجتماعي هزمت حالة الطوارئ التي تعتبر الأداة التي لا يستغنى عنها أي نظام استبدادي، وطالما وفرت له الحماية حتى من مجرد الاعتراض عليه.
تغلبت وسائل التواصل أيضا على أذرع القهر الباطشة، التي فشلت في إيقاف التجمعات الحاشدة، ومن ثم أعادت هذه المواقع تعريف المفاهيم التقليدية فى ظل تزايد تأثيرها على الحياة بكل تفاصيلها[4]4.
مواقع التواصل .. العدو الأول لنظام السيسي
بالتزامن مع سطو السيسي على نظام الحكم بعد انقلاب 3 يوليو 2013، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ملجأ المصريين للتعبير عن مواقفهم السياسية وآرائهم في مختلف القضايا، بعد تأميم كل منابر التعبير عن الرأي، وإغلاق الميادين امام المتظاهرين.
ونجحت هذه المواقع في أن تكون مصدراً رئيسياً للأخبار والمعلومات، مما ساعد المصريين على متابعة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تخفيها وسائل الإعلام المُسيطر عليها من قبل النظام.
بالتالي، أدت دورًا مزدوجًا لتعزيز الوعي والمشاركة السياسية، كما كانت مصدرا للأخبار والمعلومات الصحيحة، وتحولت إلى ساحة تتبارز فيها مختلف الاتجاهات مع النظام الحاكم ، وساهمت في رفع مستوى الوعي بالقضايا الحقوقية، ونجحت في إتاحة مساحة لتجاوز القيود المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية.
وبسبب هذا النشاط الكبير لمواقع التواصل، ناصبها السيسي ونظامه العداء، بسبب الخوف من التفاعل الشعبي مع ما ينشر بها حول الممارسات الاستبدادية والفساد والانهيار الاقتصادي، وخشية النظام من أن تمهد للنزول إلى الشارع كما حدث خلال ثورة يناير"[5].
تشريعات مستحدثة لتقييد منصات التواصل
في ظل قلق النظام المصري من منصات التواصل الاجتماعي، توالت التشريعات لتقييد نشاط هذه المواقع وروادها ومراقبتها عن كسب، فتم تشريع قانون الإرهاب وتعديلاته، وقانون الجريمة الإلكترونية، وقانون الاتصالات.
كما أقر برلمان "السيسي" في منتصف عام 2018، قانون "تنظيم الصحافة والإعلام"، والذي سمح للدولة بالإشراف الكامل على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي ظل هذا القانون، يعتبر أي حساب شخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، أو أي مدونة، أو أي موقع على الإنترنت، يتابعه أكثر من 5000 شخص منفذا إعلاميا يخضع لقانون الإعلام.
ومُنح المجلس أيضا سلطة إغلاق المواقع على الإنترنت، ورفع شكاوى جنائية على المنابر والأشخاص الذين يتهمون بجرائم من قبيل "تحريض الناس على انتهاك القوانين"، و "التشهير بالأشخاص والأديان".
ووصفت منظمات حقوقية هذا القانون بانه يطلق يد السلطات في سجن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هذه المنظمات منظمة العفو الدولية (آمنستي)، ومنظمة "هيومن رايتش ووتش" .
وبموجب هذه التشريعات استطاعت السلطات الانقلابية حبس عشرات الآلاف من المصريين بتهمة نشر أخبار كاذبة عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما وضعت حسابات فيسبوك، وإكس (تويتر سابقا)، ومنابر التواصل الاجتماعي الأخرى تحت مقصلة الأحكام القضائية المشددة"[6].
اللجان الإلكترونية للنظام.. طابور المواجهة
وفي إطار محاولات نظام "السيسي" المستمرة للرقابة والسيطرة على منصات التواصل، استحدث بعد انقلاب 2013 ما يعرف باللجان الإلكترونية، والتي تعد من أهم أدوات إدارة حسابات التواصل الاجتماعي، وتعتمد عليها كل نظم الفساد والاستبداد في المنطقة؛ للتضليل والتشويه والاستهداف الممنهج للمعارضين وقتل الروح المعنوية وتوجيه الرأي العام.
هذه اللجان لم تعد مجرد حسابات وهمية أو لشخصيات هامشية تتاجر باسمها وشرفها -بحسب توصيف الحقوقي جمال عيد- بل أصبحت لشخصيات من لحم ودم، ضاع ضميرها، أو ضُيّع، وتناقش دون استهداف لكسبك لموقفها، بل لإحراجك وكسب من يوظفها، مرجحا أن يكون الحل والمخرج الوحيد تمسكك بمبادئك.
