واشنطن بوست: استراتيجية حقوق الإنسان المصرية "حبر على ورق"
الأربعاء - 6 أكتوبر 2021
قالت صحيفة واشنطن بوست، في مقابلات مع مساعد وزير الخارجية علاء رشدي والعديد من الشخصيات البارزة في مجال الحقوق أن ردود الفعل تجاه استراتيجية حقوق الإنسان التي أطلقتها مصر مؤخرا، تتباين بين من يرونها "حبر على ورق" أم "بادرة إصلاح حقيقي".
قالت إنه بعد أعوام من الانتقادات الداخلية والدولية، أصدر النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، ما جعل البعض يتوقع انفراجه جزئية بعد سنوات عجاف ضمت فيها السجون الآلاف من معتقلي الرأي، في حين رأى آخرون الخطوة بمثابة "ذر الرماد في عيون الغرب".
تضمنت الوثيقة التي جاءت في 78 صفحة، خطة حكومية لحماية الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من حقوق الإنسان على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وعود ونوايا طيبة فقط
محمد عبد السلام، المدير في "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، يتساءل إن كانت الاستراتيجية يمكن اعتبارها "مبادئ عامة أم تعهدات، لأن كل ما هو فيها موجود في الدستور في باب الحقوق والحريات في 2014، أم أننا نتحدث عن تغيير سياسياتي واضح تنعكس آثاره على المواطنين ويحل مشكلات موجودة مثل المعتقلين في السجون بسبب قضايا رأي وحل قضية عدم وجود تعددية في السياسة أو حرية للإعلام"
ويرى عبد السلام أن "الاستراتيجية لا تخرج عن إطار الوعود والنوايا الطيبة ولا أكثر من ذلك وإن كانت تتضمن بعض النقاط العملية وجوانب عامة مثل الحديث فيها عن رفع الوعي بحقوق الإنسان، بالطبع هذا كله كلام جميل ولكنه عام جدا وليست فيه أهداف واضحة"
ويقول عبد السلام: "في الجوانب الأخرى، حتى بعد إطلاق الاستراتيجية لا تزال المحاكمات مستمرة لباحث مثل باتريك جورج زكي، ولا يزال باحث مثل أحمد سمير طنطاوي لم ينظر في تظلمه على حكم صدر ضده بحبسه أربع سنوات، بالإضافة إلى مشكلات صحفيين كثر. هذه إشارات غير جيدة في الحقيقة"
الدستور نفسه لا يطبق
وفي هذا الإطار، ترى ليلى سويف، الأستاذة الأكاديمية ووالدة الناشطين المسجونين، علاء سيف عبد الفتاح وشقيقته سناء، أن "الجزء الأكبر" من الاستراتيجية "يتحدث طول الوقت عن أن حقوق الإنسان في مصر محفوظة بأحكام الدستور، كلام صحيح والدستور جيد لكنه لا يُطَبَّق أساسا"
وتوضح "مثلا، الدستور يقول إنه عند القبض على شخص فمن المفترض أن يتم إبلاغ أسرته وأن يتمكن من الاتصال بمحاميه، لكن واقع الأمر أن الناس يقبض عليهم ويختفون بالأيام وأحيانا بالشهور، والنيابة تحقق معهم بعد ذلك وكأنه تم القبض عليه في اليوم السابق وأحيانا بدون حضور محامين"
وتضيف "إما أن تكون النصوص مرتبطة بإرادة سياسية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان في الواقع، وإما أنها حبر على ورق"
في المقابل، قال مساعد وزير الخارجية المصري لحقوق الإنسان، علاء رشدي، في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" إن الاستراتيجية تشير إلى وجود "إرادة سياسية قوية للغاية" لإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان.
تقدم خفيف أو بطيء
وبحسب ما يراه كبير الباحثين في معهد واشنطن والمستشار السابق لدى وزارة الخارجية الأميركية، ديفيد بولوك، في حديثه لموقع "الحرة"، فإن الصحفيين في مصر إما مسجونون أو محاصرون بعدم قدرتهم للتعبير عن رأي الناس بصراحة وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هناك تقييم أميركي يرى أن هناك تقدما جزئيا، يمكن أن نقول إنه تقدم خفيف أو بطيء، في هذا المجال داخل مصر"
ويستدرك: "لكن من ناحية أخرى فإن هناك شكوكاً داخل الإدارة الأميركية والكونغرس ومجموعة الخبراء، وتساؤلات إن كانت هذه الاستراتيجية الجديدة جادة أم لا"
ويوضح بولوك "هناك خوف من تكرار الفوضى التي حدثت منذ 10 أو 11 سنة في بداية الربيع العربي، بصراحة لا أحد يريد تكرار هذا المشهد واحتمال الانهيار الكامل في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر وهذه نقطة حساسة، لذلك لا أتوقع ضغطا أميركيا حاسما أو قويا على الحكومة المصرية بسبب مخاوف عدم الاستقرار في هذا البلد المهم الذي يلعب دورا تاريخيا ومحوريا في المنطقة وفي السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بشكل عام"
وقال نجاد البرعي، محامي حقوق الإنسان الذي تم التحقيق معه بموجب القضية 173 وحضر اجتماعات الحكومة بشأن تطوير الاستراتيجية، إنها يمكن أن تكون "سلاحًا في أيدينا للضغط من أجل المزيد من التغيير ودعم حقوق الإنسان" لكنه يفضل الانتظار ومراقبة سلوك الحكومة.
لا يزال شيكًا على بياض
قال شريف منصور، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، الذي كان مدعى عليه أيضًا في القضية رقم 173 "إنه أمر ساذج وخجول. أعتقد أن منح 90 بالمائة من الشيك الأمريكي على بياض لا يزال شيكًا على بياض كبير من قبل ادارة بايدن.
وقالت ماهينور المصري، وهي محامية حقوقية، كانت واحدة من عدة معتقلين أفرج عنهم مؤخرا بعد اعتقال 22 شهرًا في الحبس الاحتياطي إنها ما زالت لا تعرف بالضبط الظروف التي أدت إلى إطلاق سراحها و"كل ما يمكن أن أفكر فيه هو أنه كان من أجل تلطيف صورتهم، لا أكثر".
قالت إن الحكومة قد تستخدم الإفراج عنها "لإرسال رسالة مفادها أن هناك تغييرًا سيحدث"، لكن عدم اتخاذ إجراءات مهمة في العديد من الحالات الأخرى جعلها متشككة بشأن ما إذا كانت استراتيجية حقوق الإنسان الجديدة ستحفز إحراز تقدم حقيقي.
كشف "المرصد العربي لحرية الإعلام" عن تزايد الانتهاكات المتعلقة بالحقوق والحريات الإعلامية في مصر، خلال سبتمبر الماضي، وهو الشهر نفسه الذي كشفت فيه الحكومة المصرية عن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أعلن خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه مستعد لتقبل الآراء ومع حرية الرأي والتعبير.
وفي المناسبة نفسها، أعلن السيسي عن إنشاء مجمع سجون جديد على الطراز والمواصفات الأمريكية.