اعترافات "أشتون" كشفت المستور.. هكذا أدار الغرب مؤامرة الانقلاب على "مرسي"

الاثنين - 25 سبتمبر 2023

  • السيسي أخبر "كيري" بتخطيطه للإطاحة بمرسي.. وبحلول مايو 2013 كانت الخارجية الأمريكية تضغط لإجبار مرسي على التنحي
  • "أشتون" عملت على إقناع حكومات الاتحاد الأوروبي بأن الانقلاب كان جزءًا من عملية التحول الديمقراطي
  • أخبرت مرسي بعد الانقلاب بأنه "لا توجد فرصة لعودته" وحاولت إقناعه بأن الانقلاب كان صحيحًا
  • قالت للسيسي في عام ٢٠١٣ إنك لست جنرالا عاديا بل فيلسوف صاحب فكر متسع وهو ما أعجب السيسي
  • بعد مذبحة رابعة تبادلت مع السيسي رسائل رقيقة أثناء اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص
  • مرسي أبدى لـ"أشتون" حزنه على وفاة أكثر من 200 شخص وطلب التوصل إلى اقتراح يجمع الفرقاء لكنها عارضته

 

إنسان للدراسات الإعلامية- وحدة الترجمة:

كشفت كاترين أشتون، مفوضة السياسة الخارجية الأوروبية السابقة، أن الجنرال عبد الفتاح السيسي أخبر جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، بالفعل أنه يخطط للإطاحة بمرسي، وأنه بحلول شهر مايو 2013، كانت وزارة الخارجية الأمريكية تعمل بالفعل على حمل الرئيس مرسي على التنحي.

وقالت أشتون، في مذكراتها  التي نشرتها بداية العام الجاري صحيفة صحيفة الجارديان البريطانية، وأعادت نشرها في كتاب بعنوان (ثم ماذا؟ قصص من داخل دبلوماسية القرن الحادي والعشرين) عن دار إليوت و طومسون اللندنية في  ٢٥٦ صفحة: إن كيري كان "ديمقراطياً حقيقياً" وكان "يمقت العنف"، لكنه أيد الانقلاب.

واعترفت بأنها عملت على إقناع حكومات الاتحاد الأوروبي بأن الانقلاب كان جزءًا من عملية التحول الديمقراطي.

كما اعترفت بأنها قالت للسيسي في عام ٢٠١٣ إنك لست جنرالا عاديا إنما أنت جنرال فيلسوف صاحب فكر متسع، وهو ما أعجب السيسي، بحسب كلامها، وحتى بعد مذبحة رابعة تبادلت مع السيسي رسائل رقيقة أثناء اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص.

وأخبرت مرسي بعد الانقلاب بأنه "لا توجد فرصة لعودته"، وحاولت أيضًا، بحضور ضابط عسكري مصري، إقناعه بأن الانقلاب كان صحيحًا، بحسب عرض نقدي نشره الصحفي البريطاني "توم ستيفنسون" لكتاب كاثرين أشتون، في دورية London review of books يوم ١٠ أغسطس ٢٠٢٣، تحت عنوان "اختفاء الحبر".

قال ستيفنسون: "ترأست أشتون بيروقراطية السياسة الخارجية الأوروبية خلال الربيع العربي، وزارت ميدان التحرير عام 2011، في وقت أرادت أوروبا تقديم نفسها كنموذج للمستقبل المستنير الذي قد تسعى الجمهوريات العربية لتحقيقه".

تابع: "يتجلى خواء هذه الفكرة في روايتها للانتفاضة المصرية، التي تمكنت بطريقة أو بأخرى من تجنب ذكر المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتروي أشتون لقاءاتها في عام 2012 مع الرئيس المصري آنذاك محمد مرسي، وتعرب عن إحباطها لأنه لم يأخذ بنصيحتها لتهدئة خصومه السياسيين من خلال منحهم مناصب ثانوية في الدولة. ويظل الجيش المصري غائباً إلى حد كبير عن حسابها حتى ربيع عام 2013، حيث كان الجنرال عبد الفتاح السيسي قد أخبر جون كيري بالفعل أنه يخطط للإطاحة بمرسي، بحسب رواية أشتون، وكانت المشكلة أن مرسي كان "متجمدًا، أو غير قادر، أو غير راغب في التحرك"

كيري أيد الانقلاب!

أضاف ستيفنسون: "بحلول شهر مايو كانت وزارة الخارجية الأمريكية تعمل بالفعل على حمله على التنحي، وتخبرنا آشتون أن كيري كان "ديمقراطياً حقيقياً" وكان "يمقت العنف"، لكنه أيد الانقلاب.

وتقول أشتون إنها عملت على إقناع حكومات الاتحاد الأوروبي بأن الانقلاب كان جزءًا من عملية التحول الديمقراطي. من الصعب تصديق أنها قد أساءت فهم ما كان يحدث في القاهرة في ذلك الوقت بالسوء الذي يبدو أنها فعلته، لكن روايتها غافلة للغاية لدرجة أنها تكاد تكون ممكنة."

وأردف قائلا:"عادت أشتون إلى مصر بناء على طلب من الولايات المتحدة للمساعدة في الإشارة إلى وقوف الغرب موحدا لصالح الانقلاب العسكري. وكانت واحدة من عدد قليل من الأشخاص الذين زاروا مرسي أثناء احتجازه في سجن سري بقاعدة أبو قير البحرية. روايتها للاجتماع مذهلة، فبعد أن تم نقلها بطائرة هليكوبتر عسكرية، ليلاً، إلى حظيرة غواصات في مكان سري لزيارة رئيس منتخب أطيح به في انقلاب، أخبرت مرسي أنه لا توجد فرصة لعودته، ويبدو أنها حاولت أيضًا، بحضور ضابط عسكري مصري، إقناعه بأن هذا كان صحيحًا. وبعبارة أخرى، فإن "الشعور بالأمل أكبر من عدمه كان حاضرا بشأن مستقبل مصر كدولة ديمقراطية مستقرة".