وفي سبتمبر 2019، كشف المقاول محمد علي أن بعض لجان السيسي الإلكترونية ترعاها المخابرات الحربية من مبنى في طريق النصر بالقاهرة يتبع الأمن الحربي، وكشف آخرون أن شركة مصرية تدير هذه اللجان، اسمها New Wave يملكها اللواء المتقاعد عمرو حسين، ولها فرع في الإمارات.
وفي ظل نشاط هذه اللجان المستمر، أعلنت إدارة “تويتر”، في أبريل 2020، حذف نحو (5300) حساب وهمي تنطلق من عدة دول، منها مصر والسعودية والإمارات، وتمجد هذه الحسابات قيادات هذه الدول وتهاجم قطر وتركيا وإيران. وفي نهاية عام 2022، أعلن مسؤولون في "تويتر" حذف أكثر من مليون حساب مزيف يوميا.
ويطلق مصطلح "الذباب الإلكتروني"، لوصف حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي يكون الهدف منها هدفا سياسيا لصالح الأنظمة الحاكمة، ويستخدم مصطلح لجنة أو لجان إلكترونية للمعنى ذاته، وهي اتحاد بين مجموعة من الأشخاص أو المنظمات الإلكترونية، التي تعمل على توجيه أو تغيير اتجاه الرأي العام"[7].
ورغم ضخامة الأموال التي يصرفها النظام في مصر على هذه اللجان، فإن الواقع يؤكد فشلها في التصدي لما يثار من فضائح للنظام داخليا وخارجيا، ولم تنجح في صد "الانتقادات العنيفة" الموجهة للنظام، وخصوصا ما يتعلق منها بانتهاك الحريات.
الشئ نفسه ينطبق على لجان الإمارات المساندة للنظام المصري، فرغم المئات من اللجان في مصر والإمارات، وتوظيف شركات دعاية (لوبي) في أميركا بملايين الدولارات وشراء أقلام صحفيين وباحثين غربيين، فقد فشلوا في تغيير صورة أنظمتهم القمعية"[8].
هل تفلح محاولات كسر جدار الخوف؟
حاول نظام "السيسي"، منذ انقلاب 3 يوليو 2013، تعميق جدار الخوف في نفوس المصريين، لكن في المقابل واصل الشعب، وبعض القوي السياسية، محاولاتهم لكسر هذا الجدار من خلال منصات التواصل بعد غلق المجال العام والميادين.
ففي عام 2019، شهد الشارع المصري مظاهرات – وإن كانت محدودة- بعد دعوات متكررة عبر منصات التواصل الاجتماعي للنزول للشارع.
وأكد تقرير لموقع "بي بي سي" عربي ، أن عام 2019 شهد تأثيرا متزايدا لمواقع التواصل الاجتماعي في مصر، تجسد واقعا في تظاهرات محدودة لكنها نادرة، خرجت تلبية لدعوات ظهرت على بعض تلك المواقع، في ظل اتهامات باستخدامها أيضا لنشر الشائعات وزعزعة الاستقرار في المجتمع.
وقد ترتب على تلك التظاهرات في شهر سبتمبر/أيلول 2019 ، كسر جدار الخوف لدى المصريين، رغم ما تبعها من حبس احتياطي، وأحكام قضائية، وحجب مزيد من المواقع الإلكترونية .
أضاف التقرير، أن الدور المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي صاحبه جدل كبير بين مشجع يرى فيها بديلا "إعلاميا" لا يمكن تقييده، كما يحدث مع وسائل الإعلام التقليدية، ومن ينتقد هذه الوسائل بشدة ويطالب بضبطها بقوانين صارمة، لأنها تعبر عما يصفه البعض بـ "ثقافة القطيع" التي قد تؤدي إلى "التشهير والتجريح أحيانا" ونشر الشائعات.
وقال إن وزارة الداخلية المصرية التفتت بشكل ملحوظ إلى أهمية مواقع التواصل الاجتماعي؛ فرفعت درجة الاشتباه في مستخدميها، واستحدثت إجراء أمنيا لمواجهة هذه الفورات الإلكترونية التي تم ترجمتها على ارض الواقع في مظاهرات"[9].
وفي إطار سعى المصريين لتحطيم جدار الخوف، تم تسخير منصات التواصل الاجتماعي، لفضح كل الانتهاكات الحقوقية والسياسية وكشف الفشل الاقتصادي الذي تعيشه مصر، مستخدمين سلاح "بوستات" السخرية، رافعين شعار "في البلدان التي يكون فيها الخوف سلاح لمحاربة حرية التعبير، تصبح السخرية أقوى وسائل المقاومة .
