رفع أسعار 32 سلعة استراتيجية.. هل ينجح "التلطيف" الإعلامي في خداع المصريين؟
الخميس - 4 مايو 2023
مركز إنسان للدراسات الإعلامية- وحدة الرصد:
مع زيادة نسب التضخم وارتفاع الأسعار، وعدم قدرة النظام الانقلابي في مصر على كبح عجلة الانهيار الاقتصادي، كثف الإعلام المصري من استخدام ما يسمى بآلية "التلطيف" (Softening)،، وهي تقنية صحفية تستخدم في العناوين والنصوص الصحفية للتقليل من حدة الأحداث وتخفيف التوتر في الموضوعات الحساسة أو المتعلقة بأزمات أو مشاكل مثيرة للجدل.. وهي أشبه بعملية تخدير يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط لها إلى تقليل الوعي بالمشاكل الحقيقية وتخفيف الضغط على السلطات أو المؤسسات، ومن ثم لا تتحرك أو تتصدى للأزمات بشكل جدي، مما يؤدي إلى زيادة الاحتقان في المجتمع على المدى البعيد.
و لهذه العملية أثر فعلي على القارئ أو المتابع، إذ تؤثر العناوين والعبارات الصحفية على مدى استجابة القارئ للموضوع المنشور، وباستخدام التلطيف في العناوين، يمكن أن يتم تقليل حدة الأحداث وتخفيف التوتر، مما يساعد على تهدئة مشاعر الغضب.
هذا الأسبوع، وبالتزامن مع قرارات رفع أسعار عدد من السلع التموينية الرئيسية ، ظهرت في الصحافة المصرية ألوان من الموضوعات "التلطيفية"، بصورة واضحة جدا، كما يحدث في تناول الصحف المصرية للأزمة الاقتصادية بشكل عام منذ الانقلاب.
و يهدف استخدم عملية "التلطيف"، بشكل عام، إلى بعاد ذهن المواطن المصري عن الأزمات مما يتيح لسلطة الانقلاب التلاعب به وبالدولة دون ضغوط.
في هذا السياق، نرصد بعض العناوين الإخبارية للصحف المصرية، تقابلها مجموعة أخرى للصحافة العربية والعالمية المستقلة، التي تكشف الحقيقة الاقتصادية في مصر، وبالتالي تظهر كيف يستخدم الإعلام المصري عملية التلطيف.
أبرز موقع "صدى البلد" هذا العنوان " المنتجات الأساسية في أمان والدعم مستمر.. تفاصيل زيادة أسعارالسلع التموينية"، واستعرضت "فيتو" 14 تصريحا لوزير التموين.. أبرزها رفع أسعار السلع على البطاقات.. وموقف إضافة المواليد.. والسماح للمصريين في الخارج بجلب الذهب بدون جمارك، وحشدت "المصري اليوم" عدة عناوين منها:
- وزير المالية: نجحنا في توفير السلع الغذائية طوال أزمة اضطراب سلاسل الإمداد العالمية
- أحدث أسعار السلع التموينية الجديدة لشهر مايو 2023.. نصيب الفرد علي البطاقة
- المواطن السبب.. شعبة الذهب تكشف ارتفاع أسعار المعدن الأصفر في مصر
- المشاط: جائحة كورونا كشفت عن هشاشة النظم الاجتماعية والاقتصادية العالمية وقدرتها على التكيف مع الأزمات
- رئيس الوزراء يبحث مع نائب رئيس «أباتشي» العالمية استثمارات الشركة في مصر وخططها المستقبلية
وتساءلت "الشروق": هل تنجح مصر في تحجيم معدلات التضخم بعد اتجاه سيولة المواطنين لشراء الذهب؟
وجاءت "البوصلة" بعنوان : خبير يوضح.. ارتفاع الأسعار عالميًا سبب رئيسي في تحريك أسعار السلع التموينية
أما "اليوم السابع" فقد ساقت العناوين التالية:
- استقرار أسعار الخضراوات.. سعر كيلو الطماطم يتراوح بين 4 و5.5 جنيه
- لماذا ترتفع أسعار المواد الغذائية عالميًا رغم تراجع سعر الحبوب والزيوت؟
وحاول موقه "القاهرة 24" المخابراتي أن يكون مهنيا فقال: (الوزراء: الأسعار المرتفعة تهدد مستقبل الأجيال.. واستمرار الأزمة الروسية الأوكرانية يضغط لزيادتها)، وذلك من باب دس السم في الدسم كما يقول التعبير الدارج
في المقابل، كشفت تقارير إعلامية راصدة لتصنيفات المؤسسات الاقتصادية العالمية حقيقة الوضع الاقتصادي في مصر، وهو ما ينسف كل ما يقال بالإعلام المصري، ومن ذلك ما جاء به موقع "الجزيرة مباشر مصر" تحت العناوين التالية:
- ستاندرد آند بورز تخفض نظرتها المستقبلية لـ3 بنوك مصرية إلى سلبية
- اكسترا السعودية توقف خططها التوسعية في مصر
- تزايد القلق من تخلف مصر عن سداد ديونها والحكومة تعد ببيع مزيد من الأصول
- جدل بعد تصريحات لرجل الأعمال سميح ساويرس بشأن هروب المستثمرين من مصر
كما اختارت "انتبندت عربي" هذه العناوين:
- هل تضغط وكالات التصنيف على مصر نحو تعويم كامل للجنيه؟
- "ستاندرد أند بورز" تخفض نظرتها المستقبلية لمصر إلى "سلبية"
- البنك الدولي يحذر من استمرار تراجع القوة الشرائية للجنيه المصري
وتساءل موقع "عربي بوست": لماذا لا تتدخل الحكومة لضبط سوق الذهب بمصر؟ ، وأكدت أن (مصر ترفع أسعار 32 سلعة استراتيجية لأول مرة منذ 4 سنوات.. وغضب على موقع التواصل الاجتماعي)
وجاء في "بي بي سي عربي": (سعر الذهب في مصر: ارتفاع جنوني تقابله موجة سخرية في مواقع التواصل)، وقال موقع "مدى مصر": (ارتفاعات قياسية في أسعار اللحوم الحية تهدد موسم اﻷضاحي)، وأخيرا نشر موقع "عربي 21" تقريرا حول (ارتفاع كبير في أسعار "سلع الفقراء" بمصر).
بهذا فإن التلطيف الإعلامي لن يجدي نفعا، وإن أثر بشكل طفيف في قطاع من الجمهور، لأن حقيقة معاناة الناس واكتوائهم بنار الأسعار يبددان كل أنواع التلطيف الممكن.