 يواصل: "بعد أسبوعين، قُتل أكثر من ألف شخص في شوارع القاهرة، ودعا بيان أشتون ردا على ذلك "المواطنين المصريين إلى تجنب المزيد من الاستفزازات"، وحتى بعد مذبحة رابعة تبادلت مع السيسي رسائل رقيقة أثناء اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص، وتعرض الكثير منهم للتعذيب في سجون تحت الأرض أو صدرت ضدهم أحكام بالإعدام بعد محاكمات جماعية.

يقول ستيفنسون: "كنت في ذلك الوقت ساخراً من موقف الاتحاد الأوروبي من الانقلاب، ولكنني لم أفهم مدى سوء الموقف حتى قرأته بكلمات أشتون". (مقال ستيفنسون من المصدر)

"أشتون" ممثلة هوليوديةّ!

هذا الكلام الذي ذهب إليه توم ستيفنسون يعززه ويوضحه جزء من مقال نشره ديفيد هيرست على موقع "ميدل إيست البريطاني"،  يوم ١٥ أغسطس ٢٠٢٣، بعنوان (لعنة رابعة)، و ترجمه موقع "نون بوست"، وكان نص كلام هيرست كالتالي:

"وفرّت مذكرات كاثرين أشتون عن فترة عملها كممثلة عليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، التي كانت بعنوان “ماذا بعد ذلك؟ قصص داخلية لدبلوماسية القرن الحادي والعشرين” نظرة ثاقبة على المواقف من مجزرة رابعة في ذلك الوقت.

كانت أشتون من آخر الأشخاص الذين رأوا مرسي حيا في السجن. وتصف رحلتها الليلية بطائرة هليكوبتر مصرية من طراز “بلاك هوك” إلى الإسكندرية وقيادتها سيارة “تويوتا كارولا” محطمة إلى قاعدة مصرية كما لو كانت تمثل في أحد أفلام هوليوود. أخبرت مرسي مرارًا بأنه لا يمكنه العودة إلى الرئاسة، ولا حتى الاستقالة، وأنه يتعين عليه قبول الانقلاب.

كتبت: "لقد أصبح مضطربًا – لقد كان الرئيس المنتخب بشكل صحيح، ولأن الدستور لم يتم تعليقه قبل إقالته، حدث انقلاب. لقد شهدت تحالف القادة الذين دعموا عزله وأخبروه أنه بحاجة لقبول الواقع الجديد من أجل مصر. لكنه رفض هذه المزاعم بوصفها سخيفة"

وأضافت "أخبرني عن مدى حزنه على وفاة أكثر من 200 شخص منذ مغادرته، مشيرا إلى أنه ينبغي السماح له بالتحدث مع حزبه. لقد حثني على التحدث إلى الجميع والتوصل إلى اقتراح يمكن لجميع الأطراف قبوله. لقد عارضته وذكّرته بأن الوقت ينفد في البلاد – وأن فترة رئاسته أوشكت على النهاية، ناهيك عن أن الوضع الراهن كان معقدا وغير واضح المعالم"

وأردفت “ما يمكن أن نتفق عليه جميعًا هو محاولة إيجاد طريقة لمنع سقوط المزيد من القتلى على المدى القصير والمساعدة على ازدهار الديمقراطية في المستقبل. يجب أن يكون حلاً  يتوافق مع السياق المصري. لكنه لم يقبل حقيقة أنه لا يمكن العودة إلى الوراء، ذلك أن التحالف الذي أطاح به يمثّل جزءًا كبيرًا من المجتمع المصري. لقد أُبعد وعزل الكثير من الذين يمكنهم الترحيب بعودتهم، بخلاف أكثر أتباعه المتحمسين”.

يعكس هذا السرد لاجتماعهما الأخير تخليًا واضحًا عن المبادئ التي تدعي أشتون وأوروبا أنها تمثلها. وبعد أسبوعين فقط، حدثت مجزرة رابعة.

تكريم للغباء الأوروبي

لم يمنع تورط السيسي في إراقة دماء الكثيرين أشتون من إقامة علاقات ودية معه، غير مدركة حتى اليوم لبشاعة كلماتها، تصف أشتون هذا القاتل الجماعي بأنه “جنرال فيلسوف”. لم تلقَ مجزرة رابعة سوى انتقادات بسيطة من أشتون، التي دعت “جميع الأطراف إلى إنهاء العنف.. وإبقاء الاحتمال مفتوحًا لبدء عملية سياسية من شأنها إعادة مصر إلى المسار الديمقراطي ومعالجة الجروح التي لحقت بالمجتمع المصري"

لهذا السبب، ستدفع أوروبا أيضًا الثمن إلى جانب المصريين الذين قرروا الفرار على القوارب عبر البحر الأبيض المتوسط.

إذا كان أي شخص يريد أن يفهم زوال أوروبا وما تبقى من سلطتها الأخلاقية حول العالم، لا سيما في حديقتها الخلفية، فإن كتاب أشتون يصور ذلك بشكل واضح. حتى يومنا هذا، لا تزال الكاتبة مبتهجة بالكوارث الدبلوماسية التي أشرفت عليها في أوكرانيا ومصر وأماكن أخرى. إنه تكريم للغباء من الصعب التغلب عليه.

لهذا السبب، ستدفع أوروبا أيضًا الثمن إلى جانب المصريين الذين قرروا الفرار على القوارب عبر البحر الأبيض المتوسط".(رابط مقال هيرست)