وبالتالي "أدت فنون السخرية بمواقع التواصل في مصر، دورا هائلا وجوهريا في الأحوال الاجتماعية والسياسية، وأصبحت وسيلة مقاومة للنظام الانقلابي"[10]
ولم يقتصر دور منصات التواصل الاجتماعي على مقاومة النظام الانقلابي وفساده، بل أصبحت أداه جادة لمواجهة المتلاعبين بقيم وثوابت وهوية المجتمع المصري، فمع اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بالجدل حول ما يطرحه إعلاميون وغيرهم من قضايا مثيرة للجدل، تتعلق بالدين والقيم والأخلاق والهوية الوطنية، أصبح المصريون يرون من الضروري التصدي لكل القضايا الجدلية.
ومن أمثلة ذلك المواجهة عبر منصات التواصل، مع الإعلامي القريب من السلطة إبراهيم عيسى بعد طرحه الكثير من القضايا الجدلية حول التشريع الإسلامي، وفصائل المقاومة الفلسطينية ودعوته الصريحة للتطبيع مع الكيان الصهيوني والدفاع عن جرائمه.
ويربط مراقبون بين إطلالة إعلاميين بقضايا قديمة أو جديدة بهدف الإلهاء، وبين ارتفاع منسوب غضب المصريين من قرارات حكومية، وتعبيرهم عن هذا الغضب عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو بروز قضايا أكثر أهمية وخطرا على مستقبل البلاد مثل تصريحات حكومية بشأن زيادة أسعار الخبز او البنزين ، بالإضافة إلى فشل الحكومة في ملف سد النهضة "[11].
نخلص مما سبق إلى أن منصات التواصل الاجتماعي كانت ملاذا للمصريين للتعبير عن مواقفهم الرافضة لاستبداد العسكر على مدار العقدين الماضيين، كما كانت رافدا رئيسيا لتلقي المعلومات التي تسعى وسائل الإعلام للتغطية عليها، ومحركا لتنمية الوعي السياسي؛ لذا ناصبت الأنظمة العسكرية هذه المنصات العداء وأنتجت عشرات القوانين للسيطرة عليها، لكن دون جدوى، فقد نجحت هذه المنصات في كسر حاجز الخوف من الديكتاتوريات العسكرية، واصبحت منابر للتعبير الحر عن الرأي.
المصادر:
[1] "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في السياسة" ، الدندنة عربية، 28 أغسطس 2024، https://linksshortcut.com/KbGYR
[2] "مواقع التواصل: منها الثورة وإليها تعود" ، العربي الجديد، 25 يناير 2016، https://linksshortcut.com/gfSng
[3] "مواقع التواصل الاجتماعي تأثيرها وكيف صنعت الثورة المصرية" ، موقع الحوار اليوم 15 نوفمبر2015 ، https://www.alhiwartoday.net/node/10142
[4] "مواقع التواصل الاجتماعى تشهد فى مصر ربيعها الخاص بعد ثورة 25 يناير" ، مباشر، 24 يناير 2012، https://2h.ae/npVV
[5] "السيسي مرعوب من”السوشيال” لـ3 أسباب" ، بوابة الحرية والعدالة، 6 مارس 2019، https://linksshortcut.com/mMmMY
[6] "مجلس النواب المصري يقر قانونا لتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي" ، "بي بي سي"عربي ، 17 يوليو 2018، https://linksshortcut.com/ypXoj
[7] "لجان يقودها “المايسترو” .. الإلكترونية من “مصنع بلاستيك” تقود حملات تشويه مدفوعة الأجر" ، بوابة الحرية والعدالة، 22 سبتمبر 2022 ، https://linksshortcut.com/gNbYv
[8] "لجان السيسي الأجنبية".. هل تفلح بتغيير الصورة القمعية لنظامه لدى الغرب؟" ، موقع الاستقلال، ٣يناير 2021، https://linksshortcut.com/CQPsN
[9] "مصر في 2019: كيف تمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من إحداث تأثير على أرض الواقع؟" ، بي بي سي " عربي، 26 ديسمبر 2019 ، https://2h.ae/zFib
[10] "السخرية سلاح المقاومة في مصر" ، اوبن ديمقرطي، 20 ديسمبر 2016 ، https://linksshortcut.com/mpLnj
[11] "إلهاء وتدافع وبحث عن الشهرة.. أزمة مواقع التواصل تتجدد بمصر"، الجزيرة نت، 4 أبريل 2022، https://2h.ae/nyHa