وساطات في ملف سد النهضة لتعظيم الدور الصهيوني
الجمعة - 3 سبتمبر 2021
شهد ملف سد النهضة على مدار الساعات القليلة الماضية، إتصالات مكثفة لإقحام الكيان الصهيوني في هذا الملف من جديد ، من أجل تدعيم التطبيع مع دول المصب ، ودعم دولة الاحتلال مائيا مستقبلا ، ودول المصب تسعى لدى الأمريكان لحمل إثيوبيا على العودة غير المشروطة لطاولة المفاوضات، ومصر تخشى أزمة مياه مع ركود الدبلوماسية العالمية بشأن "السد" ، و إثيوبيا تواصل حض دول حوض النيل للتوقيع على اتفاقية عنتيبي، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
مصادر دبلوماسية مصرية : ملف سد النهضة يشهد حالياً جهوداً مشتركة بين مصر والسودان وتونس لإعادة تجميع الوساطات.. وتكثيف الاتصالات على الصعيد الدولي وداخل مجلس الأمن لحمل إثيوبيا على العودة غير المشروطة لطاولة المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي أو بمشاركته مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
وتابعت " المصادر لـ"العربي الجديد": الزيارة المفاجئة التي أجراها مدير المخابرات المصرية عباس كامل منذ ثلاثة أيام إلى الخرطوم.. كانت في إطار تدعيم أحد مسارات الوساطة المحتملة في القضية وهو المسار الذي تطرحه إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة
وشهدت الأيام الماضية، اتصالات متقدمة من مصر مع إسرائيل على الصعيدين الاستخباراتي والدبلوماسي للتباحث حول إحياء دور وساطة قد تؤديه الحكومة الإسرائيلية في قضية سد النهضة، بتنسيق مع الولايات المتحدة، على أن تظهر ثمار هذا الدور قبل الاقتراب من موعد الملء الثالث للسد في الصيف المقبل، وبالتوازي مع تطور العلاقات بين تل أبيب وأديس أبابا في ملفات الاستثمار والتعاون الأمني.
وقال المصادر أن واشنطن تدعم تدخّل الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينت للتقريب بين وجهات النظر المصرية والسودانية والإثيوبية في القضية، من واقع أنها مقبولة للتعامل مع أديس أبابا أكثر من البيت الأبيض، في ظل التوتر القائم على خلفية النزاع الأهلي الداخلي وحرب تيغراي، وفي الوقت نفسه فإن واشنطن حريصة على عدم تجدد أزمة السد خلال الصيف المقبل ومنع احتمالات تطورها إلى نزاع عسكري بأي صورة.
هذا التدخل، من وجهة النظر الأميركية، سيساعد على توطيد العلاقة بين مصر وإسرائيل وتطبيع العلاقات مع السودان، ومن ثم المساهمة في التهدئة الميدانية في المنطقة والانعكاس الإيجابي على القضية الفلسطينية وأمن إسرائيل. وهذه الرؤية قريبة من تلك التي كان يتمسك بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي كان يعتبر قضية سد النهضة ذات انعكاس أكيد على ملف ما يسمى بـ"صفقة القرن" (خطة الإملاءات لتصفية القضية الفلسطينية) والتي كان يرغب في إتمامها حال استمراره في الحكم..
وسبق أن عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو التدخل في قضية سد النهضة، لكن عبدالفتاح السيسي لم يأخذ هذه العروض على محمل الجد. أما السبب فيعود إلى الشروط التي كان يتوقع السيسي أن يمليها نتنياهو أو يستخدم علاقاته بواشنطن ودول خليجية لفرضها على مصر، فضلاً عن قناعة الأجهزة السيادية المصرية بأن إسرائيل ضالعة في مخطط إنشاء سد النهضة منذ عهد رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق الراحل ملس زناوي، وأن الهدف النهائي منه هزّ مكانة مصر الإقليمية والتحكم في مصيرها مستقبلاً.
مصر تخشى أزمة مياه مع ركود الدبلوماسية العالمية بشأن سد إثيوبيا
وفي ظل حالة الركود الدبلوماسي حول سد النهضة ، تواجه مصر الآن أزمتين يمكن أن تؤديان إلى تفاقم مشاكل المياه، تغير المناخ وسد النهضة الإثيوبي الذي تم بناؤه حديثا. وفي الوقت الحالي، يبدو أن هذا الأخير هو الشاغل الأكثر إلحاحا للمصريين.
ومع مناخ شبه صحراوي، تعتمد مصر على نهر النيل في 95% من إمداداتها المائية. ويعتمد أكثر من 85% من الزراعة في مصر على مياه نهر النيل، الذي يُقدَّر كأب للأنهار الأفريقية نظرا لطوله الذي يمتد لمسافة 6 آلاف و670 كيلومترا ويتدفق عبر 10 دول أفريقية. ومصر ملزمة بزيادة استهلاكها من المياه لإطعام سكانها المتزايدين مع التقلص الوشيك لإمدادات المياه.
ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة مستويات سطح البحر، وفقدان الأراضي الصالحة للزراعة، وانخفاض الوصول إلى المياه العذبة في مصر.
ومن ناحية، يمكن أن تغمر الظواهر المناخية المتطرفة الأراضي الزراعية الساحلية بفيضان النيل، ما يؤدي إلى فشل المحاصيل وانعدام الأمن الغذائي. ومن ناحية أخرى، تخشى مصر من تفاقم موجات الجفاف بسبب الحرارة الشديدة الممتدة وكذلك انخفاض إمدادات المياه من سد إثيوبيا الضخم للطاقة الكهرومائية، أو ما يعرف بـ"سد النهضة". ويبدو أن العداء بين إثيوبيا ومصر بشأن مسألة استخدام المياه يقترب من طريق مسدود مع عواقب وخيمة.
وفي مواجهة الجمود بعد انهيار المفاوضات من خلال الاتحاد الأفريقي في أبريل/نيسان، أحالت مصر نزاع السد مع إثيوبيا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يونيو/حزيران من هذا العام. وقدم أعضاء جامعة الدول العربية دعمهم للقاهرة والخرطوم بشأن قضية النيل في يونيو/حزيران 2021، ودعوا جميع الأطراف إلى وقف الإجراءات أحادية الجانب.
وبدعم من الدول العربية، كان قرار القاهرة بإحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي لتسليط الضوء على خطورة النزاع على المياه وحث القوى العالمية على استخدام الدبلوماسية لمنع صراع عسكري محتمل. وتعتقد السلطات المصرية أن مجلس الأمن الدولي يمكن أن يساعد في تفادي الحرب مع إثيوبيا واستخدام هذه القضية كسابقة دبلوماسية لأي خلاف مستقبلي بين الدول يتعلق بموارد مائية مشتركة.
ولم يُظهر مجلس الأمن الدولي على وجه الخصوص أي رغبة في المشاركة في هذه المسألة. وفي الواقع، لم يمارس أعضاء مجلس الأمن الدولي أي ضغط على إثيوبيا لوقف إجراءاتها الأحادية فيما يتعلق بتشغيل السد، الذي يظل في قلب المشكلة بالنسبة لمصر والسودان. وهكذا، فإن الدول الأخيرة كانت غير راضية عن ضعف استجابة مجلس الأمن لقضية تمثل مثل هذه المصلحة الوطنية الحيوية بالنسبة لها.
وهناك افتقار واضح لمشاركة القيادة الأمريكية في حل النزاع أيضا. وبينما حذرت الولايات المتحدة من قبل من أن قرار إثيوبيا لملء السد قد يؤجج الاحتكاكات، فقد امتنعت عن التدخل النشط، خاصة بعد انسحاب إثيوبيا من المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة عام 2020.
وفي يوليو/تموز من هذا العام، رددت "ليندا توماس جرينفيلد"، السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، أصوات أعضاء مجلس الأمن الآخرين، من خلال التأكيد على أن الأمر يجب أن يتم التعامل معه على المستوى الإقليمي تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
وبينما تتعمق الأطراف المتعارضة في النزاع في حججها وتتهم بعضها البعض بالافتقار إلى الإرادة السياسية للتوصل إلى حل وسط، تستمر الأعمال العدائية في التعمق. وبدون مشاركة دولية نشطة ومساعدة للتفاوض على اتفاق، يبدو أن العالم قد يفوت الفرصة لمنع أول حرب كبرى بين الدول على المياه. وقد يكون تمرير مشروع القرار التونسي في مجلس الأمن نقطة انطلاق جيدة لتجنب نشوب صراع جديد في أفريقيا.
وعلي صعيد متصل .. تواصل إثيوبيا حث دول حوض النيل للتوقيع على اتفاقية عنتيبي نكاية في مصر .. للتخلص من الحصص التاريخية لدول المصب في النيل
أبي أحمد طالب دول حوض النيل بالتوقيع علي "عنتيب " .. بعد 4 أيام من دعوة مماثلة أطلقها وزير الدولة في الخارجية الإثيوبية "رضوان حسين"
يذكر أنه في مايو 2010 وبعد محادثات استمرت أكثر من 10 سنوات.. قررت 5 من دول منابع النهر -هي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا- التوقيع في مدينة عنتيبي الأوغندية على اتفاقية الإطار القانوني لحوض النيل المعروفة إعلاميا بـ"اتفاقية عنتيبي" والتي تتضرر مصر والسودان منها