يتساءل الصحفي المعروف سليم عزوز في مقال له: ماذا كسب الإسلام بصعود الإسلاميين؟ ليصل إلى الإجابة التي يبدو أنه عينها سلفا وهي أن الإسلاميين قصروا بحق الإسلام وتنازلوا عن ثوابته في سعيهم للصعود إلى كرسي السلطة.
وهذه بالذات هي التهمة المعلبة التي وجهها إليهم عسكر مصر وأنصارهم ومشاييعهم من أحزاب الكرتون السياسية، ليسرقوا منهم السلطة وأن لم يفلح التحايل فبالحديد والنار وهذا ما حصل فعلاً.
وبعكس ما فعله الإخوان المسلمون تماماً الذين وصلوا للحكم بعد أن خاضوا معركتهم السياسية عبر صندوق انتخاب وبالوسائل المشروعة.
وكلنا نعرف وعلى رأسنا كاتب المقال السيد سليم عزوز النتائج الكارثية للإطاحة بحكم الإخوان في مصر بهذه الطريقة،وما استتبعه ذلك من تفريط بكل الثوابت وعلى رإسها الثوابت الدينية وآخرها المشي في زفة الديانة الإبراهيمية والتي لم يتصدّ أحدٌ لتفنيدها وقطع الطريق عليها لا الأزهر ولا غيره ولو بآية كريمة من نص القرآن لحسم هذا الجدل العبثي، والله سبحانه وتعالى يقول” ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين.
ولو توقف السيد عزوز عند الدستور الذي وضع في عهد الإخوان ونجح بالاستفتاء والتصويت،لوجد إنه تكريس للإسلام والأحكام وللهوية العقائدية العربية الإسلامية المصرية،ولعل هذا الدستور هو الذي اثار حفيظة القوى المعادية للإسلام لا للإخوان ولهذه الهوية التي ينبغي أن لا تخرج إلى واجهة الحكم وتوضع هناك،لأنها ستكون حجة على واتهاماً لكل من سيعارضها بعد ذلك.
ولذا كان السؤال الاجدر بالطرح يا اخ عزوز هو: ماذا خسر الشعب بالإطاحة بالإخوان وماذا خسرت الأمة؟
في الحقيقة أن الإخوان لم يتنازلوا ولكنهم اختاروا أن يضعوا الإطار الدستوري قبل الأحكام على الطاولة،ولذا تم توظيف السلفيين لاتهامهم بالتفريط في الثوابت والحدود،فتخيل لو أن الإخوان أعلنوا تطبيق الحدود بمجرد وصولهم للسلطة هل كان سيصفق لهم العدوي والحويني وعلي جمعة ورسلان؟ام كانوا ليحاججوهم بالتدرج والتنجيم في تطبيق الأحكام اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ،وهي الإنتقائية الإنتهازية المعروفة التي يمارسها كل من ينتمي لهذا التيار الماشي في ركاب السلطة وهو لعب دور الترزية وتفصيل الأحكام حسب القياس المطلوب من قبل السلطة مادام يجلس على كرسي الإفتاء ويتمتع بامتيازات الوظيفة وتفتح له القنوات وتوسع الشاشات لينسى الحدود التي طالب الإخوان بإقامتها،ويتفرغ للإفتاء بالحيض والنفاس والأيمان والنذور؟
إن اختيار تاجيل تطبيق الاحكام ليس تنازلا كما عده الأستاذ عزوز وإنما كان ترتيباً للأولويات حسب مقتضى الحال،وهذا بالذات ما ألجأ العسكر وإنصارهم للتعجيل بالحسم الدموي لأن الإنتظار كان يعني إعطاء الإخوان الفرصة لإعلان الأحكام في مرحلة لاحقة حين تتهيأ الظروف وتنضج ولذا لجأوا لقطع الرؤوس وبقر البطون بوحشية وفظاعة يندى لها جبين الكافر قبل المسلم .
ولذا يصبح سؤالك يا أخ عزوز في ظل هذه الدموية ترفاً تأنف منه النفوس المنصفة.
والحقيقة إن الإخوان وضعوا غنائمهم على الطاولة من إصلاح اقتصادي وزراعي وتوفير لوسائل العيش والاكتفاء الذاتي ،ولكن الكل زهد في هذه الغنائم وأشاح عنها،وسار في الركب المخالف لسبب بسيط،هو أنه شعب تربى على العبودية،لدرجة أن يقوم العمال بالإضراب بأوامر من أصحاب العمل،وأن يسكب البنزين في الصحراء بأوامر من الموردين المحتكرين أيضا فقط لتشويه عهد الإخوان وافتعال الأزمات التي تحرجهم.
فليست تنازلات الإخوان وإنما عبودية النخب السياسسية وإدمانها على الانتهازية وتجردها من اي مبدأ، والشعب الذي أدمن العبودية وصلى للفرعون لم يكن من السهل عليهم التحول لعبادة الله وهذه هي السيكولوجية التي ترسخت لدى بني إسرائيل في عهد الفرعون،فاختاروا العجل بديلا وفضلوه على عبادة الله لا بل حاججوا موسى وقالوا” إجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة.
وحين تقبع عائشة خيرت الشاطر في السجن خوفاً وخشية من رمزية اسم أبيها،فهذا يجيب تماماً على سؤالك،ومن هو المسكون بالرعب والقلق والخشية ويقف على شفا جرف هارٍ سينهار به قريباً في الدنيا قبل الآخرة.
نقلا عن رأى اليوم